"لا يمكن تجاهل الانقلاب التاريخي الذي يخلفه موت ياسر عرفات"

المحلل السياسي سيفر بلوتسكر لـ"المشهد الاسرائيلي": "لا يمكن تجاهل الانقلاب التاريخي الذي يخلفه موت ياسر عرفات"

كتب فراس خطيب:

تجاهل الإعلام الإسرائيلي الازمات التي تواجهها حكومة أريئيل شارون في الاسابيع الأخيرة، مسلطاً الأضواء على حدث موت الرئيس ياسر عرفات والتأثيرات الناتجة عن هذا الحدث، بعيداً عن أروقة الكنيست والحكومة.

وخلال ذلك أصبح عرفات ملك المحطات التلفزيونية الاسرائيلية قاطبة، ملك مواقع الانترنت الاسرائيلية قاطبة، متصدر العناوين الاولى في الصحف الاسرائيلية الاولى قاطبة. ولم يمر شارون على هذا الوضع مرّ الكرام، كما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت". "لماذا هذا الإهتمام الاسرائيلي التلفزيوني بموت عرفات؟"، سأل شارون متذمراً في غرف الحكومة المغلقة. القناة الرسمية الأولى لم تعقب على أقوال شارون، كذلك القناة الثانية، أما القناة العاشرة فقد ردت على رئيس الحكومة عن طريق الصحيفة المذكورة بالقول "ان موت عرفات هو حدث إعلامي يهم الاسرائيليين في الدرجة الاولى ولا يمكن تجاهله على الرغم من النقاش مع الشخص".

المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت احرونوت"، سيفر بلوتسكر، لم يعر الهجوم الإعلامي على عرفات إهتماماً خاصًا. "الصحافة صحافة"، قال بلوتسكر في حديثه معنا. "وكل واحد يكتب الذي يراه مناسباً. انا راجعت الكثير من المقالات في عملي (يديعوت احرونوت)، كان هناك من هو مع الرئيس ومن هو ضده، ولكن القضية ليست مهمة الى هذا الحد". ربما نسي الإعلامي بلوتسكر أو تناسى الحملة الدعائية الحكومية من اجل تشويه شخص الرئيس ياسر عرفات المدعومة من قبل الخارجية الإسرائيلية. سألنا بلوتسكر عن هذا الموضوع فقال: "الرجل (عرفات) قد مات وأنا أرى في مثل هذه الحملة نوعاً من الزيادة، هذا زائد لا حاجة له، ربما كانت مثل هذه الخطة لكنها لم تنفذ".

كذلك "لا يمكن تجاهل الانقلاب التاريخي الذي خلفه موت ياسر عرفات"، يقول بلوتسكر. ويضيف "كل المعايير انقلبت، لن تعود الحياة السياسية في الشرق الاوسط كما كانت". بلوتسكر لم يتردد أيضًا في تشبيه موت عرفات بموت الرئيس المصري جمال عبد الناصر: "عندما مات عبد الناصر تغير وجه الشرق الاوسط كله وهذا ما سيجري بعد موت الرئيس عرفات".

ولكن ما هو جوهر هذا الإنقلاب؟ لنبدأ برئيس الحكومة.

شارون، برأي بلوتسكر، في ورطة الآن خاصة بعدما إتبع سياسة "لا شريك للمفاوضات". على الاقل هذا ما تؤكده التحليلات السياسية الاسرائيلية والعالمية، وهذا أيضا ما يشير له بنصف إشارة. ومشكلة شارون ليست فقط مع الاميركيين لا بل داخل حكومته، فقد أعلن وزير المالية وخصم شارون الأزلي بنيامين نتنياهو عن ان موت عرفات هو فرصة من أجل إعادة النظر في قضية الانسحاب الاحادي الجانب من غزة (القضية المركزية والاساسية بالنسبة لرئيس الحكومة). على الرغم من أن شارون لم يعر نتنياهو إهتماماً إلا أن نتنياهو جزء من تحرك سياسي بنى موقفه نتيجة لموت الرئيس. وهل هذا التحرك السياسي سيجعل شارون يعيد النظر في قضية الانسحاب؟. بلوتسكر يستبعد "شارون سيمضي في تطبيق خطته، انا لا اؤمن ان تغييرا سيحل على خطة الانسحاب من غزة، همّ شارون اليوم هو الانسحاب من غزة وسيمضي بالخطة التي وضعها، لن يعيد النظر، وهذا من ناحيته امتحان لابو مازن ايضا".

الحكومة الإسرائيلية اليوم على كف عفريت، لم ينجح شارون في جمع حزبه اصلا تحت غطاء واحد، الجميع منقسم في كل ما يتعلق بقضية المفاوضات مع الفلسطينيين. الحريديم اعلنوا موقفهم انهم ضد تفكيك المستوطنات والانسحاب من غزة، الميزانية الجديدة لم تمر ولم يتبق أمام شارون الا خيار واحد ووحيد حسب بلوتسكر: "حزب العمل سينضم قريباً الى الحكومة". لكن مركز الليكود عارض هذه الخطة قبل ثلاثة أشهر، قلنا لبلوتسكر، فأجاب: "لا، هذا هو الحل، سيجدون طريقة يستطيعون من خلالها تمرير هذه الخطة، فلا يمكن للحكومة الاستمرار في هذه الوضعية".

(*) "المشهد الإسرائيلي": هل هذا سيدمر حزب العمل نهائيا؟

"لا توجد خيارات امام حزب العمل. حزب العمل لم ينجح أيضا في المعارضة، ولا يمكن لشيء ان يدمر حزب العمل أكثر مما هو مدمر، هذا لن يغير شيئا فيه".

(*) "المشهد الإسرائيلي" ما هي مشكلة اليسار حالياً، لا موقف له، لم ينجح لا في الحكومة ولا في المعارضة؟

" مشكلة اليسار الاسرائيلي هي أنه يعاني الكثير من المواقف غير الصريحة، فهو من ناحية يساري في المواقف السياسية ويميني في كل ما يتعلق بالقضايا المالية. لنأحذ على سبيل المثال حزب "ياحد" برئاسة يوسي بيلين، هذا الحزب يقف الى جانب "اتفاقية جنيف"، ويؤيد الكثير من القضايا اليسارية لكنه من ناحية إقتصادية يؤمن بالكثير من القضايا الاقتصادية الليبرالية الامر الذي يتنافى مع موقفه السياسي. اليسار بعيد عن الفقراء، وعن مدن التطوير..".

وعلى صعيد الأحزاب يستبعد بلوتسكر ترشيح نتنياهو وباراك وعودتهما كما كانا الى الخارطة السياسية في اسرائيل : "انا اعتقد ان الليكود ملّ من نتنياهو كذلك ملّ حزب العمل من باراك. انا لا أعتقد انهما سيعودان. ولكن في منطق السياسة الاسرائيلية العجيبة الغريبة تجوز عودتهما".