أولمرت: الحملة العسكرية على لبنان لن تحدّد بزمن

وثائق وتقارير

أصدرت جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية، في مطلع الأسبوع الجاري، تقريرا خاصا عن معاناة الأهالي الفلسطينيين في القدس جراء ممارسات المستوطنين والبؤر الاستيطانية، وجراء مؤازرة سلطات الاحتلال لهم، وتشارك في هذا أيضا شركات الحراسة التي يتم نصب عناصرها عند مداخل البؤر الاستيطانية.

 ويركز التقرير بشكل خاص على الملاحقات وظاهرة اعتقال الأطفال، إذ تنقل محامية الجمعية نسرين عليان عن الأهالي قولهم إنه منذ مطلع العام الجاري جرت أكثر من 300 عملية اعتقال لأطفال، ومن بين الأطفال الملاحقين ثمة من تعرض للاعتقال أكثر من مرّة.

 

 

فيما يلي مقاطع واسعة من التقرير مع مراعاة عدم التدخل في المصطلحات والصياغات التي تضمنها.

 

مدخل

 إن كل مَن يتجوّل في الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية في السنوات الأخيرة، لا سيما في تلك الأحياء القائمة حول القدس القديمة، لا يستطيع إلا أن يرى المزيد من المواقع المحاطة بالأسوار التي يقف على مداخلها حراس مسلحون. في هذه المواقع المقامة داخل الأحياء الفلسطينية المبنية باكتظاظ شديد يعيش اليوم ألفان من اليهود وتنشط فيها عشرات المؤسسات العامة التي تقدم لهم الخدمات. والحديث هنا ليس عن استيطان عشوائي وإنما عن مشاريع مدروسة ومخططات لجمعيات سياسية هدفها المعلن هو تهويد القدس الشرقية.

 

إن التواجد الدائم لهؤلاء الجيران الجدد المحميين بحراسة مسلحة دائمة هو تواجد ذو أبعاد كثيرة على نسيج الحياة في الأحياء العربية، إذ تنشأ احتكاكات كثيرة بين المستوطنين اليهود وبين السكان الفلسطينيين وقد انتهت غير مرة بأحداث عنيفة واعتقالات وإجراءات قضائية، موجّهة في غالبيتها ضد الفلسطينيين.

 

تشمل شهادات السكان الفلسطينيين القاطنين في هذه الأحياء شكاوى عن عنف جسدي ولفظي من جانب المستوطنين والحرّاس، وعن إرهاب الأولاد ومضايقات متنوعة بما في ذلك انتهاكهم لحرمات البيوت عن طريق التصوير في الحيز الخاص وإغلاق طرق وساحات عامة وغيرها. تحوّلت المواجهات بين المستوطنين وحراسهم وسكان الأحياء الفلسطينيين إلى أمر روتيني، وتنزلق في بعض الأحيان إلى صدامات عنيفة بالأسلحة النارية.

 

المستوطنون أيضا يشكون من أعمال عنيفة من جانب الفلسطينيين مثل: رمي الحجارة وتخريب ممتلكات وشتائم وما إلى ذلك. ولكن الظاهرة الأخطر في إطار الشكاوى المتبادلة تتضح من شهادات السكان الفلسطينيين، والتي تعكس صورة قاتمة بشأن تطبيق انتقائي للقانون والنظام من جانب سلطات القانون، وعدم توفير الحدّ الأدنى من الحماية للسكان الفلسطينيين.

 

 

العنف برعاية

الشرطة

 

تسير الحياة في الأحياء الفلسطينية، التي ازداد فيها في السنوات الأخيرة التواجد اليهودي، على حافة العنف. "حتى أمور عادية أساسها الصدفة، مثل أن تلتقي بهم في الممر، تُفضي دائما إلى الصراخ وتنشأ صدامات من أبسط الأمور"، كما تقول رئيسة موسى الكركي، من سكان حارة السعدية في البلدة القديمة. وحقا، فإن الفلسطينيين والمستوطنين الذين يقطنون في هذه الأحياء يؤكدون أن التوتر ينطوي على نتائج مروّعة: تعابير عنصرية، شتائم نابية، رمي نفايات على مداخل البيوت وساحاتها، تدافع، شجارات، تهديدات بل وحتى عنف جسدي وإشهار مسدسات.

 

يتجاور في أحياء القدس الشرقية فلسطينيون ومستوطنون، في ازدحام سكاني وجو مشحون سياسياً إلى حدّ كبير. مجتمعان يحملان شحنتين أيديولوجيتين واضحتين وأحيانا متناقضتين، كان يُتوقّع من الشرطة أن تفعل كل شيء لمنع المواجهات المحتملة بينهم بشكل مهني ومتساو. إلا إن سكان الأحياء الفلسطينيين يشتكون من أنه في حالات كثيرة جدا، عندما يتعرضون لعنف لفظي أو لعنف جسدي، لا تطبق الشرطة القانون ولا تعمل للجم المستوطنين المتهمين بممارسة العنف.

حسب ما ورد عن السكان الفلسطينيين، لا تحرّك الشرطة ساكنا في حالات كثيرة لدى استدعائها، فتكون النتيجة اتساع مظاهر العنف.

 

يشكو السكان الفلسطينيون أيضا من امتناع الشرطة عن التحقيق في شكاويهم حول تخريب ممتلكاتهم. هكذا مثلا يدّعي نبيل الكُرد من الشيخ جراح، الذي يتقاسم ساحة بيته مع مستوطنين استولوا على قسم من بيته واستوطنوا في الحي منذ صيف 2009، أنه في شهر نيسان هذا العام تم تخريب قسم من ألعاب أولاده وسرقة القسم الآخر، إلا إن الشرطة أغلقت شكواه التي ادّعى فيها الكرد أن المستوطنين وضيوفهم هم الفاعلون، بعد شهر من تقديم شكواه.

 

 

مشتبه فيهم

على الدوام

 

مرات عديدة يقدّم فيها السكان الفلسطينيون شكاوى ضد المستوطنين أو حراسهم، ليس أنها لا تُفحص فحسب، بل تنقلب الأمور فيها عليهم، إذ إن الفلسطينيين هم الذين يتحوّلون إلى مشتبه فيهم. يقول السكان الفلسطينيون إنه في حالات كثيرة يتم تأجيل معالجة شكاويهم بذرائع مختلفة لمنعهم من تقديم شكاوى. ومما يُقال للسكان المشتكين الذين يصلون إلى مركز الشرطة: المحقق مشغول، ليس لدينا محققون اليوم، عودوا غدا، الشكوى ليست منطقية.

 

إن الشرطة تتصرف على هذا النحو حتى تُتيح للمستوطنين وحراسهم تقديم شكاويهم أولا، وبذلك يتم التحقيق مع السكان الفلسطينيين كمشتبه فيهم تحت طائلة التحذير حتى عندما يحضرون بأنفسهم لتقديم شكاوى بخصوص الأحداث نفسها.

 

 

اعتقال القاصرين والأطفال

في منتصف الليل

 

حسب أقوال السكان، تتخذ الشرطة إجراءات إشكالية جدا فيما يتعلّق بالأولاد المشتبه فيهم برمي الحجارة تصل حدّ القيام بأعمال مخالفة للقانون والأصول المرعية.

 

تتضح لنا من شهادات أدلى بها أطفال اعتقلوا في السنة الأخيرة، صورة قاتمة عن اعتقالات أولاد تم انتزاعهم من فراشهم في منتصف الليل، واقتيدوا إلى غرف التحقيق مكبّلين ومن دون مرافقة والديهم. تحدث الأولاد عن تحقيقات عنيفة ومُخيفة أجراها رجال شرطة ليسوا بمحققين مختصين بالتحقيق مع الأطفال.

 

هذا ما حصل في كانون الأول 2009، عندما حضرت الشرطة لاعتقال م. ج ابن 14 سنة من سلوان، الساعة الثالثة قبل الفجر. كل توسلات والديه بأن يتمّ تأجيل الاعتقال ووعودهما بأنهما سيُحضرانه صباحا للتحقيق لم تنفع، فتم اقتياد الطفل للتحقيق في محطة الشرطة "المسكوبية" مكبّل اليدين. وقال الفتى إنه خلال التحقيق استعملوا ضده العنف الجسدي وأفاد: "كان هناك محقق اسمه موشيه كما عرّف عن نفسه. سألني: لماذا أنت هنا؟ أجبته بأنني لا أعرف، وأن عليه أن يسأل الكابتن رامي الذي اعتقلني. قال لي إنه يعرف لماذا أنا هنا، لأنني رميت الحجارة على بيت المستوطنين الموجود في الحي الذي أسكن فيه. والحديث عن بيت عوض عبد الفتاح الرجبي الذي استولى عليه المستوطنون. عندما أنكرت التهمة لكمني الشرطي موشيه على بطني وظهري وصفعني على وجهي. في أثناء التحقيق طلبت مرات عديدة الذهاب إلى المرحاض لكن الشرطي موشيه رفض. خلال التحقيق شعرت بالبرد القارس وبخوف شديد من المحقق موشيه".

 

تكرر هذا النمط من السلوك في التحقيق مع القاصر أ. س ابن 5ر12 عام من سلوان الذي قال إنه تم انتزاعه من سريره يوم 10/1/2010، في الساعة الثالثة قبل الفجر، تم اقتياده مكبّل اليدين للتحقيق في محطة الشرطة "المسكوبية" مع زميل آخر له.

 

وهو يقول: "وضعوني في حجرة مساحتها 5 أمتار مربعة. جلست على ركبتي ووجهي إلى الحائط. كلما تحركت ضربني رجل يرتدي زيّا مدنيا كان هناك بكفه على عنقي. كنت وحيدا في الغرفة. وفي حوالي الساعة الخامسة صباحا طلبت الذهاب إلى المرحاض لكن الرجل رفض، وطلب إليّ أن أبقي وجهي جهة الحائط. عندما رفضت ضربني ودفعني باتجاه الحائط فاصطدم أنفي بالحائط وبدأ ينزف. طلبت منديلا ورقيا لتنظيف أنفي لكنه رفض. طلب الرجل مني أن أركع له أرضا وأن أطلب منه السماح لكنني رفضت، وقلت له إني أرفض الركوع لأحد سوى لله. وخلال ذلك شعرت بآلام حادة فيّ رجلي وكف رجليّ. وشعرت بخوف شديد وبدأت أرتعد. الرجل بالزيّ المدني أخرج شطيرة جبن ووضعها في السخان (التوستر) ورمى بقطعة الجبن على وجهي، لكنه أخطأ فلم يُصب وجهي ولا جسمي. كان هذا الشرطي أصلع، وبين فترة وأخرى كان يقوم بالضغط على كتفي وقد سبب لي ذلك ألما".

 

كما تتم اعتقالات للأطفال في الشارع العام بل وفي أثناء تواجد الأولاد في المدرسة. هكذا مثلا، تم اعتقال الفتى م . أ ابن الـ 14 عاما، يوم 2/6/2010، عندما كان يسير قرب بيته مع والدته. يتبين من شهادته أن رجال الشرطة طوقوه على حين غرة وغطوا وجهه بقناع أسود، وأخذوه من بين يديّ أمّه للتحقيق.

 

هناك ظاهرة أخطر هي التحقيق في الشرطة مع أولاد دون سن ألـ 12 عاما، وهي سن المسؤولية الجنائية، حسب القانون. هكذا مثلا تم إحضار القاصر م. ع ابن العاشرة مرات عديدة للتحقيق في الأشهر الأخيرة، ومنها يوم 10/3/2010 ويوم 6/6/2010، حيث تم التحقيق معه وأُخلي سبيله بعد عدة ساعات.

 

 

أصابع حراس المستوطنين

خفيفة على الزناد

 

إن واقع قيام شركات حراسة خاصة بالعمل في القدس الشرقية وتعمدها استعمال القوة، بما في ذلك السلاح الناري، وإطلاق النار من دون المراقبة المطلوبة من جانب الدولة، يفتح الباب لانتهاكات خطيرة لحقوق السكان العرب. يتضح من تقارير السكان أنه في قسم من الأحداث يعتمد الحراس خطوات يعتبرها الأهالي تنكيلا تجاه الأولاد الذين يلعبون في الأزقة وتجاه البالغين أيضا، وفي الحالات الأشد خطورة يكون هناك عنف لفظي وجسدي يصل إلى حد استخدام السلاح الناري. حسب ما ورد في التقرير بناء على ادعاء الأهالي فإن أصابع الحراس خفيفة على الزناد وهم يعتقدون أنهم أصحاب الحلّ والربط فيما يتصل بسير الحياة اليومية في هذه الأحياء. الظاهرة الأساسية التي يُشير إليها السكان هي أعمال التنكيل والعنف من جانب الحراس بحق السكان الفلسطينيين.

 

إن الذين يحتكون عن قرب بالحراس هم الأولاد الكثيرون الذين يلعبون في الأزقة وقد نتج عن تجربة الأطفال المتراكمة مع الحراس ما يسمونه الخوف من العنف اللفظي والجسدي تجاههم. كثير من الأولاد يؤكدون أنهم في أعقاب ذلك يمتنعون من اللعب في الشوارع. ويقول الأهالي في بعض الحالات إنهم يمنعون أولادهم من اللعب خارج البيت خشية المواجهات مع حراس المستوطنين.

 

ومن الجدير ذكره أن أصابع الحراس صارت خفيفة على الزناد في الأشهر الأخيرة، إذ ازدادت الحوادث التي استعملوا فيها السلاح بأنواعه المختلفة تجاه السكان بل أطلقوا النار دون أي تحذير أو خطوات وفق نظام الحذر والتحذير قبل إطلاق النار الذي يلزم قوات الشرطة والجيش في إسرائيل.

 

انتهاك

الخصوصيات

 

إحدى المميزات البارزة لبيوت المستوطنين في الأحياء الفلسطينية في القدس والتي تميزها عن البيوت المجاورة هي كاميرات الحماية المثبتة في مداخل هذه البيوت، ساحاتها وجدرانها، والتي توثق كل ما يدور هناك في الليل والنهار. تثبت الكاميرات في العادة شركات حراسة خاصة، وجهات، وأناس خاصون خلافا للكاميرات التي ثبتتها الشرطة في أرجاء البلدة القديمة.

 

يشتكي الكثير من سكان الأحياء الفلسطينية من أن المئات من كاميرات التصوير المثبتة في الأحياء موجهة نحو بيوتهم ومداخلهم الخاصة تنتهك بشكل خطير خصوصيتهم، حيث يشعرون أن التغطية المكثّفة للأحياء بالكاميرات المسجلة لجميع تحركاتهم حولتهم إلى أسماك في حوض شفاف بإمكان أي شخص كان التمعن فيه وتقصي تحركاتهم وأعمالهم العادية والخاصة جدا، حتى داخل حرم بيوتهم. إن تثبيت هذا العدد الهائل من الكاميرات يخلق لدى السكان شعورا بعدم الراحة وبأن نظام مراقبة متشعبا يتحكم بحياتهم كأفراد وجماعة.

 

يدعي السكان أيضا أنهم يعانون من تصويرهم المستمر من قبل المستوطنين وحراسهم الذين يصورونهم أحيانا عن قرب وسط الشارع من دون أن يوضحوا لهم الأسباب لذلك. وتقول رئيسة الكركي إن جيرانها المستوطنين يدخلون بيتها ويصورونها: "يتجوّل المستوطنون طيلة الوقت وكاميرات الفيديو في أيديهم ويصوروننا واحدا، واحدا".

 

 


عدم منع الإزعاج

والتحريض

 

التواجد اليهودي في الأحياء الفلسطينية في القدس جلب معه ظواهر مختلفة منها الاحتفالات الكثيرة التي تصل أحيانا حد إسماع أقوال خطيرة وشتائم ضد السكان الفلسطينيين. وفي هذا الموضوع، أيضا، تمتنع الشرطة من معالجة شكاوى السكان في حالات كثيرة.

 

هكذا مثلا فإنه في عيد المساخر (بوريم) الأخير، اختار المستوطنون في الشيخ جراح أن يحتفلوا بالعيد من خلال الرقص والغناء على مقربة من جيرانهم العرب، ومن خلال أغاني تمجّد القاتل باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي بكلمات مثل: دكتور غولدشتاين لا يوجد مثلك في العالم، دكتور غولدشتاين نحبك جميعا... وتُسمع أقوال تحريضية كهذه أيضامن جانب المستوطنين وضيوفهم في أحياء أخرى في المدينة.

 

 

الاستيلاء على

أراضي الأهالي

 

يحظى الوجود اليهودي في الأحياء الفلسطينية بدعم من جانب سلطات الدولة المختلفة يتجسّد بنقل ملكية الأراضي إلى أيدي المستوطنين أو بتطويرها لسدّ احتياجاتهم من خلال تجاهل احتياجات السكان المحليين. مثال صارخ للاستيلاء على مساحات من الأراضي التي كانت تحت تصرف السكان الفلسطينيين هو نقل حق التصرف وإدارة الحدائق الوطنية والمواقع السياحية إلى أيدي جمعيات ذات أجندة سياسية واضحة تعمل على تهويد القدس الشرقية. هكذا مثلا، منحت دائرة الأراضي الإسرائيلية في سنوات التسعين تفويضا بإقامة حماية وصيانة موقع "مدينة داوود" إلى جمعية "إلعاد"، وهي جمعية أحد أهدافها المعلنة هو تكثيف الوجود اليهودي في سلوان.

 

في حالات أخرى وضعت سلطات الدولة مساحات عامة مفتوحة تحت التصرف الحصري للجمعيات الاستيطانية. وهي حالة القطعة 44 في وادي حلوة- سلوان التي تبلغ مساحتها 850 مترا مربعا، إذ كانت لسنوات طويلة تحت تصرف أبناء عائلة قراعين التي تعيش بجوارها، حيث كانت تستعمل لزراعة أشجار الزيتون وأشجار مثمرة، وكساحة لعب لأولاد الحي. في العام 2000 تقريبا منحت دائرة أراضي إسرائيل التي تملك الأرض حق التصرف فيها إلى سلطة الطبيعة والحدائق. تسمح السلطة لجمعية "إلعاد" باستعمال هذه الأرض أيضا. وكانت النتيجة أنه تم تسييج الأرض وإغلاقها أمام السكان العرب، وتشكل هذه الأرض اليوم حديقة لإقامة المناسبات والاحتفالات لليهود فقط.

 

مثال آخر لغايات السلطات في هذه الأحياء هو النية والعمل على وضع اليد على الأراضي الخالية الوحيدة في حي سلوان والشيخ جراح، وتحويلها إلى مواقف للسيارات لتخدم بالأساس السياح الوافدين إلى "مدينة داوود" في وادي حلوة سلوان وضريح "شمعون هتصديق" في الشيخ جراح.

 

مس حرية

التنقل

 

إن سكان القدس الشرقية يجدون أنفسهم أحيانا كثيرة أمام حواجز تسدّ الطرق في وجوههم حتى عندما لا يكون الأمر بشأن خطر حقيقي على الأمن العام والأملاك. يُستدلّ من شهادات السكان أن إغلاق الطرق يتم بشكل متتال عندما تقام نشاطات بحضور جماهيري في البؤر الاستيطانية في الأحياء الفلسطينية، بما فيها مناسبات خاصة تغلق خلالها الشرطة الطريق أمام الفلسطينيين بينما تبقيها مفتوحة أمام المستوطنين فقط. شهادات عن ممارسات كهذه من الشرطة تأتي بالأساس من شارعين في القدس الشرقية، من شارع وادي حلوة في سلوان، ومن شارع عثمان ابن عفان في الشيخ جراح.

 

بالنسبة للسكان الفلسطينيين فإن الأمر يشكّل مسّا خطيرا بحرية تنقلهم لأن إغلاق الطرق أمامهم يسبب اختناقات سير شديدة، يؤخرهم ويضطرهم إلى البحث عن طرق بديلة طويلة وملتوية للوصول إلى غاياتهم. يشتكي الأهالي من أن هذا الأمر يخلق إحباطا وتذمرا شديد خاصة في ضوء سماح الشرطة بمرور جمهور معين ومنعها ذلك من جمهور آخر.

 

زيادة التواجد

اليهودي

 

بدأ الاستيطان اليهودي في الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية في نهايات الثمانينيات من القرن الماضي، وقد بُدئ بتكثيفه في العقد الأخير. إن المبادرين إلى الاستيطان هم بالأساس جمعيات أيديولوجية مثل جمعية "إلعاد" (إلى عير دافيد)، "عطيرت كوهنيم" وجمعية "مِيَشفي تسيون" وغيرها، أما جزء صغير منها فهي مبادرات خاصة. استقطب هذا النشاط الاستيطاني طيلة السنوات الماضية نقدا شعبيا محليا ودوليا، لكنه حظي في الوقت نفسه بدعم حكومي.

 

بدأ الاستيطان بالأساس في الحي الإسلامي والحي المسيحي في البلدة القديمة، وتمدد إلى أحياء سلوان وجبل الزيتون والشيخ جراح، وإلى أحياء عربية أخرى في جنوب شرقي القدس مثل جبل المكبّر وشرق الثوري.

 

بين الأعوام 1986- 1992 أفلحت كلتا الجمعيتان بالاستيلاء على عشرات العقارات في البلدة القديمة وفي سلوان من خلال إجراءات تعرّضت لانتقادات شديدة في تقرير لجنة فحص حكومية برئاسة مدير عام وزارة القضاء حاييم كلوجمان من العام 1992. وقد وجدت لجنة كلوجمان أن الحق في جزء من العقارات تم استملاكها بحكم إعلان حارس أملاك الغائبين وفي الجزء الآخر من خلال استملاك وزارة الإسكان لها. بعد ذلك أعطيت للجمعيات التي دخلت إلى هذه العقارات مكانة مستأجر محمي من دون أي مناقصة معلنة ومن خلال اعتماد التفرقة والتمييز.

 

وجدت اللجنة أن حارس أملاك الغائبين أعلن الأملاك المذكورة أملاكا مصادرة من دون أي فحص، على أساس تصاريح مشفوعة بالقسم وقعتها الجمعيات بحضور محام ومن خلال الاعتماد على شخص اعتمدته الجمعيات كمصرّح دائم. انتقدت اللجنة في حينه حقيقة أنه في قسم من الحالات تم نقل الأملاك إلى الجمعيات لقاء تعهد منها بترميمها، لكن وزارة الإسكان هي التي مولت الترميمات في نهاية الأمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن مديري الجمعيات الضالعة في العملية الذين شغلوا في الوقت ذاته مناصب مديري مشاريع في شركة "عميدار" الإسكانية (التي عملت كممثلة لوزارة الإسكان) شاركوا أيضا في جلسات لجنة المشتريات في وزارة الإسكان. كما وجدت اللجنة أن الإيجار الذي دفعته هذه الجمعيات كان أدنى من معدلات الإيجار في السوق.

 

ويحصي التقرير 28 عقارا تم نقلها بهذه الطرق إلى جمعية "عطيرت كوهنيم" في البلدة القديمة، ويحصي أيضا 23 عقارا آخر تم تمليكها لجمعية "إلعاد" في سلوان. لقد تم توطين عائلات يهودية في هذه البيوت، وفي أحدها أقيمت مدرسة دينية لتدريس التوراة. قسم من هذه البيوت تحول إلى قلاع محمية ومراكز تعليم دينية لها وجود بارز في الأحياء الفلسطينية.

 

هذا، ويعيش في الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية حاليا حوالي 2000 مستوطن يهودي، في حين أن هناك مخططات لإقامة مبان إضافية لليهود موجودة ضمن إجراءات التخطيط والبناء وتنتظر التصديق عليها.

 

عن جمعية حقوق المواطن

 

تجدر الإشارة إلى أن جمعية حقوق المواطن تأسست العام 1972 كهيئة غير حزبية ومستقلة. وهدفها هو الدفاع عن حقوق الإنسان في إسرائيل، في الأراضي الواقعة تحت سيطرتها الفعلية، وفي أي مكان تمس السلطات الإسرائيلية فيه بالحقوق. وأصبحت الجمعية الرائدة من بين جمعيات حقوق الإنسان في إسرائيل وفي طليعتها، وهي الوحيدة التي تُعنى بكل أنواع حقوق الإنسان، ابتداءً من الحق في الحياة وانتهاءً بحرية المعلومات، من الحق في التعلّم وحتى حرية التعبير. تعمل جمعية حقوق المواطن على حماية حقوق الأفراد والقطاعات السكانية المختلفة - النساء والرجال، المتدينون والعلمانيون، اليهود والعرب، أصحاب الآراء السياسية من اليمين ومن اليسار، العاطلون عن العمل، العمال الأجانب وغيرهم. جمعية حقوق المواطن هي منظمة عضوية (جمعية)، يعمل فيها طاقم مهني تعداده أكثر من 45 مستخدما ومستخدمة وعشرات المتطوعات والمتطوعين في ثلاثة مكاتب: في القدس، في تل أبيب وفي حيفا. ينتخب أعضاء الجمعية، مرة كل سنتين، مجلسا إداريا مؤلفا من 13 عضوا، ومن بينهم شخصيات بارزة من مجالات الثقافة، القانون، التربية والتعليم، الأكاديمية والإعلام، يؤدون وظيفتهم متطوعين. تحدد الإدارة المواقف المبدئية للجمعية حول القضايا المطروحة على جدول الأعمال، وتصادق على برنامج عمل الجمعية وعلى ميزانية نشاطها. وهي جمعية مستقلة تماما من ناحية نشاطاتها، ومصدر جميع مواردها المالية هو من رسوم العضوية والتبرعات من البلاد والخارج، وهي لا تتلقى تمويلا من مصادر حزبية أو حكومية في إسرائيل.