"شارون: إما أن يكون أو أن لا يكون"..

كتب أسعد تلحمي:

يفتح قرار رئيس الحكومة الاسرائيلية، اريئيل شارون، طرح خطته المعدّلة للفصل الأحادي على حكومته يوم الأحد للتصويت عليها باب "سيناريوهات اليوم التالي" على مصراعيه وسط اعتراف كبار المعلقين الاسرائيليين في الشؤون الحزبية والسياسية بصعوبة التكهن بما قد يحصل بعد التصويت، مهما تكن نتائجه، متفقين في الآن ذاته على انعكاسات ذلك على مستقبل شارون وحكومته التي لن تظل كما يبدو على تركيبتها الحالية.

وتكتب المعلقة سيما كدمون في "يديعوت احرونوت" ان "الأمر الأكيد هو ان الأسابيع الوشيكة ستشهد فوضى عارمة". وتضيف ان أمام شارون أحد خيارين: " اما ان يثبت انه قائد وزعيم حقيقي أو أنه مجرد محترف حزبي، وباختصار إما ان يكون أو لا يكون".

لا أحد يعرف بالضبط ما الذي دفع شارون، بين ليلة وضحاها، الى تغيير موقفه للمرة الألف ليقرر طرح خطته المعدّلة بصيغتها الاساسية - انسحاب شامل من مستوطنات غزة وأربع أخرى من الضفة على أربع مراحل - بعد ساعات من خنوعه للقطب الآخر في حكومته وحزبه بنيامين نتنياهو وموافقته على حصر التصويت في الانسحاب من ثلاث مستوطنات في غزة فقط.

وتثور الأسئلة التالية: هل ينوي فعلاً الإقدام على إقالة نتنياهو ووزراء آخرين من حزبه (الليكود) يعارضون خطته ليستبدلهم بنواب يؤيدونها؟ أم هل يستبق وزيري "الاتحاد الوطني" افيغدور ليبرمان وبيني ألون اللذين يعتزمان الانسحاب من الحكومة في حال اقرارها الخطة بإقالتهما قبل التصويت ليضمن بذلك غالبية ضئيلة في حكومته؟ أم ربما أنجز اتفاقاً سرياً مع زعيم حزب "العمل" شمعون بيريس لاستئناف الشراكة الحكومية معه؟ هل ترد في حساباته الاستقالة وتبكير موعد الانتخابات ثأراً من اعضاء حزبه "الليكود"، عملاً بالقول "علي وعلى أعدائي"؟ أم ان الحديث عن تشكيل حزب وسط جديد مع بيريس وزعيم حزب شينوي، يوسف لبيد، ليس مجرد بدعة صحافية؟

لكن حتى في حال اختار شارون أحد هذه السيناريوهات، فإنه سيلمس صعوبة ان لم يكن استحالة التنفيذ، فإقالة نتنياهو أو غيره من وزراء الليكود قد تواجه بانتفاضة داخلية، علماً ان نصف نواب الليكود في الكنيست محسوبون على أنصاره فضلاً عن تمتعه بشعبية واسعة في أوساط آلاف اعضاء اللجنة المركزية للحزب. كما ان "جبهة المعارضة" هذه لن تسمح لشارون بضم حزب "العمل" المعارض لغرض توفير غالبية في الحكومة لتنفيذ خطة الفصل التي أجهضها منتسبو الليكود، هذا ناهيك عن ان حزب "العمل" ايضاً منقسم على حاله في شأن العودة الى حظيرة حكومة شارون، حتى في حال لم يتم تقديم الأخير الى المحاكمة بتهمة الارتشاء.

وطبقاً لتعديل قانون الانتخابات فإن استقالة شارون لا تعني التوجه فوراً الى انتخابات برلمانية مبكرة، اذ سيقوم الرئيس الاسرائيلي بتكليف نائب آخر يتعهد الحصول على تأييد 61 نائباً في الكنيست لاختياره رئيساً للحكومة. وفي هذه الحال تبدو فرص نتنياهو لحشد هذا العدد من النواب جيدة. لكن حتى ان لم يفلح في تجنيد 61 نائباً فستعلن انتخابات مبكرة خلال 60 يوماً ليس اكيدًا ان يكون فيها شارون على رأس لائحة "الليكود"، اي المرشح لتشكيل حكومة جديدة.

وتساءل كبير المعلقين في "يديعوت احرونوت" ناحوم بارنياع (28/5): "هل أزفت ساعة عمر شارون السياسي؟"، معقباً على خنوع شارون لنتنياهو، مضيفاً ان المعضلة التي يواجهها رئيس الحكومة قاسية: "ان يواصل لفترة ما حمل لقب رئيس حكومة معطل ومهان يقرر له الآخرون جدول أعماله، أم يجازف بخسارة الحكم وهو في سن ووضع يمنحانه فرصة ضعيفة للعودة الى سدة الحكم... على شارون ان يقرر وجهته، ولا يحسدنه أحد في ذلك"!