المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية على مهداف

كتب: وديع أبونصارقدم سكرتير عام حزب "العمل" عضو الكنيست أوفير بينس استجوابا مستعجلا إلى وزير العدل الاسرائيلي يوسف (طومي) لبيد يطالبه فيه بالكشف عن الحقائق المتعلقة بمراقبة المكالمات الهاتفية التي أجراها وتلقاها الصحفي باروخ قرا العامل في صحيفة "هآرتس،" والذي كان أول من نشر عن العلاقة المالية المشبوهة بين أرئيل شارون، رئيس الحكومة الإسرائيلي وسيريل كيرن، رجل الأعمال الجنوب أفريقي، قبل الانتخابات التشريعية الاخيرة في اسرائيل.

وقد جاء استجواب بينس هذا بعد أن كشفت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخرا عن سماح محكمة الصلح في القدس لإلياكيم روبنشتاين، المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، بالحصول على لائحة الاتصالات التي قام بها الصحفي قرا، والتي ساعدت الإدعاء العام على التوصل إلى الاستنتاج بأن المحامية في النيابة العامة في تل ابيب ليئورا غلاط - بيركوفتش هي من سرّب المعلومات للصحفي حول التحقيق بصدد حصول نجلي رئيس الحكومة على قروض من سيريل كيرن مشبوهة الهوية والأهداف. وقد تم الكشف مؤخرا بأن روبنشتاين حصل أيضا من شركات الهواتف النقالة عن معلومات بصدد الأماكن التي تواجد فيها الصحفي المذكور وليس فقط عن الأرقام الهاتفية التي تحدث معها، إضافة إلى معلومات تحدثت عن أن القاضي أمنون كوهين سمح بمراقبة تحركات قرا الهاتفية دون أن يكتب بروتوكول جلسة المحكمة بالطريقة التي ينص عليها القانون. هذه المعلومات الجديدة زادت من حنق البروفيسور مردخاي كريمنيستر، رئيس مجلس الصحافة الإسرائيلي، الذي انتقد بشدة كلا من المستشار روبنشتاين والقاضي كوهين.

لكن، في الوقت الذي قد يتعرض فيه القاضي كوهين إلى بعض النقد بالذات من قبل قضاة أرفع منه مستوى، فإن المستشار روبنشتاين قد يتعرض إلى مساءلات، بالأساس في الصحافة، قد تهدد مستقبله المهني. فإلياكيم روبنشتاين يعد قانونيا طموحا، وقد زاد طموحه منذ تبوئه لمنصب سكرتير الحكومة الاسرائيلية قبل نحو عشرين عاما أثناء رئاسة حكومة اسحاق شامير لهذه الحكومة. ومنذ ذلك الحين وروبنشتاين يتقدم في المناصب واضعا نصب عينيه، كما يبدو، الوصول إلى منصب رئيس المحكمة العليا في إسرائيل. فبعد أن كان سكرتيرا للحكومة وبعد أن انخرط في المفاوضات السياسية في أوائل التسعينات من القرن الماضي، بالأساس في المفاوضات الإسرائيلية - الأردنية التي سبقت توقيع معاهدة السلام بين الطرفين في العام 1994؛ أصبح روبنشتاين قاضيا في المحكمة المركزية في القدس ومن ثم عاد إلى الحكومة ليصبح مستشارها القضائي، وهذا أرفع منصب قانوني في الحكومة الإسرائيلية. وقد أمل روبنشتاين أن يصبح في النصف الثاني من العام الحالي قاضيا في المحكمة العليا، مما يؤهله للتنافس خلال الأعوام القليلة المقبلة على منصب رئيس المحكمة، الذي يعد أعلى منصب في السلطة القضائية في إسرائيل.

غير أن المعلومات التي نشرت مؤخرا من شأنها أن تشكل خطرا حقيقيا على مستقبل روبنشتاين، بالذات نظرا لوجود احتمال كبير بأن يتعرض للملاحقة قضائيا وإعلاميا في المستقبل القريب. فمن المتوقع أن تقوم صحيفة "هآرتس" بمقاضاة روبنشتاين مستغلة موافقته الضمنية على الخطأ الإجرائي الذي قام به القاضي كوهين وتعرضه للحصانة الصحفية من خلال جمع معلومات مست بخصوصية الصحفي. إلا أن التحدي الأكبر لروبنشتاين سيكون في الحقل الإعلامي على الأرجح. فالعديد من الصحفيين بدأوا يخشون من احتمال متابعتهم على غرار ما حدث للصحفي باروخ قرا، إضافة إلى رغبة العديد من هؤلاء كتابة قصص مثيرة عن المستشار روبنشتاين، بالذات في هذه الفترة الزمنية التي قد يتم فيها تقرير مصيره المهني. لذلك، ليس من المستبعد أن نقرأ ونسمع خلال الأسابيع القليلة المقبلة بعض التقارير الصحفية التي قد تؤثر سلبا على روبنشتاين، مما يجعلنا نعتقد بأن روبنشتاين قد يعاني الأمرين إلى درجة تهديد حقيقي لفرصه تبوء منصب قاض في المحكمة العليا، مما قد يدفعه إلى فتح مكتب محاماة بعد أن ينهي مهام منصبه في مكتب المستشار القانوني للدولة.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه ليس من المستبعد أن يلاحق بعض الصحفيين روبنشتاين من خلال محاولة دمغه بمصالح سياسية مدعين بأنه ساهم في التغطية على رئيس الحكومة في فضيحة تلقيه المساعدات المالية من سيريل كيرن، بدلا من أن ينشر هذه المعلومات بمبادرته.

هذه التطورات تتعلق إلى حد كبير ليس فقط بمتابعة الصحفيين لها، بل أيضا بمتابعة أعضاء الكنيست من المعارضة، مثل أوفير بينس وغيره، لهذه القضية الحساسة التي قد يستثمرها هؤلاء لضرب عصفورين بحجر واحد: فمن جهة سيسعون لتشويه صورة أرئيل شارون في وسائل الإعلام من جهة وللتخلص من إلياكيم روبنشتاين، الذي طالما اتهموه بأنه الساعد القانوني لليمين الإسرائيلي من جهة أخرى.