تقرير جديد حول مظاهر الإهمال والتهميش في جهاز التعليم في القدس المحتلة

اقتصاد ومجتمع

*رغم تأكيد التقرير المرحلي للصندوق على وتيرة النمو ومعطيات الاقتصاد الإيجابية إلا إنه يطالب بسياسة تقشفية أشد لمواجهة القادم *الصندوق يطالب بإجراءات لمواجهة عدم الاستقرار الاقتصادي في العالم *التقرير ينتقد سياسة شراء الدولارات التي يتبعها بنك إسرائيل المركزي *مطلب تقليص الميزانية في العام المقبل يطرح أسئلة كثيرة أمام الحكومة التي باشرت في إقرار الميزانية في الكنيست*

 

*رغم تأكيد التقرير المرحلي للصندوق على وتيرة النمو ومعطيات الاقتصاد الإيجابية إلا إنه يطالب بسياسة تقشفية أشد لمواجهة القادم *الصندوق يطالب بإجراءات لمواجهة عدم الاستقرار الاقتصادي في العالم *التقرير ينتقد سياسة شراء الدولارات التي يتبعها بنك إسرائيل المركزي *مطلب تقليص الميزانية في العام المقبل يطرح أسئلة كثيرة أمام الحكومة التي باشرت في إقرار الميزانية في الكنيست*

 

 

كتب برهوم جرايسي:

 

دعا صندوق النقد الدولي إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات تقشفية بقدر ما، على الرغم مما يظهر وكأنه نجاح لسياستها الاقتصادية، وعدم غرق الاقتصاد الإسرائيلي بالأزمة العالمية بالقدر الذي غرقت فيه الدول المتطورة، فالصندوق الدولي يدعو إلى تقليص الميزانية وزيادة الضرائب، والتوقف عن شراء البنك المركزي للدولارات، وهذا يعني وفق المقاييس الإسرائيلية ضربات ستوجه بالأساس إلى الشرائح الفقيرة والضعيفة، وستتمسك بها الحكومة الإسرائيلية بذريعة التجاوب مع مطالب صندوق النقد.

 

ويقول التقرير المرحلي الأولي، الذي تسلمه محافظ بنك إسرائيل المركزي ستانلي فيشر، ووزير المالية يوفال شتاينيتس، وهو نتاج عمل عدد من الخبراء الذين مكثوا في إسرائيل لمدة أسبوعين لغرض إعداد التقرير: "إن إسرائيل اجتازت الأزمة الاقتصادية العالمية بسرعة، وكان هذا ثمرة سياسة حازمة، والحفاظ على أطر السياسة الاقتصادية، ولذا فإن التحدي الماثل أمام الاقتصاد الإسرائيلي الآن هو الحفاظ على استمرار النمو الاقتصادي، وإبقاء التضخم المالي في نسبة منخفضة، خاصة على ضوء عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي، والحركة المالية من الدول النامية، وتعزيز قيمة الشيكل أمام الدولار، وارتفاع أسعار البيوت في إسرائيل".

 

وقال محافظ بنك إسرائيل المركزي ستانلي فيشر إن التقرير بغالبه "يعبر عن دعم السياسة الاقتصادية المطبقة في إسرائيل، وعلى الرغم من ذلك فإن التقرير يبدي انتقادات في جوانب معينة، ويقدم توصيات سنتعامل معها بجدية، بعد أن نقرأها كاملة".

 

وقال وزير المالية يوفال شتاينيتس "إننا سعداء بالدعم الذي حصلنا عليه من صندوق النقد من خلال تقريره، لشكل تعاملنا مع الأزمة الاقتصادية العالمية".

 

 

دعوة إلى لجم

اقتصادي

 

 

وجاء في التقرير المرحلي لصندوق النقد الدولي: "إننا نعتقد أنه على ضوء المستوى العالي للنشاط الاقتصادي، إلى جانب ضغوط التضخم المالي، التي لا تزال في مراحلها الأولى، لا بُدّ من إتباع سياسة لجم اقتصادي، أسرع مما كان مخططا له، وهذا العبء يجب أن يقع على عاتق سياسة الميزانية وليس على عاتق سياسة الفائدة البنكية، وتغيير كهذا في ثقل السياسة يساعد في لجم التضخم المالي، ويقلل من الضغوط التي تدفع في اتجاه تعزيز قيمة الشيكل، ويساعد في تطبيق سياسة الميزانية الجديدة".

 

ويتابع التقرير "إلى جانب ذلك، فإن على سياسة الفائدة البنكية أن تتركز في جانب التضخم المالي، والاستمرار في إتباع سياسة محايدة، والاستمرار في صد الاهتزازات المالية العالمية، في حين أن التدخل في سوق العملات يجب أن يكون محدودا جدا، وإتباع خطوات من أجل استعادة التوازن بين العرض والطلب في مجال البيوت، فخطوات كهذه من شأنها أن تساعد في لجم سوق العملات".

 

وجاء في التقرير "من أجل ضمان نجاح إسرائيل على المدى المتوسط، فمن الضروري أن تعمل على تحسين التنسيق بين السلطات المسؤولة عن استقرار الجهاز المالي، وهذا أمر يتطلب إجراءات أفضل لإدارة الصرف العام على المدى المتوسط، وتسريعا كبيرا لجهود دمج الأقليات في سوق العمل".

 

والمقصود هنا نسبة البطالة المرتفعة جدا بين المواطنين العرب، التي تصل إلى ثلاثة أضعاف النسبة القائمة بين اليهود، وفق تحليل للمعطيات الرسمية التي تصدر تباعا، فمعدل البطالة بين العرب يتراوح في هذه المرحلة ما بين 13% إلى 15%، وهناك مدن وبلدات تصل فيها نسبة البطالة إلى 30%، كما أن أكثر المتضررين من سياسة الحرمان من العمل هن النساء العربيات، التي تصل نسبة البطالة الرسمية بينهن إلى حوالي 78%، وفعليا حوالي 70%، بعد خصم العمل غير المنظم.

 

النمو الاقتصادي ثابت

 

 

ويشير التقرير الدولي إلى أن النمو الاقتصادي في إسرائيل يعتبر من الأكثر ثباتا مقارنة مع الدول المتطورة ذات نسبة النمو العالمية، "فالنمو ثابت، وقد ارتفع في العام 2009 بنسبة 8ر0%، ويقدر أن يرتفع في العام 2010 بنسبة 4%، في حين أن البطالة هبطت إلى محيط 6%، وهذا أقرب إلى أدنى مستوى تاريخي لها، وهذه معطيات تعكس الاستعدادات الجيدة، وسياسة حازمة ومتجاوبة مع متطلبات الأزمة المالية العالمية، حتى قبل أن تصل إلى إسرائيل، ولاحقا إتباع سياسة أشد حزما، مع وصول الأزمة إلى الاقتصاد الإسرائيلي".

 

ويشير التقرير إلى أن الخطوات الحازمة التي تم إتباعها من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية، رافقتها سياسة رعاية حازمة لا أقل من بنك إسرائيل المركزي، بما في ذلك خطوات دعم للسوق والنشاط الاقتصادي والاعتمادات المالية للمرافق الاقتصادية وأماكن العمل.

 

ويقول التقرير إنه مع استئناف وتيرة النمو بوتيرة جيدة، فقد حصل تراجع عن سياسة المحفزات المالية، وتم رفع الفائدة البنكية تباعا وعلى مراحل لترتفع من 5ر0% إلى 2% خلال عام واحد، بالإضافة إلى استمرار التدخل في سوق العملات للجم ارتفاع سعر الشيكل أمام الدولار.

 

ويشير التقرير إلى أن هذه الإجراءات، إضافة إلى التحركات المالية العالمية، أدت إلى رفع قيمة الشيكل بنسبة 15% أمام الدولار، وهي نسبة تواصل الارتفاع، وهذا انعكس بشكل سلبي على التنافس الاقتصادي، وبالإمكان التقدير أن هذا الأمر أدى إلى تآكل قسم من الاقتصاد، من خلال تراجع مداخيل وتراجع استثمارات، وحتى جمود في الصادرات، وتراجع في سوق العمل في قطاع الصادرات.

 

ويقول التقرير إنه من جهة واحدة، فإن ارتفاع قيمة الشيكل يلجم التضخم المالي، الذي عاد في الآونة الأخيرة إلى مجال ما بين 1% إلى 3%، بعد عدة سنوات من خرق السقف الأعلى لهذه النسبة، وفي الآونة الأخيرة عاد التضخم إلى التوجه من جديد نحو السقف الأعلى المخطط له.

 

ويوصي التقرير بإتباع سياسة لجم خاصة في ما يتعلق بالتضخم المالي، وجاء فيه "في نظرة إلى المستقبل، وعلى خلفية الارتفاعات المتوقعة في التضخم المالي، والضغوط التي تدفع نحو هذا، وأيضا على ضوء نسبة الدين العام مقابل الناتج القومي العام، فمن الضروري إتباع سياسة لجم على أن يتم هذا بشكل يقلص تأثير التنافس الاقتصادي، ومن خلال مراقبة صارمة لعدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي".

 

ويقدر صندوق النقد في تقريره المرحلي أنه في العام المقبل- 2011- سترتفع نسبة الفائدة البنكية ما بين 75ر0% إلى 1%، في حين سيرتفع النمو في العام المقبل بنسبة 5ر3% مقابل 4% في العام الجاري، كما يقدر التقرير أن النمو سيرتفع في العام 2012، دون تحديد نسبة، علما أن النسبة المتوقعة في إسرائيل لذلك العام هي في حدود 4%.

 

وعلى ضوء ما تقدم، فإن التقرير يوصي بتقليص الموازنة العامة حتى للعام المقبل- 2011، رغم أن حجم الميزانية بات مقررا، فالصندوق يوصي بأن يكون العجز المالي في العام المقبل 1%، رغم أن مخطط الميزانية يتوقع عجزا بنسبة 3% في العام 2011 و2% في العام 2012 و1% في العام 2013.

 

ويذكر هنا أن المخطط الحكومي للعجز المالي في العامين الماضي والحالي لم يتحقق، وذلك للأفضل، فمثلا في العام الماضي كان مخططا أن يكون العجز بنسبة 6% من الناتج القومي العام، غير أن العجز الذي تحقق على أرض الواقع كان 1ر5%، كذلك فقد كان المتوقع للعام الجاري عجزا بنسبة 5ر5%، ولكن حسب التقديرات الجديدة فإن نسبة العجز قد لا تجتاز 3%، وحتى أنها ستكون أقل من هذه النسبة.

 

 

تخفيض الصرف

وزيادة الضرائب

 

 

 

هذا البند من التوصيات ستتمسك به حكومة بنيامين نتنياهو من دون شك، فهو يدعوها إلى تخفيض الصرف العام، بمعنى تخفيض الميزانية، مقابل رفع الضرائب، إذ يطلب صندوق النقد عدم رفع الميزانية بالوتيرة المقررة، 5ر2% للعامين المقلبين، فكما معروف، فإن الحكومة ستبدأ في العام المقبل إتباع حساب جديد لزيادة الميزانية، بدلا من رفعها بنسبة معدل التكاثر السكاني السنوي، 7ر1%، وقد قاد الحساب الجديد، الذي يأخذ بعين الاعتبار نسبة النمو والتضخم في السنوات العشر الأخيرة، إلى رفع الميزانية بنسبة 5ر2% في كل واحد من العامين المقبلين، وتخفيض كهذا، سيطال أساسا الصرف على القضايا الاجتماعية، من مخصصات اجتماعية ورفاه وتعليم وصحة، وغيرها، في حين تبقى ميزانية الأمن والجيش على حالها.

 

ويتوقع محللون اقتصاديون أن يطلب صندوق النقد الدولي من إسرائيل رفع ضريبة القيمة المضافة، بمعنى ضريبة المشتريات، التي هي اليوم 16%، وستستمر بهذه النسبة أيضا في العامين المقبلين، إلا إذا قررت الحكومة التجاوب مع مطلب رفع الضرائب، ورفعت هذه النسبة بالذات، أو عملت على توسيع دائرة تطبيقها، بمعنى أن تطال قطاع الخضراوات والفواكه.

 

ويتوقف التقرير أيضا عند سوق العقارات، كما يبدو على ضوء الضجة الحاصلة في إسرائيل في الأشهر الأخيرة، إذ ارتفعت أسعار البيوت في وسط البلاد أساسا بنسبة عالية جدا، وصلت في تل أبيب إلى حوالي 30%، إلا أنه في الشهرين الأخيرين جرى الحديث عن لجم للأسعار، وتراجع في وتيرة بيع البيوت.

 

ويوصي التقرير حكومة إسرائيل بإعادة النظر في نسبة الضرائب المفروضة على حقول الغاز التي تم العثور عليها قبالة شواطئ البحر الأبيض المتوسط، إذ يدعو التقرير إلى زيادة حصة الحكومة، إلا أنه قبيل صدور التقرير المذكور كانت لجنة رسمية خاصة أقامتها الحكومة في الأشهر الأخيرة، قد أوصت برفع الضرائب على شركات تنقيب الغاز في إسرائيل، إلى مستوى 66%، بدلا من حوالي 10% حسب الاتفاقيات المبرمة مع شركات تنقيب الغاز.

 

وكانت معركة شعبية واقتصادية شعبية قد نشبت في ربيع العام الجاري، بعد أن تبين أن آبار الغاز التي تم العثور عليها في البحر المتوسط قبالة شواطئ البلاد تحتوي على كميات ضخمة تفيض بكثير عن حاجة إسرائيل، فقد أعلنت شركة نوبل إنيرجي أنها عثرت على حقل غاز في قاع البحر المتوسط، على بعد 140 كيلومترا عن شواطئ حيفا، وأن مساحته تصل إلى 320 ألف دونم، وقبل نحو عامين كان قد تم العثور على حقل غاز قبالة شاطئ عسقلان جنوبا بمساحة 97 ألف دونم.

 

وحينها التفتت عدة جهات إلى طبيعة الاتفاق الذي أبرمته الحكومة الإسرائيلية مع شركات التنقيب عن النفط، إذ كانت الاتفاقية تمنح الحكومة الإسرائيلية نسبة 5ر12% من قيمة الغاز بعد استخراجه، ولكن عمليا 5ر10% من القيمة الفعلية مع وصول الغاز إلى الشاطئ، تضاف إليها نسبة 20% ضريبة شركات، وبهذا نشأت معادلة: 30% لخزينة الدولة مقابل 70% للشركات، وهذه معادلة أثارت ضجيجا في الحكومة الإسرائيلية، مما قاد إلى البدء بإعادة النظر في هذه الاتفاقية.

 

وتوصي اللجنة الرسمية، التي شكلها وزير المالية يوفال شتاينيتس، برفع الضرائب الحكومية على الأرباح الصافية على الغاز بعد تسديد مصاريف استخراجه إلى 66% كنسبة قصوى، وترتفع بالتدريج، في حين أن النسبة المتبقية- 34% - تكون لشركات التنقيب.

 

 

صندوق النقد يعترض

على احتياطي البنك المركزي

 

 

ويتوقف التقرير عند احتياطي بنك إسرائيل المركزي من العملات الأجنبية، الذي سجل خلال عامين ونصف العام ارتفاعا بنسبة 250%، ليصل إلى مستوى 28 مليار دولار، كان القصد الأولي منه تجاوب الاحتياطي مع حجم الموازنة والناتج العام والصادرات الإسرائيلية، إلا إنه بات أيضا وسيلة اتبعها بنك إسرائيل لمحاربة ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار.

 

ويذكر أنه في صيف العام 2008 وصل تراجع سعر الدولار إلى درك كبير، إلى 2ر3 شيكل، وهذا ما خلق أزمة كبيرة في إسرائيل بشكل خاص في قطاع الصادرات، حيث أن المردود المالي للصادرات الإسرائيلية تلقى ضربة كبيرة، وساهمت في الأزمة الاقتصادية التي شهدتها إسرائيل لعدة أشهر.

 

وفي أوج تدهور الدولار تدخل بنك إسرائيل المركزي تحت غطاء أنه يسعى إلى رفع احتياطي العملات الأجنبية في إسرائيل من 28 مليار دولار إلى 37 مليار دولار خلال عامين، غير أن الاحتياطي في هذه المرحلة يدور حول 60 مليار دولار، وقد ارتفع سعر الدولار حتى شهر أيار 2009 إلى مستوى 26ر4 شيكل، ولكن بعد ذلك عاود مسيرة التراجع، وهبط خلال ثلاثة أشهر إلى مستوى 8ر3 شيكل، مما أثار ردود فعل وتساؤلات حول جدوى السياسة التي اتبعها بنك إسرائيل المركزي، وبقي عند هذا الحد قرابة عام، إلى أن بدأ مسيرة تراجع جديدة في الصيف الأخير وهو اليوم يتأرجح ما بين 6ر3 شيكل إلى 7ر3 شيكل.

 

وقال محافظ بنك إسرائيل المركزي ستانلي فيشر في الشهر الماضي إنه معني باستخدام كافة الوسائل التي بيده في الوقت الذي يراه مناسبا كي يواجه سعر صرف الدولار حسب الظروف الآنية والإستراتيجية. وأضاف: "لقد قلت طيلة الوقت إنه لا يمكننا أن نكون لا مبالين أمام ما يجري في سوق العملات الأجنبية".

 

ويتخوف محللون ومراقبون اقتصاديون من أن هذا الاحتياطي الكبير من العملات الأجنبية سيعرض إسرائيل لخسائر مالية، في حال تأرجح سعر صرف الدولار كثيرا نحو الأسفل، إذ تبين أن غالبية الاستثمارات المالية في الخارج تم توظيفها في الدول المتطورة في أوروبا والولايات المتحدة.

ويقول التقرير إن الاستمرار بهذه السياسة الأحادية الجانب في سوق العملات من شأنه زعزعة الثقة بسياسة صرف العملات الأجنبية، وعرض التقرير على البنك المركزي أن يفرض تقييدات على حركة المال، بمعنى تجارة العملات الأجنبية، وهو المطلب الذي يتزايد في الآونة الأخيرة في إسرائيل، فحتى فيشر ذاته ألمح في وقت سابق إلى إمكانية أن يطلب فرض ضرائب خاصة على المستثمرين في قطاع العملات الأجنبية، الذين يؤثرون بشكل كبير على أسعار الصرف.

 

 

تحديات جديدة

لأصحاب القرار

 

 

وفي مقال له يقول إيتان غبريئيلي، المحلل الاقتصادي في صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية التابعة لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إن التقرير لم يكن لطيفا إلى هذا الحد، واستنتاجاته وتوصياته تخلق تحديات اقتصادية هامة أمام دائرة صنع القرار، خاصة وأن التقرير يتضمن سلسلة طويلة من التوصيات المؤلمة، وتطبيقها لن يكون سهلا.

 

ويتابع غبريئيلي أن التوصية المركزية والمباشرة التي ينص عليها التقرير هو لجم الميزانية العامة، من خلال لجم العجز المالي المخطط في الموازنة، من أجل لجم التضخم ومنع رفع الفائدة البنكية بالتالي بصورة عالية.

 

غير أن ما يشير إليه غبريئيلي ومن قبله صندوق النقد الدولي سيلزم الحكومة بإعادة النظر في الموازنة العامة، ومن ناحية العامل الزمني، فإن الحكومة لا تستطيع سحب مشروع الميزانية، الذي أقره الكنيست بالقراءة الأولى ويجري إعداده في مختلف اللجان البرلمانية، لإقراره بالقراءة النهائية في نهاية الشهر الجاري.

 

وفي حال وافقت الحكومة على مطلب كهذا، فإن الحل الذي سيكون بين يديها هو تقليص الميزانية العامة فور إقرارها في الكنيست، وأمر كهذا درجت حكومات إسرائيل على فعله، لكن السؤال الذي سيطرح هو أي جوانب سيطالها التقليص، علما أن الحكومة خططت مسبقا لتقليص في الميزانية بنسبة 2%، وقد تكون مطالبة بتقليص آخر بنسبة مماثلة.

 

وهناك خيار آخر أمام الحكومة، هو انتظار النشاط الاقتصادي حتى منتصف العام المقبل لفحص ما إذا كانت مداخيل الضرائب ستتجاوز الهدف المخطط لها، لتمول الحكومة بالفائض العجز في الموازنة العامة، كما يحصل في العام الجاري ومن قبله العام الماضي.

 

ويقول غبريئيلي إن من يقرأ البنود الـ 23 في التقرير، إضافة إلى التحليل والتوصيات التي أعدها خبراء صندوق النقد الدولي، يبقى مع شعور "بالنصر": فالتوصيات تذكرنا بشكل كبير بسياسة بنك إسرائيل، التي كتبها البنك في الأشهر الستة الأخيرة، في كل تقرير حول التضخم المالي، وما كان يقوله البنك في كل تلخيصات تقاريره المتتالية.

 

ويستنتج غبريئيلي أن التقرير جيد لمحافظ بنك إسرائيل المركزي ستانلي فيشر، وبمدى معين لوزير المالية يوفال شتاينيتس، إذ إنه بإمكانهما أن يعرضا التقرير على كل من يطلب أموالا وإعفاءات وفائدة أقل وغيرها من الشروط، وسيقولان لهم: "لا يمكن فهذا ممنوع، يجب الحفاظ على الغلة، أنظروا ما كتب في تقرير صندوق النقد الدولي، وإقرأوا ما يكتبون حول عواقب عدم لجم الميزانية".

 

بكلمات أخرى، فإن المرحلة المقبلة قد تكون مرحلة تقشف مالي كبير، على الرغم من المعطيات "الجميلة" التي يعرضها الاقتصاد الإسرائيلي، ذلك بأنها جميلة لقادة الاقتصاد وأصحاب رأس المال وليس للشرائح الفقيرة والضعيفة والمتوسطة.