سيناريوهات المرحلة المقبلة

لم يكن فوز رئيس الحكومة الإسرائيلية، أريئيل شارون، في اللجنة المركزية لحزب الليكود، الذي يرأسه، مجرد فوز عابر، فقد اثبت انه نقطة تحول قلبت الكثير من التوقعات حول مستقبل حكومته، لكن استمرار هذه الحكومة كما هي أو بتركيبة أخرى حتى موعد الانتخابات البرلمانية الرسمي بعد عام كامل من الآن، هي مهمة صعبة تنتظر رئيسها شارون في الأشهر القليلة القادمة. كما أن مجرد بقاء حكومة شارون حتى هذه الفترة يعتبر انجازا لرئيسها، بعد أن اجمع المراقبون على زوالها كأبعد حد في الوقت الراهن.

وكان شارون قد نجح، في مطلع الأسبوع الماضي، في إسقاط اقتراح من معارضيه في اللجنة المركزية لحزبه التي تضم 3050 عضوا، يقضي بتقديم موعد الانتخابات لرئاسة الحزب الى شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، بدلا من شهر نيسان/ ابريل القادم، وهو اقتراح كان يعني حجب الثقة عن شارون كرئيس للحزب، وإقراره كان يعني أزمة حكومية مباشرة، قد تؤدي إلى أن يباشر شارون بنفسه في حل الحكومة والتوجه إلى انتخابات برلمانية جديد مبكرة.

إلا أن شارون، وكعادته في سنوات حكومته الحالية، فاجأ الجميع، تقريبا، بفوزه بنسبة ضئيلة، بلغت 51,5%، وهزم بذلك أكبر منافسيه بنيامين نتنياهو. وبعد يومين بدأت تظهر ملامح انقلاب في الليكود، ففي حين كان 47% من المنتسبين لليكود يمنحون أصواتهم إلى نتنياهو في أي انتخابات رئاسية مقبلة، مقابل 38% لشارون، فقد اظهر استطلاع جديد أن شارون يحقق في أي انتخابات مستقبلية لرئاسة الحزب 51% مقابل 36% لنتنياهو. وعلى الرغم من هذا فمن السابق لأوانه اعتبار هذا الاستطلاع دقيقا يعكس صورة الوضع، وإنما هذه نتائج طبيعية تعكس حالة الانجراف وراء الضجة الإعلامية التي أحدثها فوز شارون، ولا شك أنه ستظهر في الأسابيع القادمة تحولات وتقلبات حسب المزاج السياسي، أو على الأصح المزاج الإعلامي، الذي دعم شارون بصورة واضحة أمام منافسيه في الليكود، طيلة الأسابيع الماضية.

وما إن نفض شارون عنه غبار معركته في الليكود، التي كانت احتمالات فوزه فيها ضئيلة، حتى وجد أمامه معركة الحفاظ على حكومته، لكنها ليست معركة مفاجئة بل معروفة مسبقا منذ أشهر طويلة، وبالذات بعد انضمام حزب العمل لحكومته في شهر كانون الثاني/ يناير الذي أعلن جهارًا انه دخل للحكومة من اجل تنفيذ ما يسمى بـ "خطة فك الارتباط" وإخلاء قطاع غزة، وانه سيصطدم مع الحكومة عند إقرار ميزانية العام المقبل 2006، فهو يريدها أكثر اجتماعية تميل لصالح الفقراء، وهي الميزانية التي ستطرح على الكنيست الإسرائيلي في الأيام الأولى للدورة الشتوية التي ستبدأ في 31 من شهر تشرين الأول الجاري.

ونعرض في ما يلي سيناريوهات المرحلة المقبلة التي تنتظر شارون.

عام انتخابات

ينص القانون الإسرائيلي على أن الانتخابات البرلمانية تجري في يوم الثلاثاء الواقع بين نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر وبداية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر كل أربع سنوات. وعلى الرغم من هذا القانون فإن خمس انتخابات فقط من أصل 16 معركة انتخابات برلمانية شهدتها إسرائيل، جرت وفق الموعد الذي ينص عليه القانون، وكانت آخر انتخابات كهذه جرت في العام 1988، وقبلها جرت في العام 1973 بتأخير شهرين بسبب حرب أكتوبر.

وإن دلّ هذا على شيء فإنه يؤكد حالة القلاقل السياسية التي تشهدها إسرائيل طوال سنواتها، حتى عندما كان الحزبان الأكبران يحصلان على حوالي 60% من الأصوات، وأحيانا أكثر، وجرت العادة في إسرائيل أنه مع بدء أجواء عام الانتخابات تتسارع الأزمات السياسية في الحلبة الحزبية لتقود نحو تقديم موعد الانتخابات البرلمانية، وعادة يتم الاتفاق على موعد الانتخابات بين الحزبين الأكبرين، وفي الوضعية القائمة اليوم تشارك أحزاب كبرى أخرى في المشاورات حول الموعد.

في الحالة التي أمامنا فإن أجواء الانتخابات ستطغى على البرلمان الإسرائيلي في اليوم الأول من عودته للدورة الشتوية بعد عطلة دامت ثلاثة أشهر. وستطغى الأجواء الانتخابية على مواقف الكتل البرلمانية التي تتحفظ من المخاطرة في مناورات سياسية، وتسعى لإبراز تميزها في الساحة السياسية عن باقي الأحزاب، ولا توجد مناسبة اكبر لهذه الأحزاب من مناسبة إقرار ميزانية الدولة، ففي عام الانتخابات تسعى الأحزاب الصهيونية إلى إبراز "قربها والتصاقها بشرائح الشعب الفقير"، حتى أن في إسرائيل هناك مصطلح "اقتصاد انتخابات"، بمعنى تغيير بنود في الميزانية العامة لتتملق للشرائح الفقيرة والضعيفة بالفتات، دون إجراء أي تغيير جوهري، لتكون أمام أي حكومة جديدة مهمة واحدة ووحيدة وهي تقليص في الميزانية بسبب "أخطاء" الحكومة السابقة، وتعود الكرّة من جديد.

وفي عرضنا للأزمات التي سيواجهها شارون في هذه المعالجة سيظهر موضوع الميزانية كونه الموضوع الأكثر سخونة، ولا يوجد على جدول أعمال إسرائيل أي برنامج سياسي جديد قد يثير أزمة سياسية. وهذا ما أكده رئيس الحكومة شارون في الأيام الأخيرة عدة مرات، حين نفى أن يكون لإسرائيل أي مخطط سياسي جديد أحادي الجانب، وأكد أن الخطة الوحيدة التي أمام إسرائيل هي "خريطة الطريق"، التي سيكون البدء فيها "بعد أن تنفذ السلطة الفلسطينية التزاماتها الأمنية"، وهي اللازمة التي يكررها ساسة إسرائيل صباح مساء في الآونة الأخيرة.

بقي أن نذكر انه على الرغم من "سخونة" الميزانية، إلا انه لم تجر أي انتخابات في إسرائيل على خلفية اقتصادية اجتماعية، بل إن هذا هو موضوع هامشي وغير مقرر أو حاسم في الساحة السياسية الإسرائيلية.

أزمة شارون في كتلته البرلمانية

الأزمة الأولى التي على شارون مواجهتها هي ترتيب "البيت الداخلي" في كتلة حزبه البرلمانية. وكما معروف هناك مجموعة متمردين في الكتلة على شارون كانت تضم 13 نائبا من أصل 40 نائبا، لكنها اتسعت إلى حوالي 18 نائبا ووزيرا في تصويت اللجنة المركزية على اقتراح الإطاحة بشارون. فقد تورط ثلاثة وزراء في تأييد هذا الاقتراح وهم وزيرة التربية والتعليم ليمور ليفنات ووزير الصحة داني نافيه ووزير الزراعة يسرائيل كاتس. وأجمع المحللون على أن استطلاعات الرأي التي كانت تؤكد خسارة شارون حتى قبل يوم من التصويت خدعت الوزراء الثلاثة الذين بحثوا لأنفسهم عن ملاذ لدى الأغلبية الوهمية.

ويقول محللون إن شارون عازم على "تأديب" الوزراء الثلاثة، إما بنقل حقائبهم أو تقليص صلاحياتهم، وأبرز هؤلاء ليمور ليفنات، التي تسيطر على حقيبة التربية والتعليم وتعتبر من الوزارات الكبيرة في إسرائيل، لكن من غير المؤكد أن يبادر شارون بنفسه إلى أزمة جديدة في داخل كتلته البرلمانية، وقد يكتفي بحالة المهانة التي شعر بها الوزراء الثلاثة الذين غيّروا مواقفهم في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة قبل التصويت.

لكن مجموعة المتمردين ستبقى على حالها وتزيد بنائب واحد هو وزير المالية بنيامين نتنياهو، الذي سيستغل الحلبة البرلمانية لمناطحة شارون. وليس معروفا حتى الآن ما إذا كان سيؤيد مشروع الميزانية الذي خطط معظمه بنفسه، فقد أعلن انه سيؤيد الميزانية إذا بقيت على نفس الشكل الذي خططه حتى قبل شهرين، لكن وزير المالية الجديد ايهود أولمرت، وهو أشد الناقدين لنتنياهو، أعلن عزمه إجراء تغييرات في الميزانية لتخفف من العبء على الشرائح الفقيرة والضعيفة، بمعنى "اقتصاد انتخابات" كما ذكر لاحقا. لكن ما هو مؤكد أن نتنياهو لن يدع مشروعا كهذا يمر بسهولة بل سيناور من اجل كسب مساحات وساعات في الإعلام الإسرائيلي لتسويق خطابه السياسي وهذا ما سيعكس ضعف ائتلاف شارون الهش، الذي يعتمد بصعوبة على 64 نائبا، ليسوا جميعا أوفياء للحكومة، ويستعين شارون بثلاثة نواب انفصلوا عن كتلهم وينشط كل واحد منهم لوحده (الكنيست يضم 120 مقعدا).

مع ذلك فإن نتنياهو ليس الشخص المرغوب به كليا في صفوف المعارضين لشارون، خاصة بعد أن اتهموه بأن نهجه وتحركاته وخطابه هو ما جعل شارون يفلت من مشروع الإطاحة به. كما أن نتنياهو سيواجه في الكنيست وفي الكتلة البرلمانية، وعلى مدار الساعة، المنافس الثالث على رئاسة الحزب، النائب المتشدد عوزي لنداو، وهو المعني بالإطاحة بنتنياهو أيضا لتخلو الساحة له أمام شارون.

وبالتالي فإن شارون سيستفيد من حالة الشرخ الموجودة في معسكر معارضيه، بالإضافة إلى أن الانتخابات الأخيرة التي جرت في العام 2003، حملت معها 38 نائبا ليكوديا وانضم إليهما نائبا كتلة المهاجرين الجدد، ونصف هؤلاء تقريبا يدخلون لأول مرة إلى البرلمان، لكن ليس جميعهم على ثقة من أنهم سيعودون إلى مقاعدهم المخملية في الانتخابات المقبلة، ولهذا فإنهم سيبحثون عن حبل النجاة، وسيظهرون على الساحة السياسية كالفئران في السفينة التي على وشك الغرق، فليس صدفة أن أصوات دعاة الوحدة ورأب الصدع في الليكود بدأت تصدر من كل حدب وصوب في الليكود غداة فوز شارون في اللجنة المركزية للحزب، فقسم كبير منهم يريد رأب الصدع لئلا يسقطوا في الهوّة التي افرزها الشرخ.

والسؤال المطروح الآن هو ما إذا سيلتزم نواب الليكود جميعا بالوقوف إلى جانب الحكومة، والإجابة على هذا السؤال تشكل عاملا أساسيا في ثبات الحكومة أو عدمه، كما أن وحدة الكتلة البرلمانية ستكون عامل جذب للكتل الأخرى للدخول إلى الحكومة، أو الانسحاب منها.

إلى جانب كل هذا فإن شارون سيكون منشغلا في مستقبله السياسي في الليكود، فإذا استمرت استطلاعات الرأي في طمأنته بأنه سيبقى رئيسا للحزب في الانتخابات لرئاسة الحزب، فإنه لن يبحث عن بدائل، ولكن إذا شعر بخطر السقوط فإنه قد يقرر عدم خوض الانتخابات واللجوء لإقامة حزب جديد يتزعمه، ليبحث فيه عن فرص جديدة للبقاء في سدة الحكم. واستطلاعات الرأي في هذا المجال مطمئنة له، لكن التجربة السياسية في إسرائيل على مدى عشرات السنين بدءا من دافيد بن غوريون وحتى اليوم، أثبتت أن الزعيم السياسي الذي يهجر حزبه لا يكون بإمكانه إقامة حزب مواز وبنفس الحجم.

لذلك فإن قلق شارون بشأن مستقبله السياسي في الليكود أو خارجه سيحكم أيضا شكل تصرفه داخل الحزب أو في حكومته.

الأزمة مع حزب "العمل"

أزمة شارون مع حزب "العمل"، أكبر شريك له في الائتلاف الحاكم، ستكون متشعبة وتحكمها عدة عوامل، أبرزها نتائج الانتخابات لزعامة حزب "العمل" المتوقع إجراؤها في التاسع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم. لكن أصلا، وكما ذكر سابقا في هذه المعالجة، فإن حزب "العمل" ينوي التعامل مع ميزانية إسرائيل للعام المقبل كخشبة القفز التي تخرجه من هذه الحكومة، خاصة وانه سيكون من الصعب عليه خوض معركة انتخابية برلمانية من داخل حكومة أريئيل شارون، التي ستكون هدفا للمهاجمة من قبله في خطابه الانتخابي.

إلا أنه في هذا المجال ينتظر حزب "العمل" شرك ليس بسيطا، فوزير المالية بالوكالة إيهود أولمرت أعلن انه يريد إعادة النظر في عدد من البنود في الميزانية وتعديلها لتخفف من معاناة الشرائح الفقيرة، وقد يرفع حزب "العمل" الثمن الذي يريده، لكن حججه ستكون صعبة إذا ما قررت كتلة "شاس" الدينية الأصولية، التي تظهر بطابع اجتماعي اقرب للفقراء، دعم الميزانية على ضوء التغيرات المنتظرة.

القرار الحقيقي في حزب "العمل" سيكون بعد التاسع من نوفمبر، بعد انتخاب رئيس جديد للحزب. وحتى الآن هناك أربعة متنافسين بعد انسحاب رئيس الحكومة السابق ايهود باراك، لصالح شمعون بيريس. وتشير استطلاعات رأي إلى أن بيريس قد يفوز بهذه الانتخابات في حال عبر نسبة 40% في هذه المنافسة، كما أنه ليس من المضمون أن يبقى الثلاثة في حلبة المنافسة فقد يختار الوزير بنيامين بن اليعيزر، ولربما الوزير متان فلنائي، أو احدهما فقط، الانسحاب هو الآخر من حلبة المنافسة لصالح شمعون بيريس.

على أية حال فإن الأجواء تشير إلى أن الفائز سيكون بيريس، ومن الصعب تخيل مفاجأة في هذا المجال بسبب ضعف منافسيه، الذين يبدو أن أقواهم عمير بيرتس، والذي لا يمكنه أن يتجاوز نسبة 28% في حال تعدد المتنافسين بسبب حسابات داخلية في الحزب، وبسبب التخوف من طابع عمير بيرتس الاقتصادي الاجتماعي، فهو رئيس اتحاد النقابات، ورئاسته للحزب تبعد جمهورا واسعا من مصوتي حزب "العمل"، خاصة من أصحاب رؤوس الأموال.

وعمليا فإن طابع القرار سيكون مرتبطا باسم رئيس الحزب. ويشير محللون إلى أنه في حال فوز بيريس فإنه لن يسارع للخروج من الحكومة وافتعال أزمة ائتلافية تقود بسرعة إلى انتخابات برلمانية، لكنه في نفس الوقت سيبحث عن التوقيت المناسب لهذا الانسحاب، فإذا كانت الأجواء تشير إلى احتمال إجراء الانتخابات البرلمانية في الربيع القادم، فمن المؤكد انه ليس باستطاعة شمعون بيريس إنهاء عام 2005 وهو في أحضان حكومة شارون.

في المقابل فإن شارون سيبذل قصارى جهده لإبقاء حزب "العمل" في داخل الحكومة، خاصة بعد أن أثبتت له التجربة أن الالتزام الحزبي في كتلة "العمل" هو أقوى بكثير، وبما لا يقارن، من الالتزام الحزبي في كتلة الليكود، ولهذا فإن شارون يعتبر كتلة من 21 نائبًا متراصة أقوى من كتلة من 40 نائبا مترهلة ككتلة حزبه.

في نفس الوقت فإن شارون لن يراهن أكثر من اللزوم على حزب "العمل" وهو يبحث عن بدائل في معسكرين متناقضين لدى العلمانيين ولدى الأصوليين اليهود (الحريديم)، وهو ما سنتطرق إليه تاليا، لكن شارون لن يكون بإمكانه التوجه إلى الكتل اليمينية المتشددة التي تطالب برأسه السياسي بسبب إخلاء مستوطنات قطاع غزة، بمعنى أن تحرك شارون سيكون محصورا وليس أمامه الكثير من الفرص.

بين العلمانيين والمتدينين

في هذا المجال أمام شارون معسكران متناقضان، الأول يضم كتلة "شينوي" لوحدها، التي تضم 14 نائبا بزعامة النائب يوسيف لبيد، وهي الكتلة التي هجرت حكومته في شهر كانون الأول/ ديسمبر، بعد أن قرر شارون منح ميزانيات زائدة لجمهور الأصوليين الحريديم، لكن هذه الكتلة دعمت حكومة شارون من الخارج في كل ما يتعلق بتطبيق خطة "فك الارتباط"، وحاولت هذه الكتلة فرض نفسها كبديل لحزب "العمل" في حال انسحابه من الائتلاف الحكومي، لكنها وضعت شرطا بأن لا يتم تغيير الميزانية وان تبقى بموجب سياسة نتنياهو الصقرية المجحفة بحق الشرائح الفقيرة والضعيفة، وهو مطلب صعب على شارون، الذي يسعى هو أيضا لميزانية أكثر تساهلا مع الشرائح الفقيرة في عام الانتخابات.

ومن جهة أخرى فقد ظهرت، لأول مرّة، بوادر تقارب بين شارون وكتلة "شاس" المتدينة الشرقية، حين وافق شارون على مطلبها وقف أعمال بنى تحتية لشركة الكهرباء في أيام السبت، وهو ما أثار غضب العلمانيين كون هذه الأعمال تجري في أماكن مكتظة بالسيارات في أيام الأسبوع وعملها في أيام السبت يخفف من الأزمة.

ومن هذا التفاهم بدأ الحديث حول احتمال أن تدعم كتلة "شاس" ميزانية الدولة بالقراءة الأولى في الشهر الأول للدورة الشتوية، مقابل إجراء تغييرات فيها، ومن ضمنها رصد ميزانيات أكبر لجمهور الحريديم.

وهنا ليس معروفا كيف سيكون موقف حزب "العمل" من رصد ميزانيات كهذه، فهو في مسألة الصدام بين العلمانيين والمتدينين يحاول الوقوف في الوسط لئلا يخسر أصواتًا من الجانبين، وهو لا يستطيع إشهار حرب مباشرة على صرف ميزانيات كهذه كان هو قد صرفها عندما رئس الحكومات السابقة، وفي نفس الوقت فإن الإفراط في رصد ميزانيات كهذه لا يسمح له بالوقوف موقف المتفرج لئلا يخسر من أصوات العلمانيين.

سيكون ضم "شاس" للحكومة في الأشهر الأخيرة قبل بدء المعركة الانتخابية خطوة مغامرة لكافة الأطراف، لكن دخول "شاس" واحتمال خروج "العمل" سيفقد شارون الأغلبية الائتلافية لحكومته. بمعنى أن المفتاح الأكبر لثبات حكومة شارون سيكون في جيب حزب "العمل"، أمام قلة الخيارات أمام شارون، وهذا ما يجعل مسألة تقديم موعد الانتخابات البرلمانية إلى ربيع العام القادم بدلا من خريفه هو الاحتمال الأقوى، على الرغم من أن شارون ربح الكثير من الرهانات بشأن سرعة إنهاء أجل حكومته.