شارون يطالب بمباشرة العمل وبكثافة في أجزاء الجدار التي صادقت عليها المحكمة و"عدم التنازل في المقاطع التي تنطوي على اشكال أمني"

أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية، اريئيل شارون، تعليماته إلى قيادة الجيش بإعداد مسار بديل للجدار الفاصل شمال القدس المحتلة وغربها، طبقاً للمقاييس التي وضعتها المحكمة الإسرائيلية العليا، وأعلن رفضه أي مبادرة لتشريع قانون خاص يحول دون تدخل المحكمة في قضية الجدار. وأعلن وزير الدفاع شاؤول موفاز أن "خطة الانفصال" ستنفذ في الموعد المقرر من دون رهن ذلك بموافقة الفلسطينيين. من جهته، قال وزير الخارجية سيلفان شالوم إنه يفضّل تنفيذها بوجود شريك فلسطيني، مضيفاً ان لا مناص أمام إسرائيل من ايجاد شريك "معتدل"، وأن ثمة مرشحين لذلك، على حد قوله.

وقالت مصادر صحافية إسرائيلية إن رئيس الوزراء اريئيل شارون أوعز إلى المسؤولين في وزارة الدفاع بإعداد بدائل مختلفة لمسار الجدار الفاصل تحترم المعايير التي حددتها المحكمة الإسرائيلية العليا و"التوازن الدقيق" بين حاجات إسرائيل الأمنية والمساس بالمدنيين الفلسطينيين. لكنه طالبهم في الآن ذاته، وبعد التشاور مع المسؤولين في وزارة العدل، بمباشرة العمل وبكثافة في الأجزاء التي صادقت عليها المحكمة و"عدم التنازل في المقاطع التي تنطوي على اشكال أمني".

وكتبت صحيفة "معاريف" ان شارون حدد للمسؤولين الأمنيين "خطوطاً حمراً" لا يمكن تجاوزها تمثل تأمين أقصى درجة من الحماية للشارع "الرقم 443" الممتد بين مستوطنة "موديعين" ومدينة القدس: "تمعنوا جيداً قرار المحكمة ولا تتنازلوا في الأماكن التي يتطلب الأمن ذلك. أما في الأماكن التي يمس فيها بناء الجدار بحياة الفلسطينيين فبالإمكان الاقتراب أكثر من الخط الأخضر، اضافة الى تسهيل الأمور في المعابر". لكنه زاد ان لا مشكلة في إقامة "جدار الحدوة" حول مستوطنة "ارييل" في عمق أراضي الضفة الغربية "حيث لا نمس بأراضي الفلسطينيين".

وتابعت الصحيفة ان شارون، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس في جلسة المشاورات الخاصة التي عقدها بحضور وزيري الدفاع والعدل شاؤول موفاز ويوسف لبيد والمستشار القضائي للحـكومة ميني مزوز وقادة الجيش وسائر الاجهزة الامنية، ابلغهم رفضه القاطع للدعوات التي اطلقها عدد من وزرائه لسن "قانون التفافي" لقصقصة جناح المحكمة.

وذكرت الصحف ان موفاز كان ابلغ قادة الجيش المخولين وضع مخططات بناء الجدار بوجوب احترام القانون من دون قيد او شرط ودعاهم الى صوغ بدائل للمسار الحالي بما يتماشى وقرار المحكمة مضيفاً ان المحكمة اعترفت بـ"الحاجة الامنية" الى بناء الجدار وانه بالإمكان تعديل المسار على نحو يضمن الامن لسكان اسرائيل.

من جهته اعتبر مزوز قرار المحكمة العليا "خدمة عظيمة لاسرائيل وللصهيونية وليس للمدى البعيد فحسب اذ ستتبين بعد اسابيع اهميته"، في اشارة الى القرار المتوقع ان تتخذه المحكمة الدولية في لاهاي الجمعة المقبل في مسألة قانونية الجدار، والذي تتوقع اسرائيل ان لا يكون في مصلحتها لكنها تعد العدة لاعلان رفضها "تدخل جهات دولية في مسألة عالجتها المحكمة الاسرائيلية ووقفت الى جانب المدنيين الفلسطينيين".

في السياق ذاته افادت اوساط قريبة من وزير الخارجية سيلفان شالوم انه سيسعى خلال زيارته الحالية الى واشنطن للحصول على تأكيد المسؤولين الاميركيين بأن واشنطن ستجهض اي مشروع قرار محتمل في مجلس الامن يتبنى توصية محكمة لاهاي في حال تضمنت هذه قولاً صريحاً بعدم شرعية الجدار. وكانت مصادر كبيرة في وزارة الخارجية اول من رحب بقرار المحكمة الاسرائيلية بتغيير مسار الجدار في محيط مدينة القدس معتبرة انه يقطع الطريق امام تدخل المحكمة الدولية.

وأبرزت صحيفة "هآرتس" الدور الذي لعبه عدد من القادة العسكريين السابقين في اقناع قضاة المحكمة العليا بتعديل الجزء الأكبر من مسار الجدار شمال القدس المحتلة وغربها. وأفادت ان هؤلاء الذين ينضوون تحت "المجلس من أجل السلام والأمن" كانوا "من بين المتلمسين الى المحكمة العليا ضد مسار الجدار وبضمنهم منسق شؤون الاحتلال سابقاً البريغادير داني روتشيلد والقائد السابق لسلاح الجو البريغادير عاموس لبيدوت والقائد العام السابق للشرطة اساف حيفتس الذين قدموا للمحكمة رأياً مهنياً شكل موقفاً معارضاً للذي طرحته وزارة الدفاع اكد اساساً ان الغرض من اقامة الجدار سياسي لضم أراض فلسطينية لاسرائيل، بهدف توسيع خاصرة اسرائيل الضيقة في منطقتي القدس وقلقيلية"، وان المستوطنين في الضفة الغربية أملوا في ان يدفع الضغط على الفلسطينيين بهم الى الرحيل. وقال احدهم للصحيفة انهم بالتماسهم انما صنعوا معروفاً لقيادة الجيش التي خنعت، حين أقرت المسار للمستوى السياسي. وقالت الصحيفة ان "المجلس من أجل السلام والأمن" الذي أقيم عام 1988 بمبادرة الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية، البريغادير اهارون ياريف، "يتبنى مواقف ليبرالية ويسارية وانه يؤيد اقامة الجدار، لكن ليس في مساره الحالي كما انه يطالب بأن لا تكون القدس العربية المحتلة ضمن حدود القدس الغربية ومن أجل الحفاظ على الطابع اليهودي لاسرائيل".

من جهته قال سيلفان شالوم انه يفضل ان تطبق خطة "فك الارتباط" عن غزة بالاتفاق مع الفلسطينيين على ان تكون خطوة أحادية. واضاف في مقابلة مع صحيفة "يديعوت احرونوت" انه يعتقد ان لا مناص سوى التفاوض مع الفلسطينيين "لايماني بالسلام مع العرب بعد ان لمست رغبتهم جميعاً في ذلك". وزاد انه يمكن ايجاد شريك فلسطيني "لكن ليس (الرئيس ياسر) عرفات الذي بات بنظر العالم يشكل عثرة في طريق السلام ويجب ترحيله". وقال ان هناك "شركاء فلسطينيين ينتظروننا"، لكنه رفض الكشف عن هوياتهم لتفادي أذيتهم و"لئلا نحولهم الى متعاونين وعملاء". وتابع انه يؤمن بإمكان تحقيق السلام وانه ينبغي عمل كل شيء "ليكون ممكناً التحادث الى الفلسطينيين بشكل آخر".

لكن شاؤول موفاز أصر على اعتبار خطة الفصل قراراً اسرائيلياً غير مشروط تنفيذه بموافقة اي طرف، مضيفاً ان التنفيذ سيتم في موعده المحدد ولن يستغرق اكثر من أسابيع معدودة. وقال لصحيفة "يديعوت احرونوت" ان الشرطة وليس الجيش ستناط بها مهمة مواجهة مستوطنين يرفضون اجلاءهم وان الجيش سيوفر غطاء أمنياً لعملية الانسحاب بتأمين الطرق المؤدية الى المستوطنات المعدة للاخلاء.