أولمرت اضطر إلى وقف العملية العسكرية في غزة بعد ضغوط أميركية مكثفة

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية تمتنع، في حديث لـ"المشهد الإسرائيلي"، عن تأكيد أو نفي صحة التقارير الصحافية بهذا الشأن * النائب ران كوهين (ميرتس) لـ"المشهد الإسرائيلي": لا أمل بأي تسوية عسكرية أو سياسية أو حتى أمنية من دون مفاوضات مع الفلسطينيين حول حل الدولتين

كتب بلال ضاهر:

قالت تقارير صحافية إسرائيلية، أمس الاثنين 3/3/2008، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، اضطر إلى إصدار أمر للجيش الإسرائيلي بوقف العملية العسكرية في قطاع غزة، التي أطلق عليها اسم "شتاء دافئ"، واستمرت يومي السبت والأحد الماضيين، بعد ضغوط مكثفة مارستها عليه الإدارة الأميركية.

وبحسب هذه التقارير فإن وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، أجرت اتصالات سرية مع أولمرت طالبته خلالها بوقف العملية العسكرية في القطاع، وحتى أنها هددت بإلغاء زيارتها لإسرائيل اليوم الثلاثاء. وقالت رايس لأولمرت إن العملية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في القطاع ستؤدي إلى انهيار سياسة الرئيس الأميركي جورج بوش فيما يتعلق بالشرق الأوسط.

من جهة أخرى لوحظ، في نهاية الأسبوع الماضي، بعد عودة أولمرت من زيارة رسمية لليابان، وجود خلاف بين أولمرت ووزير الدفاع، إيهود باراك، بشأن تصريحات باراك حول اقتراب موعد شن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة.

وأفاد موقع يديعوت أحرونوت، يوم السبت الماضي، بأن باراك ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، يريدان إقرار بدء تنفيذ العملية العسكرية الواسعة في القطاع خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية المزمع عقده غدا الأربعاء، فيما أولمرت يرى بأن العمليات العسكرية في القطاع يجب أن تكون "معتدلة" ويعارض تنفيذ العملية الواسعة. ورغم ذلك صادق أولمرت يوم الجمعة الماضي على عملية "شتاء دافئ".

من جانبها امتنعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أميرة أورون، في حديث لـ"المشهد الإسرائيلي"، عن تأكيد أو نفي صحة التقارير التي تحدثت عن ممارسة رايس ضغوطا على إسرائيل لوقف العملية، التي أسفرت عن سقوط المئات من القتلى والجرحى الفلسطينيين وبينهم عدد كبير من المدنيين.

وقالت أورون إنه تقرر منذ البداية أن تكون عملية "شتاء دافئ" محدودة وأن تستمر لبضعة أيام.

وقد ظهر أن هناك تغييرًا في القرار الإسرائيلي بخصوص العملية العسكرية من خلال مقالات المحللين العسكريين الإسرائيليين، الذين شددوا يومي السبت والأحد الماضيين على أن عملية "شتاء دافئ" ستستمر لعدة أيام وعلى الأقل حتى يوم غد الأربعاء، فيما غيروا لهجتهم أمس الاثنين.

فقد كتب المحلل العسكري في موقع يديعوت أحرونوت الإلكتروني، رون بن يشاي، أمس الأول الأحد، أن العملية تشكل "مرحلة أخيرة قبل العملية الكبيرة"، لكنه عاد وكتب أمس الاثنين أنه "قبل أن تستنفد العملية في غزة نفسها، فإنها عززت الشرعية الدولية للعمليات التي ستأتي بعدها".

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المحافل الدولية، وبينها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، نددت بالعملية العسكرية "شتاء دافئ" وطالبت بوقف استهداف المدنيين الفلسطينيين.

وفي السياق ذاته قال عضو الكنيست ران كوهين، من حزب ميرتس، لـ"المشهد الإسرائيلي": "آمل كثيرا أن يكون هذا الانسحاب جاء في إطار إعادة التفكير لدى الحكومة الإسرائيلية وعدم تعميق الغوص في القتال داخل قطاع غزة. وهذا ما أعتقد أنه يتوجب فعله لكي لا ننجر لحرب شاملة، على الرغم من الغضب المبرر في إسرائيل على استمرار إطلاق صواريخ القسام وغراد باتجاه أشكلون (عسقلان) وسديروت والبلدات المحاذية للشريط الحدودي مع قطاع غزة".

(*) "المشهد الإسرائيلي": لقد خلفت العملية العسكرية الإسرائيلية في القطاع أكثر من 110 شهداء فلسطينيين ومئات الجرحى، بينهم عدد كبير جدا من المدنيين. ما الذي يبرر لإسرائيل استخدام قوة مفرطة كهذه؟

- كوهين: "أعتقد أنه ما كان يتوجب على إسرائيل الانجرار نحو هذه الأحداث الدموية. لكن بالقدر ذاته أعتقد أنه كان على حماس وسكان القطاع أن يدركوا أنه في إسرائيل أيضا ينفد الصبر على ضوء مشاهدة النساء والأولاد والمسنين يصابون بصواريخ القسام وغراد والقذائف التي تسقط على بيوتهم وروضات أطفالهم ومدارسهم. لذلك فإن استخدام القوة المفرطة هو أمر سيء برأيي، لكني مقتنع بأنه لو لم يتم إطلاق قسام وغيره من قطاع غزة فإنه ما كانت أي حكومة في إسرائيل ستجرؤ على شن عملية عسكرية ضد قطاع غزة".

(*) ما رأيك في تصريح نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، متان فيلنائي، بأنه ستحدث "محرقة" في غزة؟

- كوهين: "أنا لا أحب بتاتا استخدام مصطلح 'المحرقة' حتى داخل إسرائيل أيضا. وبالتأكيد فإني أرفض استخدام هذا التعبير في سياق الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني. إن الوضع سيء بما فيه الكفاية من دون استخدام كلمات كهذه".

(*) وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، يفحص شرعية إطلاق النار على مناطق مأهولة بالسكان في قطاع غزة، بزعم الرد على مصادر إطلاق قذائف صاروخية. ما رأيك؟

- كوهين: "أنا أعارض بشدة بالغة مثل هذا الأمر. هذا غير أخلاقي وغير إنساني. وأعتقد أنه من وجهة النظر الإسرائيلية هذا الأمر غير فعال أيضا، ولن يؤدي إلى نشوء تفهم أكبر في الجانب الفلسطيني تجاه ضائقة سكان جنوب إسرائيل. بل على العكس سيؤدي ذلك إلى حدوث تطرف أكبر في ردود الفعل الفلسطينية".

(*) هل تعتقد أنه يوجد حل عسكري في غزة، أم أنه يتوجب التحدث مع حماس أو جهات أخرى لوقف إطلاق النار؟

- كوهين: "لا أعتقد أنه يوجد حل عسكري حتى الآن لمسألة صواريخ القسام. وأنا أقول هذا بصفتي أيضا رجلا عسكريا. وأعتقد أن ما يتوجب عمله هو تسريع مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع حماس بما في ذلك أيضا مفاوضات حول تحرير (الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع) غلعاد شاليت وحول وقف إطلاق النار. لا يوجد أي سبب يمنعنا من استغلال وقف إطلاق نار لصالح المواطنين في إسرائيل وفي الجانب الفلسطيني معا".

(*) على ضوء الأحداث الدامية في القطاع، خصوصا يوم السبت الماضي، أعلنت السلطة الفلسطينية عن تعليق المفاوضات مع إسرائيل. من جانبها أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، أن تعليق المفاوضات لن يؤثر على قرارات وخطوات إسرائيل العسكرية في القطاع. كيف ترى مستقبل العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين؟

- كوهين: "إن العملية السياسية مع الفلسطينيين هي أهم قضية سياسية في دولة إسرائيل. وعمليا، فإنه لا يوجد أمل بأي حل عسكري أو سياسي أو حتى أمني من دون أن تكون هناك مفاوضات مع الفلسطينيين حول حل الدولتين. بإمكان هذا الأمر وحده فقط أن يوصلنا إلى حل تتفق من خلاله أغلبية الشعب الفلسطيني وأغلبية الشعب في إسرائيل على سلام حقيقي ومستقر".