*محلل سياسي: إسرائيل بالنسبة لنتنياهو هي أولا وقبل كل شيء دولة يهودية وفقط بعد ذلك هي ديمقراطية*
كتب بلال ضاهر:
ربما ما زال من السابق لأوانه التحدث عن السلام بين إسرائيل والعرب عموما، وبين إسرائيل والفلسطينيين خصوصا، لأن إسرائيل ليست مستعدة للسلام، ولم تصل حتى الآن إلى مرحلة نضوج تمكنها من صنع السلام. ولعل البعض يرى أنها تسعى إلى إعادة تعريف نفسها قبل خوض المفاوضات مع الفلسطينيين، من خلال مطالبتهم بالاعتراف بيهوديتها أو رسم حدودها الجديدة. لكن من الواضح أن إسرائيل في طريقها إلى نضوج معاكس، ضد السلام والديمقراطية والتنور عموما، ونحو التطرف القومي وتنامي العنصرية وتعميق التمييز بين اليهود والعرب، ومحاربة حرية التعبير وملاحقة كل من يحمل ليس فكرا فحسب وإنما أيضًا مجرد رأي تُشتم منه رائحة ليبرالية. إن السجال الساخن في إسرائيل الآن هو هل هذه الدولة تسير نحو الفاشية أم أنها أصبحت دولة فاشية.
الغالبية العظمى من المفكرين والأكاديميين في إسرائيل يشددون على أن الوضع في إسرائيل، اليوم، يشير إلى أن الدولة لم تصل إلى الفاشية وإنما هي تسير نحوها، وبسرعة. والأدوات، الظاهرة للعيان، المستخدمة في ترسيخ التمييز والعنصرية ومعاداة الليبرالية، تتمثل في مجموعة قوانين، وتشكيل حركة فوقية لليمين الإسرائيلية، هي حركة "إم ترتسو" (إذا أردتم)، ومؤسسات مثل "معهد الإستراتيجيا الصهيونية"، الذي يضم قادة المستوطنين وكبار الوزراء الإسرائيليين. وهناك أيضا وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي يشارك الكثيرون من صحافييها في الحملة اليمينية ضد العرب والليبراليين اليهود، مثلما حدث في ملاحقة المسؤولين عن "الصندوق الجديد لإسرائيل" الذي يمول جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني.
لكن هناك أدوات ليست ظاهرة للعيان ويجري شحذها، على ما يبدو، في الخفاء. وقبل عشرة أيام تم الكشف عن إحدى هذه الأدوات: تدريب أمني، لم يتم الكشف عنه إلا بعد انتهائه، تناول سيناريو حدوث مواجهات بين قوات الأمن الإسرائيلية ومتظاهرين عرب يحتجون على التوقيع على اتفاق سلام متخيل ومزعوم يقضي بنقل بلدات عربية في المثلث إلى السلطة الفلسطينية. وتدل التطورات التي أعقبت الكشف عن هذا التدريب على أن السلطات الإسرائيلية سعت إلى الامتناع عن التعامل مع هذا الموضوع، والإعلام الإسرائيلي لم يتناوله. وبالمناسبة، فإن الإعلام العربي أيضا لم يتناوله إلا باقتضاب شديد، ومعظم وسائل الإعلام العربية تجاهلته. وفي رده على استجواب نواب عرب في الكنيست، نفى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، إسحاق أهارونوفيتش، تفاصيل التقرير حول التدريب الأمني الذي بثته الإذاعة العامة الإسرائيلية. لكن التقرير أعدته المراسلة العسكرية للإذاعة، كرميلا منشيه، التي تعتبر من أهم المراسلين العسكريين، حتى بالنسبة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وليس معروفا عنها، في موقعها الحساس في الإذاعة الرسمية، أنها من نوع المراسلين الذي يختلق تقاريره أو يبالغ فيها.
إنه نتنياهو
وليس ليبرمان
ويظهر من التقرير أن هذا التدريب الأمني يدل على أن البرنامج السياسي المتطرف، الذي يطرحه وزير خارجية إسرائيل وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، بشأن "تبادل الأراضي والسكان"، والذي حاول رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، التبرؤ منه في أعقاب خطاب ليبرمان في الأمم المتحدة، قبل أسبوعين، بات على أجندة أجهزة الأمن الإسرائيلية. وبموجبه فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية أنهت، يوم الخميس (7.10.2010)، تدريبا واسع النطاق "يحاكي مواجهة عمليات تفجيرية تنفذها حماس ومظاهرات ينظمها عرب إسرائيل في أعقاب توقيع اتفاق مع السلطة الفلسطينية. وحاكى التدريب سيناريوهات متطرفة تجري خلالها مظاهرات عنيفة في الوسط العربي في أعقاب اتفاق على تبادل سكان مع السلطة الفلسطينية". وأشرفت على التدريب سلطة السجون الإسرائيلية وشاركت فيه الشرطة والشرطة العسكرية وقوات الإطفاء وغيرها من أجهزة الأمن الإسرائيلية. وتم خلاله التدرب على إقامة معسكر اعتقال عند مفترق طرق "غولاني" على الطريق بين مدينتي الناصرة وطبرية، لزج معتقلين من العرب في إسرائيل فيه. وحاكى التدريب أيضا محاولات من جانب حماس للسيطرة على الضفة الغربية، على غرار سيطرة الحركة على قطاع غزة، واستئناف العمليات التفجيرية وحدوث مواجهات يقودها الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية وإطلاق صواريخ باتجاه هذه السجون. ووفقا للسيناريوهات التي تعاطى معها التدريب فإنه سيتم إطلاق سراح 1500 فلسطيني تم اعتقالهم بسبب تواجدهم في إسرائيل بدون تصريح دخول إلى الأراضي الإسرائيلية بهدف إخلاء السجون استعدادا لاستيعاب أسرى فلسطينيين مكانهم خلال 24 ساعة. ولغرض إجراء التدريب أقامت سلطة السجون الإسرائيلية موقعين شبيهين بسجن إسرائيلي من أجل التدرب على عمليات إنقاذ كما تم التدرب على مواجهة احتمال فرار سجناء جنائيين وقيام مروحيات بتعقب آثارهم. كما جرى التدرب على قيام الأسرى باختطاف سجانين واحتجاز رهائن وما إلى ذلك.
وفي تقرير آخر كتب المحلل السياسي في صحيفة هآرتس، ألوف بن، في 13.10.10، أن "الجهد الأساسي الذي تبذله حكومة نتنياهو موجه لقمع التطلعات السياسية للمجتمع العربي في إسرائيل. والطاقة التي تستثمرها السلطة من أجل تحقيق هذه الغاية أكبر من الطاقات التي تستثمرها في دفع العملية السياسية أو إحباط التهديد (النووي) الإيراني". وأضاف أن الجهود الإسرائيلية لقمع تطلعات الأقلية العربية "متعددة الجبهات ويتم التعبير عنها من خلال مبادرات سن قوانين وإجراء تغييرات في جهاز التعليم وأنشطة رمزية وخطوات دبلوماسية تهدف إلى تحصين هوية إسرائيل اليهودية". وشدد بن على أنه في المقابل "تتم مطالبة الأقلية العربية بالتنازل عن مطلبها بالحصول على ديمقراطية ومساواة أكثر" مع المواطنين اليهود.
وأشار الكاتب إلى أنه على الرغم من أن تصعيد التوتر الداخلي يقترن بشكل عام بليبرمان، الذي يقف على رأس عملية قمع العرب في إسرائيل ومن خلفه الوزيران إلياهو يشاي، رئيس حزب شاس، ووزير العدل يعقوب نئمان، "لكنهم ليسوا أكثر من مجرد حاملي الراية، ويختبئ خلفهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو"، مشددا على أن هذا الأخير "هو المبادر والمحرك لهذه السياسة، رغم أنه يقلل من الحديث حول الموضوع والتحريض ضد العرب". وأوضح بن أن "نتنياهو يرى أن إسرائيل هي جزء لا يتجزأ من الغرب وثقافته. وتاريخ العرب وثقافتهم ولغتهم لا تثير فضوله، ومنذ عودته إلى سدة الحكم زار مرة واحدة بلدة عربية (هي شفاعمرو)، وهو لا يجري حوارا مع قادة الأقلية العربية أو مع مثقفين عرب". وأضاف أنه "وفقا لما هو معروف فإن نتنياهو لا يكره العرب ولا يتحدث عنهم بصورة عنصرية واستعلائية مثل (رئيس الحكومة الأسبق) أريئيل شارون، وإنما يبتعد عنهم فقط". وأشار بن إلى أن نتنياهو كشف عن سياسته ودوافعه خلال مؤتمر هرتسليا، قبل سبع سنوات، عندما كان وزيرا للمالية في حكومة شارون، حيث قال إن "لدينا مشكلة ديمغرافية لكنها لا تتركز بعرب فلسطين وإنما بعرب إسرائيل. فإذا اندمج السكان العرب بشكل رائع (في المجتمع الإسرائيلي) ووصل عددهم إلى 35% أو 40% من مجمل عدد سكان الدولة، فعندها ستصبح الدولة اليهودية لاغية وتتحول إلى دولة ثنائية القومية". وتابع نتنياهو أنه حتى "لو بقيت نسبتهم كما هي اليوم، أي حوالي 20% أو حتى أصبحت أقل، لكن العلاقات ستكون صارمة ومتحدية وعنيفة وما إلى ذلك، فإنه في هذه الحالة أيضا سيتم المس بادعائنا حول النسيج الديمقراطي". ووفقا لبن فإن أفكار نتنياهو في هذا الموضوع لم تتغير بعد أن أصبح رئيس حكومة "وبالنسبة له فإن إسرائيل هي أولا وقبل كل شيء دولة يهودية وفقط بعد ذلك هي ديمقراطية. والمشروع الحكومي لترميم المواقع التراثية، الذي يفتخر نتنياهو به، يتركز على المواقع اليهودية والصهيونية ويتجاهل التراث العربي". إضافة إلى ذلك فإن "وزارة التربية والتعليم التي يتولاها غدعون ساعر، المقرب من نتنياهو، تطهر المنهاج الدراسي من أي ذكر للنكبة، كما أن مشاريع قوانين الولاء (ليهودية إسرائيل) تتقدم بشكل آمن نحو كتاب القوانين. وفوق كل هذا، هناك مطلب نتنياهو من الفلسطينيين أن يعترفوا بإسرائيل على أنها ’دولة الشعب اليهودي’ التي تبدو له كحصن أمام أي مطالب مستقبلية بشأن إدارة ذاتية عربية في النقب والجليل". وفي مقابل قمع طموحات العرب السياسية يطرح نتنياهو على الأقلية العربية "سلاما اقتصاديا داخليا. فهو يعرف أن إسرائيل ستواجه صعوبة في النمو الاقتصادي في المستقبل إذا لم ينخرط العرب في قوة العمل". ورأى بن أن احتمالات عودة اليسار الصهيوني إلى الحكم في إسرائيل مرتبط بتجنيد مصوتين عرب لتأييد الأحزاب اليهودية أو الأحزاب اليهودية العربية. وأشار إلى أن النمو الطبيعي في إسرائيل يتركز على الحريديم، أي اليهود المتشددين دينيا، والعرب، الأمر الذي يزود احتياطيا كبيرا من المصوتين لأحزاب اليمين ويؤدي إلى تراجع مخزون الأصوات لدى اليسار اليهودي. وكلما يتم إبعاد العرب عن الحلبة السياسية ويتركز تصويتهم على الأحزاب العربية، مثلما حدث في الانتخابات العامة الأخيرة، فإن اليسار الصهيوني يبتعد عن إمكانية الحصول على أغلبية وبذلك سيبقى اليمين في الحكم. وخلص بن إلى أن "هذا هو المغزى البعيد الأمد للصراع الداخلي الذي تقوده حكومة نتنياهو".
الطريق إلى
الفاشية
كانت مصادقة حكومة إسرائيل، يوم الأحد من الأسبوع الماضي (في 10.10.2010)، على تعديل قانون المواطنة، آخر حدث يدل على عنصرية النظام في إسرائيل. وينص التعديل على إلزام أي شخص غير يهودي يطلب الحصول على المواطنة الإسرائيلية بأن يوقع على تصريح بالولاء لإسرائيل "كدولة يهودية وديمقراطية". وقد قدم اقتراح التعديل على قانون المواطنة عضو الكنيست دافيد روتم من حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي يتزعمه ليبرمان، وبدعم من نتنياهو. وفي مساء ذلك اليوم تظاهر مثقفون وأدباء وفنانون ضد قرار الحكومة، وقرأوا خلال التظاهرة "وثيقة استقلال إسرائيل"، التي تنص على المساواة بين المواطنين دون تمييز في الجنس أو العرق أو اللون. وفي الغداة نشروا وثيقة جديدة بعنوان "وثيقة الاستقلال من الفاشية".
لكن الأمر لم ينته بإقرار تعديل قانون المواطنة، الذي يرجح أن يحصل على تأييد أغلبية في الكنيست. ففي أعقاب إقرار التعديل ونشوة الانتصار، أعلن ليبرمان أمام الوزراء خلال اجتماع الحكومة نفسه، أنه بصدد طرح قانون ولاء جديد، هو عبارة عن تعديل لقانون السجل السكاني. وأفادت صحيفة "إسرائيل اليوم" (11.10.2010) بأن ليبرمان أوضح أنه لا ينوي الاكتفاء بتعديل قانون المواطنة وإنما سيطرح قريبا قانونا يقضي بأن يوقع كل مواطن إسرائيلي يبلغ سن 16 عاما على تصريح يتعهد فيه بالولاء لإسرائيل وإلا فإنه لن يحصل على بطاقة الهوية الإسرائيلية. وأشارت الصحيفة إلى أنه تم وضع مشروع القانون هذا على طاولة الكنيست في شهر أيار من العام الماضي وأعده عضو الكنيست دافيد روتم من حزب "إسرائيل بيتنا" ولم يتم التصويت عليه بالقراءة التمهيدية حتى الآن.
وينضم هذا القانونان إلى سلسلة مشاريع قوانين مطروحة الآن على جدول أعمال الكنيست وتحظى بتأييد الأغلبية اليمينية فيها، وبضمن ذلك أعضاء كنيست من حزب كاديما المعارض. وبين هذه المشاريع، مشروع قانون قدمته عضو الكنيست رونيت تيروش، من كاديما، ضد الجمعيات والهيئات والمؤسسات "التي تتآمر على الدولة وتلحق أضرارا بها" على خلفية "ما نشهده من وجود جمعيات ومنظمات إسرائيلية (يهودية وعربية) تعمل في الخفاء ضد إسرائيل".
وطرح عضو الكنيست زئيف ألكين من حزب الليكود مشروع قانون يحظر على الإسرائيليين تأييد "مقاطعة أكاديمية أو اقتصادية وما إلى ذلك، يتم فرضها على الدولة ومواطنيها ومجمعات اقتصادية فيها". كذلك طرح عضو الكنيست أوفير أكونيس، من الليكود أيضا، مشروع قانون يطالب بإخراج الحركة الإسلامية - الجناح الشمالي عن القانون. وقدم عضو الكنيست ميخائيل بن أري، أحد أتباع الحاخام الفاشي مائير كهانا، مشروع قانون يقضي بمنع منتجي أفلام يتلقون دعما من الدولة أن ينتقدوا إسرائيل. واعتبر بن آري أن مصدر المشكلة هو "دفاع السلطة القضائية عن حرية التعبير الذي شجع أقوالا قاسية وأفكارا مثيرة للغضب من جانب فنانين إسرائيليين".
وطرح روتم، وهو رئيس لجنة القانون والدستور التابعة للكنيست، مشروعي قانون يمنحان حقوقا للمسرحين من الخدمة العسكرية ويسلبان حقوق من لم يخدم في الجيش الإسرائيلي. ويشمل مشروع القانون الأول منح مكافآت اجتماعية ومكافآت في السكن، بينما يمنح الثاني المسرحين من الجيش أفضلية في الحصول على وظائف حكومية.
وتثير الهجمة الممأسسة ضد العرب ومشاريع القوانين العنصرية نقاشا بين الأكاديميين الإسرائيليين حول طبيعة النظام الناشئ في إسرائيل. وقالت عضو الكنيست السابقة وعميدة مدرسة الحكم والمجتمع في الكلية الأكاديمية تل أبيب- يافا، البروفسور نعومي حزان، إنه "بالإمكان القول بكل تأكيد إنه توجد اليوم في إسرائيل توجهات فاشية مقلقة. والتعبير المركزي عنها يتمثل في عدم وجود حوار شعبي مفتوح وإنما عكس ذلك، فهناك قوى تعمل طوال الوقت على تقليصه. ويتحدثون عمن هو وطني أكثر ومن هو وطني أقل. لا يوجد بحث حول المضامين والأفكار وإنما عن الولاء والإخلاص (لإسرائيل)" (يديعوت أحرونوت - 15.10.2010).
وأضافت أن "الدولة تمر بتغيير جوهري، ولا أحد ينتبه إلى ذلك. فحملة انتخابية يكون شعارها ’لا مواطنة من دون ولاء’ [حملة ليبرمان] هي حملة عنصرية. وعندما تمر حملة كهذه بهدوء فإننا نصل بسهولة إلى تشريعات عنصرية... وعندما تتدهور الأمور فلن يتمكن أحد من وقفها".
من جانبه اعتبر البروفسور روبرت فاكستون، الذي وصفته "يديعوت أحرونوت" بأنه من كبار الباحثين في موضوع الفاشية، أن تصاعد النزعات اليمينية والقومية المتطرفة في إسرائيل يأتي في إطار "ردود الفعل الإسرائيلية على الانتفاضتين". واعتبر أن "الهوية القومية الإسرائيلية كانت مرتبطة بشكل وثيق جدا باحترام حقوق الإنسان... لكن هذا التوجه ضعف لسببين: التشدد في المواقف مقابل التعنت الفلسطيني، وانتقال مركز الثقل بين السكان من اليهود الأوروبيين، الذين كانوا حاملي راية التراث الديمقراطي، إلى اليهود من شمال إفريقيا وأماكن أخرى في الشرق الأدنى الذين لا يبالون بهذا التراث". رغم ذلك إلا إنه يرى أن "نموذج الفاشية الذي من المحتمل أن ينشأ في إسرائيل هو الفاشية الدينية، إذ إن الفاشية الكلاسيكية تنفر من الدين وتتطلع إلى أحذ مكانه كمركز قوة وحيد".
وتطرق رئيس "مركز هيرطمان" الحاخام الدكتور دانيئيل هيرطمان إلى تعديل قانون المواطنة. وقال لـ "يديعوت أحرونوت" إنه "لا توجد علاقة بين قسم الولاء واليهودية، وإنما بين قسم الولاء والحاجة إلى السيطرة. والنقاش حول قانون الولاء يخلق وضعا فاسدا: بدلا من أن تستخدم اليهودية لانتقاد القومية، تحولت إلى أداة يتم الوصول عن طريقها إلى الفاشية".
وأشار المؤرخ البروفسور زئيف شطيرنهل إلى أن "المفهوم بأن لدينا حقوقا لا يكتسبها الآخرون هو وليد مباشر للاحتلال. رغم ذلك فإن علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا، فأمور كهذه كانت موجودة في سنوات الثلاثين والأربعين أيضا [بين الحركات الصهيونية]. والاعتقاد أنه لا يوجد للعرب حق في البلاد راسخ بشكل عميق في الفكر السياسي اليهودي". وشدد على أن "اليمين المتطرف الإسرائيلي موجود في الطريق إلى الفاشية، وهو ليس ملزما بالوصول إلى هناك، لكنه في الطريق... وبالمناسبة فإن الأنظمة التي لم تعتبر فاشية في أميركا الجنوبية مثلا، كانت أكثر وحشية ودموية من موسوليني" في إشارة إلى الزعيم الفاشي الايطالي.
ولخصت البروفسور نعومي حزان النقاش حول الفاشية في إسرائيل بالقول إنه "في البداية تمت مهاجمة العرب، لكنني لست عربيا فسكتّ. بعد ذلك هاجموا نشطاء حقوق الإنسان، لكنني لست كذلك فسكت. وبعد ذلك هاجموا الأكاديميين... وهكذا دواليك. وفي نهاية المطاف ستصل التهجمات إلينا جميعا، لكن الوقت سيكون متأخرا. ولن يتمكن أحد من النهوض والتحدث ورفع صوته من أجلنا. وهذه هي الفاشية بالضبط".