المراسل السياسي والدبلوماسي في صحيفة هآرتس: أتوقع أن ينتهي اللقاء بين نتنياهو وأوباما بمزيد من النفور

اقتصاد ومجتمع

*التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي يكيل المديح للسياسة الاقتصادية لكنه في نفس الوقت ينتقد عدم دمج العرب والحريديم في سوق العمل ونسبة الفقر العالية بين العرب ويدعو إلى زيادة الصرف على جهازي التعليم والصحة * محلل اقتصادي يشكك في شكل صياغة التقرير*

 

*التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي يكيل المديح للسياسة الاقتصادية لكنه في نفس الوقت ينتقد عدم دمج العرب والحريديم في سوق العمل ونسبة الفقر العالية بين العرب ويدعو إلى زيادة الصرف على جهازي التعليم والصحة * محلل اقتصادي يشكك في شكل صياغة التقرير*

 

 

 

تسلم وزير المالية الإسرائيلية يوفال شتاينيتس ومحافظ بنك إسرائيل المركزي ستانلي فيشر التقرير السنوي لصندوق النقد الدولي حول الاقتصاد الإسرائيلي، والذي شمل مديحا للسياسة الاقتصادية، ولكنه وجه انتقادات عديدة تتعلق بالصرف على جهازي التربية والتعليم والصحة، ومسألة عدم اندماج العرب والحريديم بشكل كاف في سوق العمل.

 

ويقول صندوق النقد في تقريره إنه على الرغم من متانة الاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن الفقر يسجل أعلى نسبة من بين الدول المتطورة المنضمة إلى منظمة OECD.

 

ويشير التقرير بشكل خاص إلى الفقر بين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، وأيضا بين أوساط المتدينين الأصوليين (الحريديم)، الذين يذكرهم التقرير في أكثرة من مرة، نظرا لظروفهم الاقتصادية الاجتماعية السيئة.

 

ويشير التقرير إلى أن الجمود في معدل الرواتب من ناحية فعلية، بمعنى قيمته الشرائية، في العقد الأخير، ساهم في اندلاع حملة الاحتجاجات الشعبية، كذلك فإنه منذ اندلاع تلك الحملة تراجعت ثقة المواطن في إسرائيل بالاقتصاد من عدة نواح.

 

ويعتقد صندوق النقد أن وزارة المالية الإسرائيلية ومعها بنك إسرائيل المركزي تصرفا بشكل صحيح على ضوء مؤشرات التباطؤ الاقتصادي، إذ أن بنك إسرائيل ضبط سياسة الفائدة البنكية، وعمل على تخفيضها منذ شهر أيلول 2011 بنسبة 75ر0% وهذا ما ساهم في تخفيف الضغوط الاقتصادية، وعمل على وقف عملية ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار.

 

ويقول الصندوق في تقريره إنه من ناحية المعطيات الاقتصادية، فإن الاقتصاد الإسرائيلي في وضع جيد، فبعد الركود الاقتصاد الذي شهده في العامين 2008 و2009، عاد الاقتصاد الإسرائيلي إلى نسبة نمو في العامين 2010 و2011 في حدود 5%، كما أن البطالة سجلت أدنى نسبة لها منذ عقود، وهي 5ر5%، في حين تم لجم التضخم المالي، وجعله في إطار ما حددته السياسة الاقتصادية، أي ما بين 1% إلى 3%.

 

ويعتقد صندوق النقد أن السبب في هذه الوضعية يعود إلى أن الحكومة شددت على البقاء ضمن الموازنة العامة التي حددتها في كل واحدة من السنوات الأخيرة، بما في ذلك العام الجاري، كذلك فإن الحكومة تسعى إلى تخفيض الدين العام، من 75% من الناتج العام كما هو اليوم إلى 60% بعد سنوات، أي وفق معدل منظمة دول OECD.

 

ويمتدح التقرير الدولي إقرار الموازنة العامة في إسرائيل لعامين معا، كما كانت الحال للعامين 2009 و2010، وأيضا للعامين 2011 و2012، ويدعو الصندوق للاستمرار في هذا الأسلوب أيضا للعامين 2013 و2014، وتحديد أهداف الموازنة لهذين العامين حتى منتصف العام الجاري، وهذا على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية لم تقرر بعد ما إذا كانت ستتجه نحو ميزانية عامين في آن واحد، وذلك نظرا لكون العام 2013 عام انتخابات، وهناك توقعات بأن تكون الانتخابات في العام الجاري.

 

وعمليا فإن صندوق النقد يرفض التوقعات بأن يشهد الاقتصاد الإسرائيلي تباطؤا شديدا في العام الجاري، إلا إذا استفحلت الأزمة الاقتصادية في أوروبا، وفي حال سارت الأمور كما هو متوقع لها، فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيشهد في العام الجاري نموا بنسبة 3%، وفي العام 2013 بنسبة 75ر3%.

 

البطالة والفقر بين

العرب والحريديم

 

 

ويخصص التقرير فصلا حول مسألة انخراط المواطنين العرب واليهود المتدينين (الحريديم) في سوق العمل، ويقول إن انخفاض نسبة انخراط هاتين المجموعتين في سوق العمل ينعكس سلبا على الاقتصاد الإسرائيلي، وفي حال كانت نسبة انخراط هؤلاء مساوية لنسبة باقي القطاعات، لارتفع الناتج العام في إسرائيل بنسبة 15% عما هو عليه اليوم، كما أن مداخيل الدولة من الضرائب سترتفع بنسبة 5%، بمعنى أكثر من 10 مليارات شيكل، وهذا ما يعادل 66ر2 مليار دولار.

 

ويقول التقرير إن 20% فقط من النساء العربيات ينخرطن في سوق العمل، كما أن نسبة الحريديم ككل في سوق العمل لا تتعدى 40%، إلا أن التقرير الذي يدعو الحكومة الإسرائيلية إلى تشجيع هذين القطاعين على الانخراط في سوق العمل لا يتوقف عند تفاصيل القضية.

 

فبحسب معطيات دائرة التشغيل الرسمية، فإن نسبة البطالة بين العرب في إسرائيل تتجاوز 15% بينما بين اليهود لا تصل إلى 4%، والنسبة العامة هي في حدود 3ر5%، ونسبة البطالة بين العرب لا تشمل النساء اللاتي لم ينخرطن في سوق العمل إطلاقا.

 

وتعاني البلدات العربية في إسرائيل من قلة أماكن العمل والمناطق الصناعية، وأكثر من 70% من القوة العاملة العربية تضطر يوميا إلى مغادرة بلداتها والسفر مسافات طويلة جدا إلى أماكن عمل، بعكس ما هو قائم في البلدات اليهودية، بمعنى أن العرب محرومون من فرص العمل.

 

في المقابل فإن الصورة معكوسة لدى الحريديم، الذين تنتشر بين غالبيتهم الساحقة أفكار حظر الانخراط في المجتمع العلماني وسوق العمل، لذا فإن البطالة لديهم على الأغلب هي إرادية وليست قسرية كما هي لدى العرب.

 

ويتنبه التقرير إلى حقيقة أن معدلات الرواتب لدى العرب منخفضة أيضا، ويحذر من استمرار هذا الوضع، خاصة، بحسب التقرير، أن العرب والحريديم سيكونون بعد 30 عاما 50% من المواطنين في إسرائيل، على الرغم من أن تقديرات أخرى تتوقع أن تتحقق هذه النسبة في العام 2030 على الأكثر.

 

كما يتعرض التقرير إلى الصرف العام على جهازي التربية والتعليم والصحة، وبأنه أقل من المعدل القائم في دول منظمة OECD، وهنا أيضا يشير التقرير إلى ضرورة زيادة الصرف في هذين الجهازين، لدى المواطنين العرب، والعمل على تقليص الفجوات.

 

 

تشكيك في التقرير

 

 

الصحافي والمحلل الاقتصادي في صحيفة "ذي ماركر" موطي باسوك أرسل وخزة من العيار الثقيل لكاتبي تقرير صندوق النقد الدولي، ونترك للاقتباس ليحكي وحده، إذ يتساءل باسوك ويرد "لماذا لم يتطرق التقرير إلى ظاهرة التشغيل من خلال شركات القوى العاملة في إسرائيل (ظروف استبدادية)، والجواب بسيط: يصل خبراء صندوق النقد الدولي إلى إسرائيل مرة في السنة، وهم يجرون جولة محادثات مع محافظ بنك إسرائيل المركزي وكبار مسؤولي البنك، ويلتقون أيضا وزير المالية وكبار مسؤولي الوزارة، إضافة إلى مسؤولين كبار في الاقتصاد ويحصلون على كمية كبيرة من الوثائق".

 

ويتابع باسوك: "وبعد أسبوعين من المكوث في إسرائيل ووجبات العمل الغنية والرحلات في أماكن خلابة، يجلس الخبراء في فندق فخم جدا لكتابة التقرير عن الاقتصاد الإسرائيلي، وبشكل عام يأتي إلى إسرائيل سنويا خبراء مختلفون من صندوق النقد ولكن بشكل نادر، فإن رئيس وفد العام الماضي هو نفسه رئيس الوفد في العام الحالي".

 

ثم يتساءل باسوك عن سبب انتقاد صندوق النقد الدولي لرواتب كبار مسؤولي بنك إسرائيل المركزي، واعتبارها متدنية بالمقارنة مع رواتب أمثالهم في العالم، ويشكك في أن أحدا ما في البنك المركزي اشتكى من معدل الرواتب، وهو تلميح وتشكيك آخر في ظروف إعداد هذا التقرير، الذي يشمل الكثير من المديح للسياسة الاقتصادية التي تتبعها الحكومة الحالية.