مراقبون: تحركات "شالوم" ضد "شارون" أهدافها شخصية

رأى معلقون إسرائيليون للشؤون الحزبية أن الإجتماع "التظاهري"، الذي عقده (الأحد) وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم، وحضره المئات من أنصاره في حزب "الليكود" المعارضين لتحركات رئيس الوزراء وزعيم الحزب، أريئيل شارون باتجاه تنفيذ خطة الإنسحاب من قطاع غزة وإخلاء المستوطنين القاطنين هناك وضم حزب "العمل" لحكومته، إنما يعكس وبالدرجة الأولى تخوف "شالوم" على مصيره ومستقبله "الشخصي"، أكثر من أن يكون (الإجتماع) وسيلة للتعبير عن مواقف وقناعات سياسية، يناضل وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء من أجلها، وهو الذي سبق له أن أيد "خطة شارون" !

وفي هذا السياق كتب مراسل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، تقريراً أشار فيه إلى أن الإجتماع الذي عقده شالوم في هرتسليا بمشاركة أكثر من ألف من أعضاء مركز حزب "الليكود"، بينهم نحو نصف عدد أعضاء كتلة الحزب البرلمانية وعشرات من نشطاء المستوطنين اليهود في الضفة والقطاع، تحت شعار "لا لحكومة يسارية علمانية"، يأتي عشية إقتراب حسم رئيس الوزراء أريئيل شارون في شأن تركيبة إئتلافه الحكومي المقبل.

وحمل "شالوم"، في الخطاب الذي ألقاه في الحضور، بشدة منقطعة النظير، على نية شارون ضم حزب "العمل" المعارض إلى حكومته إلى جانب حزب "شينوي" العلماني. وقال "علينا أن نحافظ على الليكود، من خلال محافظتنا على جوهره ونهجه... ونحن لا نستطيع أن نفعل ذلك عن طريق إقامة حكومة يسار علمانية...". وسأل "شالوم" موجهاً كلامه للحضور: "هل تؤيدون حكومة كهذه؟" فأجاب الحضور، وبينهم 15 نائباً ووزيران من أعضاء الليكود: "لا".

وتابع شالوم قائلاً إن الناخبين في إسرائيل قالوا في الإنتخابات العامة الأخيرة "نعم لليكود وأفكاره وليس للعماليين". وأضاف "لقد ارتكبنا خطأ جسيماً عندما لم نشرك أحزاباً يهودية دينية حريدية – متشددة- في الحكومة".

واعتبر بعض المراقبين الإسرائيليين تحرّك "شالوم" هذا تحدياً صريحاً لرئيس الوزراء وزعيم الحزب أريئيل شارون، الذي يسعى إلى ضم حزب "العمل" إلى حكومة وحدة وطنية كي يتمتع بالأغلبية الضرورية التي تمكنه من نيل مصادقة الكنيست الإسرائيلي على خطته للإنسحاب من قطاع غزة بحلول خريف العام المقبل وتفكيك 21 مستوطنة إسرائيلية في القطاع وإجلاء مستوطنيها البالغ عددهم نحو سبعة آلاف مستوطن... كما جاء تحرك الوزير "شالوم" المعارض لخطط شارون السياسية، بالتزامن مع تظاهرة "السلسلة البشرية" التي نظمها المستوطنون وأنصارهم المعارضون لخطة شارون للإنسحاب من قطاع غزة (شارك فيها حوالي 130 ألف شخص) من جهة، وبموازاة إستمرار المفاوضات التي يجريها وفد من حزب "الليكود" (شكله شارون) مع حزب "شاس" الديني الشرقي (11 نائباً) في محاولة لإقناع الحزب بالإنضمام لحكومة وحدة موسعة، من جهة أخرى. واتهم "شالوم" في كلمته أمام جمع مؤيديه في هرتسليا، رئيس الوزراء شارون بالتسبب، عن طريق خطته للإنفصال الأحادي الجانب، في حدوث إنشقاق داخل حزب "الليكود"، وقال إن "مؤسسات الحزب تعيش حالة من الشلل والفوضى منذ فترة طويلة، وهذا وضع غير محتمل، ينبغي أن يتوقف".

وذكرت صحيفة "هآرتس" وكذلك صحيفتا "يديعوت أحرونوت" و"معاريف" في تقارير لها أن سيلفان شالوم لم يتطرق ولو بكلمة واحدة لمقعده كوزير للخارجية، والذي يمكن أن يؤخذ منه إذا إنضم شمعون بيريس للحكومة الجديدة التي يسعى شارون لتأليفها. وأكدت "هآرتس" رغم ذلك: لكن من الواضح للجميع أن الإجتماع الذي نظمه "شالوم" كان استعراضاً للقوة يهدف إلى أن يثبت لشارون أن مؤيدي وزير الخارجية داخل الحزب لن يسمحوا لرئيس الوزراء بإقصائه عن منصبه الرفيع (وتعيين بيريس مكانه) وأن الحزب لن يدعه يشكل حكومة تضم أحزاب ليكود والعمل وشينوي.

وقالت مصادر في حزب الليكود إن قرار عقد اجتماع "متمردي" الحزب برئاسة شالوم الذي يدعمه الوزيران الليكوديان بلا حقيبة، عوزي لانداو ونتان شرانسكي، إنما يريد التأكيد على أن شارون "تجاوز كل الخطوط الحمراء وأن هذه هي محاولة أخيرة يحتمل أن يكون الدافع وراءها خوف شالوم من أن يضطر لترك وزارة الخارجية في القريب".

وحذر مقربون من "شالوم" من أن إبعاده عن وزارة الخارجية سوف يعجل بنهاية ولاية شارون كرئيس للوزراء.

إلى ذلك حاول المقربون من شارون، التقليل من أهمية تحرك "شالوم" الذي كان حليفاً رئيسياً لشارون في صراعه ضد بنيامين نتنياهو. وقال هؤلاء المقربون إن "شارون يعتبر الإجتماع – الذي نظمه شالوم – محاولة للضغط عليه". وأضاف مقربو شارون محذرين:

"كل من يعرف رئيس الوزراء يعلم كيف يتصرف إزاء التهديدات والضغط. لا يعقل أن يقوم وزير كبير يعمل من أجل رئيس الوزراء، بمهاجمته بهذه الصورة... هذا ببساطة شيء غير مقبول ولا يمكن أن يستمر ...".

غير أن معلقين إسرائيليين تساءلوا ما إذا كان شارون يستطيع مع ذلك، تجاهل رسائل إجتماع "متمردي" الليكود بزعامة شالوم.

وقال هؤلاء المعلقون: صحيح أن شارون لا يحتاج لأعضاء مركز حزبه من أجل إقامة مثل هذه الحكومة أو تلك، لكنه يحتاج بالتأكيد لدعم نواب الحزب في الكنيست لأي تحرك يقوم به، علماً أن حوالي نصف أعضاء كتلة الليكود البرلمانية كانوا بين جلوس منصة الإجتماع الذي ترأسه "شالوم" مساء الأحد.

إستطلاعات الرأي : 61 بالمئة من مصوتي "الليكود" يؤيدون خطة "فك الارتباط"

ويذكر أنه قبل انعقاد اجتماع "مؤيدي شالوم" كتب أوري روزين، المعلق في "معاريف"، يقول إن نتائج آخر إستطلاع للرأي أجرته هذه الصحيفة تؤكد أن "شارون ومصوتي الليكود ينزاحون يسارا في حين أن غالبية أعضاء الكنيست ومركز الحزب والمنتسبين ينزاحون يمينًا". وأضاف هذا المعلق أن هذه النتائج تؤكد أنه لم يبق أمام شارون سوى أن يحاول التكلم مباشرة مع ناخبيه من وراء ظهر أعضاء الكنيست والمنتسبين للحزب، وكذلك أن يحاول تهديد الوزراء بالاقالة وأعضاء الكنيست بانتخابات جديدة.

وأظهر إستطلاع الرأي، الذي أجرته صحيفة "معاريف" بين أوساط مصوتي حزب "الليكود" وشمل عينة تمثيلية من 530 شخصًا، أن 61 بالمئة من هؤلاء يؤيدون خطة "فك الارتباط" لرئيس الوزراء أريئيل شارون، في حين يعارضها 34 بالمئة. وبذا، أكدت الصحيفة، فان نسبة المؤيدين للخطة في أوساط مؤيدي "الليكود" تقترب من نسبة المؤيدين لها في أوساط الجمهور الاسرائيلي عمومًا، وهي 65 بالمئة في حين يعارضها 29 بالمئة من بين هؤلاء.

وقال 48 بالمئة من أوساط مصوتي "الليكود" إنهم ضد إنضمام حزب "العمل" إلى الحكومة مقابل 46 بالمئة قالوا إنهم يؤيدون هذا الانضمام. أما في أوساط عموم الجمهور فان نسبة المؤيدين لانضمام "العمل" تبلغ 53 بالمئة والمعارضين 39 بالمئة. كما قال 48 بالمئة من مصوتي "الليكود" إنهم يفضلون بقاء "شينوي" في الحكومة على دخول حزب "شاس" إليها، مقابل 40 بالمئة قالوا إنهم يفضلون دخول "شاس". وفي أوساط عموم الجمهور فان نسبة المؤيدين لبقاء "شينوي" هي 61 بالمئة ونسبة المؤيدين لدخول "شاس" هي 29 بالمئة.

ودلّ الاستطلاع على أن نسبة الذين يعتقدون بأن وزير الخارجية، سيلفان شالوم، هو الذي ينبغي عليه أن يتنازل عن منصبه في حالة قيام "حكومة وحدة" هي الأعلى بين مصوتي "الليكود" ( 51 بالمئة) بينما تبلغ نسبة الذين يعتقدون بأن وزير المالية، بنيامين نتنياهو، هو الذي ينبغي أن يتنازل 26 بالمئة والذين يعتقدون بأن وزير الدفاع، شاؤول موفاز، يجب أن يتنازل عن منصبه هي 10 بالمئة (بين أوساط عموم الجمهور قال 44 بالمئة إن شالوم يجب أن يتنازل فيما قال ذلك 32 بالمئة بالنسبة لنتنياهو و13 بالمئة بالنسبة لموفاز).

وأيد 60 بالمئة من مصوتي "الليكود" إنتخاب شارون لرئاسة "الليكود" في حالة تبكير الانتخابات فيما بلغت نسبة مؤيدي نتنياهو 35 بالمئة فقط (في أوساط عموم الجمهور أيد 55 بالمئة إنتخاب شارون و 31 بالمئة أيدوا انتخاب نتنياهو).