تقرير جديد: المؤسسات الحريدية واليمينية المتطرفة المستفيد الأساس من ميزانيات الدعم الحكومية

*"وزارة التربية والتعليم تضع عراقيل كثيرة أمام منظمات يهودية تؤمن بالتعددية الفكرية"!*

تمنح الوزارات الإسرائيلية المختلفة ملايين الشيكلات، خارج ميزانياتها العادية، لمؤسسات وجمعيات بموجب أنظمة ومعايير محددة، لكن تقريرا تم نشره مؤخرا، أظهر أن المستفيد الأساس من هذه الميزانيات هو مؤسسات حريدية ويمينية متطرفة، وأن الوزارات تميّز ضد جمعيات ومؤسسات علمانية "تنشد التعددية الفكرية".

وتبين أيضا، أن السلطات المحلية العربية حصلت على أقل من 2% من ميزانيات كهذه منحتها وزارة الثقافة والرياضة. وأظهر التقرير أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية يمنح ميزانيات خاصة لمؤسسات تابعة أو مقربة من حزب الليكود الحاكم.

وأفاد التقرير، الذي نشرته صحيفة "هآرتس" مؤخرا، بأن شبكة "إل هَمَعيان"، وهي الجهاز التعليمي التابع لحزب شاس الشريك في التحالف الحكومي، حصلت على مبلغ 12 مليون شيكل، في العام الماضي، لتمويل "دروس التوراة والثقافة اليهودية التي لا تدخل في إطار منهاج التعليم الرسمي". وهذه المنحة المالية هي إضافة إلى الميزانيات الحكومية العادية التي تحصل عليها. وتبين أن هذه الشبكة هي الفائز الأكبر، ولكن ليس الوحيد، بمبلغ إجمالي قيمته 3ر35 مليون شيكل تم منحه في العام الماضي إلى مؤسسات دينية يهودية أرثوذكسية أو حريدية، وبعضها ينشط في مجال التبشير الديني الحريدي. وحصلت حركات دينية يهودية غير متعصبة من هذا المبلغ على 100 ألف شيكل فقط.

وقالت الصحيفة إن العديد من الوزارات الإسرائيلية تمنح أموالا لدعم مؤسسات من خارج ميزانياتها السنوية. وتوجد معايير واضحة لهذا الدعم المالي وعلى المؤسسات التي تطلب الحصول على تمويل كهذا أن تستوفي شروطا يتم النشر عنها بين حين وآخر.

وقالت مسؤولة في منظمة تنشط في مجال الثقافة اليهودية، لكن ليس من وجهة النظر الأرثوذكسية أو الحريدية، إن "كل شيء يبدو قانونيا. فهناك أنظمة مفتوحة أمام الجميع، يتم نشرها على الملأ، وحتى أن مسجل الجمعيات ووزارة المالية يوجهان انتقادات أحيانا. ولكن من الناحية الفعلية، فإن الدعم المالي لا يتم تقسيمه بصورة متساوية بين المنظمات، وبالتأكيد ليس بصورة نزيهة. والمسؤولون في الوزارات يعرفون جيدا كيف يعوضون أولئك القريبين من قلوبهم أو من معتقدهم السياسي، ويهتمون بأن يحصلوا أكثر من الباقين".

وأضافت المسؤولة نفسها، طالبة عدم ذكر اسمها خوفا من قطع التمويل الحكومي عنها، أن "وزارة التربية والتعليم تضع عراقيل كثيرة أمام منظمات يهودية تؤمن بالتعددية الفكرية. وتتم مطالبة هذه المنظمات بإثبات نشاطها خلال سنوات ماضية، وخاصة في كل ما يتعلق بعدد ساعات التعليم وعدد المتعلمين. وبشكل عجيب، تكون هذه المعايير في صالح الجمعيات الحريدية. وهكذا نشأت دائرة مغلقة من الجمعيات من نوع معين تتمتع على مدار سنوات بدعم حكومي. ومن الصعب جدا على منظمات جديدة، خاصة إذا ما كانت تنشد التعددية الفكرية، الدخول إلى هذه الدائرة".

وقال شخص آخر يعمل في مجال التعليم والثقافة اليهودية إنه تتسرب من دوائر وزارة التربية والتعليم، المسؤولة عن بلورة أنظمة التمويل هذه، معلومات إلى الجمعيات الدينية والحريدية، حول تعديل الأنظمة والمبالغ والمعايير التي تحدد حجم التمويل.

وأضاف أن "المنظمات التي لا تطلع على هذه التغييرات بإمكانها أن تقدم طلبات للحصول على هذا الدعم حتى اليوم التالي. وفي أفضل الأحوال تحصل على بضع عشرات آلاف من الشيكلات".

وبالإضافة إلى شبكة "إل همعيان" المذكورة، فقد حصلت على دعم حكومي لـ "دروس التوراة والثقافة اليهودية خارج إطار منهاج التعليم الرسمي"، منظمات حريدية أخرى بمبالغ تزيد عن مليوني شيكل لكل منظمة، في حين حصلت منظمة غير حريدية على 99 ألف شيكل، رغم أن حجم نشاطها أكبر من حجم نشاط قسم من المنظمات الحريدية.

دعم المنظمات

الاستيطانية

وتمنح وزارة التربية والتعليم دعما مركزيا آخر إلى "المعاهد من أجل اليهودية ودراسة أرض إسرائيل". ووفقا للأنظمة التي وضعتها الوزارة فإن هذا الدعم موجه إلى معاهد تخدم مجمل تلاميذ المدارس اليهودية في إسرائيل.

لكن قائمة المنظمات التي تحصل على هذا الدعم تضمنت تمثيلا بارزا جدا للجمعيات التي تنشط في المستوطنات في الضفة الغربية. ومن هذه المنظمات الاستيطانية "مركز الجولات والتعليم سوسيا - جبل الخليل" و"معهد الخليل"، وقد حصلا على أكبر مبلغ من التمويل الحكومي وبلغ ما بين 550 - 600 ألف شيكل لكل واحدة من هاتين المنظمتين. وحصلت الجمعيات الاستيطانية على مبلغ إجمالي وصل إلى 3 ملايين شيكل، ويعادل ثلث الدعم في هذا المجال. وحصلت على أكبر مبلغ جمعية "معهد الجولان" وبلغ 692 ألف شيكل.

وحصلت جمعية" إلعاد" التي تعمل على تهويد حي سلوان الفلسطيني في القدس، على مبلغ 466 ألف شيكل. كذلك حصلت جمعية "المعهد لمعرفة الهيكل" على تمويل بمبلغ 189 ألف شيكل، وهي جمعية تنشط من أجل بناء الهيكل اليهودي في الحرم القدسي. وحصلت جمعية "مِرْحافيم" التابعة لحركة الكيبوتسات على أقل مبلغ من وزارة التربية والتعليم، وبلغ 61 ألف شيكل.

ومنحت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية دعما للجمعيات والمؤسسات خلال العام الأخير بمبلغ إجمالي وصل إلى 1ر10 مليار شيكل. ووفقا للصحيفة، فإن الوزارة رصدت قسما كبيرا منه للجمعيات والمؤسسات المقربة سياسيا وفكريا من المسؤولين في الوزارة، الذين هم بغالبيتهم العظمى متدينون ويمينيون.

ومنحت وزارة الثقافة والرياضة تمويلا لجمعية "شافي حيفرون"، أي المستوطنين العائدين إلى الخليل، والتي تنشط في البؤرة الاستيطانية "بيت رومانو" في قلب مدينة الخليل. وحصلت هذه الجمعية على تمويل من وزارة التربية والتعليم بمبلغ 6ر3 مليون شيكل. وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقة بين هذه الجمعية الاستيطانية وبين الثقافة اليهودية هي أن بين أهدافها "إقامة وتطوير ودعم مواقع سياحية ومواقع بداية الاستيطان في الخليل ومنطقتها". لكن وزارة الثقافة والرياضة منحت دعما ماليا لجمعيات لا توجد بينها وبين الثقافة والرياضة أية علاقة.

وتمنح وزارة الثقافة والرياضة دعما ماليا لتشجيع الرياضة في السلطات المحلية. وتبلغ ميزانية هذا البند 2ر2 مليون شيكل. ورغم أن هذه الميزانية لا تصل إلى الجمعيات الحريدية وإنما يتم منحها إلى ثلاثين سلطة محلية، لكن تبين من التقرير أن بين هذه السلطات المحلية سلطتين عربيتين فقط، هما في قريتي كفر مندا في الجليل الأسفل وأبو غوش قرب القدس. وحصلت القريتان على نحو 130 ألف شيكل، أي ما يعادل 9ر5% من هذه الميزانية.

وتدعي حكومة إسرائيل أنه يتم رصد ميزانيات خاصة للمواطنين العرب في إطار "أنشطة الثقافة العربية". لكن "هآرتس" أكدت أن حصة العرب في هذه الميزانية بلغت 9 ملايين شيكل وشكلت نسبة 7ر1% من ميزانية الدعم المالي الذي تمنحه الوزارة.

وادعت وزارة الثقافة والرياضة أن منح ميزانيات للوسط العربي يتم من خلال "تمييز تصحيحي"، وأنه في العام الماضي حصل الوسط العربي وفنانون فيه على دعم بملايين الشيكلات. لكن المعطيات دلت على أن مؤسسات عربية في إسرائيل حصلت على 7ر18 مليون شيكل، أي ما يعادل 9ر3% من ميزانية الدعم المالي الذي منحته الوزارة في العام 2011، علما أن نسبة العرب في إسرائيل حوالي 18%.

الحكومة تمول جمعيات

مقربة منها

وأشار التقرير إلى أن وزارة الثقافة والرياضة ومكتب رئيس الحكومة يمنحان دعما ماليا إلى "معهد جابوتينسكي" التابع لحزب الليكود. وتحول وزارة الثقافة والرياضة معظم التمويل لهذا المعهد بموجب بند "مؤسسات ثقافية وعلمية وبحثية"، بينما يمول مكتب رئيس الحكومة هذا المعهد بموجب بند "مجلس جابوتينسكي" أو "مراكز التخليد". ويشار إلى أن زئيف جابوتينسكي، الذي يحمل المعهد اسمه، هو الأب الروحي للتيار اليميني المتطرف في الحركة الصهيونية.

وارتفع التمويل الحكومي لجمعية "بيت تراث أوري تسفي غرينبرغ" بنسبة 30% خلال السنوات الأخيرة. وغرينبرغ هو شاعر يهودي وأحد القادة المؤسسين لحزب حيروت، الذي يعرف اليوم بحزب الليكود. وحصلت هذه الجمعية على 900 ألف شيكل في العام الأخير.

كذلك حصل "المعهد القومي على اسم رينيه مور"، وهو الذراع التربوية لـ "معهد جابوتينسكي"، على تمويل من وزارة الثقافة والرياضة ومكتب رئيس الحكومة. وتتولى شولاميت ليفنات، والدة وزيرة الثقافة والرياضة، ليمور ليفنات، منصب المديرة العامة لـ "المعهد القومي على اسم رينيه مور" منذ سنوات طويلة. وارتفع التمويل لهذا المعهد بحوالي 88%، وبلغ في العام الماضي 268 ألف شيكل. وكان تمويل هذا المعهد لسنوات كثيرة من اختصاص وزارة التربية والتعليم ولكن في سنوات أخرى تم تمويله من جانب مكتب رئيس الحكومة.