استفحال التمييز ضد النساء في إسرائيل

أحزاب وحركات سياسية

تفاعلت بسرعة التصريحات الناريّة التي أدلى بها لملحق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نهاية الأسبوع، وزير البنى التحتية الإسرائيلي، يوسف بريتسكي، أحد زعماء حزب "شينوي" والتي شنّ في سياقها هجومًا حادّا على زعيم "شينوي"، وزير العدل يوسف لبيد، متهمًا إياه بإدارة الحزب بطريقة دكتاتورية فردية، وأهم من ذلك ب"التزام الصمت" المريب حيال استشراء الجريمة والفساد في قمة الهرم السلطوي الاسرائيلي، حسبما تشف عن ذلك قضايا الفساد التي تحوم بشأنها شبهات قوية حول رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون، ونجليه

 

تفاعلت بسرعة التصريحات الناريّة التي أدلى بها لملحق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نهاية الأسبوع، وزير البنى التحتية الإسرائيلي، يوسف بريتسكي، أحد زعماء حزب "شينوي" والتي شنّ في سياقها هجومًا حادّا على زعيم "شينوي"، وزير العدل يوسف لبيد، متهمًا إياه بإدارة الحزب بطريقة دكتاتورية فردية، وأهم من ذلك ب"التزام الصمت" المريب حيال استشراء الجريمة والفساد في قمة الهرم السلطوي الاسرائيلي، حسبما تشف عن ذلك قضايا الفساد التي تحوم بشأنها شبهات قوية حول رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون، ونجليه.

وردّا على هذه التصريحات ألمح لبيد نفسه إلى أنه كان يؤثر أن يقدم بريتسكي استقالته من الحكومة، وذلك بقوله:"إذا كانت لدى بريتسكي مشاكل أخلاقية ناجمة عن جلوسه مع شارون في الحكومة، فإنه سيكون غير أخلاقي من طرفنا أن نطلب منه عدم إصاخة السمع إلى نداء ضميره". في موازاة ذلك ذهب رئيس الكتلة البرلمانية لشينوي، النائب ريشف حين، أبعد من لبيد إذ طلب من بريتسكي أن يغادر صفوف الحزب كليًا، مؤكدًا أن أي إنسان "لم يفرض عليه رغمًا عن أنفه أن يكون في الحكومة أو في الكتلة البرلمانية أوحتى في الحزب نفسه".

وكان بريتسكي قد تطرق، في المقابلة نفسها، إلى احتمال استقالته من الحكومة فور اتضاح وجهة المستشار القضائي الحكومي، ميني مزوز، بشأن التوصية المرفوعة إليه من النائبة العامة بتقديم شارون إلى المحاكمة بتهمة الارتشاء والفساد.

وذكرت مصادر متطابقة أن هذا الصراع المتفجر في "شينوي" يأتي، ضمن أشياء أخرى، على خلفية إقتراب انتخابات المجلس العام لهذا الحزب والتي ستجري في أيار/ مايو المقبل. وتعود إلى هذا المجلس صلاحية إختيار لائحة "شينوي" للإنتخابات البرلمانية.

وقد أكد بريتسكي، ردّا على الهجوم من طرف "زملائه"، بأنه يتمسك أكثر فأكثر بما صدر عنه من إتهامات قاسية بحق رئيس الحزب والأوضاع السائدة عمومًا، منوهًا بأن في جعبته استطلاعات رأي تؤكد تدهور شعبية "شينوي" على خلفية أدائه في الحكومة وتشير، من ناحية أخرى، إلى أنه في حالة إجراء انتخابات عامة الآن فإن نصف الذين صوتوا لشينوي في الانتخابات الأخيرة لن يصوتوا له الآن نتيجة لخيبة أملهم من هذا الأداء.

 

أهم وقائع المقابلة في ملحق "يديعوت"

 

شن وزير البنى التحتية الاسرائيلي، يوسف بريتسكي، هجوما غير مسبوق على الجهاز السياسي في اسرائيل عامة، وعلى أداء حزبه خاصة. وقال في مقابلة مع ملحق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في نهاية الاسبوع الماضي، ان "الجهاز السياسي في دولة اسرائيل ليس نظيفا، وانا أشعر بذلك بشكل كبير منذ أن توليت منصبي. هناك اشخاص يعتقدون بانهم اذا كانوا يملكون المال فهذا يعني ان الحكم بأيديهم ايضا. هناك مجموعات تمثل مصالح معينة (تجارية او سياسية) تحاول عرض رشاوى، مثل سفريات الى الخارج ووعود بدعم سياسي، وتمارس ضغوطات هي أشبه بالتهديد، مثل: سوف نحيك ضدك ملفا جنائيا. وكل هذا باسم اصحاب رؤوس أموال محترمين للغاية. أو ان يقول لي احدهم: هل جننت؟ اذا تحديتهم قد تصيبك رصاصة في رأسك"..

 

وأفادت الصحيفة، على هامش تلك المقابلة، ان بريتسكي يشعر بتوتر كبير، خصوصا خلال السنة الاخيرة منذ أن عين وزيرأ في حكومة اريئيل شارون. وقبل خمس سنوات انتخب للكنيست، للمرة الاولى، في انتخابات 1999. وكان شعاره محاربة الاكراه الديني والاحزاب الدينية اليهودية ("الحريديم"). الا "انه على عكس زعيم شينوي، يوسف لبيد، الذي كان يصرخ دائما عندما كان يجلس في مقاعد المعارضة وبدأ بالحفاظ على حقه بالصمت منذ ان اصبح وزيرا في حكومة شارون، فان بريتسكي لم يعد يحتمل الصمت".

 

وقال بريتسكي ان "مشكلتنا الأصعب، كحزب، تكمن في تصرفات شارون وصمت يوسف لبيد المتواصل حياله"، ملمحا الى ملفات التحقيق التي فتحتها النيابة العامة الاسرائيلية ضد رئيس حكومة اسرائيل. واضاف ان "لبيد، بصفته وزيرا للعدل، كان عليه ان يكون رأس الحربة في هذا الموضوع. كان عليه ان يكون الضمير القضائي. ولا يمكن تحمل هذا النهج أكثر. كافة اعضاء كتلة شينوي في الكنيست يحثون لبيد على ان يفعل شيئا او ان يقول شيئا".

 

وقال بريتسكي انه لا يخفي أنه، بهذا، يشن الحرب ضد زعيم "شينوي" معلنًا انه بصدد التنافس على رئاسة الحزب. وهو يرى انه أصبح ناضجا بشكل كاف، كما ان غضبه وصل ذروته الى درجة التمرد على رئيس الحزب، لبيد، وأخذ زمام قيادة الحزب في اتجاه مختلف، "او على الاصح، قيادة الحزب في الاتجاه القديم الذي تخلى عنه لبيد".

 

يذكر أن حزب "شينوي" حصل في إنتخابات العام 2003 على 15 مقعدا في الكنيست وانضم الى حكومة شارون الثانية، وتم تعيين بريتسكي وزيرا للبنى التحتية. عندها، يقول بريتسكي، أخذ يواجه مشاكل لا حصر لها، اذ ان كل قرار حول تغيير مكان انبوب نفط او وقف عمل كسارة يفترض أن يكلف اصحاب الشركات عشرات ملايين الشواقل. وقال بريتسكي ان "مستوى اداء اعضاء الكنيست هو في الحضيض. بالامكان شراء ذمم السياسيين بسهولة. في الآونة الاخيرة أعلنت حربا ضد اصحاب شركات الغاز الصغيرة وغير القانونية. واذ في احد الايام يوجه اعضاء الكنيست من حركة شاس ثلاثة استجوابات في الموضوع. وقد أرفق احد المستجوبين، عضو الكنيست نسيم دهان ("شاس")، رسالة وصلتني في وقت سابق من محامي احدى الشركات، وسألني لماذا لم أرد على الرسالة. فتوجهت الى منصة الكنيست وسألتهم: كم تجبون من المال مقابل تقديم استجواب. هل هناك تسعيرة؟ هذا هو الفساد بعينه".

 

غير ان ما زاد في غضب بريتسكي، كقوله، هو ان ليس اعضاء الكنيست من المعارضة فحسب هم الذين يتجندون لصالح أصحاب رؤوس الاموال، وانما بعض وزراء الحكومة ايضا. وقال انه "في منطقة معينة في البلاد هناك شركة تدير كسارة بشكل غير قانوني. وقد توجه الى الكسارة احد المسؤولين في وزارتي وفحص الأمر وصدر أمر باغلاق الكسارة. وفي أعقاب ذلك توجه الي وزير هام للغاية، هو (القائم بأعمال رئيس الحكومة الاسرائيلية) ايهود اولمرت، الذي قال لي: ماذا يحصل مع هذا الموضوع؟ لماذا لا تعالجه؟ لماذا لا تفعل شيئا بهذا الصدد؟ فقلت له انني بصدد اجراء تحقيق في الأمر. عندها قال لي: انهِ الموضوع وامنح التصريح".. ولكن بريتسكي اكد انه ينوي تحويل الموضوع الى المستشار القضائي للحكومة "لانني لا أريد التدخل في هذا الموضوع".

 

وأشارت الصحيفة الى ان بريتسكي قرر كسر صمته ليس بسبب الضغوط التي يتم ممارستها عليه وانما بالأساس بسبب ان لا احد يفعل شيئا من اجل اخفاء ما يحدث. وروى بريتسكي للصحيفة عن توجه من وزارة المالية بتعيين شخص يدعى كوبي بن غور، عضوا في مجلس ادارة شركة الكهرباء، وهو عضو قديم في مركز حزب "الليكود" ومقرب من الوزيرة ليمور ليفنات. واضاف بريتسكي انه لم يوافق على ذلك، فاتصل به اعضاء كنيست من "الليكود" الذين سألوه: "ما هذا؟ انت لا تريد تعيينه، لكنك تحتاج الينا لتمريرالميزانيات في لجنة المالية البرلمانية". واكد بريتسكي ان مثل هذه المحادثات تجري طوال الوقت.

 

وأورد بريتسكي مثالا آخر: "عندما أردنا في وزارة البنى التحتية اجراء تغييرات بنيوية في شركة الكهرباء حضرت اليّ مجموعة من لجنة مستخدمي الشركة وقالوا لي: اسمع، ستكون هذه نهايتك. سوف ننضم الى شينوي وسينتسب 400 شخص ونصوّت ضدك. فقلت لهم ان مشكلتهم تكمن في ان سجلات الانتساب للحزب قد اقفلت. رغم ذلك، تبقى المشكلة في انهم قالوا ذلك دون حساب لأحد، قالوا ذلك هنا خلف هذه الطاولة".

 

ومضي بريتسكي يقول ان أكثر شيء اوضح له جوهر العلاقة بين المال والحكم هو الصراع الدائر بشأن الحصول على تصريح بتزويد الغاز الطبيعي من الخارج. فقد استمر صراع مرعب بين شركتين على مدار سنة كاملة. احداهما هي شركة "بريتيش غاز" التي تستخرج الغاز من مناطق السلطة الفلسطينية والثانية هي شركة "اي.ام.جي." التي تضم رجال أعمال اسرائيليين ومصريين. وأبرز هؤلاء هو يوسي ميمان، الذي يملك 25% من الشركة. وميمان هو ايضا صاحب الامتياز لقناة التلفزيون الاسرائيلية العاشرة. ويشار هنا الى ان غالبية الغاز سيتم تزويدها لشركة الكهرباء.

 

وقد أيد بريتسكي اعطاء التصريح لشركة "بريتيش غاز"، وذلك، على حد قوله، من أجل انعاش التعاون الاقتصادي الاسرائيلي- الفلسطيني. الا ان بريتسكي اكتشف فجأة انه تعمل لصالح ميمان وشركائه المصريين "مجموعات ضاغطة ذات تأثير كبير". وقال في هذا الصدد: "لقد مورست عليّ ضغوطات هائلة من مكتب رئيس الحكومة بأن أعقد الصفقة مع مصر. وقد مارس هذه الضغوط كل من رئيس الحكومة (شارون) ومدير عام مكتبه، افيغدور يتسحاقي، ورئيس شركة الكهرباء، ايلي لانداو (وهو صديق شخصي لشارون). وقد قلت لهم ان الضغوطات التي يمارسونها عليّ تبدو لي غريبة". وأضاف ان "لانداو لا يمارس عمله كرئيس شركة الكهرباء وانما هو يعرض نفسه كمحلل لأقوال شارون ومنفذ لأوامره، علمًا بأن مهمته ليست تفسير شارون أو الدفاع عنه".

 

اما لماذا تدخل شارون بشحمه ولحمه في الموضوع، فإن التفسير على لسان بريتسكي "أنه تدخل لخدمة مصالح لانداو، او بالأحرى مصالح زوجة لانداو، ليئورا، وهي شريكة ميمان (الذي يملك 25% من شركة الغاز المنافسة) في القناة التلفزيونية العاشرة".

 

ويشار الى أن شارون كان قد عارض إبرام صفقة تزويد الغاز مع شركة "بريتيش غاز" بحجة أنها ستستخرج الغاز من مناطق السلطة الفلسطينية. وزعم شارون في السابق بأن "أرباح هذه الصفقة ستستخدم في تمويل نشاطات ارهابية"!! ورد بريتسكي على هذا الزعم بأنه غير جدي.

 

وقالت الصحيفة انه ليس صدفة ان بريتسكي غاضب جدا في كل مايتعلق بصفقة الغاز هذه. "فهذه الحالة هي مثال على الأداء الدائم لرئيس الحكومة وأتباعه الذين طوال الوقت يولون أفضلية أولى للمصالح الخاصة اكثر من مصالح الدولة". ونقلت الصحيفة عن بريتسكي قوله "انه يتوجب على المرء ان يكون لا مباليا او ملتزما الصمت باستمرار، مثل وزراء شينوي حول طاولة حكومة شارون، حيال التحقيقات الجارية ضده وضد ابنيه" .

 

وأكد بريتسكي في أعقاب كل ذلك: "لقد وضعت خطًا أحمر. على شارون الاستقالة. واذا لم يستقل فنحن سنستقيل لانني لن أبقى في الحكومة. من الجائز ان يقرر المستشار القضائي للحكومة عدم تبني توصيات النيابة العامة وأن لا يقدم، تبعًا لذلك، لائحة اتهام ضد شارون (في قضية الجزيرة اليونانية) ولكن عندها سيقول المستشار القضائي كلاما قاسيا لا يمكننا بعده ان نبقى في الحكومة أيضا. أنا على الأقل لن أبقى في الحكومة".

 

في هذا السياق تطرق بريتسكي، وهو في الأصل محام قبل ان يدخل المعترك السياسي، الى أداء المستشار القضائي السابق للحكومة الاسرائيلية، الياكيم روبنشطاين، فوصفه بـ"أنه اسوأ مستشار قضائي في تاريخ دولة اسرائيل، اذ لم يتوجب عليه المرور مر الكرام على ان يقرر شارون في أسعار المياه للزراعة وهو بنفسه مزارع. ولا ان يتدخل شارون في تحويل أراض زراعية الى أراض يسمح بالبناء عليها وهو يملك مساحة من الاراضي الزراعية في كفار ملال. توجب على روبنشطاين ان يهدد شارون ويبلغه بانه سيقدم ضده لائحة اتهام".

 

وفي رده على سؤال حول ما اذا كان حزب "شينوي" سيصبح بديلا عن الأحزاب الكبيرة في اسرائيل، قال بريتسكي: "هذا أمر ليس سهلا. لقد عاف الجمهور فساد الليكود. وسوف تنفضح الامور يوما ما. فنحن لسنا شعبا من اللصوص". كما هاجم حزب "العمل" واصفًا إياه بأنه "خليط عجيب من الأشخاص والمواقف".