"اليوم التالي ما زال بعيداً.."

رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون سيخرج عشية "الفصح" اليهودي الذي يحل في نيسان الجاري عن صمته الاعلامي الذي فرضه على نفسه منذ فوزه في الانتخابات التشريعية في 28 كانون الثاني الماضي. وعندما ستذهب اليه الصحافة المكتوبة لإجراء مقابلاتها "التقليدية" كما اعتادت في هذه المناسبة، سيتحدث شارون عن رغبته في الدخول في العملية السياسية مع الفلسطينيين، مسوّغاً ذلك بأنه "مصلحة اسرائيلية"، صادّاً المخاوف من ضغوط امريكية محتملة.وبحسب المصادر السياسية في القدس الغربية ("هآرتس"، 11/4)، فإن "اليوم التالي" لم يأت بعدُ، على رغم سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين. وعليه، من السابق لأوانه الحديث عن حرف الانظار الامريكية عن الحرب في العراق لصالح حل الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني.

الامريكان مشغولون بأعباء وتبعات السيطرة على العراق، وهم بانتظار ان يستكمل "ابو مازن" تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، لكي يكون بمقدورهم الحكم على قدرته على "الاستجابة للتطلعات" (الامريكية والاسرائيلية) منه، و "ينجح بالخروج من دائرة ظل" الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. شارون ليس متعجلاً أي شيء. واليوم يتبين كم كان محقاً في تقديراته خلال الشهور الاخيرة، بأن "خارطة الطريق" ستؤجل الى ما بعد الحرب على العراق، بوقت طويل..

وله في ذلك ما يؤسس عليه. فعلى رغم ان الرئيس الامريكي جورج بوش ومساعدوه في البيت الابيض، اكثروا من الحديث عن التزامهم بايجاد تسوية سياسية بين اسرائيل والفلسطينيين، الا انهم وجدوا دائماً الاسباب الكافية لكي يضعوا العراقيل ويؤجلوا طرح مشروعهم السياسي، بموجب صياغة "الرباعية"، في الوثيقة التي تحمل الاسم المثير "خارطة الطريق".

قبل شهور، كان التأجيل مشفوعاً بالانتخابات البرلمانية في اسرائيل، وهذه المرة – بالحرب على العراق، والان – هم بانتظار حكومة "ابو مازن" الفلسطينية. وفي ذلك يكتب الوف بن (هآرتس 11/4): "الكرة الميثولوجية في العملية السياسية موجودة في ملعب ابو مازن، ومن اسرائيل ينتظ الجميع ألا تضع العراقيل".

في اليوم التالي على "نكسة بغداد"، التاسع من نيسان 2003، هناك اربع قضايا على الطاولة في البيت الابيض: كوريا الشمالية، سورية، ايران والصراع الاسرائيلي – الفلسطيني.

"كوريا الشمالية تهدد النظام والامن الاقليمي في آسيا"، يقولون في واشنطن، لكن الامريكيين لا يملكون الرد الشافي وهم راغبون بدحرجة هذه الازمة الى ملعب الامم المتحدة. وفي السياق السوري، ترغب مجموعة الصقور في البنتاغون بمعاقبة بشار الاسد، "الذي تأخر في النزول من قطار صدام". وفيما يخص ايران – تقترح اسرائيل العمل ضد "التهديد الايراني"، قبل ان يتمن "آيات الله" من الحصول على قنبلة نووية، وفي هذه ايضا تسعى الادارة الامريكية الى دمج الامم المتحدة ووكالة الطاقة النووية.

وفي لندن يضغط طوني بلير لتطبيق "خارطة الطريق"، وهي الصياغة الدبلوماسية لفرض تسوية سياسية مع الفلسطينيين على شارون. نجح بلير في إقناع بوش بعمل شيء على الساحة الاسرائيلية – الفلسطينية، لكن الادارة الامريكية مترددة الآن في كيفية التحرك.

وزير الخارجية الامريكي سابقاً جيمس بيكر دعا بوش الابن الى تنفيذ "ميراث ابيه" واستغلال "نافذة الفرص" للاعتناء بالصراع الاسرائيلي – العربي. وفي محاضرة في تورنتو قال بيكر ان "الولايات المتحدة ملزمة بالضغط على اسرائيل، كصديقة ولكن بحزم، لكي توافق على التباحث في سلام آمن على اساس مبدأ الارض مقابل السلام". وبحسب اقواله – محظور ان نضع شروطاً مسبقة لوقف المستوطنات، ويجب الضغط على الفلسطينيين ايضاً لكي يبذلوا 100% من الجهود ضد الارهاب".

"في القدس الغربية لا ينفعلون لذلك"، يكتب الوف بن في "هآرتس". فالاوساط السياسية تقول ان بيكر يفتقد الى التأثير الحقيقي في الادارة الامريكية الحالية. "برأيهم – ليست لدى بوش مصلحة سياسية للتخاصم مع شارون، عشية انتخابات 2004. انه لا يعتقد بأن الضغط سيعطي نتائج. وهو يبادل شارون مودة واستراتيجية مشتركتين. وبحسب اقوالهم، لا خلافات حقيقية بين اسرائيل والولايات المتحدة، وفي الادارة الامريكية لن يضغطوا على اسرائيل لتتنازل تحت النار والعمليات. بدل الضغوط، سيفضلون السير يداً بيد مع شارون".

الامتحان القريب لسياسة شارون سيكون في محادثات مدير مكتبه دوف فايسغلاس في واشنطن. سيحاول فايسغلاس التوصل الى تفاهم مع الادارة الامريكية حول مبادىء متفق عليها لتطبيق "خارطة الطريق"، بدون ان يتخاصم على صياغة النص. بعد ذلك سيصل الى المنطقة موفد امريكي كبير – وزير الخارجية كولين باول، او رئيس قسم الشرق الاوسط وليام بيرنز. وتقول المصادر الصحفية في واشنطن ان البيت الابيض يفكر في ايفاد باول الى سورية ايضاً، "لكي يضع الاسد امام خطورة افعاله، والبدء بعملية اعادة سورية الى الصواب"؟؟

"لكن كل شيء بانتظار ابو مازن"، يكتب الوف بن: "هل سيبدي قدرة قيادية ونجاعة، ويعبر امتحان القوة امام (الرئيس الفلسطيني ياسر) عرفات، ويعمل ضد الارهاب؟ في الشهور الاخيرة ابدى سلام فياض وزير المالية الفلسطيني اسلوب حكم جديد في السلطة. في وزارة المالية يولون ثقة عظيمة بالتقارير المالية الصادرة عن فياض، الذي سيطر هذا الشهر ايضاً على نظام دفع رواتب رجال الامن في غزة.".

"اذا سلك ابو مازن مثله – يختم بن – وابدى صدقية في المجال الامني، ستقف اسرائيل امام قرارات حقيقية في الطريق الى اقامة دولة فلسطينية. في هذه الحالة ستقف حكومة اليمين امام ازمة سياسية. لكن اذا فشل ابو مازن، ستنضم خارطة الطريق الى كومة المشاريع الفاشلة والآمال المتبددة".

Terms used:

اريئيل, هآرتس