اسرائيل تستعد لجني مكاسب الحرب

هل تقف اسرائيل على اعتاب مواجهة مع الولايات المتحدة واوروبا حول "خارطة الطريق"؟وزير الخارجية الاسرائيلي، سيلفان شالوم، يرى "أن رفض التحفظات الإسرائيلية على "خارطة الطريق"، يجعل احتمالات تطبيقها ضئيلة للغاية".

هذا ما صرح به شالوم ختام لقاء له في القدس الغربية (الاربعاء 9/4) مع المبعوث الروسي الى الشرق الأوسط، اندريه فيدوبين، بحضور السفير الروسي في اسرائيل غينادي تيراسوف.

وتطرق شالوم في مؤتمر صحفي مشترك الى امكانية رفض الادارة الامريكية للتحفظات الاسرائيلية على الخطة، قائلاً: "اسرائيل ترغب بتقديم ملاحظات تجعل تطبيق الخارطة ممكناً من ناحيتنا، وإذا كانت الفجوات عميقة، ستكون فرص تطبيقها ضئيلة".

وكرر شالوم موقف اسرائيل الرسمي القاضي بوجوب وقوف الولايات المتحدة برأس الجهود المبذولة لتطبيق الحل السياسي بين اسرائيل وفلسطين على اساس "خارطة الطريق"، مضيفاً: "لدينا لجنة رباعية يمكنها ان تكون ناجعة جداً للجميع في سبيل دفع العملية للامام. سيكون من الصعب للغاية القيام بذلك بدون اشراكنا".

وتناولت محادثات شالوم مسألة "الوساطة المعقولة"، رداً على الموقف الاسرائيلي القائل ان موقف روسيا يميل الى الجانب الفلسطيني، وفي ذلك قال فيدوبين: "موقفنا متوازن، ونحن منطقيون في كل الاحوال".

"الدَّور على إسرائيل"؟؟

وفي الولايات المتحدة وبريطانيا يكثر الحديث الان عن "الاستعداد لمرحلة ما بعد صدام"، التي ستلي الحرب على العراق، وتتجه النوايا إلى التقدم بعملية التسوية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين بوتيرة متسارعة.

وحول هذا الموضوع تمحور جزء كبير من لقاء وزير الخارجية البريطاني، جاك سترو، ونظيره الفرنسي، دومينيك دو فيلبان، اللذين اجتمعا في باريس (الاربعاء 9/4) للتخفيف من التوتر الذي يسم العلاقات بين البلدين على خلفية الحرب ضد العراق.

وعقد وزيرا خارجية البلدين مؤتمرًا صحفيًا مشتركـًا صرح سترو خلاله ان "ما يسبب القلق الشديد في العالمين العربي والإسلامي ليس الشأن العراقي، بل غياب العدل من وجهة نظرهم في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. إذا كان هناك ما يستدعي الاهتمام فذلك هو مستقبل سكان الشرق الأوسط، بما في ذلك تهديد الإرهاب على إسرائيل". من جانبه، شدد دي فولبان على "ضرورة إيجاد حل للشعب الفلسطيني في أسرع وقت ممكن".

اسرائيل: المستفيد الأول من الحرب

وبينما توشك الحرب على العراق على تحقيق اهدافها، تبدو اسرائيل احد اكبر المستفيدين على المستوى الاقليمي من المعطيات الاستراتيجية الجديدة التي ستنجم عن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق، لكن اسرائيل تخشى ان تضطر لتقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين، وهي تستعد للتصدي لأي جهد في هذه الصدد.

وتنبع هذه المخاوف من جهود رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للضغط على اسرائيل لقبول "خريطة الطريق" التي تتضمن خطوات لانهاء المواجهات الاسرائيلية الفلسطينية المستمرة منذ 30 شهرا باقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وقد قال بلير الحليف الرئيسي للرئيس الاميركي جورج بوش في الحرب، ان حل ازمة الشرق الاوسط مهم مثل كسب الحرب في العراق.

وقال مسؤول اسرائيلي بارز لوكالة "فرانس برس" (الاربعاء 9/4) ان الربط بين الصراعين "رسالة خطيرة جدا نرفضها". واضاف: "كل مرة يطلب منا دفع ثمن حوادث اخرى لا تتعلق بنا".

وقال الجنرال الاسرائيلي عاموس جلعاد هذه الاسبوع ان "خطرا كبيرًا جدًا كان يهدد الحدود الشرقية لاسرائيل قد زال". واضاف ان "نظام صدام (حسين) تهديد لنا وزواله يسهل الهيمنة الاميركية على المنطقة ويحرم سوريا من قواعدها الاستراتيجية الخلفية".

غير ان اسرائيل ترى ايضًا مكاسب في الرسالة السياسية في المنطقة بسقوط نظام صدام حسين وخصوصا لسوريا التي تنتقدها الولايات المتحدة بحدة.

وقال الخبير الامني الاسرائيلي دان شيفطان من جامعة حيفا ان "الرسالة ستسمع ايضًا في دمشق وليبيا وبالتأكيد في ايران"، التي تتهمها اسرائيل بتزويد مقاتلي "حزب الله" اللبناني بصواريخ.

وبينما تستعد اسرائيل لجني مكاسب الحرب، تعد العدة في الوقت نفسه لمقاومة تطبيق "خريطة الطريق" التي قال احد مساعدي رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون الاسبوع الماضي انه سيتم رفضها اذا ما رفض ادخال 15 تعديلا اسرائيلياً مقترحًا عليها.

وتحدد "خريطة الطريق" التي صاغها دبلوماسيون من الولايات المتحدة والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا، الخطوات نحو اقامة دولة فلسطينية بحلول 2005، غير ان اسرائيل اعربت عن مخاوف بشأن الانتقال من مرحلة الى اخرى بدون التزام فلسطيني كامل، خصوصا في المجالات الامنية.

وكرر جورج بوش تأييده لخريطة الطريق في مؤتمر صحافي الثلاثاء 8/4 مع طوني بلير في بلفاست بايرلنده الشمالية، بينما قال وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر انها "اقتراح ممتاز".

وقال بلير وبوش ان الخريطة ستنشر عندما يقوم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمود عباس، بتشكيل حكومته المتوقعة في الاسبوعين المقبلين.

وقال شارون انه يقبل بخريطة الطريق "من حيث المبدأ" بينما اكد مدير مكتبه دوف فايسغلاس ان الخطة يجب ان تتماشى مع نقاط حددها بوش في خطاب هام حول الشرق الاوسط في حزيران الماضي.

وارجأ فايسغلاس زيارة الى واشنطن لمدة اسبوع على الاقل، بهدف عرض مخاوف اسرائيل بشأن الخطة بعد ان صرح بأن اسرائيل سترفضها ما لم يتم ادخال التعديلات الرئيسية الخمسة عشر.

والقلق الاكبر بالنسبة لاسرائيل هو ان الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي سيمارسان ضغوطاً عليها لحثها على تقديم تنازلات أمنية قبل ان يتخذ الجانب الفلسطيني خطوات ملموسة ضد مجموعات فلسطينية مسلحة ومتشددة.

وبدلا من ذلك تصر اسرائيل على ان تكون اي تنازلات اسرائيلية مشروطة بقيام الفلسطينيين بتفكيك مثل هذه المجموعات التي يبدو انها تتمتع بتأييد شعبي كبير.

ويصر زلمان شوفال مستشار السياسة الخارجية لشارون على ان اسرائيل متفقة مع خطة بوش حول هذه النقطة، بينما قال وزير الخارجية الجديد سيلفان شالوم ان وقف الهجمات هو النقطة الجوهرية لاي انطلاقة حقيقية للسلام.

ولكن يبدو ان الولايات المتحدة تميل لمطالب بلير بنشر الخطة كما هي دون ادخال التعديلات الاسرائيلية.

وتقول اسرائيل ان المهم هو تطبيق الخطة، وليس نشرها. وتتوقع ايضا الرصيد السياسي من الحرب الاميركية البريطانية على العراق في تحسين موقف واشنطن في مواجهة الانتقادات الاوروبية.

وقال شوفال ان "اميركا بدون شك ستتخذ القرارات الرئيسية في اعقاب هذه الحرب وسنصل الى قاسم مشترك".

Terms used:

اريئيل