"العمل" يطالب بأولوية واضحة في مفاوضات "حكومة الوحدة"

استبق حزب "العمل" الاسرائيلي المعارض المفاوضات حول انضمامه الى ائتلاف رئيس الحكومة اريئيل شارون، والتي تبدأ بعد الخروج من عطلة السبت، بالاعلان عن استيائه مما وصفه أركان الحزب بأنه "استهتار" شارون به وعدم تفضيله على حزبي المتدينين المتشددين (الحريديم) "يهدوت هتوراة" و"شاس" المرشحين ايضاً للانضمام. وهدد قادة "العمل" بمقاطعة المفاوضات في حال لم يمنح شارون الحزب أولوية واضحة، ما حدا برئيس الوزراء الى استدعاء زعيم "العمل" شمعون بيريس للقائه على عجل، صباح الأحد القريب، لاحتواء أزمة الثقة في البرلمان الاسرائيلي (الكنيست).

وكانت الدعوة التي وجهها شارون الى زعيم حركة "شاس" الدينية الشرقية، ايلي يشاي، للتفاوض حول دخول ائتلافه الحكومي أثارت حنق أقطاب العمل الذين رفضوا "مساواة" حزبهم بالأحزاب الدينية ووضعه في مصاف الاهتمام ذاته. كما أغضبهم اعلان شارون تشكيل طاقم للتفاوض تنقصه الخبرة وصلاحية حسم الأمور، بحسب بيريس، "ما يؤكد استخفاف رئيس الحكومة بحزب العمل على رغم كونه الحزب الثاني في اسرائيل لجهة تمثيله البرلماني (19 نائباً)".

ويطالب بيريس بأن يُنجَز أولاً اتفاق ائتلافي مع حزبه ثم التفاوض مع "الحريديم". ونُقل عن قريبين منه استياؤه من التصريحات التي أدلى بها شارون وقال فيها ان السياسة الاقتصادية للحكومة لن تتغير، على رغم علمه ان "العمل" يشترط الغاء بعض الضربات التي تنزلها الخطة الاقتصادية بالشرائح الضعيفة.

لكن معلقين في الشؤون الحزبية يرون ان العقبات الرئيسة التي قد تصطدم بها محاولات شارون توسيع ائتلافه الحكومي تكمن في الحقائب الوزارية التي تسعى الأحزاب الثلاثة المدعوة للانضمام الى الحكومة الى نيلها، وليس في الخطوط العريضة لسياسات الحكومة الجديدة. وبات واضحاً ان بيريس يريد من شارون أن يضمن له مكانة "الرجل الثاني" في حكومته وتسلم حقيبة الخارجية وان يتسلم "العمل" حقائب وزارية كبيرة أخرى من بينها وزارة العدل التي يشغلها حالياً زعيم حزب "شينوي" يوسف لبيد حتى ان لم يغادر الأخير الحكومة على رغم اصراره وحزبه على ذلك لرفضهما الجلوس مع المتدينين المتشددين في حكومة واحدة. ويسعى "العمل" الى تجريد لبيد من منصبه لزعزعة مكانة حزبه "شينوي" الذي نجح في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مضاعفة تمثيله البرلماني على حسابه.

في هذا الاطار كتب المعلق البارز في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، ان بيريس رفض اقتراحاً لاشغال منصب وزير الدفاع قائلاً: "لست قادماً الى الحكومة لأقتل العرب.. (شاؤول) موفاز (وزير الدفاع الحالي) يجيد ذلك أفضل مني". ويشير المعلق الى ان بيريس يرفض هذا المنصب بعد تورطه في مجزرة قانا عام 1996 حين كان رئيساً للحكومة ووزيرا للدفاع.

الى ذلك، نقلت الصحف عن أركان حركة "شاس" الشرقية تحمسهم للعودة الى حكومة شارون واستعادة حقيبة الداخلية. وكتبت ان مؤسسات الحركة الدينية عانت منذ استبعادها عن حكومة شارون "جفافاً" بعدما نجح "شينوي" العلماني في وقف ضخ الأموال الطائلة لها. كما يدرس أقطاب حركة "يهدوت هتوراة" الاشكنازية إمكان المطالبة بحقيبة وزارية أو اثنتين بعدما امتنعوا عن الجلوس حول طاولة الحكومات السابقة التي دعموها برلمانياً، بأمر من حاخامات الحركة.

ويستبعد مراقبون ان يستجيب قادة "شينوي" الى عودة شارون الى البقاء في الحكومة جنباً الى جنب مع "الحريديم" ما يعزز احتمالات إشغال الحزب مقاعد المعارضة. وكان شارون هاجم هذا الحزب لرفضه التعاطي مع الحريديم، وقال ان "الكراهية المتبادلة وإلغاء الآخر لن يوصلانا الى أي مكان"، مضيفاً انه يريد رؤية الأحزاب من الأطياف كافة في حكومته معرباً عن ثقته بقدرته على تحقيق ذلك "لأنه من غير الممكن تحقيق أهدافنا القومية من دون وحدة صفوفنا".

كما شدد شارون على أن حكومته ستنفذ خطته لفك الارتباط عن قطاع غزة ومنطقة جنين، قائلاً انه يحظر تجاهل الاعتبارات الديموغرافية وحقيقة انه لا يمكن الابقاء على "دولة يهودية وديموقراطية" اذا واصلت اسرائيل سيطرتها على مليون فلسطيني، مضيفاً انه سيظهر في نهاية المطاف خطأ كل من يظن انه في الامكان مواصلة الاحتفاظ على مستوطنات "غوش قطيف" في القطاع و"معاليه ادوميم" في الضفة. (أسعد تلحمي)