شارون يتوعد الفلسطينيين بوسائل قمع "جديدة وإبداعية"

كتب أسعد تلحمي:

توعد رئيس الوزراء الاسرائيلي، اريئيل شارون، الفلسطينيين بوسائل قمع "جديدة وإبداعية" طالب قيادة جيش الاحتلال بتوفيرها في غضون اسبوع لضمان "وقف مطلق لاطلاق الصواريخ على البلدات الاسرائيلية على الحدود مع غزة" موضحاً أن العدوان الحالي على القطاع سيتواصل من دون تحديد موعد لانهائه. في غضون ذلك أكدت تعليقات الصحف العبرية ان جل ما يعني شارون هو ألا يظهر انسحاب الجيش المزمع من القطاع وفقاً لخطة الفصل الاحادي "هروباً تحت وقع النار" ولذا طالب قادة الجيش بالبحث عن أفكار جديدة لضمان ذلك.

وقد أبرزت وسائل الإعلام العبرية تصريحات لرئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون خصصها لكل منها وهدد فيها الفلسطينيين بالمزيد من القمع وبتوسيع رقعة العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ ستة أيام، واعداً الاسرائيليين بأن يبحث الجيش عن "أفكار وطرق جديدة وخلاقة" لوقف اطلاق "القسام" على البلدات والمستوطنات المحاذية للقطاع ولمواجهة التطورات.

واكد شارون مجددا أن عملية الجيش الحالية المسماة "أيام الندم" ليست محدودة زمنياً، مضيفا ان المطلوب الآن تغيير الأوضاع جذرياً في غزة واتخاذ كل "الوسائل المطلوبة والمتاحة" لوقف اطلاق الراجمات "فالوضع الحالي لا يمكن ان يستمر، وأصدرت تعليماتي لقادة الأجهزة الأمنية بإعداد خطط خلال اسبوع لمواجهة هذا الوضع أو أي تطور جديد ولتوسيع رقعة نشاط الجيش لإبعاد قاذفات القسام عن مدى تسع كيلومترات قادرة على بلوغه، كي لا تعود البلدات اليهودية في مرماها".

وتابع أن ثمة تغييراً "للأفضل" طرأ في الأيام الأخيرة وأن لدى الجيش والأجهزة الأمنية ردوداً وحلولاً لكل التطورات والتهديدات، مؤكدا أن الجيش سيواصل عملياته طالما أن الخطر قائم. ورداً على تهديدات "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) بأنها تملك صواريخ قادرة على بلوغ مدينة عسقلان، قال شارون إنه لا ينصح أحداً بأن يهدد اسرائيل كما انه لا ينصح أحداً "من الاسرائيليين" بأن تزعزعه هذه التهديدات. وزاد أن اسرائيل لن تقبل بأن تعيش "تحت رحمة حماس" وانه على رغم تعقيدات الأزمة "فإن صمودنا وردنا سيكونان حازمين ولن يتمكن أحد من المساس بمواطني اسرائيل، كما لن أدع أحداً يفعل ذلك".

ووعد شارون سكان بلدة "سديروت" التي تتعرض يومياً لقذائف "القسام" بامتيازات حكومية خصوصاً تحسين ظروف معيشتهم والحيلولة دون مغادرة أي منهم لها "بل حض آخرين على القدوم اليها والعيش فيها".

وفي شأن التأثير المحتمل للتطورات في غزة على خطته للانفصال الاحادي قال شارون ان تغييراً لن يطرأ على الجدول الزمني للخطوات المقررة تمهيداً لتنفيذ الانسحاب وان الخطة ستطرح على الكنيست في الأيام الأخيرة من الشهر الجاري، مضيفاً أن اسرائيل لن تسمح "ليس الآن ولا خلال الانسحاب بأن يطلق النار على بلدات داخل الخط الأخضر أو خارجه كما لن تسمح باحتفالات باطلاق القسام بعد الانسحاب".

اقامة مناطق عازلة حول المستوطنات

في هذا الصدد كتب المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، أن شارون طلب من رؤساء الاجهزة الأمنية ان يكون الانسحاب المزمع واخلاء المستوطنات هادئاً وتكريس الجهد المطلوب للحيلولة دون انسحاب تحت وقع النار. وأضاف أن قيادة الجيش اقترحت في الأسابيع الاخيرة اقامة "مناطق عازلة" حول المستوطنات المرشحة للإخلاء تضمن عدم تعرضها الى النار الفلسطينية.

وزاد أن الخرائط لهذه المناطق جاهزة وأن شارون ووزير دفاعه، شاؤول موفاز، صادقا عليها. ونقل المعلق عن أوساط أمنية رفيعة قولها ان العملية العسكرية الحالية في القطاع يراد منها تبليغ الفلسطينيين حزم اسرائيل وجديتها واستعدادها "للسيطرة على مناطق والعمل بقوة اذا اقتضت الحاجة"، معتبرة العدوان الحالي "دفعة أولى سلفاً على حساب الإخلاء".

وقال رئيس اركان الجيش، موشيه يعالون، خلال جولة في جباليا ان قوات الجيش عاقدة العزم على ضرب اهداف "الارهاب" وستنجح في ذلك، مضيفا ان الفلسطينيين تكبدوا الى الان 60 قتيلا غالبيتهم من "المخربين". وتابع ان قوات الاحتلال جاهزة لعمليات تستغرق اسابيع وليس اياما.

وفي السياق نفسه نقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" عن ضابط اسرائيلي كبير ان العدوان سيتواصل "حتى يصرخ الفلسطينيون كفى" متوقعاً ان يستمر أسابيع. وقالت الصحيفة ان جيش الاحتلال يعتزم اقامة حزام أمني بعمق تسعة كيلومترات شمال القطاع يفصله عن بلدة سديروت. وزادت ان شارون يرى ان ما قام به الجيش حتى الآن "غير كاف" وانه يعتقد أن في امكانه القيام بعمل أكبر، لذا منحه ضوءاً أخضر ليفعل قدر المستطاع، بما في ذلك استدعاء احتياط واستخدام أوسع للدبابات والطائرات.

لكن نائب وزير الدفاع، زئيف بويم، نفى في حديث اذاعي ان تكون لدى الجيش نية اقامة حزام أمني على غرار ذلك الذي اقامه لسنوات ابان احتلال جنوب لبنان.

الى ذلك أشارت صحف اسرائيلية الى ان الضغوط الدولية على الدولة العبرية لوقف عدوانها ليست جدية، ما يمنح الجيش "طول نفس سياسي"، مشيرة الى أن الإعلام الدولي منشغل بالعراق وبالانتخابات الرئاسية الاميركية. وكتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" أن واشنطن أعطت الضوء الأخضر لاسرائيل لتواصل عدوانها "لكنها حذرتها من مغبة التورط".

في هذا الاطار أعربت محافل سياسية عن ارتياحها لنتائج المعركة الاعلامية التي تخوضها اسرائيل في الخارج لتبرير عدوانها بعدما سمح شارون لموظفي وزارة الخارجية والطاقم الإعلامي بالاطلاع على مواد سرية "لاماطة اللثام عن الوجه الحقيقي للفلسطينيين" من خلال توزيع أشرطة فيديو ترصد نشاط المنظمات الفلسطينية على وسائل الاعلام العالمية. وقال مسؤول اعلامي في وزارة الخارجية ان شرح الموقف الاسرائيلي في الخارج يزيد من هامش المناورة وان المتحدثين الاسرائيليين نجحوا في خلق توازن في التغطية الاعلامية الدولية.

واللافت أن وزير المالية، بنيامين نتنياهو وزعيم "العمل"، شمعون بيريس، أقحما في الحملة الاعلامية للافادة من مهاراتهما والقبول الذي يلقيانه في التلفزة العالمية.

"عملية بلا هدف"

وبعد أيام من التطبيل للعدوان وتبريره تساءلت بعض وسائل الاعلام عن جدوى العمليات العسكرية "في غياب استراتيجية واضحة تتيح انهاءها بنجاح"، كما كتبت صحيفة "هآرتس" التي اضافت في افتتاحية عنونتها "عملية بلا هدف" ان التوغل في غزة ومقتل عدد كبير من الفلسطينيين بينهم مدنيون واطفال، يثيران الشكوك بأن العملية لم تقرر لاعتبارات أمنية محضة انما لاسترضاء سكان "سديروت" ورضوخاً لضغوط اليمين المعارض "خطة الفصل".

ولخصت الاذاعة العبرية الرسمية التطورات الحاصلة بالقول ان "الجيش الاسرائيلي يحقق انتصاراً كبيراً لكن حوافز الفلسطينيين لتنفيذ المزيد من الهجمات المسلحة تتعاظم"، لافتة الى انهم يمتلكون جرأة عظيمة وتصريحات المسؤولين الفلسطينيين تحمل مزيداً من التشدد والتطرف، فيما فشل الجيش في حسم الوعي للفلسطينيين بأن "الارهاب" كبدهم ثمناً باهظاً.