تقرير تفصيلي خاص عن التحقيق البوليسي الجديد مع رئيس الحكومة الإسرائيلية

وثائق وتقارير

هذا ما كشف عنه مركز النشاطات الميدانية في "الحركة الإسرائيلية ضد هدم البيوت الفلسطينية"، د. مائير مرغليت، لـ"المشهد الإسرائيلي" مؤكدًا أن جميع المؤسسات الإسرائيلية تنسق فيما بينها بشأن السياسات والخطوات المتبعة ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية وجميعها تعمل من أجل تحقيق الهدف نفسه وهو دفع العرب إلى مغادرة المدينة

 

 كتب بلال ضاهر:

 ينشط الدكتور مائير مرغليت في "الحركة الإسرائيلية ضد هدم البيوت" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كمركز للنشاطات الميدانية، وهو إضافة إلى ذلك مؤرخ ومحاضر جامعي وكان عضوا في مجلس بلدية القدس عن حزب ميرتس. وقال في حديث لـ"المشهد الإسرائيلي" إن مبنى عائلة أبو عيشة، في بيت حنينا في شمال القدس، الذي تم هدمه في الأسبوع الماضي، هو "البيت الستون الذي هدمته السلطات الإسرائيلية منذ مطلع العام 2008". وأشار إلى أنه بالكاد سمع أحد أنه تم هدم هذا العدد من البيوت في القدس الشرقية خلال سبعة شهور. وأضاف أن "عدم تناول وسائل الإعلام الإسرائيلية لموضوع هدم البيوت هو أمر ليس مفاجئا، فنحن نعرف أن الإعلام الإسرائيلي لا يهتم بأعمال هدم البيوت في الوسط العربي. لكن السؤال هو لماذا لا يأخذ هذا الموضوع اهتماما في الإعلام الفلسطيني؟. هذا سؤال ينبغي أن يقلقكم وهو يقلقني جدا. وعندما لا يعطي الإعلام العربي أو الفلسطيني التغطية الكافية لهذا الموضوع ولا يضعه على رأس سلم الأولويات فإنه، بصورة غير مباشرة، يتعاون مع السلطة الإسرائيلية".

 

(*) "المشهد الإسرائيلي": أنت تدعو السلطات الإسرائيلية للعمل على وضع مخطط وخارطة هيكلية للقدس الشرقية. هل تعتقد أن هذه السلطات مستعدة لتنفيذ ذلك، أم أن الوضع الحالي مريح للسلطات الإسرائيلية؟

 

- مرغليت: "ينبغي أن نشير بداية إلى أن الوضع التخطيطي في القدس الشرقية هو وضع كارثي. ومعظم سكان القدس الشرقية لا يستطيعون الحصول على تصريح بناء من البلدية لأنه لا توجد خرائط هيكلية تتناسب مع احتياجات السكان. وهذا الوضع مريح جدا للسلطات الإسرائيلية، لأن هذه الطريق هي الأكثر نعومة لمنع عربي من الحصول على تصريح بناء. فبدلا من أن تقول له البلدية إنه لا يمكنك الحصول على تصريح بناء لأنك مسلم أو فلسطيني أو عربي، يقولون له إننا نريد منحك تصريحا لكن الخارطة الهيكلية لا تسمح بذلك. وهم يقولون ذلك بكلمات نظيفة وليس، لا سمح الله، من منطلقات عنصرية وإنما من اعتبارات إدارية. لهذا فإنه من الواضح أن هذا الوضع مريح للحكومة. ولذلك ينبغي علينا العمل من أجل كسر هذه السياسة".

 

(*) ما هي العراقيل والمصاعب الأخرى التي تضعها السلطات الإسرائيلية، بمن فيها البلدية، أمام سكان القدس الشرقية؟

 

- مرغليت: "إن البلدية، وبقية السلطات، تضع عراقيل أمام السكان الفلسطينيين في جميع المجالات. ويكفي الحديث فقط عما يحدث في مجال بطاقات الهوية وعمليات سحب هذه البطاقات من سكان أو منع منحها لمواطنين. ورغم أنه في هذه القضية يمكن توجيه إصبع الاتهام إلى الحكومة ووزارة الداخلية، إلا أن جميع المؤسسات الإسرائيلية تنسق فيما بينها بشأن السياسات والخطوات المتبعة ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية. وجميعها تعمل من أجل تحقيق الهدف نفسه وهو دفع العرب هنا إلى مغادرة المدينة. هذا هو الهدف وكل مؤسسة إسرائيلية تؤدي دورها لتحقيقه. وزارة الداخلية تسهم بدورها في تحقيق الهدف من خلال عدم منح أو سحب بطاقات الهوية. البلدية من خلال عدم إصدار تصاريح البناء والتأمين الوطني الذي يلغي مخصصات أولاد. والشرطة تقوم بممارسات تهين المواطنين الفلسطينيين وتنكل بهم. والهدف هو التخلص من أكبر عدد ممكن من العرب ودفعهم إلى مغادرة المدينة".

 

(*) والبلدية تطالب الفلسطينيين المقدسيين بدفع مبالغ طائلة لقاء استصدار تصريح بناء.

 

- مرغليت: "رسوم استصدار تصريح بناء في القدس الشرقية مطابق تماما للرسوم التي تتم جبايتها في القدس الغربية. وصحيح أن الرسوم باهظة جدا، فإذا أردت بناء بيت بمساحة 200 متر مربع في قطعة أرض مساحتها نصف دونم، فإن مجموع الرسوم سيبلغ 20 ألف دولار. لكن المشكلة هي أن من يريد بناء مبنى مؤلف من أربعة طوابق في غربي المدينة لتسكنها ثماني عائلات، فإنه يتم تقسيم هذا المبلغ على العائلات الثماني، بينما في شرق المدينة تتكبد عائلة واحدة كل التكاليف. ولذلك تتحول عملية استصدار تصريح بناء إلى مهمة تكاد تكون مستحيلة".

 

(*) هل هناك معطيات حول حجم البناء في القدس الشرقية؟

 

- مرغليت: "نعم، يتم بناء ألف بيت كل عام. ويوجد الآن 60 ألف منزل في القدس الشرقية، وثلث البناء في القدس الشرقية ليس قانونيا، وهذا يعني أنه من الناحية النظرية هناك 20 ألف منزل مهددة بالهدم. لكن بالطبع لا أحد يمكنه هدم 20 ألف منزل، كذلك فإنه لا توجد ميزانيات لهدم هذا العدد من البيوت".

 

(*) في أية منطقة تم هدم أكبر عدد من البيوت؟

 

- مرغليت: "في الفترة الأخيرة كانت المنطقة الواقعة في بيت حنينا هي المنطقة الأكثر تضررا من هذه السياسة. وعلى ما يبدو فإن السلطات الإسرائيلية تخطط لإقامة مستوطنة هناك توصل بين مستوطنتي راموت وبيسغات زئيف".

 

(*) هذا يعني أن أعمال هدم البيوت منهجية ومخطط لها؟

 

- مرغليت: "نعم. كل شيء منهجي ومخطط له. التخطيط هو وصل راموت مع بيسغات زئيف، وهذا هو السبب لوجود عدد كبير من عمليات هدم البيوت في هذه المنطقة".

 

(*) في موازاة ذلك تبذل السلطات الإسرائيلية جهودا كبيرة وتستثمر موارد كبيرة للبناء في المستوطنات في القدس الشرقية، وتحاول أيضا تحويل مبان شيدها المستوطنون بصورة غير قانونية، أي من دون الحصول على تصاريح بناء، إلى مبان قانونية ومرخصة، مثلما يحدث في قلب ضاحية سلوان المحاذية للبلدة القديمة. كيف تنظر إلى هذا الوضع؟

 

- مرغليت: "واضح أنه يوجد هنا تمييز وإجحاف، وليس أنا من يقول هذا وإنما هناك قرارات محاكم قال فيها قضاة إنه ليس معقولا أن يتم الحكم على عربي بهدم منزله وعلى اليهودي حكم إغلاق البيت فقط. والمبنى الذي تتحدث عنه في سلوان، ويدعى بيت يوناتان وأقامته جمعية عطيرت كوهانيم، تم بناؤه من دون تصريح وهو مؤلف من سبعة طوابق، وأصدر قاض أمرا بسد البيت. وفي موازاة ذلك، منزل أبو عيشة في بيت حنينا وهو من خمسة طوابق، وأصدر القاضي أمرا ضده، لكن هذا كان أمر هدم. ومنزل عائلة أبو عيشة هدموه قبل أسبوع فيما بيت يوناتان لم يسدوه ولم يغلقوه حتى الآن. والسؤال هو لماذا يصدر القاضي حكمين مختلفين، إغلاق بيت وهدم بيت، على مخالفتين مشابهتين؟. أنا أعتقد أن جهاز القضاء الإسرائيلي، حتى لو حاول أن يظهر موضوعيا، هو جزء من الموجة التي تغمر كل الدولة وتعمل على المس المنهجي بمصالح السكان العرب هنا في القدس. وهذا يحصل في الجليل والنقب وفي القدس الشرقية أيضا. وجهاز القضاء ليس أفضل من الأجهزة الأخرى. بل إن جهاز القضاء هو انعكاس لما يحدث في المجتمع الإسرائيلي كله. وهكذا فإن القضاة أنفسهم، ورغم أنهم يحاولون إصدار أحكام بموجب القانون، فإنهم غير نظيفين مائة بالمائة، وينبع أداؤهم من أفكار سياسية وأيديولوجية".

 

(*) هل ترى أنه توجد علاقة بين تعامل السلطات الإسرائيلية مع سكان القدس الشرقية والعمليات الأخيرة التي نفذها ثلاثة شبان من سكان القدس الشرقية؟

 

- مرغليت: "نعم. وقد كتبت حول ذلك قبل عام وقلت إن مستوى الغضب والسخط الذي تراكم في شرقي المدينة بسبب سياسة الحكومة الإسرائيلية في كافة المجالات، بدءا بالجدار وحتى قانون المواطنة وهدم البيوت ومصادرة بطاقات الهوية، كل هذا سيؤدي إلى موجة عنف ستمس بنا جميعا".

 

(*) هل يعني هذا أنك تتوقع عمليات أخرى؟

 

- مرغليت: "نعم، هذا صحيح".