إرخاء حبل التوتر

كان الفلسطينيون داخل إسرائيل على الدوام عنصرا بالغ الحساسية بل متفجرا في الصراع العربي – الإسرائيلي

كان الفلسطينيون داخل إسرائيل على الدوام عنصرا بالغ الحساسية بل متفجرا في الصراع العربي – الإسرائيلي. كانت نية القوات اليهودية، ولا سيما العصابات الإرهابية من بينها، تتجه في البداية إلى إبعاد أكبر عدد من الفلسطينيين من أجل خلق دولة يهودية محضة. وقد أنكرت إسرائيل الرسمية لاحقا أي نية لطرد الفلسطينيين بالقوة، ولكن كثيرا من المؤرخين الإسرائيليين وثقوا الدور المباشر والمتعمد للجماعات الإرهابية اليهودية في التخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.
والعنصر المهم الثاني في صياغة وتشكيل الهموم الأساسية للفلسطينيين في إسرائيل كان التعامل الذي لاقوه من جانب الدولة الإسرائيلية في الخمسينات والستينات على وجه الخصوص. وتضمنت الإجراءات التي تعرضوا لها خطوات أمنية غير عادية وغير ضرورية أجبرت الفلسطينيين في إسرائيل على العيش في ظل حظر تجول وضمن قيود شديدة على تنقلهم من قرية إلى أخرى، إضافة إلى قمع أي نشاطات سياسية، وإلى كبت حرية التعبير. وتتمثل الممارسات القائمة على التمييز العنصري التي تقوم بها دولة إسرائيل اليوم في التوزيع غير العادل للخدمات العامة، بدءا بسياسة نزع ملكية أو مصادرة الأرض الفلسطينية وانتهاء بغياب التساوي في فرص ونوعية التعليم وفي الوظائف والخدمات الأخرى.

في وقت لاحق قفزت الأهمية السياسية للفلسطينيين في إسرائيل إلى مستويات جديدة عندما أخذت هذه الأقلية تقترع في الانتخابات الإسرائيلية، وتعبر عن نفسها من خلال ممثليها في الكنيست. وكثيرا ما طرح موضوع دور الفلسطينيين داخل إسرائيل في دعم أو في إسقاط هذه الحكومة أو تلك من بين الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

عندما كان يتم التفاوض بشأن حل نهائي للنزاع، طفا إلى السطح مرة أخرى موضوع الإسرائيليين الفلسطينيين، وإن بطريقة مختلفة. وقد قالت إسرائيل، أثناء المحادثات مع منظمة التحرير الفلسطينية بشأن مشكلة اللاجئين، إنها لا تقبل أي عودة للاجئين لأن هذا يهدد "النقاء" اليهودي للدولة. ومن المسلمات بالنسبة للإسرائيليين اليهود أن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، الأمر الذي يبرز مرة أخرى الوضع الحساس للفلسطينيين داخل إسرائيل. وتتناقض فكرة وجوب محافظة إسرائيل على "النقاء" اليهودي مع الحقوق الأساسية لأكثر من 20 بالمئة من مواطني الدولة الذين هم من جهة غير يهود، ومن جهة أخرى من سكان البلاد الأصليين.

وعلى هذا يجب على منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل أن تحترما مبدأين متكاملين فيما يتعلق بالفلسطينيين داخل إسرائيل في سياق الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. يجب على القيادة الفلسطينية، وعلى الشعب الفلسطيني، احترام حقيقة أن أولئك الفلسطينيين مواطنون في دولة إسرائيل، وإبداء فهم استراتيجي لكل ما يترتب على هذه الحقيقة. وبهذا على القيادة أن تحترم إرادتهم، وخيارهم، وحقهم في اتخاذ أي موقف أو سلوك سياسي يرغبون في اتخاذه. ويجب على إسرائيل، بدورها، احترام مواطنيها هي بأن تنهي التمييز ضد هؤلاء الفلسطينيين، وأن تكف عن تجاهل وجودهم وإنكار تاريخهم ولاسيما في سياق إبداء المسؤولين الإسرائيليين آراءهم حول "طبيعة الدولة.

غسان الخطيب هو وزير العمل في الحكومة الجديدة للسلطة الفلسطينية. وقد عمل لعدة سنوات محللاً سياسياً وإعلامياً.

Terms used:

الكنيست