رئيس تحرير "صوت الحق والحرية" في حديث خاص: إسرائيل تعتبر انتقاد الحكومة تحريضًا!

تقرير: فراس خطيب
تلقى رئيس تحرير صحيفة "صوت الحق والحرية" (ناطقة بلسان "الحركة الاسلامية"- الجناح الشمالي)، توفيق محمد، مؤخراً، دعوة للمثول أمام القضاء الاسرائيلي بعد ان قدمت لائحة إتهام ضده. ومن المفروض ان تفتتح المحاكمة جلساتها في السابع والعشرين من هذا الشهر، حزيران/ يونيو، في محكمة الصلح في مدينة القدس. ولم تعبر هذه الخطوة التي إتخذتها السلطات الاسرائيلية عن تصرف غير مألوف في تاريخ "صوت الحق والحرية"، فقد عانت الصحيفة ومنذ العام 2002 من الملاحقة التي تأتي في سياق إنتمائها الحزبي.

لقصة وما فيها!

سنّت الكنيست الاسرائيلية في تاريخ 22/5/2002 قانوناً يمنع الصحف من اتباع ما اسموه "وسائل تحريضية"،الامر الذي يمنع (كما جاء في القانون) نشر مواد "تساعد على التحريض للعنف والإرهاب".

بعد سن القانون بثلاثة أشهر تم إستدعاء عدد من المسئولين في الصحيفة والتحقيق معهم حول ما نشر بصدد تفسير بعض الآيات القرآنية، وأمر في حينه وزير الداخلية، ايلي يشاي (شاس)، بإغلاق الصحيفة الامر الذي لم يستمر طويلاً، وعادت الصحيفة الى عملها كالمعتاد بعد عدة رسائل بعث بها مسئولو الصحيفة الى الوزير، الذي لم تثبت إدعاءاته، وظل الاتهام بحق رئيس التحرير قائمًا.

في حديث خاص لـ "المشهد الاسرائيلي"، فنّد رئيس تحرير الصحيفة، توفيق محمد، إدعاء السلطات الاسرائيلية، وقال: "هم يدعون ان تفسير الاية فيه تحريض على العنف او الأرهاب، الآية فسرت بناء على تفسيرات القرآن المعروفة القديم منها والحديث، وهي قيلت في أهل بدر، اي في مقاتلي معركة بدر الذين استشهدوا، وبات السؤال عنهم واضحاً هل هم أحياء؟ ام أموات؟ وتفسير الآية يقول إن الشهيد حي لا يموت، وهذا ما إعتبروه تحريضاً".

(*) "المشهد الاسرائيلي": اذن انتم موجودون داخل الدائرة القانونية؟

(*) لنا ما نؤمن به، لنا خطوطنا ولنا عقيدتنا، نعم نحن موجودون داخل الدائرة القانونية، وداخل الدائرة الديمقراطية الاسرائيلية اذا بقيت هناك ديمقراطية للعرب في هذه الدولة، ولن نغير مواقفنا.

السؤال المطروح في هذا السياق يبقى مفتوحاً، وهنا، تحديداً هنا، لا حاجة لتفكيك الرموز لمعرفة ما إذا كانت الصحافة العربية داخل اسرائيل تعاني من الممارسات السلطوية، فهذا امر مفروغ منه ومرتكز على حقائق تاريخية، وبما ان الحقيقة واضحة، والتصعيد ظاهر ولا يوجد نقاش فيما يخص التصعيد، سألنا توفيق محمد، في اي صيغة أدرجتم حسب رأيك؟ فأجاب "في تصوري هذا العمل يدرج ضمن الحملة العالمية ضد الاسلام". وأضاف: "السلطة تتبع هذا الاسلوب الذي لا يبتعد عن التعسفية. حاولوا اغلاق الصحيفة وإدعوا ما يثير الضحك، فكيف لك ان تتكل على حجج لا مكان لها في ان تجيز إغلاق صحيفة؟".

(*) "المشهد الاسرائيلي": في تحقيقاتهم، عن اي مواد يتحدثون؟

(*) بعد الاجتياحات التي قامت بها الحكومة الاسرائيلية تحدثنا عن حملة "السور الواقي" ونشرنا في صحيفتنا ما نشر في كل وسائل الاعلام العربية، كان ثمة بعض المقالات للشيخ رائد صلاح، وبعض مقالات ايضا حول الموضوع وكلها أتت في مجال انتقاد الحكومة ورئيس الحكومة، هم يعتبرون إنتقاد الحكومة تحريضاً.

(*) "المشهد الاسرائيلي": انت تعلم ان الادانة ليست سهلة في هذه الحالة؟

(*) الحديث هنا عن سجن فعلي حتى خمس سنوات وهذا ليس سهلاً، ولكن في حالة الادانة ستكون هذه ادانة لكل صحفي عربي في هذه البلاد.

لا أحد يعلم

هل يجيز القانون تقديم لائحة اتهام في هذه الحالة؟ .

توجهنا من "المشهد الاسرائيلي" بهذا السؤال الى بروفيسورالحقوق الاسرائيلي، مردخاي كريمنتسر، الذي يعتبر من المعلقين القضائيين البارزين في اسرائيل، فرفض التعقيب على الحدث مدعياً ان لا علم له عن هذا الموضوع. "سنعرض لك الموضوع بإختصار"، قلنا له، فقال "انا مشغول جداً".

حاولنا التحدث ايضاً مع د. دانيئيل دور، الذي اصدر كتاب "صحافة تحت التأثير"، وصف من خلاله سياسة الاعلام العبري والصورة المسيّرة التي ينقلها، ورفض هو ايضاً التعقيب بسبب عدم إطلاعه على القضية، مع العلم ان القضية كان لها وقعها في العام 2002. "انا كتبت عن الصحف العبرية" قال دور. وأضاف: "اذا كنت تود الحديث عن الإعلام العبري، لا توجد عندي مشكلة".

هل فعلاً لم يصل صوت مسئولي "صوت الحق والحرية" الى هؤلاء؟ ام انهم يتنصلون من الخوض في اجواء القضية؟!

توجهنا الى المحاضر المتخصص في الاعلام في الجامعة المفتوحة في تل أبيب، د.مصطفى كبها، وإستعرضنا معه الموضوع.

(*) "المشهد الاسرائيلي": هل تقديم لائحة اتهام في هذا الموضوع غريب عنك؟

(*) لا شك بأن الصحافة العربية مراقبة منذ العام 1948، وحصل اغلاق للعديد من الصحف العربية أيضا لنفس الاسباب وهذا ليس غريباً أبداً، هناك ملاحقة واضحة، ومنذ فترة إشغال ايلي يشاي لمنصب وزير الداخلية، وهو الذي امر بإغلاق الصحيفة، فإن العلاقة بين الصحافة العربية وبين الرقابة متوترة جداً.

هل يعيد التاريخ ذاته؟ سألنا د. مصطفى كبها مرة أخرى. فقال: " التاريخ لا يعيد نفسه، اليوم تختلف الوسائل، وسائل الرقابة تغيرت، وقدرتها تغيرت ايضاً، ونحن نعرف انها شبه عاجزة اليوم. ولكن اليوم القضية متعلقة بصحيفة حزب، وتتبع لبرنامج عمل هذا الحزب، والكل يعرف ان الحركة الاسلامية تحت المجهر، الامر الذي جعل صحيفة "صوت الحق والحرية" تحت المجهر أيضاً.

(*) "المشهد الإسرائيلي": هل تعتبر ان الصحافة العبرية والعربية متناقضتان في توجهاتهما؟

(*) لا ليس تناقضًا، ولكن ثمة تفاوت حتى فيما يخص الصحف العربية على سبيل المثال، فمنها من يحافظ على التزام وآراء واضحة وغالباً ما تكون تابعة لحزب، ومنها الأكثر إعتدالاً، وبعضها يعتبر اقل إلتزاما، والتعامل مع هذه الصحف يكون متفاوتاً، فلا تجمع كل الصحف سياسة واحدة.

(*)"المشهد الاسرائيلي": اذن اين الصحافة الحرة في اسرائيل؟

(*) لا توجد صحافة حرة في العالم، هناك تفاوت من حيث العمل والصلاحيات، هناك علاقة صعبة جداً تربط الوضع السياسي والوضع الاعلامي ولا يمكن تحليله الآن، كل الصحف هي شبه حرة مع بعض التفاوت.

Terms used:

الكنيست