اقتصاد ومجتمع

* شركات علاقات عامة تشغل 64 وسيطا بتمويل كبرى الشركات في إسرائيل لإقناع النواب بدعم أو معارضة قوانين طالما أن هذا يخدم مصالح هذه الشركات * سن قانون خاص في هذا المجال لم يضبط الظاهرة المستفحلة *

 

* شركات علاقات عامة تشغل 64 وسيطا بتمويل كبرى الشركات في إسرائيل لإقناع النواب بدعم أو معارضة قوانين طالما أن هذا يخدم مصالح هذه الشركات * سن قانون خاص في هذا المجال لم يضبط الظاهرة المستفحلة *

 

"المشهد الإسرائيلي"- خاص

 

كشف تقرير لصحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية التابعة لصحيفة "هآرتس" عن حجم تدخل كبار أصحاب رأس المال في إسرائيل في العمل البرلماني وسعيهم إلى سن قوانين وإفشال قوانين أخرى، بشكل يضمن مصالحهم، وحتى زيادة أرباحهم، وذلك من خلال تمويل عمل "وسطاء" أو لوبيين (من لوبي) في أروقة الكنيست.

وكما هو معروف، فإنه على مدى السنين، ينشط في أروقة الكنيست "وسطاء" يتنقلون بين مكاتب النواب، أو يلتقون بهم في الأروقة، في محاولة لدفع هذا القانون أو شطبه من جدول الأعمال مفسرين وجهة نظر الجهة التي يأتون منها. وهي جهات تنقسم إلى قسمين، جمعيات ومراكز ذات طابع مدني ومتخصص، مثل البيئة والصحة والتعليم والمواصلات وغيرها، وفي المقابل فإن القسم الثاني يمثل شركات وأصحاب مصالح كبرى، بشكل مباشر أو غير مباشر.

وهذه الظاهرة استفحلت كثيرا في السنوات الأخيرة، ولا يمكن أن تخلو الكنيست في أي يوم من عمل هؤلاء الوسطاء، أو كما يصفهم التقرير الصحافي، هم أول من يدخل الكنيست وآخر من يغادرونه. وقد بادر نواب قبل أكثر من عام إلى سن قانون يضع ضوابط لعمل هؤلاء الوسطاء، ولكن الأهم في القانون، هو إلزامهم بوضع بطاقة تعريف عنهم، وبالأساس عن الجهة التي يمثلونها، ولكن حسب التقرير فإن القانون الجديد مليء بالثغرات، وعمليا لم يحقق الهدف المطلوب.

ويظهر من التقرير أن هناك مكاتب علاقات عامة تستثمر ملايين الدولارات في هذا العمل، إذ يتضح أن 64 وسيطا من هؤلاء الوسطاء يعملون ضمن هذه المكاتب التي تمثل لا اقل من 200 شركة تجارية ضخمة في إسرائيل، يملكها كبار الأثرياء، مثل شيري أريسون وهي أكبر مالك في أكبر بنك إسرائيلي "هبوعليم"، وموزي فارتهايم وسامي عوفر وغيلا ماؤور وغيرهم. ولم تغب عن قائمة الشركات أي من الشركات الكبرى في إسرائيل، التي تصرف كل واحدة منها ميزانيات ضخمة، من أجل تسيير عمل هؤلاء الوسطاء.

وكثيرا ما تتحدث وسائل الإعلام، بين حين وآخر، عن إفشال أو تشريع قوانين، لها علاقة مباشرة بأصحاب رؤوس الأموال، ولربما أن آخر قانون، يعطي رمزية واضحة في هذا المجال، هو قانون منع نصب إعلانات في الشارع السريع الذي يربط أطراف مدينة تل أبيب ومنطقتها الكبرى، "شارع أيالون"، فقد كثفت كبرى شركات الإعلانات حركتها لإفشال هذا القانون، الذي بادرت له جهات تعنى بالسلامة على الطرق، إذ تبين ان الإعلانات الكبرى تتسبب بنسبة معينة من حوادث الطرق في هذا الشارع المركزي، ولكن في نهاية المطاف تم إقرار القانون.

كذلك هناك تدخل واضح حتى في قضايا اجتماعية من الدرجة الأولى، مثل قضية "مشروع فيسكونسين"، الذي هو مشروع خصخصة قضية العاطلين المزمنين عن العمل في أربع مناطق تجريبية، وهناك مبادرات في الكنيست لإلغاء القانون كليا، خاصة وأن الغالبية الساحقة من أعضاء الكنيست يؤيدون إلغاءه، إلا أن الشركة الفائزة بهذا المشروع، وهي شركة هولندية بالأساس ولها شركاء إسرائيليون، تستخدم مكتب علاقات عامة في محاولة لإقناع أعضاء الكنيست بمعارضة إلغاء "مشروع فيسكونسين".

ويكشف التقرير أن هناك مشاريع قوانين تشمل إصلاحات اقتصادية، تزيد من حدة المنافسة في السوق لتخفيض الأسعار، ولكنها لا تزال مجمدة، في اللجنة المالية البرلمانية، بسبب عمل مكثف للوسطاء.

وتقول النائبة شيلي يحيموفيتش (الصحافية الشهيرة السابقة) من حزب "العمل"، وهي من المبادرين إلى قانون الوسطاء، "إن هؤلاء الوسطاء يسكنون في الكنيست، يفتتحون أبوابها صباحا، ويغلقونها مساء، إنهم يتناوبون على الدخول إلى مكاتب النواب من دون توقف كشريط متحرك".

وتقول زميلتها من نفس الحزب، كوليت أفيطال، إنها رأت وسطاء يمسكون بالنواب وهم في الممرات وعند مطالع الدرج، ويدفعون بمناشيرهم وقوانينهم نحوهم، أما الفضيحة الكبيرة فيتحدث عنها رئيس اللجنة الإدارية للكنيست، لجنة الكنيست، دافيد طال، الذي قال إنه شاهد وسيطا ينزل يد نائب خلال تصويت في إحدى اللجان البرلمانية، لكي لا يؤيد قانونا معينا.

إلا أن نائبا آخر من حزب "يسرائيل بيتينو"، ستاس مساجنيكوف، والذي كان رئيسا للجنة المالية البرلمانية، لديه رأي آخر، ويعتقد أنه من دون هؤلاء الوسطاء سيبقى أعضاء الكنيست رهنا بمعلومات يقدمها لهم مسؤولو الحكومة، من دون وجهة نظر مخالفة.

وعلى خلفية التقرير فقد أعلنت النائبة يحيموفيتش أنها ستسعى إلى تشديد القانون القائم الذي يضبط عمل الوسطاء، بشكل يوضح أكثر الذي يقف من ورائهم، ويمنع دخول وسطاء غير رسميين إلى الكنيست، مستغلين ثغرات معينة في القانون، الذي على ما يبدو لا يتعامل مع وسطاء غير ثابتين في الكنيست.