الصفعة على وجه شارون: الوزراء يخشون من اختبار قواهم

لا يوجد تعريف أوفى لرفض الوزراء بنيامين نتنياهو وليمور لفنات وسيلفان شالوم الفظ، العملَ من أجل خطة "فك الارتباط" التي بادر لها أريئيل شارون، أكثر من تعريفه على أنه صفعة لرئيس الحكومة. شارون بحاجة إليهم وهم يقولون له- لا. دوافعهم شفافة للغاية: فبينهم وبين أنفسهم يقدّرون، أو قسم منهم على الأقل، أن شارون سيُمنى بهزيمة في الاستفتاء، وهم لا يرغبون في أن يكون اسمهم مسجلاُ على هذا الفشل الذريع. وبعد أن اتضح لهم من الاستطلاعات أن بيانات دعمهم، المترددة والمتذمرة، لم تُسهم إلا في ايذاء فرص الخطة بالفوز بأغلبية أصوات منتسبي "الليكود"، فإنهم لا يرغبون الآن في اختبار قواهم ووضعها على المحك. فأيّ إحراج سيكون في حالة ولم تتغير المعطيات في الاستطلاعات، على الرغم من "تجندهم". "هؤلاء وزراء التسوية"، نعتهم في الأمس أحد زملائهم في الحكومة. لقد رتبوا لأنفسهم تسوية، يقول الوزير ساخرًا، فمن جهة يدعمون، ومن جهة أخرى يعارضون.

ولكن الخطوة التي اتبعوها لم تعُد عليهم بالمردود السياسي. فالمعارضون غاضبون منهم لأنهم أعلنوا عن تأييدهم (للخطة)، والمؤيدون خائبو الأمل منهم لأنهم لا يفعلون شيئًا في سبيل دعم نجاح الخطة.

من الصعب معرفة ما يدور في أفئدة الوزراء الثلاثة، ما هي نواياهم الحقيقية. فإذا لم ينجح شارون في تمرير الخطة، فإنه سيضعف جدًا. سيهتز كرسيه من تحته. وحزب "العمل" سيبقى في الخارج. فهل من المبالغ به الافتراض أن وزير الخارجية يفضل مثل هذا السيناريو، بدلا من التصديق على الخطة وضم "العمل" وبيريس إلى الحكومة؟ ولا ينحصر الأمر في وزير الخارجية فقط: ففي حكومة مع "العمل" و"شينوي"، ومن دون أحزاب اليمين، سيشعر بنيامين نتنياهو وليمور ليفنات براحة أقل. فهذه ليست بيئتهما الطبيعية من الناحية السياسية. وإذا أضفنا إلى ذلك تحفظهم الواضح من عملية "فك الارتباط" بعيدة المدى- فكيف يمكن عندها توقع تجندهم من أجل أمر لا يؤمنون به. فهم ليسوا قديسين إلى هذا الحد.

في اللقاءات الثلاثة التي أجراها شارون، الأحد، سادت أجواء غير لطيفة. هل توقعتَ حقًا أن أدير حملة من أجل الخطة؟ سأل نتنياهو شارونَ. وبالاضافة، كانت لنتنياهو بشرى جيدة: لقد قال لشارون إنه حتى لو كان قرر معارضة الخطة، فإنه لم يكن ليدير الحملة ضد فك الارتباط، تمشيًا مع ولائه لرئيس الحكومة.

وقد اقترحت لفنات على شارون الاكتفاء ببيان دعمها. وقال شالوم أمرًا مشابهًا. والنتيجة، من ناحية شارون، هي ضعضعة صلاحياته وضعضعة مكانته في نظر جمهوره، بالذات في هذه الأيام، حيث هو بأمسّ الحاجة إلى ذلك. شارون لن ينسى ما يفعلونه به أبدًا.

وفي حالة ونجح شارون في تمرير خطته بين أعضاء "الليكود" في الثاني من أيار/مايو وفي حالة نجاته من لائحة الاتهام في قضية "الجزيرة اليونانية"، فإنه سيعرف جيدًا كيف يردّ الصاع صاعين لـ "وزراء التسوية". لن يكون بمقدوره استبدالهم، فهم أقوياء جدًا. ولكن شارون هو الأفضل في تذكّره لمن ساعده عند الضائقة، ولمن لم يفعل. ونحن لا نتحدث عن الوزراء الذين أعلنوا عن معارضتهم سلفًا؛ فمنهم لم يطلب شيئًا. ولكن أن يطلب وأن يسمع ردًا سلبيًا- فهذا أكثر من اللازم لإنسان مثل شارون.

وللأمور، طبعًا، جانب ثانٍ. فهل تغيير شارون لرأيه فجأةً وتحوّله إلى كبير مؤيدي الانسحاب أحاديّ الجانب من المناطق، تحت النيران –الأمر الذي وعظ ضده طيلة حياته تقريبًا- هو حقيقة ملزمة لوزرائه أيضًا؟ هل يحق لشارون حقًا أن يطلب ممّن يستصعبون هضم هذه "الحبة المُرة" أن يبلعوها وأن يستزيدوا أيضًا؟

("هآرتس"، 26 نيسان 2004. ترجمة "مدار")