مشروع الوكالة الصهيونية عاجز عن مقاومة "الميزان الديمغرافي" في اسرائيل

*29% من الولادات في اسرائيل لأمهات عربيات، و68% لأمهات يهوديات و3% لم يعلن انتماء الأمهات *التراجع في عدد الولادات حاصل في كافة شرائح السكان في اسرائيل *اسرائيل تتعمد تقسيم العرب على اساس ديني، بينما الفوارق الضخمة بين العرب متعلقة بالموقع الجغرافي *نسبة الولادات في النقب العربي أكثر من ضعفي معدل ولادات العرب*معطيات تقلق الوكالة الصهيونية لانها تؤثر على "الميزان الديمغرافي"*

كتب برهوم جرايسي:
يستدل من تقرير دائرة الاحصاء المركزية الاسرائيلية، حول معدل خصوبة النساء وولادات الاطفال، الذي نشر أخيرًا، ان 29% من الولادات في اسرائيل في العام 2003، كانت لامهات عربيات، بينما نسبة المواليد اليهود في العام الماضي كان 68%، وكان 3% من المواليد لامهات لم تعلن عن انتمائهن (الديني حسب الدائرة)، وغالبا هن امهات هاجرن الى اسرائيل من خلال الهجرة اليهودية او امهات لعمال اجانب.

ويقول تقرير الدائرة ان المعدل العام لعدد الولادات للام الواحدة في اسرائيل هو ثلاثة أطفال، ولكن هذه النسبة تختلف من شريحة الى أخرى، ويتعمد التقرير التقسيم حسب الانتماء الديني، إذ يقول ان عدد الولادات للأم اليهودية الواحدة هو 2,7 طفل، بينما للنساء العربيات المسلمات 4,5 طفل، وللنساء العربيات المسيحيات 2,4 طفل وللنساء العربيات الدرزيات 2,9 طفل.

ويشير التقرير الى هبوط دائم في عدد الولادات لدى شرائح العرب في اسرائيل، بينما عدد الولادات للنساء اليهوديات بقي على حاله منذ العام 1990 وهو 2,7 للأم. فقد كان عدد الولادات للمرأة العربية المسلمة في العام 1990 حوالي 4,7 طفل، وللمرأة العربية المسيحية 2,9 طفل، وللمرأة العربية الدرزية 4,1 طفل، وعند الدروز كانت اكبر نسبة هبوط في الولادات منذ العام 1990.

الفوارق الاساسية لدى العرب حسب الموقع الجغرافي

لم يتطرق تقرير دائرة الاحصاء، الذي صدر لوسائل الاعلام، الى عدد الولادات حسب المناطق الجغرافية، ولكن بعد فحص "المشهد الاسرائيلي"، ثبت ما كان متوقعا، بأن الفوارق داخل الاقلية العربية في اسرائيل هي اكبر إذا قسمناها حسب المناطق الجغرافية، كما هو متبع عالميا، بالاساس بين الارياف والمدن، وايضا حسب المستوى الاقتصادي الاجتماعي للعائلة الذي يعكس نفسه على جميع نواحي الحياة للعائلة، ومنها عدد الولادات والتحصيل العلمي والمستوى الثقافي.

وحسب ما يؤكده التقرير، فإن معدل الولادات للأم العربية الواحدة في منطقة النقب (جنوب) حيث العشائر البدوية ومستوى الفقر هو الأكبر في اسرائيل، هو 8,98 طفل، بينما عدد الولادات للأم العربية في الشمال هو 3,79 طفل، وفي منطقة المثلث (مركز البلاد) يصل معدل الولادات للأم العربية الواحدة الى 4,25 كأقصى حد.

ولكن حتى لو أخذنا التقسيم الديني، فإن معدل الولادات للأم العربية المسلمة الواحدة في الشمال هو 45% من معدل الولادات للمرأة في الجنوب، أي 4,07 طفل، وما يخفض النسبة للعرب في الشمال هو عدد الولادات للأم العربية المسيحية، 2,4 طفل، وللأم العربية الدرزية، 2,9 طفل.

والفوارق تظهر ايضا في نسبة وفيات الاطفال، ففي النقب تصل النسبة الى 14,5 لكل الف طفل، وهي نسبة مضاعفة للاطفال العرب في الشمال، 7,5 لكل الف طفل، وهو ما يؤكد الاوضاع الاجتماعية القاسية في الجنوب.

تجدر الاشارة الى ان احصائيات اسرائيل الرسمية تشمل عادة مدينة القدس العربية المحتلة وهضبة الجولان السورية المحتلة، ومن الصعب الاحصاء الدقيق لعدد العرب في هاتين المنطقتين، ولكنهم عادة يشكلون نسبة ما بين 16% الى 18% من اعداد "العرب في اسرائيل" التي تنشرها المؤسسة الاسرائيلية الرسمية.

ونشير الى ان هذه الارقام المعروضة تشير الى تراجع طفيف مقارنة بالعام 2002. وتقول معدة التقرير في دائرة الاحصاء المركزية، دفوريت انجل، ان هذا التراجع لا يمكن اعتباره مقياسا، وهذا يحتاج لفحص عدة سنوات، ولكن ما يظهر ان هناك توجها لتراجع في عدد الولادات.

وايضا بين اليهود تباينات هامة

وكأي مجتمع آخر هناك فوارق واضحة وعميقة بين شرائح المجتمع اليهودي في داخل اسرائيل، وهذا بالاساس يظهر بين المتدينين الاصوليين (الحريديم)، الذين يتميزون بكثرة الاولاد للعائلة الواحدة، وبين اليهود العلمانيين. ولكن من ينضم الى "الحريديم" في كثرة الاولاد هم المستوطنون في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة المتدينين الصهيونيين من بينهم (الحريديم يرفضون الايديولوجية الصهيونية لاسباب دينية عقائدية). ونشير الى ان هناك فوارق في عدد الولادات ايضا بين شرائح المجتمع على اساس اقتصادي اجتماعي، فكلما كان المستوى المعيشي متدنيا زاد عدد الاطفال في العائلة الواحدة.

ومن حيث الارقام نعطي بعض النماذج، ففي حين ان معدل الولادات للأم اليهودية الواحدة في منطقة حيفا هو 1,89 طفل، وعدد الولادات للأم اليهودية في تل ابيب هو 2,34 طفل، فإن عدد الولادات للأم اليهودية الواحدة في مستوطنات الضفة الغربية وقطاع غزة يصل الى 4,68، وهذا يعني ان عدد الولادات لدى المستوطنين المتدينين قد يصل الى 6 ولادات للأم اليهودية الواحدة. وما يبرز عدد الولادات لدى "الحريديم" هو معدل الولادات للأم اليهودية الواحدة في القدس حيث نسبة الحريديم في هذه المدينة قد يفوق الـ 40% من اليهود، وعدد الولادات للأم الواحدة هو 4,01 طفل.

وبالامكان اعتبار عدد الولادات للأم اليهودية في حيفا نسبة عامة تشمل الامهات في الشريحة الاقتصادية الاجتماعية العليا، مثل شمال تل ابيب واحياء الاثرياء في القدس الغربية وغيرها.

معطيات متفرقة

ويعرض التقرير عددا من المعطيات، ومنها ان 6% من الولادات اليهودية هي لامهات خارج الزواج، و60% من الولادات خارج الزواج هي لامهات عزباوات، و40% لامهات مطلقات، وهذه ظاهرة غير قائمة اطلاقا عند العرب، وقد تكون حالات نادرة جدا ناجمة عن ظروف غير طبيعية.

كذلك فإن هناك تفوقا لعدد الاطفال الذكور على عدد الاطفال الاناث، فأمام كل 100 مولودة هناك 105,6 مولود. اما عن الاجهاض فقد قالت الدائرة انه في العام 2003، الذي ولد فيه حوالي 145 ألف طفل، كان حوالي 19200 طلب اجهاض تم قبول 19 ألف طلب منهم، لأسباب عدة.

فشل مخطط الوكالة الصهيونية

وتؤكد هذه المعطيات مجددا ان العامل الديمغرافي في اسرائيل يميل لصالح العرب، وهذا ما يقلق باستمرار المؤسسة الحاكمة، وبشكل خاص الوكالة الصهيونية، التي اعلنت قبل فترة مشروعا لتشجيع الهجرة للمحافظة على "التوازن الديمغرافي"، وحسب هذا المشروع فإن الوكالة ستهتم سنويا ان يكون عدد المهاجرين اليهود الى اسرائيل يكفي لسد الفجوة بين الولادات العربية واليهودية، ولتبقى نسبة اليهود في اسرائيل ما بين 80% الى 81%.

ولكن هذا المشروع لا يمكن تطبيقه على ارض الواقع على ضوء الارقام المعروضة، فمثلا، في العام 2003 كان عدد الولادات عند العرب 41744 طفلا وهو ما نسبته 29,6% ، بينما عند اليهود 99127 طفلا أي 68,5% (3 آلاف طفل لم تعلن اصولهم)، وهذا يعني ان على الوكالة الصهيونية استقدام مئة الف يهودي جديد في هذا العام، لكي تبقى نسبة العرب 20%، وهذه الارقام نسج من الخيال، إذا اخذنا بعين الاعتبار ان عدد اليهود الذين هاجروا الى اسرائيل في النصف الأول من العام الحالي، حسب دائرة الاحصاء المركزية، هو 8550 مهاجرا، بينما هاجر الى اسرائيل في النصف الاول من العام الماضي 9200 مهاجر. اي ان معدل الهجرة الى اسرائيل سنويا هو ما بين 17500 الف يهودي الى 18500 يهودي، وهذا أقل بكثير من هدف الوكالة الصهيونية.