رؤية وزير العدل الإسرائيلي الجديد بشأن "إصلاح جهاز القضاء"

رؤية وزير العدل الجديد الإسرائيلي بشأن "سبل إصلاح الجهاز القضائي"

القصة القاتمة والمحزنة لـ"تدهور المحكمة الإسرائيلية العليا"!

بقلم: البروفيسور دانيئيل فريدمان

تعريف

هذا المقال كتبه البروفيسور دانيئيل فريدمان، وزير العدل الجديد في حكومة إيهود أولمرت، قبل حوالي عشرة أشهر. وقد ضمّنه أفكاره الرئيسة حول الجهاز القضائي الإسرائيلي ودور المحكمة العليا، وذلك عشية تشكيل هذه الحكومة وتناقل أنباء عن احتمال تولي حاييم رامون منصب وزير العدل فيها. ومن المعروف أنه تربط فريدمان برامون علاقة صداقة وثيقة، ظهرت بعض الملامح في حينه إلى أنها كانت ستنعكس على أداء رامون في منصبه هذا، الذي اضطر إلى تركه بسرعة على خلفية إدانته بعمل شائن.

ومن شأن قراءة المقال أن تضع القارئ في صورة رؤية وزير العدل الإسرائيلي الجديد بشأن الجهاز القضائي عامة والمحكمة العليا على وجه الخصوص.

[المحرّر]

يعتبر منصب وزير العدل أحد المناصب المركزية في الحكومة وقد يكون له تأثير حاسم على صورة إسرائيل خلال العقود المقبلة. في هذه الفترة يواجه جهاز القضاء الإسرائيلي برمته معضلات وصعوبات آخذة بالتفاقم، وتمر المحكمة العليا بشكل خاص بأزمة هي الأخطر في تاريخها.

فيما يلي عرض لعدد من المشكلات المركزية المطروحة حالياً على بساط البحث الملح.

أولاً- الأزمة في المحكمة العليا

من المفروض أن تتألف عضوية هيئة المحكمة العليا من 15 قاضياً. بعد استقالة القاضي ميشيل حيشين لم يعين نائباً لرئيس المحكمة خلفاً له، ولذلك بقيت المحكمة بقوام مؤلف من 11 قاضياً.

مسؤولية هذا الوضع غير السوي تقع على كاهل المحكمة العليا ذاتها، خاصة وأنها تمتلك سيطرة شبه مطلقة على عملية التعيينات. فللمحكمة ثلاثة أعضاء (من أصل تسعة) في لجنة انتخاب القضاة. ويعمل هؤلاء القضاة (في اللجنة الأخيرة) عادة ككتلة واحدة، وينجحون بشكل دائم تقريباً في تجنيد عضوين آخرين وبذلك يحصلون على أغلبية أصوات اللجنة المذكورة.

من الواضح أن القضاة أيضاً ليسوا محصنين أمام إمكانية إساءة استخدام نفوذهم وقوتهم، ولعل في عملية التعيينات خير دليل على ذلك. قضية ترشيح البروفيسورة نيلي كوهين (لعضوية هيئة المحكمة العليا- المحرر) كانت من بين القضايا التي نالت شهرة كبيرة، إذ جرت حملة قذف وتشهير واسعة استهدفت منع تعيين "كوهين" على الرغم من أنها تعتبر امرأة قانون من الصف الأول. ومع ذلك لم تشعر محافل المحكمة العليا بالجزع أو القلق جراء ذلك كما أنها لم ترتدع في هذه القضية عن انتهاك قواعد النزاهة الأساسية التي تطلب المحكمة العليا من الآخرين التقيد بها. المرحلة التالية كانت حينما اقترحت وزيرة العدل، تسيبي ليفني، تعيين البروفيسوره روت غابيزون كقاضية في المحكمة العليا. وقد كان هذا التعيين مناسباً وكان بإمكانه إثراء تنوع الآراء في المحكمة العليا. غير أنه اتضح مجدداً أن قضاة العليا يسعون إلى منع هذا التعيين، وهذه المرة بدعوى أن وجهات نظر غابيزون لا تروق لهم.

في نطاق هذا التجاذب والصراع شاهدنا عملية التفاف ومداورات لافتة للنظر. وعلى ما يبدو فقد نجح قضاة العليا في تجنيد أغلبية في لجنة انتخاب القضاة ضد تعيين غابيزون. لكن اللجنة لم تجتمع، وعلى أثر ذلك نشر القاضي المتقاعد اسحق زامير مقالة تحت عنوان "غير لائق وغير قانوني" انتقد فيها وزيرة العدل ليفني لامتناعها عن دعوة اللجنة للاجتماع. وختم زامير مقالته بتحذير جاء فيه "سيكون ذلك بمثابة إهانة وتحقير" إذا طُرِحَ سلوك الوزيرة "للبت فيه أمام المحكمة".

وقد نُشر هذا المقال في توقيت سيء إذ أعلنت وزيرة العدل قبيل نشره اعتزامها دعوة اللجنة للاجتماع في شهر كانون الثاني (من العام الماضي)، غير أنه اتضح وقتئذٍ أن هناك رياحاً أخرى تهب في المحكمة العليا، ففي تقرير صحافي بقلم طوفا تسيموكي ذكر أن "محافل المحكمة العليا تعتقد أن دعوة اللجنة للاجتماع عشية الانتخابات أمر غير قانوني".

كانت وزيرة العدل مستعدة لحل الإشكال الناشئ عن طريق تعيينات مؤقتة في المحكمة العليا واقترحت عدداً من الترشيحات الملائمة. لكن اتضح مرةً أخرى أن المحكمة غير مستعدة للتسليم بتعيين مرشحين على مستوى، ومن غير المقربين لأعضاء هيئة المحكمة. وفي ضوء هذه المعارضة تقرر تأجيل التعيينات المؤقتة إلى ما بعد الانتخابات (انتخابات الكنيست الـ17 التي جرت في آذار 2006) وذلك على أمل أن يسهل التغيير المتوقع في المناصب في وزارة العدل تلقائياً على المحكمة العليا بتمرير التعيينات التي ترغب بها.

الظاهرة المدهشة في التجاذب الذي جرى بين وزيرة العدل وأقطاب المحكمة العليا، تتمثل في أن الجمهور وقف أمام عالم مقلوب. فالسياسية، وزيرة العدل، تتصرف بصورة جوهرية لا تشوبها شائبة، في حين تخوض المحكمة بالذات صراعاً لا يختلف في طابعه عن الصراعات السياسية، والأنكى أنها (المحكمة) تمارس ذلك بكل البشاعة التي تتسم بها مثل هذه الصراعات. وهكذا وللمرة الأولى في تاريخ الدولة اصطف الجمهور ووسائل الإعلام إلى جانب وزيرة العدل وضد المحكمة العليا.

قصة تدهور وانحدار المحكمة الإسرائيلية العليا تعتبر قصة قاتمة ومحزنة. فقد تغلغلت داخل جدرانها أمراض وسلبيات المجتمع الإسرائيلي، واختفت القوة والمناعة الأخلاقية والفكرية التي ميزتها فيما مضى.

إذن المهمة الأولى الملقاة على عاتق وزير العدل هي إصلاح المحكمة العليا واستعادة ثقة الجمهور بها. وهذا لا يمكن عمله عن طريق الاستجابة الأوتوماتيكية لمطالب القضاة وإنما عن طريق المحافظة على المبادئ الأساسية.

ثانياً- اختيار رئيس المحكمة ونائبه

الشرط الأول لإصلاح المحكمة العليا هو أن يكون الرئيس الذي يخلف رئيسها (أهارون باراك) هو الأجدر والأنسب من ناحية كفاءته القضائية ومكانته الأخلاقية لإشغال رئاسة الجهاز أو الهيئة القضائية. في الماضي كان من المعتاد تعيين القاضي الأقدم في هذا المنصب. هذا العرف مرفوض كلياً. مهمة الاختيار تقع على عاتق اللجنة لانتخاب القضاة، والمبدأ الأساس هو أن مهمتها هي اختيار الرجل الأنسب لإشغال المنصب. أما إذا لم تتصرف اللجنة على هذا الأساس وقامت بالاختيار حسب مقياس غير منطقي، كالمظهر الخارجي أو السن أو الأقدمية، فهي بذلك تعمل بشكل مرفوض وغير قانوني. ومع الأسف الشديد فإن المحكمة العليا لا تحرص دائماً على أن تطبق على نفسها القواعد والمعايير التي تحددها للآخرين.

ففي تقرير كتبته ياعيل غفيرتس وطوفا تسيموكي ذكر أن القاضية (الرئيسة الحالية للمحكمة العليا) دوريت بينيش تعتقد أنه "لا بديل للطريقة المتبعة في تعيين قضاة للرئاسة حسب الأقدمية.. فهذه القاعدة تعتبر في رأيها القاعدة الأسلم التي تضمن استقلالية القضاة". تأييد بينيش لهذه القاعدة المرفوضة، والتي من شأنها أن تضمن تعيينها في المنصب الرفيع (رئاسة المحكمة العليا) ليس مفاجئاً. حقيقة أن هذه "القاعدة" الوهمية ليست مذكورة في القانون وأنها مرفوضة تماماً، لا تقلق بينيش. إن ذلك هو نتاج ثقافة تحدد القانون وفق مصلحة شخصية.

كذلك فإن حقيقة كون رؤساء محاكم الصلح والمحاكم المركزية لا يعينون حسب الأقدمية، ودون أن يفكر أحد أن الأمر يمس باستقلاليتهم، لا تقلق هي أيضاً، كما يبدو، القاضية بينيش. في الماضي انتخب في الواقع رؤساء "العليا" حسب الأقدمية ووصل بهذه الطريقة إلى منصب رئيس المحكمة قضاة من أمثال زوسمان، لانداو، شمغار وباراك.. ولكن بينيش لا تنتمي إلى هذه الفئة. كذلك فإن ما كان يمكن عمله في الماضي لا يمكن عمله في الحاضر. فيما مضى كانت التعيينات السياسية بمنزلة قاعدة أو عرف متبع، أما اليوم فقد غدا ذلك موضوعاً للوائح اتهام.

إن الامتحان الأول لوزير العدل المقبل سيكون في اقتراح مرشحين لمنصب رئيس ونائب رئيس المحكمة العليا حسب الكفاءة، وأي محاولة للتعيين حسب الأقدمية، هذه الطريقة المرفوضة، ستلحق ضرراً ومساً إضافياً بمكانة المحكمة العليا وبمبدأ سلطة القانون.

ثالثاً- لجنة انتخاب القضاة

المكانة المهيمنة لقضاة المحكمة العليا في هذه اللجنة لم تثبت نفسها. فقد ألحقت ضرراً شديداً بالقضاة أنفسهم عندما تبين في مسألة التعيينات أنهم لا يختلفون عن السياسيين، وأنهم ساهموا بالذات في تدهور مستوى التعيينات. أي تغيير في هذا الصدد يجب أن يتم بحذر وبطريقة تضمن تعيينات ملائمة. أحد الحلول الممكنة هو تغيير تمثيل القضاة في اللجنة- حالياً ثلاثة قضاة جميعهم من المحكمة العليا- بحيث يتألف من قاضيين اثنين من المحكمة المركزية (أو قضاة مركزيين متقاعدين) وقاض واحد من "العليا". أفضلية هذه الإمكانية تكمن في التنويع وتوزيع الصلاحيات وفي معرفة القضاة المركزيين بشكل أفضل للمرشحين لمحكمة الصلح والمحكمة المركزية.

رابعا- المشكلات الجوهرية

يوجد في المحكمة العليا تركيز صلاحيات لا يمكن العثور على مثيل له في أية محكمة في العالم، ومن هنا يطرح السؤال: إلى أي حد يستوي مثل هذا التركيز للقوة والصلاحيات في يد مؤسسة واحدة، غير منتخبة، مع النهج الديمقراطي؟!

في الماضي أدت المحكمة العليا ثلاث وظائف مركزية: محكمة العدل العليا التي تراقب جميع سلطات الإدارة والحكم وجميع المحاكم في الدولة؛ هيئة عليا للاستئنافات المدنية؛ وهيئة عليا للاستئنافات الجنائية. وقد أدت المحكمة في الماضي بنجاح منقطع النظير الوظيفتين الأوليين (محكمة العدل العليا والاستئنافات المدنية)، أما فيما يتعلق بالوظيفة الثالثة فقد اتسم أداء المحكمة العليا بعدم وجود سياسة عقوبات واضحة ومنهج محدد، وما زالت هناك حاجة لتفحص طرق لتحسين إجراء الاستئنافات الجنائية.

كذلك فقد طرأ في السنوات الأخيرة تراجع في مضمار القضاء المدني، الذي تميزت فيه "العليا" في الماضي، وذلك بسبب عدم توفر عدد كافٍ من الخبراء في المحكمة العليا في هذا المجال المركزي.

إلى ذلك فقد نشأت مشكلات حادة للغاية في مجال محكمة العدل العليا. ونحن نشهد منذ سنوات عديدة توسيعاً مستمراً في صلاحيات هذه المحكمة، إذ أصبحت تتناول وتبت في شتى القضايا والشؤون، دون وجود أية قيود على نطاق قضائها وصلاحياتها، بما في ذلك شؤون السياسة، التي لا تنشغل فيها أية محكمة في العالم. والنتيجة أن محكمة العدل العليا تحولت إلى ما يشبه مؤسسة استئناف بالجملة على كل قرارات السلطة. فأي تعيين في جهاز الوظيفة العمومية بات موضوعاً للاستئناف والبت به من قبل محكمة العدل العليا. كذلك بالنسبة لأي تحرك أو عملية عسكرية تتخذ في نطاق محاربة الإرهاب. كما كثفت محكمة العدل العليا أيضاً من تدخلها في مجال عمل الكنيست (البرلمان) وفي ما يقره من إجراءات وتشريعات، وهكذا أخذ يزداد بشكل مطرد العبء الذي ألقته المحكمة على كاهلها، الأمر الذي أضر تلقائياً بقدرة "العليا" على النهوض بباقي مهامها ووظائفها.

خامساً- العليا كمحكمة للدستور

وفوق كل ذلك أخذت "العليا" على عاتقها وظيفة أخرى بأن جعلت من نفسها محكمة لشؤون الدستور، مخولة بإلغاء قوانين للكنيست إذا رأت (المحكمة) أنها تخالف أو تتعارض مع القوانين الأساس، هذا علماً أن المحكمة ذاتها تستمد صلاحياتها من قوانين الكنيست، وهي ليست مخولة بموجب أي من قوانين الكنيست بصلاحية إلغاء قانون.

ولكن في قرار الحكم المعروف باسم "بنك همزراحي"، والذي صدر قبل نحو عشر سنوات، قضت "العليا" بالمناسبة أن وجود مثل هذه الصلاحية يُستشف من القوانين الأساس.

هناك مثال آخر على هذا التفسير البعيد المدى للقوانين الأساسية، والذي يجعل عملياً من أي قانون خاضع لصلاحية المحكمة- بما في ذلك حتى محكمة الصلح- بإلغائه، وهو قرار الحكم المتعلق بالانفصال عن قطاع غزة. وكان قرار فك الارتباط أو الانفصال عن قطاع غزة قد صودق عليه من قبل الكنيست ونال تعبيراً في قانون تطبيق الانفصال، وهو ما أدى إلى موجة من الالتماسات لمحكمة العدل العليا. بُحث الموضوع أمام هيئة موسعة للمحكمة مؤلفة من 11 قاضياً، وتمخض البحث عن قرار حكم امتد على أكثر من 300 صفحة. قضاة الأكثرية صادقوا على قرار الانفصال لكنهم قضوا مع ذلك بوجوب إلغاء أجزاء معينة من القانون (قانون الانفصال) أو تعديلها بما يتيح للملتمسين الحصول على مبالغ إضافية ضمن التعويض عن الإخلاء. أما قاضي الأقلية فحكم بوجوب إلغاء تشريع الكنيست جملة وتفصيلاً، وهو ما يدل على الحد الذي يمكن أن تنحدر إليه الأمور.

حالياً تناقش محكمة العدل العليا التماساً ضد قانون الكنيست الذي يمنع منح مواطنة أو إقامة في إسرائيل للفلسطينيين من سكان "المناطق" المتزوجين من مواطنين/أو مواطنات/إسرائيليين. القوانين الأساس لا تخول المحكمة بحث هذا الموضوع، إذ أنها (أي القوانين) لا تتناول حق الزواج ولا حتى حق الهجرة إلى إسرائيل. ولكن الأمر لا يضمن بطبيعة الحال عدم تدخل المحكمة في هذا الموضوع الذي يشكل خطراً وجودياً على إسرائيل. لم تصدر المحكمة حتى الآن حكمها في هذا الخصوص (الصحيح أن المحكمة العليا صادقت قبل بضعة أشهر على قانون الكنيست المذكور ورفضت جميع الالتماسات المرفوعة لها في هذا الشأن- المحرر) ولكنها أغرقتنا في هذه الأثناء بمئات وربما بآلاف الأوامر الاحترازية التي تسمح لأزواج من هذا النوع بالمكوث في إسرائيل. وهكذا جمدت المحكمة تشريعاً أقره الكنيست.

لذلك فإن مسألة صلاحية مراقبة قوانين الكنيست تحتاج إلى تسوية عاجلة، ويمكن القيام بذلك بطرق مختلفة. مثلاً، تقييد صلاحية المراقبة وحصرها في مواضيع معينة أو سحب صلاحية إلغاء قوانين والاستعاضة عنها بإتاحة إعادة الموضوع إلى الكنيست للنظر فيه مجدداً. في كل الأحوال، مهمة وزير العدل أن يقترح حلاً تشريعياً ملائماً لتسوية هذا الموضوع.

سادساً- تطبيق إصلاح في المحاكم

خلقت المحكمة العليا وضعاً لم تعد قادرة فيه على النهوض بالمهام التي أخذتها على عاتقها. فقد أضافت لنفسها مهمة جسيمة بتحولها إلى محكمة للشؤون الدستورية، تبحث في الانتقادات الموجهة لتشريعات وقوانين الكنيست. وهذه المهمة تحتاج إلى قوام يصل إلى أحد عشر قاضياً، وتستدعي حكماً يحتاج إلى مئات الصفحات. في ظل هذه الظروف لن تتمكن المحكمة من تأدية عملها كما يجب حتى لو عملت بقوام كامل مؤلف من 15 قاضياً.

الإمكانية التي تسعى إليها المحكمة العليا تتمثل في إنشاء محاكم للتمييز (الاستئناف) تبحث الاستئنافات المدنية والجنائية، بحيث لا تصل إلى "العليا" سوى استئنافات قليلة. هذا الحل يبقي في يد المحكمة العليا جميع الصلاحيات، لكنه يزيح عن كاهلها جزءاً لا يستهان به من العمل اليومي، الروتيني.

أشك فيما إذا كان ذلك هو الحل الملائم والمرغوب. فهو يخلق درجة أو هيئة قضائية أخرى للتمييز يمكن أن تترتب عليها مرحلة إضافية للاستئناف. كذلك فإن هذا الحل يمس دون مبرر بالمحاكم المركزية من حيث أنه يخلق درجة (مرحلة) قضائية جديدة تفصل بينها (أي المحاكم المركزية) وبين المحكمة العليا.

هناك حلول أخرى وهي إنشاء محكمة للدستور تعفي المحكمة العليا من عبء مراقبة الكنيست وقوانينها، وكذلك تقسيم المحكمة العليا إلى دوائر، دائرة للاستئنافات المدنية، وأخرى للاستئنافات الجنائية، وثالثة للالتماسات المرفوعة لها كمحكمة عدل عليا.

يتعين على وزير العدل المقبل أن يقترح الحل الملائم في أسرع وقت، وفي ضوء جسامة المهمات المنتصبة أمامه يستحسن أن يعيّن هذا الوزير من بين أعضاء "النواة الصلبة" في الحزب الحاكم وأن يحظى بدعم كامل من رئيس الحكومة.