"العمليات لن تتوقف طالما لم يقم جدار متصل على طول خط التماس"!

توعد رئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي، الجنرال موشيه يعلون "كل من يمارس الارهاب ضد اسرائيل" بأنهم "لن يهنأوا بالنوم العميق وان اجهزة الأمن الاسرائيلية ستنشط على المستويات والأصعدة كافة سواء في أراضي السلطة الفلسطينية أو حزب الله أو سورية".

واعترفت مصادر عسكرية بعجز قوات الاحتلال عن تحقيق اختراق استخباري في صفوف "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) في مدينة الخليل، فيما أشارت تعليقات الصحف الى ان عمليتي تفجير الحافلتين في بئر السبع جنوب اسرائيل بددت الوهم لدى الاسرائيليين بأنهم في مأمن من العمليات الانتحارية ودعت الى تسريع اقامة الجدار الفاصل.

ودعا الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف الحكومة الى تسريع اقامة الجدار الفاصل في الضفة الغربية المحتلة والإعلان عنه "مشروعاً قوميا". واضاف تعقيباً على عمليتي بئر السبع ان اسرائيل تواجه أناساً غير عقلانيين وليسوا واقعيين "متعطشين جداً للدم وسفك الدماء". وكرر اتهامه الرئيس الفلسطيني بأنه العثرة الأكبر في طريق السلام "ويحسن الفلسطينيون صنعاً اذا اختاروا قيادة بديلة".

وهدد رئيس أركان الجيش الجنرال موشيه يعلون بالاقتصاص من كل من يقف وراء الارهاب ضد اسرائيل "اينما كانوا". وقال ان اسرائيل تلقت أول من أمس ضربة موجعة لكنها لن تفت في عضدها، بل ستواصل حربها الشاملة على الارهاب "وكل من يتحمل مسؤولية ممارسة الارهاب لن يهدأ له بال". واضاف ان اسرائيل ستنشط عسكرياً على مختلف الصعد "ضد الخلايا داخل المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسنتعامل ايضاً مع الجهات الداعمة للارهاب سواء في السلطة الفلسطينية أو في حزب الله أو قيادات الارهاب في دمشق التي تنشط بموافقة سورية. أيضاً سنعالج الدعم المالي أو بالوسائل القتالية بإيحاء من ايران. سنعالج كل مركبات الارهاب".

ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر أمنية ان اسرائيل ستصعد حركتها ضد حركة "حماس" خارج الأراضي الفلسطينية بعد ان تبين، في اعقاب عمليتي بئر السبع، ان ثمة بصمات واضحة لحركة "حماس" الخارجية تحملهما.

واضافت ان اسرائيل تدرس توسيع نطاق المعركة ضد "الارهاب" وعدم حصرها في الأراضي الفلسطينية: "مواصلة العمليات التفجيرية داخل اسرائيل التي يتم تخطيطها في سورية لا يمكن ان تكون معادلة تسلم بها اسرائيل لوقت طويل". وتابعت الصحيفة ان الرد العسكري سيتمحور اساساً في مدينة الخليل وعبر تعزيز حماية "خط التماس" في النقب الشمالي فضلاً عن العودة الى الاغتيالات التي ستستهدف قادة الحركة في قطاع غزة، وبضمنهم القيادة السياسية.

واعربت محافل أمنية عن مخاوفها من ان تحفز العمليتان الفصائل الفلسطينية المختلفة على تنفيذ المزيد من العمليات بهدف عرقلة خطة الانفصال الاحادي عن قطاع غزة. وزادت ان نجاح "حماس" في تنفيذ العمليتين قد يؤشر الى استعادتها قوتها بعد تصفية كبــار قيادييهـا في الربيع الماضي.

واتفقت تحليلات كبار المعلقين في الشؤون العسكرية على اعتبار العمليتين تبديداً للشعور الواهم الذي طغى على الإسرائيليين بأنهم في أمان من العمليات الاستشهادية. وكتب اليكس فيشمان في "يديعوت أحرونوت": "كم كان مريحاً الإدمان على هذا الوهم الزائف وكدنا ننسى كم مؤلمة الصحوة من هذا الوهم". وأضاف انه يتوجب قبل توعد الفلسطينيين بالرد والاغتيال استخلاص العبر برُشد ونزاهة والاعتراف بأن ثمة "ثقباً أسود" في المعلومات الاستخبارية التي في حوزة جيش الاحتلال عن الخليل، وبأن الفشل في احباط عمليتي بئر السبع ناجم عن قصور استخباري "هذه المرة بدد عماد القواسمة، قائد حماس في الخليل، وهم الهدوء. وقبل عام بدد عبدالله القواسمة وهماً آخر، وهم الهدنة". فيما اختارت اسرائيل أن ترد قبل عام، بعدما ألقت مسؤولية تفجير حافلة في القدس على قادة "حماس" في دمشق وغزة، باغتيال عدد من قادة "حماس" في غزة ليتبين لها لاحقاً أن خلية الحركة في الخليل تعمل بشكل مستقل. وتناول الكاتب نجاح قادة "حماس" في الخليل في التخطيط السري للعمليات وتحسين توقيتها المناسب "عندما تنضج الظروف وليس من قبيل الصدفة"، مضيفاً ان لا علاقة بين "حماس" الخليل و"حماس" غزة أو أن يكون "حزب الله" أو حتى تنظيم "فتح" نجحا في اختراق الخليل: "في العام الماضي نفذت (قوات الاحتلال) 1100 عملية اعتقال في الخليل وضواحيها. هذا العام نحو 400 خلية تقوم وأخرى تموت... عبدالله القواسمة اغتيل، أيضاً خلفه باسل القواسمة. عماد القواسمة سيختفي أيضاً وسيخلفه شخص آخر من عائلة القواسمة".

ويتفق عاموس هارئيل (هآرتس) مع فيشمان في تأكيد "المشكلة الاستخبارية العويصة" التي تواجهها إسرائيل في الخليل ويكتب انه فيما "يتمتع الجيش باستخبارات ممتازة في معظم أنحاء الضفة الغربية، فإنه في الخليل يتلمس طريقه في الظلام".

ويضيف الخبير العسكري زئيف شيف ان "حماس" الخليل تعتبر "نواة صلبة جداً" لم تنجح إسرائيل في اختراقها بفعل نجاح قادة الحركة في بسط سيطرتهم على الناشطين والعمل بسرية تامة. ويرى أن المعادلة الوحيدة التي تملكها إسرائيل تقوم على مواصلة بناء الجدار وبوتيرة أعلى وان يدفع الفلسطينيون الداعمون للإرهاب ثمناً، بالإضافة إلى مواصلة عمليات اغتيال الكوادر الفلسطينية.

وكتبت صحيفة "معاريف" في عنوانها الرئيسي "الإرهاب عاد... لأنه لا يوجد جدار هناك". ورأى معلقها العسكري عمير رابابورت أن عمليتي بئر السبع ليستا النهاية "والعمليات لن تتوقف طالما لم يقم جدار متواصل على طول خط التماس".

(من أسعد تلحمي)