لماذا حرضت إسرائيل على مؤتمر بيروت للحركة العالمية لمناهضة الحرب والعولمة

تحت شعار "حركات مناهضة الحرب والعولمة الى أين؟" عقدت الحركة العالمية لمناهضة الحرب والعولمة مؤتمرها في فندق "بريستول" في العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك أيام (17-19/09/2004)، هذا المؤتمر جاء بعد عملية مخاض عسير لم يكن من الهين تنظيمه، وجاء القرار بعقد هذا اللقاء الدولي الهام، ثمرة مجهود كبير بذله الناشطون العرب وزملاؤهم في الحركة العالمية لمناهضة العولمة، وذلك بناء على قرار تم اتخاذه في اللقاء الذي عقد بتاريخ (16/07/2004) في بيروت ايضا... كلمة الافتتاح في هذا المؤتمر الهام كانت للناشطة العربية نهلة الشهال، والتي تنشط ضمن المنتدى الاجتماعي الاوروبي، وحركة مناهضة الحرب والعولمة في فرنسا حيث تقيم هناك، التي قدمت التحية لاكثر من (300) مشارك يمثلون أكثر من (200) حركة من مختلف دول العالم.

موعد عقد المؤتمر لم يكن صدفة وقد تزامن مع الذكرى السنوية لمجزرة مخيم صبرا وشاتيلا، حيث ساهم المشاركون في هذا اللقاء الدولي في احياء هذه الذكرى المأساوية والتي راح ضحيتها الابرياء من ابناء مخيمي اللاجئين الفلسطينيين، خلال الحرب التي شنتها اسرائيل بقيادة شارون على لبنان عام (1982). المساهمة في احياء هذه الذكرى من قبل الوفود المشاركة، حيث توجهوا بعد الافتتاح الرسمي الى المخيم، يشير الى تعبير عن الغضب لما تم من عمليات بشعة خلال المذبحة ومناهضة لسياسة الحرب والعدوان التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية مع الحليف الاميركي ضد الشعبين الفلسطيني والعراقي خاصة والشعوب العربية عامة.

الدكتور سليم فالي، الناشط في الحركة العالمية لمناهضة الحرب والعولمة في بلده جنوب افريقيا، صرح قائلا على هامش المؤتمر : "الحركة تعمل ضد العولمة التي تفضل تحقيق الربح على الانسانية". وأضاف: "المنظمات المشاركة عملت على تجييش عشرة ملايين شخص ضد الحرب على العراق". هذا يتلاءم وروح البيان الذي اصدرته اللجنة المبادرة لعقد المؤتمر والذي حمل تواقيع اكثر من مائتي منظمة احتجاج، من مختلف انحاء العالم، حيث جاء ادانة واضحة لسياسة الولايات المتحدة التي " تحتل العراق عسكريا واقتصاديا وسياسيا" . وان ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش منحت "حكومة شارون الضوء الاخضر للاستمرار في سياسة اغتيال الفلسطينيين والسيطرة عليهم". والهدف من ذلك كما جاء في البيان هو حل "الازمة الفلسطينية من خلال القوة العسكرية والاخضاع". ومن هنا، يظهر لنا، أن الهدف من عقد الاجتماع في بيروت لم يكن محض صدفة بل له هدفان: الاول هو توسيع وتقوية الحركة من خلال مناقشات تسعى الى تطوير اهداف واستراتيجيات مشتركة خلال السنوات القادمة. ولذلك وضع شعار بارز في صدر قاعة المؤتمر "الاجتماع الدولي لتحديد استراتيجية العمل". فهناك حاجة ماسة الى تحديد هذه الاستراتيجية للفترة القادمة. اما الهدف الثاني فهو "تعميق الصلات القائمة وتكوين علاقات جديدة مع الحركات المناهضة للحرب والعولمة في العالم العربي، مما يفسر انعقاد اللقاء في لبنان". واختتم النداء بدعوة كافة الحركات والتحالفات "التي تناضل من اجل السلام والعدالة والحرية إلى أن ترسل ممثلين عنها الى لقاء بيروت كي تشارك في المناقشات وفي بناء حركة عالمية اقوى ضد الحرب والعولمة والليبرالية".

نتائج هذا النداء الايجابية ظهرت مع افتتاح المؤتمر في (17/09/2004) حيث فاق عدد المشاركين، التوقعات التي كانت لدى اللجنه التحضيرية، مما أضفى المزيد من المسؤولية على المشاركين الذين ساهموا في مناقشات المؤتمر حول القضايا المطروحة على جدول اعماله ... لكن ما أثار اهتمامنا نحن الذين ننشط ضمن هذه الحركة ولم نتمكن من المشاركة في ابحاثها هذه، ذلك الخبر الذي نشرته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية يوم 15/09/2004 والذي بعث به مراسلها في الولايات المتحدة نتان غوطمان، وحاول فيه التحريض على عقد المؤتمر في بيروت وباشتراك ممثلين من "حزب الله" في ابحاثة واشخاص "ضد اسرائيل" – على حد تعبيره. واشار المراسل الى أن حركة الاحتجاج هذه تضم بين صفوفها العديد من اليهود والذين من المفروض أن يكونوا محرجين لهذه المشاركة (؟؟؟؟؟). اننا نستغرب هذا الخبر – الموقف – الذي عبر عنه مراسل "هآرتس"، لاننا نلمس في طياته نوعا من التهديد لقوى يسارية مناهضة للحرب والعولمة حيث تحطم الحرب عالمنا، وتنهب قوى العولمة خيراته على حساب الاكثرية الساحقة من سكانه، لذلك يثير موقف مراسل الصحيفة الكثير من التساؤلات ؟؟؟؟!!!.

بدون شك أن تنشيط الحركات والمنظمات الشعبية الناشطة في العالم العربي لم يكن بالامر الهين، خاصة وأن هذه الحركات تواجه القمع المحلي وتفتقد في معظم الاحيان الى الحد الادنى من مساحة الحريات التي تحد من امكانية القيام بنشاطها بشكل واسع ضمن الحركة العالمية لمناهضة الحرب والعولمة، وبشكل خاص في دولها ... وكوني من الذين واكبوا هذا النشاط، عملية التكوين هذه، لم تكن بالامر الهين بتاتا ومخاض ولادة الحركات العربية المتماثلة مع الحركة العالمية لمناهضة الحرب والعولمة كان امرا عسيرا كلف الكثير من المعاناة لمن خاضوه، لذلك لا بد من توجيه التحية للزملاء في بيروت، والتأكيد أن ما يقومون به هناك يعتبر قفزه هامة في تطوير نضالنا ضمن الحركة العالمية لمناهضة الحرب والعولمة، هذا النشاط الذي لا يتوقف للحظة واحدة، حيث تجري الاستعدادات بوتيرة عالية للقيام بنشاط متوسطي، في برشلونة، العام القادم. وضمن ذلك تعقد الاجتماعات والاحتجاجات لذلك في دول المنطقة، بما في ذلك لقاء عقد في مدينة "ملاغا" جنوب اسبانيا، ومؤتمر احتجاجي للمنتدى الاجتماعي الاوروبي في العاصمة البريطانية لندن اواسط الشهر الجاري - اكتوبر- بالاضافة الى اللقاء الدولي للحركة في" بورتواليغري" في البرازيل، حيث كان اللقاء الاخير في مدينة مومباي في الهند. نحن بحاجة الى تقوية اواصر العلاقات ضمن حركة الاحتجاج العالمي المناهضة للحرب والعولمة... وهدفنا افشال سياسة الحرب والتسلط لقوى الرأسمالية على عالمنا وشعوبه.

Terms used:

هآرتس