موافقة نتنياهو المشروطة على "خطة الفصل"- أقوى دعم لشارون في المرحلة الحالية

اتجهت الأنظار، الأحد، نحو "الدراما" التي شهدها ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية في اجتماع رئيس الوزراء، ارييل شارون، مع وزراء "الليكود" للبحث في خطة الفصل. وقد نال شارون دعما هاما لخطته من وزير ماليته، بنيامين نتنياهو، الأمر الذي أثار استغراب وخيبة الوزراء الآخرين المعارضين للخطة.


ورأى عدد من المراقبين الإسرائيليين ( الصحف الاسرائيلية، أمس الاثنين) في موافقة نتنياهو المشروطة على خطة الفصل "أقوى دعم لشارون في هذه المرحلة، إذ أن شارون حرم بذلك المعارضة اليمينية له من الحصول على زعيم قوي. فالشروط التي عرضها نتنياهو للخطة تبدو مقبولة من شارون ولا تعترض من حيث المبدأ على خطة الفصل".


وكان شارون قد عقد هذا الاجتماع الرسمي مع وزراء الليكود للبحث بشكل أولي في خطة الفصل. ووصلت آمال اليمين حدودا كبيرة في ترقب حجم المعارضة التي سيبديها نتنياهو. ولكن هذه الآمال خابت وبشكل كبير من اللحظة التي بدأ فيها نتنياهو كلامه في الجلسة. إذ أعلن أنه لو كان رئيسا للحكومة لما أقدم على بلورة خطة كهذه. ولكن- أضاف- وبعد أن قرر شارون أن هذه هي وجهته صار لزاما العمل على تقليص الأضرار. فالقطار خرج من المحطة وخطة الفصل باتت أمرا واقعا. ولذلك ينبغي مساعدة شارون من خلال وضع شروط لتنفيذ الخطة. وعدّد شروطه على الوجه التالي:


"الشرط الأول، ترتيبات أمنية وحرية عمل عسكرية. وفي مقدمة هذه الترتيبات إبقاء جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية تحت سيطرتنا".
"الشرط الثاني لا ينبغي الانسحاب ولو من سنتمتر واحد من قطاع غزة قبل إتمام بناء الجدار الأمني الذي يضم جميع الكتل الاستيطانية".
"الشرط الثالث هو معارضة أميركية رسمية وعلنية لحق العودة".


وفي محيط شارون قالوا إن هذه الشروط مقبولة، إذ أن بقاء المنافذ تحت السيطرة أمر يتطلبه الواقع، وإتمام الجدار هو تنفيذ لقرار متخذ وإسرائيل تطالب أميركا طوال الوقت بإعلان رفض حق العودة. ولكن المعارضين من الوزراء صدموا من موقف نتنياهو. وقال أحد أبرز مقربيه، الوزير إسرائيل كاتس "أنا مضطر للاعتراف بأنني استغربت أقوال بيبي. كما أن توجهه غير مقبول من جانبي". وأشار الوزير عوزي لانداو إلى أن نتنياهو خذل الليكود وخيّب أمله. وقال: "كنت أود رؤيته يقود المعارضة للخطة". وأشار إلى أنه كان طوال الوقت يفهم ان نتنياهو يعارض خطة شارون. وأكد أن شارون برغم موقف نتنياهو لا يحظى بأغلبية داخل الحكومة وكتلة الليكود.


وفي الاجتماع تساءل الوزير تساحي هنغبي عن أثر الخطة على الائتلاف الحكومي لاعتقاده بأن اليمين الأقصى سوف ينسحب. رد شارون بأنه لن يتوجه للانتخابات وسوف "أقيم فوراً ائتلافا آخر". وتساءلت الوزيرة ليمور ليفنات عن كيفية توفير الدعم العددي في الكنيست للخطة. رد شارون "يمكن دعوة الحريديم". فقالت ليفنات إن "شينوي لن توافق". سكت شارون ولم يجب.

والحقيقة أن لليكود أربعة عشر وزيرا في الحكومة وحسب أجواء ما قبل الاجتماع هناك أربعة بينهم شارون يؤيدون الخطة وهم شاؤول موفاز وإيهود اولمرت وجدعون عزرا. ومقابل هؤلاء هناك ستة وزراء يعارضون الخطة بشدة وهم عوزي لانداو وناتان شارانسكي وتسيبي ليفني وإسرائيل كاتس وتساحي هنغبي ومئير شطريت. وإلى جانب هؤلاء هناك الوزراء المترددون وهم نتنياهو وليفنات وسيلفان شالوم وداني نافيه.


ولم يكتمل بحث وزراء الليكود في خطة الفصل حيث من المقرر عقد اجتماع آخر لاستكمال النقاش.


وفي الوقت الذي أثار فيه موقف نتنياهو امتعاض المعترضين على خطة الفصل وقالوا إنه برهن على جبنه بالاختباء خلف شارون قال آخرون إن موقفه يساعد شارون في إقناع الإدارة الأميركية بدعم الخطة. وقد أعلنت ليفنات أن الخطة "من دون مقابل أميركي يشمل ضم الكتل الاستيطانية لن تحسن الوضع بل ستزيده سوءاً".


وكان من المقرر ان يعقد هذا الاجتماع في الأسبوع الماضي، الا ان شارون قرر تأجيله. لكنه عاد ورضخ لمطالب وزراء حزبه الذين يصرون على مناقشة تفاصيل الخطة قبل عرضها على الرئيس الاميركي جورج بوش خلال القمة المرتقبة بين شارون وبوش.


ويدور الحديث عن عقد هذه القمة في منتصف الشهر المقبل بعد عطلة الفصح اليهودي.
وتقدر مصادر مقربة من شارون بأن الثمن الذي ستحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة مقابل انسحابها من القطاع سيحسم الموضوع. وتأمل هذه المصادر حصول إسرائيل على ضوء اميركي اخضر يتيح لها التوغل في قطاع غزة، متى شاءت بغرض البحث عن "قنابل موقوتة"، والقيام بمطاردات ساخنة. كما تتوقع إسرائيل ان يؤدي الانسحاب الجزئي الى تغيير الموقف الاميركي من الجدار الفاصل، وبالتالي التزام واشنطن الصمت إزاء الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها إسرائيل من خلال اقامة هذا الجدار في أعماق الضفة الغربية المحتلة، وما يتسبب به من معاناة ومآس إنسانية للفلسطينيين. ومعروف أن "المفدال" و"الاتحاد القومي" يقفان بجانب المعارضين من وزراء ونواب الليكود.


ونظرا للإيحاء الذي يفهم من كلام شارون حول الائتلاف أعلن شمعون بيرس أن حزب "العمل" لم يتفاوض ولا يتفاوض من أجل الدخول في الحكومة. وقال إن حزبه لا "يزحف" نحو حكومة شارون. وزاد "إذا طرأت مشكلة لدى شارون ويريد تفكيك مستوطنات أقامها فلماذا نعرقله؟ هكذا دعمنا بيغن عندما ترك سيناء ولم تكن لديه أغلبية في الليكود".