رعب في إسرائيل: الشوارع خالية والحافلات فارغة والأسواق مقفرة

يصعب على المراقب للشأن الإسرائيلي ألا يتعجب كثيرا من الحالة النفسية الإسرائيلية بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين. وبوسع نظرة واحدة على صحف إسرائيل أن تتبين أن هناك حالة رعب حقيقية وملموسة، ظهرت في عناوين وافتتاحيات الصحف الرئيسة كما في التقارير التلفزيونية.

ومن بين عناوين الصفحة الأولى في "يديعوت أحرونوت": "الاستخبارات الاسرائيلية تأمر بتغيير مسار هبوط الطائرات" و"مطار بن غوريون: يستعدون لسيناريو الرعب" و"حافلات فارغة، أسواق مقفرة".


وتختار "هآرتس" لها عنوانا على الصفحة الأولى يظهر تشديد الحراسة على كبار المسؤولين الإسرائيليين. وتعلق مذيعة التلفزيون في القناة الثانية على تقرير حول الخلافات بين جهاز حماية الشخصيات في "الشاباك" والشرطة الإسرائيلية حول حراسة المسؤولين بالقول: "على الأقل ثمة من يحرس هؤلاء".


أما "معاريف" فركزت على الحراسة المشددة التي فرضت على الزعيم الروحي لحركة شاس، الحاخام عوفاديا يوسف، وباقي مسؤولي الدولة. ونقلت الصحيفة قول رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أهرون زئيفي فركش، للرئيس الإسرائيلي موشيه كتساف إنه "ستقع موجة عمليات تنبع من الثأر والإحساس بالألم لدى الفلسطينيين. لا يمكنني أن اضمن ألا تكون هناك عمليات، مثلما لم ننجح في ان نضمن الا تكون هناك عمليات قبل تصفية ياسين. بذل الفلسطينيون الحد الاقصى من الجهود لضربنا حتى الآن وهم سيفعلون ذلك بعد هذا ايضا".

وعلى خلفية ذلك تتواصل حالة التأهب القصوى التي اعلنت في إسرائيل في اعقاب اغتيال الشيخ ياسين. وقدرت المصادر الأمنية الإسرائيلية ان حالة التأهب القصوى ستستمر أسابيع. وقالت "معاريف" إنه تراكمت لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية انذارات كثيرة. وثمة مخاوف من اجتياز كل الخطوط الحمر، وفي مقدمتها تنفيذ عمليات في المدارس والمستشفيات ومحاولات تفجير مبان متعددة الطوابق والمس بالطيران المدني.
وهناك تخوف أيضا من محاولات اغتيال شخصيات سياسية وأمنية كبيرة. وبسبب الخوف من عمليات انتقام ضد زعماء دينيين، جرى تشديد الحراسة على الحاخام عوفاديا يوسف. وكذلك عززت الحراسة على ثلاثة نواب: ايهود ياتوم ويوفال شتاينيتس من الليكود، وبنيامين بن اليعيزر من العمل.


وبعد يوم من تصفية ياسين تجمع أكثر من خمسين انذارا لعمليات قد تقع في اسرائيل. وتعززت الحراسة ايضا حول ممثليات اسرائيل في ارجاء العالم. في احدى السفارات الاسرائيلية في اوروبا مثلا، رابطت وحدة شرطة مع سترات واقية وكلاب لحراسة المبنى وأغلقت طرقًا الى جانب ممثليات إسرائيل في الولايات المتحدة.
ودعت السفارة الاميركية في اسرائيل كل مواطني الولايات المتحدة الى عدم الوصول في هذه المرحلة الى اسرائيل في اعقاب التصعيد الذي نشأ اثر تصفية الشيخ ياسين. أما الاميركيون الذين يوجدون في اسرائيل فقد دعتهم السفارة الى عدم الاقتراب من الاماكن التي تعج بالناس وعدم دخول غزة.
ولكن "يديعوت" أشارت إلى الكوابيس الكبرى التي تقف أمامها إسرائيل وهي "التخوف من أن تحاول حماس اسقاط طائرة اسرائيلية". ولذلك تقرر وحتى اشعار آخر عدم السماح بهبوط طائرات عبر أحد مسارات المطار.
غير أن القصة عند "يديعوت" وغيرها لا تنحصر فقط في الإجراءات الأمنية حول الشخصيات والمؤسسات العامة وإنما في الحالة النفسية للإسرائيليين. وهذا ما تجلى في "الأسواق المُقفرة والحافلات الفارغة والحوانيت التي انتظر اصحابها عبثا وصول الزبائن".

هذه هي المشاهد التي برزت أمس "في كل زاوية في مدن اسرائيل، الدولة التي أصبحت منذ أمس الأول بلاد الخوف" حسب "يديعوت". وأضافت "يديعوت" أن سوق محنيه يهودا وهو الأكثر شعبية في القدس الغربية "بدا أمس فارغا وبائسا مثلما بعد عملية. غير ان هذه المرة لم تكن العملية التي وقعت بل العملية التي قد تقع هي التي ابعدت المشترين. والجنود ورجال الشرطة المسلحون تجولوا بين البسطات استعدادا لافظع الامور. داني، صاحب بسطة خضار، نظر اليهم بتخوف: يوجد احساس فظيع من الخوف والفزع. الزبائن الذين يصلون يقومون بما يحتاجون إلى عمله ويهربون من هنا بسرعة".

وأعلنت شركات النقل العام هبوط عدد المسافرين في الحافلات بشكل كبير في ساعات المساء.
وكتب عوفر شيلح في "يديعوت" أن هناك "انطباعا بأن اسرائيل دخلت صباح امس الأول في مزاج انفصامي: من جهة الرعب من الرد ومن جهة اخرى مسّرة الخفة". ويوضح أن استطلاع "يديعوت احرونوت" الذي نشر امس الأول يؤكد ان هذا حقاً شعور الجمهور: 60 في المئة يؤيدون تصفية ياسين و81 في المئة قالوا ان الارهاب سيتصاعد نتيجة التصفية. بمعنى أن اغلبية مواطني اسرائيل يؤيدون خطوات ستصعد، برأيهم، الارهاب. وهذا لم يعد "ترفا" وإنما "مزاج انتحاري".

وتحت عنوان "ردع ورعب" جاءت افتتاحية "هآرتس" لتؤكد المنطق ذاته. وكتبت أن "العبء الامني الذي تعيشه اسرائيل منذ الاغتيال هو إحدى النتائج الضارة (لانعدام حكمة القرار). إضافة الى التنديد الدولي وتعميق الشك في جدية خطة الفصل التي اعلن عنها رئيس الحكومة والغضب العفوي لسكان المناطق وعرب اسرائيل وغيرها. ان قرار المجلس الوزاري من شأنه أن يسجل كانعطافة سلبية خطيرة في تاريخ النزاع".
تجدر الإشارة إلى أن مسؤولي المنظمات السياحية الإسرائيلية إعتبروا اغتيال الشيخ ياسين اغتيالا لانتعاش السياحة الإسرائيلية. ونشرت صحيفة أميركية أن الممثل وحاكم كاليفورنيا ارنولد شوارزنيغر، الذي كان من المقرر أن يزور إسرائيل في مطلع أيار المقبل، يفكر في إلغاء الزيارة لأسباب مادية. ومن المحتمل أن هذا ما تفكر به أيضا المغنية مادونا التي أعلنت نيتها زيارة إسرائيل قريبا. وحتى الآن ألغى الرئيس الروماني زيارة كانت مقررة لإسرائيل. كما أن فريقي كرة سلة ريفلكس بلغراد وفالنسيا الاسباني اعلنا أنهما لن يصلا إلى إسرائيل للمشاركة في دورة رياضية.