(هحالوتس) بالعبرية تعني (الطلائع). وهي منظمة شبيبة يهودية عالمية، قامت بتهيئة الشبان اليهود للهجرة إلى فلسطين وللعمل والاستيطان فيها. ولقد انتظمت المجموعة الأولى من (هحالوتس) في اوديسا في روسيا العام 1905، ثم في الولايات المتحدة العام 1911. أما التنظيم الكبير والواسع فكان العام 1917 في روسيا وأوروبا الشرقية. وكان يوسف ترومبلدور أحد المؤسسين والمساهمين في هذه المنظمة.
وكان أعضاء (هحالوتس) القوة الدافعة للهجرة الثالثة التي غيرت من مبنى الصهيونية والحركة الاستيطانية في فلسطين. والتأم مندوبو (هحالوتس) في مؤتمرهم التأسيسي العام 1921 في مدينة كارلسباد في تشيكوسلوفاكيا، ووضعوا أهدافاً عامة لمنظمتهم، ومنها: ضرورة التحضير المادي والروحي لحياة العمل في فلسطين، والاهتمام بالتراث اليهودي واللغة العبرية وآدابها المتنوعة لإثراء حياة المهاجرين وتعميق ارتباطهم بأرض آبائهم وأجدادهم.
وتم تجميع الشباب في مجمعات خاصة لتحضيرهم للأهداف المذكورة أعلاه. إلا أن انشقاقاً وقع داخل المنظمة العام 1923 بسبب تباين الآراء والتوجهات في شكل الاستيطان، وهل يكون كيبوتسات أم قرى عمالية ؟!
عقد مؤتمر العام 1926 لمنظمة (هحالوتس) في دانتزيغ ووضعت فيه الأسس العملية لحركة طلائعية، وأهمها العمل الذاتي وإحياء اللغة العبرية وآدابها، وإقامة صلة قوية مع نقابة العمال العامة في فلسطين والمساهمة الفعلية في إعمار البلاد والاستيطان فيها.
وتم الاتفاق على أن تكون وارسو (بولندا) مركزاً عالمياً للمنظمة، وأُقيمت فيها دار للنشر تابعة للمنظمة باسم (يسودوت) (أي أُسس)، وصدرت عنها نشرة كل أسبوعين باسم (عتيد) (أي مستقبل). وأُقيمت أيضاً مجمعات تحضيرية للطلائعيين الراغبين في الهجرة مستقبلاً إلى فلسطين. قامت المنظمة بفتح فروع لها في عدة بلدان، ووصل عدد المنتمين لها عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية حوالي مئة ألف طلائعي منتسب.
أُصيبت المنظمة بضربة قوية نتيجة الملاحقات من قبل النازية، حيث هرب عدد كبير منهم إلى فلسطين، وقام آخرون بالعمل سرّاً في الغيتوات التي اقامتها النازية في المانيا والبلاد الاخرى التي احتلتها، وتركزت أعمال افرادها على تقديم المساعدة والعون في تنظيم التمردات والثورات. وتركز عملهم أيضا في نقل أعداد من اليهود خارج البلاد التي احتلها النازيون.
انتهى نشاط هذه المنظمة عملياً مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، مع العلم أنها حافظت على وجودها اسمياً حتى قيام اسرائيل العام 1948، وبعدها زالت عن الوجود.
نسجت كتب التاريخ اليهودي والأدب أيضاً قصصاً وحوادث كثيرة حول بطولات قام بها أفراد من هذه المنظمة، هي أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة.
