علاقات رجل الأعمال دافيد أبيل مع الشخصيات القيادية الاسرائيلية- متشعبة جدًا!

مع كل يوم يمر تكشف وسائل الاعلام الاسرائيلية قصة، معلومة وفضيحة جديدة حول علاقات مشبوهة بين رجل الاعمال دافيد أبيل وشخصيات في القيادة الاسرائيلية، وفي اغلبية الحالات تنتمي هذه الشخصيات الى حزب "الليكود"، الذي ينتسب اليه أبيل.

وقد تبين، من خلال معلومات جديدة نشرها الصحفي الاسرائيلي يوآف يتسحاق في صحيفة "معاريف"، ان هذه العلاقات المشبوهة بين أبيل وقياديين في "الليكود" ليست جديدة ولم تبدأ مع رئيس حكومة اسرائيل، اريئيل شارون، بل قبل ان يفكر الاخير بجدية في الوصول الى كرسي رئيس الحكومة. فقد كُشف في الماضي عن علاقات أبيل مع رئيس الكنيست الحالي، رؤوبين ريفلين، والتي بسببها لم يتم تعيين ريفلين لمنصب وزير القضاء في حكومة بنيامين نتنياهو (1996-1999)، بعد ان نصح المستشار القضائي السابق للحكومة الاسرائيلية،االياكيم روبنشطاين، بعدم تعيين ريفلين على خلفية شبهات ضده، في ذلك الوقت، بخصوص تلقيه رشوة من أبيل.

وفي العام الماضي، بعد انتخابات الكنيست وصعود شارون الى السلطة وانشغاله في تشكيل الحكومة، كان (القائم باعمال رئيس الحكومة الاسرائيلي الحالي) ايهود أولمرت، احد المرشحين لمنصب وزاري. وقدم روبنشطاين، حينها، توصية لشارون بعدم تعيين أولمرت وزيرا في حكومته، أيضا بسبب علاقاته المشبوهة مع أبيل. لكن شارون لم يستمع لهذه التوصية، لان أولمرت كان الوحيد، تقريبا، الذي بامكانه جرّ حزب "شينوي" (15 عضو كنيست) الى الائتلاف، بفضل العلاقات المتينة للغاية التي تربط أولمرت بزعيم "شينوي"، يوسف لبيد.

وتفيد المعلومات الجديدة في سياق علاقات أبيل مع قادة في "الليكود" والاحزاب التي تسير في فلك "الليكود"، بانه في مطلع العام 1999، فيما كانت الرياح السياسية في اسرائيل تضرب بقوة حكومة نتنياهو، توجه نتنياهو الى عضو الكنيست دافيد ليفي، الذي كان قد قدم استقالته من الحكومة ذاتها في نهاية العام 1997، ليعود الى الحكومة وكان في جعبة نتنياهو اقتراح مغر للغاية ومن الصعب جدا على ليفي ان يرفضه. فالتقى الاثنان في الصباح وتم الاتفاق على ان يشغل ليفي منصب وزير المالية. وكان نتنياهو بحاجة ماسة الى ليفي، كونه يقود حركة "غيشر" التي يمثلها ثلاثة اعضاء في الكنيست. وتأتي حاجة نتنياهو لـ"غيشر" على خلفية فشل ائتلافه بتمرير قانون ميزانية الدولة للعام 1999، وهو ما كان يهدد بانهيار حكومته بالكامل، فكان بحاجة الى اصوات "غيشر" لدعم الميزانية. ولكن في مساء اليوم الذي جرى في صبيحته الاتفاق، ابلغ نتنياهو ليفي بانه عدل عن اتفاقه. واعتقد ليفي حتى منتصف الاسبوع الماضي، بموجب معلومات وصلت اليه، ان ضغوطات سياسية داخلية في "الليكود" مورست على نتنياهو لردعه عن تعيين ليفي وزيرا للمالية. اما حقيقة عدول نتنياهو عن تنفيذ التعيين فكانت بسبب تحذير تلقاه نتنياهو من قبل روبنشطاين والمدعية العامة الاسرائيلية، عيدنا اربيل، مفاده ان ثمة شبهات بوجود علاقة غير قانونية بين ليفي وأبيل. وابلغ روبنشطاين نتنياهو بان النيابة العامة تحقق في هذه الشبهات. هذا ولم يتوصل التحقيق الى نتيجة قاطعة بخصوص العلاقة بين الاثنين واغلق الملف..

معركة تعيين أربيل في المحكمة العليا

تلتئم في مطلع شهر ايار المقبل لجنة اختيار القضاة للمحكمة العليا الاسرائيلية. احد المرشحين هي المدعية العامة عيدنا اربيل. ولكن، خلال الفترة الاخيرة، بعد بدء الحديث حول ضلوع شارون ونجليه، خصوصا غلعاد، في قضايا فساد والحصول على الرشوة من أبيل، اكتسبت أربيل عددا كبيرا ومتزايدا من الاعداء، الذين سيردون على توصيتها بمقاضاة شارون بمحاولات غايتها عدم تعيينها قاضية في المحكمة العليا.

احد الطرق لمنع أربيل من الوصول الى كرسي القضاء العالي تكمن في التشهير بها، بل واتهامها بالسعي لخدمة مصالح ضيقة لها ولمقربين منها. ليس هذا وحسب، بل مهاجمة قضاة المحكمة العليا، وخصوصا رئيس المحكمة، القاضي أهرون براك.

ويتجند في هذه المعركة، ضد أربيل عدد من الصحفيين من انصار شارون و"الليكود"، وخصوصا صحفيين في "معاريف". فالعلاقة بين صاحب "معاريف"، يعقوب نمرودي، وشارون حميمة للغاية وقديمة جدا، حتى ان نمرودي يعتبر احد رجالات شارون. وقد أقر نجل نمرودي، مدير عام "معاريف" عوفر نمرودي، بالعلاقة التي لا تربط الاثنين فحسب، حسب تعبيره، بل وتربط العائلتين أيضًا، عائلة نمرودي وعائلة شارون. وقال عوفر نمرودي، في مقابلة معه نشرتها صحيفة "غلوبس" في نهاية هذا الاسبوع، "انني اقدر وأبجل شارون جدا". اضافة الى ذلك وجهت النيابة الاسرائيلية، برئاسة أربيل، لائحة اتهام خطيرة ضد عوفر نمرودي، قبل سنوات، انتهت بزجه في السجن.

وهاجمت "معاريف" في عدد الجمعة الاخيرة ترشيح أربيل للمحكمة العليا وشككت في "أهليتها لهذا المنصب الرفيع". ووجهت الصحيفة انتقادات حادة الى قضاة المحكمة العليا الاعضاء في لجنة تعيين القضاة، وقالت ان اللجنة تضم ثلاثة قضاة، يختارون من بين المرشحين الذين يتم الاتفاق عليهم من قبل قضاة المحكمة العليا، اي ان القضاة اعضاء اللجنة هم مجرد مندوبين عن المحكمة العليا وليسوا احرارا في اختيارهم.

واضافت الصحيفة ان رئيس المحكمة ووزير العدل، يوسف لبيد، يؤيدان اختيار أربيل قاضية للمحكمة العليا، من دون ان يأبها بوجود انتقادات وحتى "مخالفات" قانونية في اداء أربيل خلال فترة عملها في النيابة العامة. اما الانتقادات التي اوردتها الصحيفة فتتعلق باتهامها بالوقوف وراء تسريب خبر توصيتها امام المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، بمقاضاة شارون، وارفاق مسودة لائحة الاتهام بالتوصية. كذلك هاجمت الصحيفة دفاع أربيل عن رئيس وحدة التحقيقات في قضايا الغش والخداع في الشرطة الاسرائيلية، موشيه مزراحي. ويذكر ان مزراحي حصل على إذن من المحكمة باجراء عمليات تنصت سرية على هواتف عدد من المسؤولين الحكوميين. وحول هذه التسجيلات الى نصوص مكتوبة لتشكل وثائق في حال تمت محاكمة احد الملاحقين، الذين ينتمون جميعهم الى احزاب اليمين الشريكة في ائتلاف شارون الحكومي. وكان المستشار القضائي السابق للحكومة، الياكيم روبنشطاين، المعروف بمواقفه اليمينية، يسعى الى الصاق تهمة لمزراحي تتلخص بتجاوز صلاحياته. وقد وقف الكثيرون في قيادة الشرطة، في حينه، الى جانب مزراحي وكذلك فعلت أربيل، وهو ما اعتبر انها تجاوزت صلاحياتها لتتعدى على صلاحيات روبنشطاين.

وادعت "معاريف" ان هذه "الحالات تكفي لشطب اسمها من قائمة المرشحين لهذا المنصب الرفيع، لو ان الجهاز (القضائي) خال من الاعتبارات الضيقة". كذلك حاولت الصحيفة توجيه تهديد الى رئيس المحكمة العليا ووزير القضاء: "في بلادنا، لا يسمح الرئيس والوزير لحقائق ان تربكهما. سيواصلان دعمها، لاسباب يعرفها كلاهما"..