شارون يرفض استقالة مستشاره لشؤون الامن القومي

وثائق وتقارير

يجري مراقب الدولة الإسرائيلي تحقيقا في أعقاب الكشف عن أبحاث جرت في كلية طب الأسنان في جامعة تل أبيب على البشر والحيوانات. وبرزت شكوك من تحقيق نشرته صحيفة هآرتس، يوم الثلاثاء الماضي، أن كبار الباحثين في كلية طب الأسنان أجروا الأبحاث على البشر والحيوانات من دون الحصول على إذن خاص لذلك من الجهات المخولة بالمصادقة على إجراء تجارب كهذه.

 

كذلك تبين من التحقيق الصحافي أن الهدف من هذه التجارب هو تطوير منتج طبي وجني أرباح طائلة من ذلك. وأظهر تحقيق هآرتس أيضا، وجود صراعات بين كبار الباحثين في كلية طب الأسنان على خلفية تجارية تتعلق بالأبحاث التي أجريت على المنتج الطبي وبتقاسم الأرباح التي حصل عليها الباحثون.

وأفاد تحقيق هآرتس أن بحثا أداره البروفسور تسفي أرتسي، وهو باحث كبير في كلية طب الأسنان في جامعة تل أبيب، تم خلاله إجراء تجارب على قطط في ظروف يشتبه بأنها غير قانونية. وقد حقق في هذه القضية مجلس التجارب على الحيوانات التابع لوزارة الصحة الإسرائيلية. وليس معروفا حتى اليوم ما هو جوهر البحث الذي يجريه البروفسور أرتسي، لأنه لم يتم النشر عن البحث حتى اليوم. لكن يبدو أن ثمة أمرا واحدا معروفا وهو أن الغالبية الساحقة من التجارب التي أجريت على الحيوانات في العقد الأخير في كلية طب الأسنان في جامعة تل أبيب، فحصت منتجا طبيا واحدا اسمه أوسيكس (OSSIX).

وأوسيكس هو غشاء عظمي اصطناعي يمكن من نمو عظام في الأسنان بعد زرعها. وتم تطوير أوسيكس على يدي الباحث في كلية طب الأسنان في جامعة تل أبيب، البروفسور ساندو بيترو بالتعاون مع جراح العظام البروفسور متتياهو نوف. وتم إجراء التجارب الأولى على الغشاء في سنوات التسعين، وفي العام 2000 تمت المصادقة على هذا المنتج في الولايات المتحدة، وبعد ذلك صادقت عليه وزارة الصحة في إسرائيل، وبعد ذلك تم تسويقه تجاريا. وأقام بيترو ونوف شركة باسم "كولبر"، تم بيعها لشركة الأدوية العالمية "جونسون أند جونسون" في العام 2006 مقابل مبلغ 159 مليون دولار. لكن في شهر تشرين الثاني من العام الماضي 2009 تم إغلاق شركة "كولبر" وتوقف صنع منتج أوسيكس.

لكن في شهر كانون الأول الماضي، أي بعد شهر واحد من إغلاق "كولبر"، تلقى عميد كلية طب الأسنان في جامعة تل أبيب، البروفسور يوسي ماكوري، رسالة تضمنت شكوى حول إجراء تجارب على البشر في العام 2005، وقبل بيع "كولبر". ويشار إلى أن أربعة باحثين كبار في كلية طب الأسنان هم الذين باعوا هذه الشركة وهم البروفسور عوفر موزيس والبروفسور تسفي أرتسي والبروفسور كارلوس نيماكوفسكي والبروفسور ساندو بيترو الذي طور المنتج الطبي أوسيكس. وادعى مرسل الشكوى أن الباحثين الأربعة أجروا بحثهم الذي قارن بين أوسيكس ومنتجين منافسين هما بيو جايد (Bio Gide) الذي تصنعه شركة غايستليخ السويسرية وغور تيكس (Gore tex)، من دون الحصول على مصادقة لجنة هلسنكي في جامعة تل أبيب المخولة بالمصادقة على منح إذن لباحثين بإجراء تجارب على البشر.

وفي شهر نيسان الماضي بعث مرسل الشكوى الأولى برسالة ثانية إلى ماكوري وحثه فيها على التعامل مع الشكوى. وشكل ماكوري لجنة طاعة خاصة للتدقيق في الادعاءات الواردة في الشكوى وتمت دعوة الباحثين الأربعة للمثول أمامها. لكن الموقع على الرسالتين اللتين طالبتا بالتحقيق في إجراء تجارب غير قانونية على البشر، وهو الطبيب البيطري الدكتور أندريه منشيه، نفى أنه قام بإرسالهما. ويعمل منشيه مستشارا لجمعية "من خلف أبواب المختبرات" التي تعنى بحماية الحيوانات. رغم ذلك فإن الباحثين الأربعة يدعون أنه في الفترة التي أجروا فيها التجارب، قبل العام 2005، لم يكونوا مطالبين بالحصول على إذن لإجراء تجارب على البشر لأن الأنظمة التي تلزم بالحصول على إذن كهذا بدأ سريانها منذ العام 2006. وطالب البروفسور بيترو من خلال رسالة وجهها بواسطة محاميه إلى مراقب الجامعة بإجراء تحقيق في الرسالة المزورة، التي طالبت بإجراء تحقيق في أبحاثه.

من جهة ثانية تبين أن لجنة الطاعة لا تنظر فقط في الشكوى بشأن الأبحاث التي أجراها الباحثون الأربعة، وإنما تنظر أيضا في أبحاث أجراها رئيس كلية طب الأسنان في جامعة تل أبيب، البروفسور حاييم طال، حول أوسيكس. وأجرى طال هذه الأبحاث من خلال تجارب على البشر أولا وثم على حيوانات، وهو أمر مفاجئ وغريب بحد ذاته.

وتبين أيضا أن العلاقات بين بيترو وطال متوترة. فقد قدم طال دعوى إلى المحكمة المركزية في تل أبيب ضد بيترو وشريكه في إقامة شركة "كولبر"، متتياهو نوف، وادعى فيها أن الاثنين أخفيا عنه معلومات حول إقامة الشركة وأنهما سلبا حقه وحصته في اختراع أوسيكس. وانتهت الدعوى بتسوية مالية، لكن القطيعة في العلاقات بين طال وبيترو ما زالت قائمة حتى الآن. ولذلك فإنه في الأبحاث التي أجراها طال شارك فيها أرتسي ونيماكوفسكي وموزيس والبروفسور أفيطال كوزلوفسكي، وهؤلاء جميعا وقعوا على البحث الذي انتهى في العام 2006 وتم نشره في العام 2008 في المجلة العلمية "Clinical Oral Implants Research" واطلعت عليه جمعية "من خلف أبواب المختبرات". وأجرى هذا البحث مقارنة بين أوسيكس الإسرائيلي وبيو جايد السويسري. وتم فيه فحص، أو عمليا إجراء تجارب على 52 شخصا بينهم 30 امرأة و22 رجلا. وتبين أن هذا البحث أجري من دون الحصول على مصادقة لجنة هلسنكي في جامعة تل أبيب.

وهذه المرة توجه الدكتور أندريه منشيه الحقيقي باسم جمعية "من خلف أبواب المختبرات" إلى وزارة الصحة الإسرائيلية مطالبا بالتدقيق في إجراء تجارب على البشر من دون الحصول على إذن لتنفيذ ذلك. وفي أعقاب الشكوى أجرت المحامية طاليا أغمون من الدائرة القانونية في الوزارة تدقيقا، ووجدت أن هذه التجارب على البشر أجريت فعلا من دون الحصول على مصادقة لجنة هلسنكي، لكنها قالت إن البروفسور طال أوضح لها أنه بموجب الأنظمة لم يكن بحاجة إلى الحصول على مصادقة لجنة هلسنكي. وفي إثر ذلك قررت وزارة الصحة إنهاء التحقيق في الموضوع. وكتبت أغمون في قرار الوزارة أنه "من الناحية القانونية فإن الوضع القانوني الحالي، لأسفنا، لا يُخضع الجامعات بشكل واضح لإشراف وزارة الصحة في موضوع التجارب وهو وضع نعتزم تغييره".