سجل القوانين الإسرائيلي لا يتضمن تشريعاً يحظر ارتكاب جرائم حرب ويعاقب عليها باعتبارها كذلك

اقتصاد ومجتمع

*3% غيرهم من حملة لقب الدكتوراه يقيمون لعدة سنوات في الخارج ويعودون *5% من الأكاديميين الإسرائيليين يقيمون بشكل دائم خارج إسرائيل وهم في عداد المهاجرين *إسرائيل قلقة من استمرار "هجرة العقول" *سلسلة من المخططات الحكومية التي وضعت في السنوات الأخيرة لم تحقق هدفها باستعادة نسبة كبيرة من الخبراء*

 

 

*3% غيرهم من حملة لقب الدكتوراه يقيمون لعدة سنوات في الخارج ويعودون *5% من الأكاديميين الإسرائيليين يقيمون بشكل دائم خارج إسرائيل وهم في عداد المهاجرين *إسرائيل قلقة من استمرار "هجرة العقول" *سلسلة من المخططات الحكومية التي وضعت في السنوات الأخيرة لم تحقق هدفها باستعادة نسبة كبيرة من الخبراء*

 

 

تبين من تقرير جديد لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، حول "هجرة العقول" إلى خارج إسرائيل، أن هذه الهجرة ترتفع باستمرار، وأن كل المخططات الحكومية التي وضعت في السنوات الأخيرة، خلال عمل الحكومتين الأخيرتين، لم تقنع نسبة كبيرة من الخبراء بالعودة إلى إسرائيل.

 

وقد أعد مكتب الإحصاء المركزي (الرسمي) تقريره الجديد لصالح "المجلس الوطني للأبحاث والتطوير" في وزارة العلوم الإسرائيلية، وتركز التقرير في معطيات الهجرة منذ العام 1985 وحتى العام 2005، وهذا بهدف فحص عودة من هاجروا إسرائيل منذ العام 2005 وسابقا.

 

ويظهر من المعطيات أن 5% من حملة الشهادات الجامعية، على مختلف مستوياتها، من اللقب الأول وحتى الثالث، هاجروا من إسرائيل ويعيشون خارجها منذ العام 1985 وحتى العام 2005، من بينهم نحو 11% من حملة لقب الدكتوراه. وحسب التقرير ذاته، فإن الحديث يجري عن أكثر من 18200 شخص، وكما ذكر، فإن هذا لا يشمل السنوات الأخيرة، التي كان فيها ارتفاع ملحوظ في الهجرة من إسرائيل، التي تراجعت بقليل في سنوات التسعين من القرن الماضي، لعدة أسباب.

 

ويقول التقرير إن هذه المعطيات تقول إن إسرائيل تقف في "طليعة الدول التي تصدر الأكاديميين إلى الخارج"، وأن ظاهرة "هجرة العقول" تتركز أساسا في العاملين في مراكز الأبحاث، ولهذا فإن الأمر سيكون من ناحية إسرائيل "أشد خطورة"، كما جاء في تحليل التقرير الذي نشر في صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية.

 

وبحسب التقرير، فإن 8ر4% من حملة اللقب الجامعي الأول يعيشون في الخارج في عداد المهاجرين، أما بالنسبة لحملة اللقب الثاني فإن نسبتهم تصل إلى 2ر4%، والأمر الأبرز في هذا المجال أن النسبة تقفز إلى حوالي 7% من حملة اللقب الأول في مواضيع الهندسة والعلوم، وما يقارب نسبة 9% من حملة اللقب الثاني في المجال ذاته.

وفي تفسير للمعطيات التي جمعها مكتب الإحصاء يظهر ان السبب الأساس لهجرة العقول هو البحث عن بلاد فيها امكانيات استيعاب المؤهلات العليا، أكبر من الإمكانيات في إسرائيل، ولهذا نجد أن غالبية حملة الألقاب الجامعية المهاجرين هي في مواضيع مثل علم الحاسوب والفيزياء والبيولوجيا والزراعة والهندسة المعمارية، والهندسة التكنولوجية، بينما النسبة تكون أقل لدى حملة الألقاب الجامعية في مواضيع مثل اللغات والأدب والفنون والمواضيع الاجتماعية.

 

خطط سابقة

 

وكان موضوع "هجرة العقول" قد طرح على جدول أعمال الحكومات في السنوات الأخيرة، واكثر من ذي قبل، وهذا كما يبدو على ضوء انحسار الهجرة إلى إسرائيل، التي كانت تحمل معها اعدادا كبيرة من الخبراء المهاجرين، خاصة من دول الاتحاد السوفياتي السابق، وبموازاة ذلك ارتفاع جديد في الهجرة من إسرائيل.

 

وأمام التراجع الحاد في الهجرة، فقد بدأ الحديث في إسرائيل عما يسمى بـ "الهجرة النوعية"، أو "هجرة النخبة"، كما جاء في عدة أبحاث ومؤتمرات، وهذا يقصد فريقين: كبار أصحاب رأس المال وأصحاب المشاريع الاقتصادية في الخارج، والثاني هو آلاف الخبراء الإسرائيليين.

 

وكان وزير المالية يوفال شتاينيتس قد أعلن عزمه على وضع برامج لتحفيز "الأدمغة" التي هاجرت من إسرائيل على العودة اليها، في حين أن الحكومتين الأخيرتين، برئاسة إيهود أولمرت، وبنيامين نتنياهو، قد وضعتا في السنوات الأخيرة سلسلة من البرامج من أجل تحفيز كلا الفريقين للهجرة أو العودة إلى إسرائيل، إلا أن كل واحدة من تلك الخطط سجلت فشلا ذريعا، لأن واقع الحال في إسرائيل من ناحية اقتصادية واستقرار اقتصادي لا يمكن مقارنته مع الدول التي يتواجدون فيها، ليس فقط بسبب العروض المالية وفرص التقدم، بل أيضا بسبب فرص التنقل بين الخيارات المتاحة.

 

والبرامج التي أقرتها حكومة بنيامين نتنياهو هي بالأساس موروثة عن الحكومة السابقة التي أقرتها ولم تحقق منها شيئا، خاصة في العام 2008 حينما أقرت حكومة إيهود أولمرت برنامجا مليئا بالإغراءات المالية لتحفيز الذين هاجروا من إسرائيل على العودة إليها وبشكل خاص من ذوي الخبرات.

 

وقد وضعت حكومة أولمرت هدفا لتحقيقه في العام 2008، هو إعادة 15 ألف شخص من الذين غادروا إسرائيل، من أصل 750 ألف إلى 850 ألف شخص متواجدين بشكل دائم في الخارج مع اتجاهات هجرة، ومع ذلك فإن البرنامج سجل فشلا ذريعا، بعد أن كان عدد العائدين اقل بكثير من الهدف.

 

ووضعت حكومة بنيامين نتنياهو خطة يكون في مركزها أن توظف الحكومة والقطاع الاقتصادي ما لا يقل عن 420 مليون دولار لتشجيع ما لا يقل عن 500 خبير على الهجرة أو العودة إلى إسرائيل خلال خمس سنوات، من منطلق أن عودتهم واندماجهم في سوق العمل من شأنه أن يحقق أرباحا تفوق الميزانية المخصصة لعودتهم، على أن تعوض الحكومة هذه الأموال مستقبلا من خلال الأرباح التي ستجنى من عمل هؤلاء، ومن زيادة الناتج القومي.

وهذا بعد أن تحدثت معطيات في حينه عن أن حوالي 20 ألف شخص من حملة الجنسية الإسرائيلية يعملون خارج إسرائيل في قطاعات صناعية وتقنية متقدمة جدا، ومن بينهم الآلاف من ذوي الخبرات والمؤهلات العلمية والمهنية العالية، وهذا أحد مصادر قلق القطاع الاقتصادي والحكومات الإسرائيلية.

 

إلا أن خبراء يؤكدون عدم قدرة خطة كهذه أن تحقق هدفها، كون أن ظروف العمل الجيدة والعالية تبقي الآلاف من الخبراء خارج إسرائيل، فهم يعملون في مجال عملهم بشروط عمل جيدة جدا، وحتى منهم من لا يجد ما يلائم تخصصه في مجالات الصناعات العالية والتقنية المتقدمة.

 

ويقول تقرير مكتب الإحصاء المركزي الأخير إن كل المخططات التي وضعتها إسرائيل في السنوات الأخيرة، لم تنجح سوى في إعادة 200 خبير، دون ذكر عدد الخبراء الذين هاجروا، مثلا في العامين الأخيرين.

 

ويضيف التقرير أنه في العامين 2010 و2011 عاد إلى إسرائيل 7ر6% فقط من الأكاديميين، الذين مكثوا في الخارج لمدة ثلاث سنوات وأكثر، وهي تعد نسبة ضئيلة، أمام ما تطمح له إسرائيل.

 

ويقول عضو الكنيست السابق، ومن عاد ليتولى رئاسة الجامعة العبرية في القدس، البروفسور مناحيم بن ساسون: "إن واجب دولة إسرائيل أن ترصد ميزانيات للتعليم، وميزانيات لأبحاث الجيل الشاب، فهو سيقود مستقبلا استراتيجيات الدولة، ونجاحنا مع هذا الجيل ينعكس في انتقاله للعمل في دول أخرى. على دولة إسرائيل أن تفعل كل ما في امكانها أن تفعله من اجل استعادة هؤلاء الباحثين اليها، فالدولة ترصد ملايين من أجل تأهيل الباحثين، ولكن من يقطف الثمار هو الدول الأخرى".

 

ودعا بن ساسون إلى وضع مسألة التعليم العالي في إسرائيل على رأس الأولويات، ورصد الميزانيات لها، وفقط بهذه الوسيلة بالإمكان أن نعرض على الباحثين شروط وظروف عمل أفضل في إسرائيل، ما يقنعهم بالعودة.

 

ويقول الخبير الاقتصادي شلومو معوز، في مؤتمر اقتصادي عقد في الأيام الأخيرة، إن الهجرة من إسرائيل تراجعت في العام الماضي من معدل 18 ألفا سنويا إلى خمسة آلاف، وهذا بفعل الأزمات الاقتصادية التي تضرب الدول المتطورة خاصة الولايات المتحدة وأوروبا. وبحسب تقديراته، فإن الهجرة من إسرائيل ستعود إلى مستوياتها السابقة، بمعنى معدل 18 ألفا وحتى أكثر، مع تحسن الأوضاع الاقتصادية في الدول المتطورة.

وقال معوز: "إن الناس الجيدين يتركون البلاد، وحاليا لا يوجد مكان يهاجرون اليه بسبب الأوضاع الاقتصادية، ولكن هذا من شأنه أن يتغير".