"الجيش الأكثر أخلاقية في العالم" قتل 600- 700 طفل فلسطيني في السنوات الأربع الأخيرة(!!)

وثائق وتقارير

صديق أولمرت اعترف بتسليمه مغلفا مليئًا بالمال... * المليونير اليهودي الأميركي موريس تالانسكي قال للشرطة: تبرعت بأموال لأولمرت نقدا وبشيكات وتحويلات بنكية طوال أعوام، وإذا تم استخدام هذه الأموال لغايات غير قانونية فهذا جرى من دون علمي ولا علاقة لي بذلك

 كشفت صحيفة معاريف، أول من أمس الأحد- 11.5.2008، أن المحامي أوري ميسر، وهو صديق رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، وشريكه سابقا في مكتب محاماة، اعترف في أثناء التحقيق معه في الشرطة بأنه سلّم الأخير مغلفا مليئًا بالمال.

 

 وبحسب معاريف قال ميسر للمحققين "سلمت أولمرت مغلفا احتوى على الكثير من المال نقدا". وأدلى ميسر بمعلومات كثيرة خلال إفادته في التحقيق، تتعلق بشكل تمرير أموال تبرعات لتمويل حملات انتخابية خاضها أولمرت واعترف، بحسب معاريف، بأنه تم تسليم الأموال نقدا وداخل مغلفات. ويذكر أن أولمرت قال، خلال بيان صحافي أدلى به يوم الخميس الماضي، إنه تم تحويل أموال التبرعات إلى ميسر "ولا شك لدي في أن المحامي أدار هذه الأموال وفقا لمؤهلاته المهنية، وبالتأكيد قام بذلك بما يتلاءم مع قيود القانون".

 

وأضافت معاريف أن الأموال التي تحدث عنها ميسر أمام المحققين وصلت إلى أولمرت من المليونير الأميركي اليهودي، موريس تالانسكي. وتدعم إفادة هذا أمام الشرطة إفادة ميسر. وأقر تالانسكي خلال التحقيق معه أنه حوّل أموالا إلى أولمرت بواسطة مديرة مكتب الأخير، شولا زاكين، والمحامي ميسر. ونقلت معاريف عن تالانسكي قوله للمحققين "تبرعت بأموال لأولمرت، نقدا وبشيكات وتحويلات بنكية طوال أعوام". وأضاف أنه "إذا تم استخدام هذه الأموال لغايات غير قانونية وإذا لم يتم إعطاء تقارير حولها لمراقب الدولة أو تم ارتكاب مخالفات أخرى، فإن هذا جرى من دون علمي ولا علاقة لي بذلك".


وقال ميسر للمحققين "لقد عملت بعلم من أولمرت ومن أجله". ونقلت معاريف عن مقربين من ميسر قولهم إن "أولمرت حاول إبعاد كل هذه الأعمال الجنائية المالية وتجنيد الأموال عن نفسه" خلال بيانه الصحافي، الخميس الماضي، "لكن أوري (ميسر) لم يعمل من تلقاء ذاته. وخلال التحقيق في الشرطة لم يبرئ رئيس الحكومة من أي مسؤولية وتهمة. وأوري هو شاهد أساس جدا في القضية". وقالت مصادر ضالعة في التحقيق إن وضع أولمرت القانوني "صعب جدا".


من جهة أخرى، ذكرت صحيفة هآرتس، أول من أمس الأحد، أن الشرطة الإسرائيلية لن تحقق هذا الأسبوع مع رئيس الحكومة، في القضية الجديدة ضده التي يشتبه فيها بحصوله على رشوة، وذلك بسبب زيارة عدد من زعماء العالم، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي جورج بوش، إلى إسرائيل للمشاركة في مؤتمر ينظمه الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريس، بمناسبة احتفال إسرائيل بالذكرى السنوية الستين لقيامها.

 

وكانت المحكمة المركزية في القدس قد قررت، يوم الجمعة الماضي، الموافقة على طلب الشرطة والنيابة العامة الاستماع إلى إفادة مبكرة لتالانسكي، وهو الشاهد المركزي في القضية والذي بحسب الشبهات دفع رشوة لأولمرت. وتسعى النيابة للاستماع لإفادته كي يتمكن من العودة إلى الولايات المتحدة وأيضا كي لا يتمكن من التراجع عن روايته في أعقاب ضغوط يحتمل ممارستها عليه.


وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن أولمرت يعتزم الاستئناف على قرار المحكمة المركزية، بعدما اعترض محامياه، إيلي زوهر وروعي بلاخر، على الإفادة المبكرة وبررا ذلك بأن التحقيق لم ينته بعد، ولذلك فإنهما لن يتمكنا من إجراء استجواب مضاد معه. وقال المدعي العام الإسرائيلي، موشيه لادور، أمام المحكمة، إن تالانسكي ذكر أمام أحد أفراد الشرطة أنه يخشى من تعرضه لأذى من جانب أولمرت. وأثار هذا الادعاء غضبا في مكتب الأخير واحتج مقربون منه قائلين إنه "ربما يكون رئيس الحكومة مشتبها به في مخالفات تمويل، لكنه ليس قاتلا أو جهة جنائية تصفي شهودا". ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن أولمرت قوله لمحاميه معقبا على ادعاء لادور "هل أنا توني سوبرانو من المافيا؟ كيف يجرؤون على التدني إلى حضيض كهذا؟".

 

من جهة أخرى نقلت يديعوت أحرونوت عن أولمرت قوله في محادثات داخلية إنه "لو شعرت أن التحقيق الجديد بخصوصي يمس بقدرتي على تأدية مهمات رئيس الحكومة لكنت استقلت على الفور". ونقلت هآرتس عن شخص مقرب من تالانسكي قوله إن المليونير الأميركي سيقول في إفادته إنه لم يعط أولمرت رشوة.

 

وقال أولمرت خلال اجتماع وزراء حزب كديما، أول من أمس، إنه "لا ادعاءات لدي ضد النيابة العامة والشرطة". وجاءت أقواله بعد ملاحظة قالها وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، بأنه "لا أريد أن يفسر أحد بأن وزراء حزب كديما هم ضد النيابة العامة والشرطة". وعقب أولمرت على ذلك بالقول "لقد تحدثت معك على انفراد حول ذلك، وقلت لك أمورا، وواضح أنه ليست لدي ادعاءات ضد النيابة العامة ولا ضد الشرطة".

 

 

أولمرت: سأستقيل في حالة تقديم لائحة اتهام

 

 

وكانت محكمة الصلح في القدس، قد سمحت، في ساعة متأخرة من مساء يوم الخميس- 8/5/2008، بنشر تفاصيل جزئية حول الشبهات التي توجهها الشرطة والنيابة العامة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، حيث تبين، رسميا هذه المرة، أنه مشتبه بالحصول على رشوة مالية من رجل الأعمال الأميركي اليهودي موريس (موشيه) تالانسكي.

 

وذكرت الصحف الإسرائيلية الصادرة يوم الجمعة- 9/5/2008، أن أولمرت مشتبه بالحصول على رشوة بحجم مئات آلاف الدولارات نقدا.

 

وعقد أولمرت بعد قرار المحكمة مؤتمرا صحافيا شدد فيه على أنه لم يتلق رشوة، وأكد على أنه في حال تم تقديم لائحة اتهام ضده فإنه سيقدم استقالته فورا.

 

ويشار إلى أن مكتب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، مناحيم مزوز، أعلن أنه جرى التحقيق مع أولمرت للاشتباه "بتلقيه أموالا بصورة غير قانونية". ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن جهات ضالعة في التحقيق قولها إن الحديث يجري عن "سلة مخالفات" تشمل بضع مخالفات وتتيح، في حال تقرر تقديم لائحة اتهام، اختيار المخالفة العينية الملائمة للأدلة. وتتعلق الشبهات بالغش وخرق الأمانة والحصول على رشوة وتلقي هدايا.

 

وكانت بداية هذه القضية في مطلع سنوات التسعين، عندما بدأ المليونير تالانسكي، الذي يسكن في مدينة نيويورك، بالتبرع بأموال لصالح مستشفى "شعاريه تسيدك" في القدس. ويعتبر تالانسكي جامع أموال تبرعات متميزا، ونجح في جمع مبالغ كبيرة من بضعة مصادر لصالح المستشفى. وفي شهر أيار من العام 2000 أقام أولمرت، الذي كان في حينه رئيسا لبلدية القدس، جمعية باسم "الصندوق الجديد من أجل القدس". وتم تعيين تالانسكي رئيسا للصندوق، وجمع له تبرعات في الولايات المتحدة. وفي العام 2003 تنحى أولمرت من رئاسة الصندوق، لكن العلاقات بينه وبين تالانسكي بقيت حميمة.

 

وقبل نحو عام أجرى محققون من مكتب مراقب الدولة تدقيقا في وزارة الصناعة والتجارة والتشغيل، وتم خلاله ضبط مواد والكشف عن تفاصيل تتعلق بأولمرت، الذي أشغل منصب وزير الصناعة والتجارة والتشغيل، وتفاصيل أخرى تتعلق بمديرة مكتبه، شولا زاكين. وأشارت بعض التفاصيل التي تم الكشف عنها إلى اجتماعات عقدها أولمرت مع عدد من المقربين منه وتحويلات أموال كانت زاكين والمحامي أوري ميسر ضالعين فيها. وميسر هو شريك سابق لأولمرت في مكتب محاماة وصديق قريب منه.

 

وقبل نصف عام تقريبا، أمر مزوز الشرطة والنيابة العام بالتحقيق في قضيتين يشتبه أولمرت فيهما بالضلوع في أعمال فساد سلطوي. وهما قضية المنزل في شارع كريمييه في القدس، وقضية مركز الاستثمارات في وزارة التجارة والصناعة والتجارة. وتشتبه الشرطة بضلوع المحامي ميسر في كلتا القضيتين. وتوصلت الشرطة خلال ذلك إلى التفاصيل التي اكتشفها مراقب الدولة، وتقرر التحقيق في تحويلات الأموال التي كانت زاكين وميسر ضالعين فيها. وفي أحد التقارير ظهر اسم تالانسكي. عندها قررت الشرطة جباية إفادة منه. واتضح أنه، على الرغم من كونه مواطنا أميركيا، كان يصل إلى إسرائيل عدة مرات كل عام. وبعد وصول تالانسكي إلى إسرائيل عشية عيد الفصح اليهودي، في أواسط شهر نيسان الفائت، أجرت الشرطة تحقيقا معه ما بين أربع إلى خمس مرات. وقد تعاون مع المحققين بشكل كامل.

 

وخلال التحقيق لمح إلى أن الأموال التي حولها كانت غايتها دعم مشاريع كان أولمرت ضالعا فيها. لكن مقربين من تالانسكي ادعوا أنه تم جمع هذه الأموال على شكل تبرعات لحملة أولمرت الانتخابية وأن كل ذلك جرى بموجب القانون.

 

غير أن الشرطة داهمت مكتب مدير عام بلدية القدس في محاولة لاستيضاح ما إذا كانت هناك معلومات حول قيام أولمرت بدفع مصالح أشخاص مرتبطين باسم تالانسكي. واكتشفت الشرطة معلومات ربطت أولمرت بهذه القضية. كذلك تعززت الشبهات لدى الشرطة، بعد التحقيق مع مدير عام البلدية السابق، إيتان مائير، بأن أولمرت كان ضالعا في مشاريع مقابل دفع أموال بواسطة تالانسكي.

 

واتضح للشرطة بعد التحقيق مع تالانسكي، ولاحقا مع زاكين وميسر وأولمرت، صورة الشبهات ضد الأخير. واتضح أن تالانسكي جمع أموالا طوال الأعوام الماضية لتمويل حملات انتخابية له. وأظهرت تحويلات الأموال إلى أولمرت وجود شبهات بالحصول على أموال بصورة غير قانونية وعدم إعطاء تقارير منتظمة حول تلقي هذه الأموال.

 

إضافة إلى ذلك، خلال فترة توليه رئاسة بلدية القدس سافر أولمرت مرات كثيرة إلى الولايات المتحدة وفي أحيان كثيرة كان ضيف الشرف في حفلات واجتماعات جمع تبرعات أدارها تالانسكي لصالح عدة مؤسسات في إسرائيل، بينها مستشفى "شعاريه تسيدك" و"الصندوق الجديد من أجل القدس". وتمتع خلال الزيارات للولايات المتحدة بمستوى حياة عال، فيما تالانسكي كان يدفع الحساب، من رحلات جوية وغرف فاخرة في فنادق ومصاريف أخرى.

 

وبحسب الشبهات فقد درج أولمرت على إعطاء بيانات حول المبالغ التي جرى صرفها في الزيارة، وكان تالانسكي يدفعها، لكن أولمرت لم يقدم أبدا بيانات حول بنود الصرف، وبهذه الطريقة كان بإمكانه الحصول على مبالغ كبيرة. وتشير الشبهات أيضا إلى أن أولمرت حصل في إحدى زياراته للولايات المتحدة على بطاقة اعتماد سلمها له تالانسكي.

 

وتتعلق شبهة أخرى بدين على أولمرت بعد حملة انتخابية. وأعطاه تالانسكي قرضا لسد هذا الدين. لكن هذا كان من دون اتفاق موقع، من دون فائدة ومن دون مبرر اقتصادي. كذلك فإن أولمرت لم يسدد مبلغ القرض حتى اليوم. وقالت مصادر في التحقيق إنه خلال استجواب تالانسكي أبلغوه بأن أولمرت ينفي حصوله على هذا القرض فرد عليهم بالقول "يا ويلي، ضاع المال". ويشار إلى أن مقربين من أولمرت أكدوا على حصوله على القرض ووصفوه بأنه "قرض بين أصدقاء" وأنه لا توجد مشكلة قانونية في ذلك. وتحقق الشرطة أيضا في ما إذا حصل أولمرت على أموال نقدا من تالانسكي.

 

لكن السؤال الأكبر في القضية هو: ما الذي أعطاه أولمرت في مقابل كل ذلك؟. ويبدو أن الشرطة لا تعرف بشكل دقيق حتى هذه المرحلة من التحقيق. رغم ذلك فإن تالانسكي قال خلال التحقيق إنه لم يطلب مقابلا من أولمرت، باستثناء المساعدة في تسويق آلات مياه معدنية للفنادق في إسرائيل. وتدل الشبهات على أنه طلب من أولمرت رسالة توصية موجهة لأصحاب فنادق لشراء آلات المياه المعدنية.

 

من جهة أخرى أجرت الشرطة مواجهة بين تالانسكي وزاكين، قال فيها الأول إنه حول للثانية أموالا كثيرة بهدف إيصالها إلى أولمرت. لكن زاكين حافظت طوال التحقيقات معها على حق الصمت.

 

وفي غضون ذلك قالت مصادر في وزارة العدل الإسرائيلية إن المحامي ميسر يتعاون مع المحققين "من دون أن يحظى بمكانة شاهد ملك". وأضافت المصادر ذاتها أن إفادة ميسر تورط أولمرت وزاكين في أعمال غش.

 

من جانبه عقد أولمرت مؤتمرا صحافيا في مكتبه، وفي أعقاب السماح بنشر تفاصيل جزئية عن الشبهات ضده. ونفى خلاله حصوله على رشوة. وقال "أنظر في عيني كل واحد وواحدة منكم، وأقول بصدق: لم أحصل أبدا على رشوة، ولم آخذ أبدا قرشا لجيبي الخاص".

 

وتعهد أنه على الرغم من أن القانون لا يلزمه بذلك، إلا أنه في حال تقديم لائحة اتهام ضده فإنه سيقدم استقالته فورا.

 

وأردف "آمل وأنا مقتنع بأننا لن نصل إلى هذه المرحلة، لكن إذا لا سمح الله تقرر ذلك فإني لن أكون بحاجة لحث أو لعظة من أحد".

 

وبسط أولمرت روايته في القضية، وقال إن تالانسكي ساعده في جمع تبرعات في أربع حملات انتخابية: لرئاسة بلدية القدس في السنوات 1993 و1998 ولرئاسة حزب الليكود في العام 1999 وفي الانتخابات التمهيدية في الليكود في العام 2002. وأضاف أنه "بعد ذلك ساعدني في سد العجز المالي الناجم عن الحملات الانتخابية".

 

وبحسب أولمرت فإنه تم تحويل أموال التبرعات إلى ميسر "ولا شك لدي في أنه أدار هذه الأموال وفقا لمؤهلاته المهنية وبالتأكيد قام بذلك بما يتلاءم مع قيود القانون".

 

وأعرب أولمرت عن أمله بأن "تعبر العاصفة الحالية بالسرعة ذاتها التي ثارت فيها".

 

تحليلات صحافية: مشكلة أولمرت داخل كديما

 

 

هذا، وقد بدا للوهلة الأولى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يعيش في الوقت الضائع من الناحية السياسية. فبعد السماح بنشر جزئي حول تفاصيل التحقيق ضده والكشف عن اشتباه الشرطة والنيابة العامة بحصوله على رشوة بدا أن حكومته أصبحت في نهاية عهدها. كما يبدو من إعلانه عن عزمه الاستقالة في حال تم تقديم لائحة اتهام ضده أن الحلبة السياسية الإسرائيلية تتجه نحو انتخابات مبكرة. فاستقالة رئيس الحكومة تعني استقالة الحكومة على كافة وزرائها. رغم ذلك يرى محللون أن لا شيء مؤكدا، وأنه من غير الواضح بعد ما قد يحدث بعد انتهاء التحقيق في القضية، والذي لا شك في أنه سيستمر لبضعة شهور، بحسب المقالات التحليلية التي نشرتها الصحف الإسرائيلية.

 

وكتب كبير المعلقين السياسيين في صحيفة يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، أنه "من المشكوك فيه أن ينجو أولمرت شعبيا من التحقيق الحالي. وإذا لم يكن ذلك بسبب قضية تالانسكي، التي يظهر أن حجمها أصغر بكثير من حجم الشائعات، فإن ذلك سيكون بسبب التأثير المتراكم لسلسلة التحقيقات ضده". ولفت برنياع إلى أن وزارة العدل كانت حذرة في بيانها، عندما تحدثت عن "تلقي أموال بصورة غير قانونية".

 

وأضاف برنياع أن "هذه القصة تكاد تكون قصة عادية في السياسة الإسرائيلية، باستثناء نقطتين. الأولى أن أولمرت سار دائما نحو أهداف كبيرة: طموح كبير يعني مصاريف كبيرة؛ والثانية أنه هو اليوم رئيس الحكومة ويشكل هدفا لحملة اصطياد لا حدود لها". ورأى برنياع أن "كرسي أولمرت مستقر في هذه الأثناء: فحزب شاس لا يعتزم الانسحاب من الحكومة بسبب التحقيق، كذلك الأمر بالنسبة لثلثي حزب المتقاعدين، وحزب العمل لا يعتزم الانسحاب" من الحكومة. وأشار الكاتب إلى أن "الخطر الداهم على أولمرت هو من جانب رفاقه في حزب كديما. فهناك ثلاثة بينهم يسعون لخلافته. وهو سيواجه صعوبة في إسكاتهم من دون دعم شعبي، وهذا يعيدنا إلى مشكلته الأولى الكبرى، وهي التأثير المتراكم لسلسلة التحقيقات ضده على الرأي العام".

 

من جانبها رأت محللة الشؤون الحزبية في يديعوت أحرونوت، سيما كدمون، أنه "إذا كانت الشرطة والنيابة العامة، بتركيبة طاقم محققين ومسؤولين في النيابة يملكون خبرة وتجربة، وبعد كل ما حدث في قضية (الرئيس الإسرائيلي السابق موشيه) قصاب، تنفذان خطوات جارفة كهذه فإن الحديث هنا حقا عن شبهات ثقيلة ومُسندة. فالمواد بين أيديهما. وهناك شهود تحدثوا وصمتوا. ويبدو أنهما ما كانا سيضيعان كل مكانتهما المهنية المرموقة لو أنهما لا يعتقدان بأن ثمة أدلة صلبة. لكن إذا تمخض الجبل وولد فأرا فإن الهزة الأرضية يجب أن تجري في مؤسسة فرض القانون"، أي الشرطة والنيابة.

 

وأكدت كدمون أيضا أن "مشكلة أولمرت داخل كديما. وحتى لو استغرقت الإجراءات القضائية وقتا، فإن هذا الوقت لا يعطيه شرعية. ولا يتوجب أن يكون المرء نبيا كي يدرك أن مكانته الشعبية، التي استقرت بعد شهور طويلة، يتوقع أن تنهار بالمطلق، وربما من دون أن يتمكن من النهوض، في أعقاب الشبهات ضده. حزب أولمرت قد ينهار. وأي خطأ في رجاحة رأي أعضاء الحزب سيجعلهم هم أيضا غبارا. وسيتوجب على حزب كديما أن يتخذ قرارات، أكثر من أي حزب آخر. إذ ربما لم يعد لدى أولمرت ما يخسره، لكن لدى أعضاء كديما ثمة ما يخسرونه".

 

وأشار محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، يوسي فيرتر، من ناحيته، إلى أن ظهور أولمرت في المؤتمر الصحافي "يدل على أنه لا يستسلم وأنه يعتزم أن يحارب على مستقبله. فقد سارع للظهور أمام الصحافيين في ساعة غير مألوفة لكي تنشر الصحف في الغداة روايته في مقابل رواية الشرطة". وأضاف أن "الشبهات ضده تبدو خطرة. ومن كلامه يظهر أننا شاهدنا هذا الفيلم من قبل، لدى إيهود باراك والجمعيات (التي أقامها لتمويل حملته الانتخابية لرئاسة الحكومة) ولدى أريئيل شارون والجمعيات (التي أقامها هو أيضا لتمويل حملات انتخابية). لقد كنا هناك وفعلنا ذلك. ربما توجد أمور غير منظمة. ربما أخطأ أحد ما في إدارة الأموال".

 

ورأى فيرتر أن أولمرت وجه أقواله إلى تحالفه الحكومي خلال مؤتمره الصحافي "وخصوصا إلى ايهود باراك، رئيس حزب العمل. ففي اللحظة التي تعهد فيها بالاستقالة في حال تقديم لائحة اتهام ضده، فإنه سهل على باراك وحزبه البقاء في التحالف، حتى قرار المستشار القانوني للحكومة" مناحيم مزوز. وأضاف أن "تعهد أولمرت بالاستقالة موجه أيضا نحو القائمة بأعماله، وزيرة الخارجية تسيبي ليفني. فاستقالته هي استقالة الحكومة ومعناها انتخابات مبكرة. وهكذا يكون قد أغلق باب مكتب رئيس الحكومة أمام ليفني. وبعد أن امتنعت ليفني، عن قصد، من التمني له أن يتم تفنيد الشبهات ضده، كان واضحا لكل من يعرف أولمرت أنه سيفعل كل شيء من أجل منعها من تولي رئاسة الحكومة".

 

وخلص فيرتر إلى أنه "على ما يبدو أننا لن نشهد في الأسابيع المقبلة تحركات سياسية داخلية هامة. فإيهود باراك ليس مسرعا إلى أي مكان. وقريبا سنشاهد (الرئيس الأميركي جورج) بوش و(الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي وغوردون براون (رئيس الوزراء البريطاني) وسيلفيو برلوسكوني (رئيس الوزراء الايطالي)، وأيضا محققي الشرطة يدخلون إلى منزل رئيس الحكومة. إنه نوع من الحياة العادية في إسرائيل في سنوات الألفين".