"جدول السلام" الأسرائيلي - اكتوبر ‏2002

20% من الجمهور اليهودي (فقط؟!) يضعون أنفسهم في اليمين المتطرف!
تؤيد اغلبية حاسمة من الجمهور اليهودي اليوم اخلاء البؤر الاستيطانية "غير القانونية" في الأراضي الفلسطينية، وإن كان هناك اعتقاد سائد بأن مبادرة وزير الأمن الاسرائيلي المستقيل بنيامين بن اليعيزر في هذا الموضوع كانت متصلة باعتبارات انتخابية ولم تنجم عن "موقف مبدئي". وتعتقد الاغلبية كذلك ان الجيش – في ضوء تصرفات المستوطنين – لم يلجأ لتفعيل "قوة زائدة" في اخلاء البؤرة الاستيطانية "حفات جلعاد" جنوب شرق نابلس، في ما شهده الاسبوعان الاخيران من مسرحيات اخلاء متلفزة ومثيرة.

وفي النقاش حول مبنى الميزانية الاسرائيلية العامة لسنة 2003 فإن الرأي السائد هو أن الأموال المخصصة للمستوطنات كبيرة جدا، وهناك اغلبية حاسمة ترى ان المبالغ المخصصة من ضمن الميزانية للطبقات الاجتماعية الضعيفة "قليلة جدا". لكن الجمهور منقسم حيال السؤال عن وجود صلة بين المخصصات المالية للطرفين: أي، هل المخصصات المرصودة للطرف الاول تجيء بالضرورة على حساب الطرف الثاني، ام ان هناك بنودا اخرى في الميزانية يمكن استغلالها لتمويل المستوطنات او مساعدة الطبقات الضعيفة.

وعلى رغم الانتقادات السائدة ضد الحكومة الحالية بسبب بنية ميزانيتها في هذين الموضوعين، هناك تأييد واسع جدا وعابر للمعسكرات في اوساط الجمهور اليهودي لاستمرار وجود حكومة الوحدة الوطنية، وبرأي الأغلبية فإن الجدل في الميزانية لا يمكن ان يكون سببا كافيا لتفكيكها.

من ناحية التصنيف الذاتي للجمهور اليهودي، حسب متتالية اليسار – اليمين، تضع الاغلبية الساحقة نفسها في المركز واليمين، وهناك اقلية صغيرة فقط تضع نفسها في اليسار على تنوع مشاربه. مع ذلك تؤيد الأغلبية اجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية.

وبموجب مصطلحات البعد بين متوسط التصنيفات التي يطلقها الجمهور على نفسه وبين فهمه لمواقع القادة السياسيين المركزيين، فإن اقرب الشخصيات السياسية الى التصنيف المتوسط لدى الجمهور هم بنيامين بن اليعيزر، يليه ارئيل شارون بفارق بسيط. وبالنسبة لقادة اليمين عموما (ايفي ايتام، بنيامين نتنياهو وشارون) من جهة، وقادة اليسار (يوسي سريد، عمرام متسناع، حاييم رامون وبن اليعيزر)، من الجهة الاخرى، فإن بُعد المجموعة اليمينية عن متوسط الجمهور اصغر من المسافة بين المجموعة اليسارية وهذا المتوسط.

هذه هي المعطيات الاساس في استطلاع السلام لشهر اكتوبر، الذي جرى باشراف البروفسور افرايم ياعر والدكتور تمار هيرمن من جامعة تل ابيب في التاسع والعشرين والثلاثين من اكتوبر المنصرم.

وبموجب هذه المعطيات، يؤيد 72% من الجمهور اليهودي إخلاء البؤر الاستيطانية "غير القانونية". ويدل تقسيم النتائج على الاحزاب الكبيرة – وكما هو متوقع – على ان اغلبية ناخبي "ميرتس" و "العمل" هي حاسمة – 94% و 85%، بالتوافق. لكن هناك اغلبية كبيرة مؤيدة لتفكيك هذه البؤر حتى ضمن ناخبي "الليكود" – 73%. مقابل ذلك، الصورة معكوسة في اوساط ناخبي "شاس"، الذين يعارض 56% الاخلاء ويؤيده 36% فقط.مع ذلك، وردا على سؤال عن دوافع بن اليعيزر للعمل على تفكيك بؤرة "حفات جلعاد" قال 51% ان الامر كان مدفوعا باعتبارات انتخابية وفي الصراع على رئاسة حزب العمل. وفقط 28% اعربوا عن تقديرهم بأن موقف بن اليعيزر في الامر كان "مبدئيا". (امتنع 22% عن اتخاذ موقف).

فيما يخص طابع الاخلاء – اعرب 48% ان القوة العسكرية المستخدمة كانت "مقبولة" بالقياس بسلوك المستوطنين، بينما قال 14% ان الجيش استخدم قوة "قليلة جدا" بينما اعرب 18% عن اعتقادهم بأنها كانت "مبالغا بها". (اجاب 20% بأنهم لا يعرفون).

وفي الجدل حول توزيع الميزانية العامة للسنة القادمة فإن التقدير السائد (41%) هو ان المخصصات المرصودة للمستوطنات "كبيرة جدا". وقال 19% ان المخصصات مناسبة، بينما قال 5% انها "قليلة جدا". واستصعبت نسبة كبيرة من المشتركين في الاستطلاع (35%) اتخاذ موقف واضح في الموضوع. وفي سؤال المخصصات المالية للطبقات الضعيفة تبين وجود اغلبية واضحة (72%) ممن اعتقدوا ان المخصصات المرصودة في الميزانية لهذا الغرض "قليلة جدا". وقال واحد بالمائة فقط انها "كبيرة للغاية"، بينما اعتبر 8% انها "ملائمة". (هنا ايضا كانت نسبة اعلى من المعتاد ممن ادابوا بأنهم لا يعرفون – 19%).

ويبدو ان الادعاءات المتكررة من جانب احزاب اليسار بوجود صلة حتمية بين ميزانية المستوطنات وميزانية الطبقات الضعيفة، كانت مقبولة جزئيا فقط لدى الجمهور. وبينما يوافق 42% على هذا الادعاء، يرى 48% انه لا توجد صلة حتمية كهذه، ففي الميزانية بنود اخرى يمكن الاخذ منها اذا توفرت الرغبة بزيادة المبالغ المخصصة للمستوطنات او الطبقات الفقيرة. (اجاب 10% انهم لا يعرفون). ويبدو ان فشل احزاب اليسار في اقناع اغلبية الجمهور بصحة موقفها في هذا الموضوع مرتبط بوجود اغلبية كبيرة في الجمهور – 74% - ترى ان مطالبة حزب العمل بتغيير مبنى الميزانية لا تقوم على قلق حقيقي على مستقبل الطبقات الضعيفة بل جاءت لاعتبارات انتخابية ونتيجة للصراع الداخلي على رئاسة الحزب.

وعلى رغم الانتقادات الشعبية لبنية الميزانية، هناك اغلبية واضحة – 69% - لمؤيدي استمرار وجود حكومة الوحدة الوطنية. ويعارض 23% ذلك، بينما اجاب 9% انهم لا يعرفون.

ويشير تقسيم المواقف في هذا الموضوع بموجب التصويت لانتخابات الكنيست 1999 على ان نسبة التأييد الشعبي لوجود حكومة الوحدة هي 79% في الليكود و 76% في شاس و 63% في العمل. وفقط لدى ناخبي ميرتس ظهرت اغلبية ليست كبيرة – 50% - تعارض استمرار وجود حكومة الوحدة، مقابل 40% ممن يؤيدون ذلك.

وعلى ارضية الازمة الحكومية واحتمالات تبكير الانتخابات، حاول الاستطلاع معرفة الجهة التي يضع الجمهور نفسه فيها بموجب مصطلحات يمين – يسار، وكيف ينظر بموجبها الى الشخصيات السياسية المركزية حسب تسلسل 1 (يمين) الى 10 (يسار). وتقول المعطيات ان الجمهور يميل الى وضع نفسه في الوسط يمينا.

ووضع 20% انفسهم في "اليمين المتطرف" (فئات 1-2) و 22% في "اليمين المعتدل" (فئات 3-4) و 41% في الوسط (فئات 5-6) و 11% في اليسار المعتدل (فئات 7-8) و 6% في "اليسار المتطرف" (فئات 9-10). وبلغت نسبة من وضعوا انفسهم في اليمين 42% وفي اليسار 17% فقط. وبلغت العلامة المتوسطة للجمهور – 4،57 - أي الى اليمين قليلا من الوسط الكطلق (5،5). وتدل مقارنة بين التصنيف الذاتي والتصويت في انتخابات 99 على ان 7% من ناخبي العمل وصفوا انفسهم بأنهم "يمين" و 60% - وسط، و 33% - يسار. ومن بين ناخبي الليكود وصف 72% انفسهم باليمين و 25% بالوسط و 4% باليسار. ومن بين ناخبي شاس قال 54% انهم يمين و 36% وسط و 9% يسار. ولم يصف احد من ناخبي ميرتس نفسه باليمين وقال 22% انهم وسط و 78% انهم يسار.

وتفسر النسبة المرتفعة من ناخبي العمل ممن وصفوا انفسهم بالوسط وبصورة جزئية على الاقل حقيقة انه على رغم موقف قيادة الحزب فان اغلبيتهم تؤيد استمرار وجود حكومة الوحدة الوطنية. مع ذلك، فان التصنيف الذاتي في الوسط يمينا لا يعني معارضة المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين. بالعكس، باستثناء مجموعة اليمين المتطرف يوجد هناك فقط 46% ممن كانوا مع مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، بينما كانت الاغلبية – 53% - معارضة، وفي بقية المجموعات كانت هناك اغلبية لمؤيدي الاتصالات السياسية. وايد 57% من مجموعة "اليمين المعتدل" هذا الامر (38% عارضوه) و 68% في مجموعة الوسط و 82% في مجموعات اليسار المعتدل والمتطرف.

ويظهر فحص موقع الشخصيات السياسية التالية – ايتام، بن اليعيزر، متسناع، نتنياهو، رامون، شارون وسريد – النتائج التالية: كما هو متوقع، فان اصحاب الطابع المتطرف هم ايتام (متوسط 1.90) في اليمين وسريد (9.21) في اليسار. وحصل قائدا الليكود – نتنياهو وشارون – على العلامات المتوسطة 2.62 و 2.69 بالتوافق. أي انهما يتمتعان بصورة يمينية لكن صورة شارون "اكثر اعتدالا".