خمس يهود إسرائيل يؤيدون طرد العرب و4,5 بالمئة يؤيدون إبادتهم

وثائق وتقارير

* النمو الاقتصادي من نصيب أصحاب رأس المال وقد يصل إلى قلة ضئيلة من "الأجيرين الميسورين" * الغالبية الساحقة من المجتمع لم تذق طعم النمو * معدل رواتب العرب في إسرائيل تساوي 70% من معدل الرواتب العام، و50% من معدل رواتب اليهود الاشكناز * نسبة البطالة بين العرب 14% مقابل 5ر4% بين اليهود * فجوة كبيرة في التحصيل العلمي بين اليهود والعرب بسبب سياسة التمييز * 7ر24% من اليهود الاشكناز يدخلون المعاهد الأكاديمية الإسرائيلية، مقابل 2ر12% من الطلاب العرب * ظاهرة "طب للأغنياء وطب للفقراء" مستمرة *

 

 قراءة وتحليل: برهوم جرايسي

 كشف تقرير مركز "أدفا" الإسرائيلي للمعلومات والعدالة الاجتماعية "صورة الوضع الاجتماعي في إسرائيل- 2007"، الذي صدر في الأسبوع الماضي، عن حجم سوء الأوضاع الاجتماعية التي تعاني منها الشرائح الفقيرة والضعيفة في إسرائيل، وعلى رأسها الجماهير الفلسطينية في داخل إسرائيل، على الرغم من وتيرة النمو الاقتصادي العالية، التي بدأت في نهاية العام 2003 وهي مستمرة حتى العام الحالي.

ويعتبر تقرير مركز "أدفا" السنوي من أهم التقارير البديلة لتقارير المؤسسة الرسمية في إسرائيل، وهو يعتمد على معطيات ذاتية إضافة إلى تحليل علمي للمعطيات الرسمية، ويجري اعتماده في الكثير من الأوساط، وبشكل خاص المنظمات الاجتماعية.

 

ويشدّد التقرير على أن النمو الاقتصادي الحاصل استفاد منه بالأساس أصحاب العمل ورأس المال، وبدرجة ثانية مع فجوة كبيرة العاملون في القطاعات الأساسية التي شهدت نموا اقتصاديا، وعلى رأسها صناعات التقنية العالية، في حين أن القطاعات الأخرى شهدت نموا بدرجة أقل، أو أنها بقيت محرومة منه، ولهذا فهي لم تستفد من هذا النمو.

 

ويقول التقرير في مقدمته "لقد اتخذت الحكومة سلسلة من الإجراءات، وسخرت كافة الموارد التي تسيطر عليها من أجل دفع النمو الاقتصادي إلى الأعلى"، وعلى رأس هذه الإجراءات تخفيف الضرائب المفروضة على أصحاب العمل والقطاع الاقتصادي الخاص، إلى جانب منح الإعتمادات المالية لهم بتكلفة تدفعها الخزينة العامة، كذلك فإن الحكومة تسلمهم من خلال الخصخصة الكثير من الجوانب الخدماتية، لتتحول إلى ربحية لمالكيها الجدد، بدلا من الحكومة.

 

ويتابع التقرير "منذ النصف الثاني من العام 2003، بدأ الاقتصاد الإسرائيلي يشهد نموا، وهو مستمر حتى الآن، وثلثا هذا النمو (66%) نابع من عوامل خارجية، وعلى رأسها تراجع المواجهات مع الفلسطينيين، والنمو الذي سجلته الصادرات الإسرائيلية إلى الخارج، وحسب تقديرات بنك إسرائيل فإن سياسة الحكومة لتقليص حجم الميزانية، وتخفيض الضرائب، ساهمت في الثلث المتبقي من أسباب النمو".

وجاء أيضا "صحيح أن السياسة الاقتصادية الحكومية ساهمت في رفع النمو، لكن في نفس الوقت فإن هذه السياسة لم تساهم في تقليص الفجوات الاجتماعية وعدم المساواة في المجتمع الإسرائيلي"، وهذا ما تؤكده معطيات التقرير الذي نستعرضه هنا.

 

ويقول التقرير إن المعطيات التي نستعرضها هنا تؤكد على الحاجة لأن تتبنى الحكومة سياسة اقتصادية اجتماعية ذات مضمون أوسع بكثير للنمو الاقتصادي، فإسرائيل بحاجة إلى سياسة تدمج بين السعي لنمو اقتصادي، وبين السعي لعدالة اجتماعية، ولهذا يجب توزيع الموارد بين جميع شرائح المجتمع، وفي جميع مناطق البلاد، وأن تكون لجميع المواطنين الأدوات التي باتت تتركز في أيدي قلة قليلة من المواطنين.

 

نموّ وأرقام

 

 

يستعرض التقرير بعض معطيات النمو، الذي تراوح سنويا، من العام 2004 وحتى العام الماضي 2006، بين 8ر4% إلى 5ر5%، وفي العام الجاري تشير التوقعات إلى أن النمو سيكون بنسبة مماثلة للسنة السابقة 2006، أي في حدود 5ر5%.

ويتضح أن المجمل العام للناتج القومي ارتفع في العام 2006 إلى ما قيمته حوالي 150 مليار دولار، وبمعدل 20140 دولارا للفرد، في حين أن معدل الناتج للفرد في دول الاتحاد الأوروبي كان في نفس العام 31800 دولار، وفي دول مصر والأردن وسورية، من باب المقارنة، 1304 دولارات.

ويقول التقرير إنه في العام 1980 كان معدل الناتج للفرد في إسرائيل 5600 دولار، في حين أن التقديرات تشير إلى احتمال ارتفاعه في العام الجاري بنسبة 4ر3%، أي إلى مستوى 20800 دولار.

يشار هنا إلى أن تقريرًا لإحدى المنظمات، صدر في الأشهر الأخيرة، أشار إلى أن معدل الناتج للفرد اليهودي في إسرائيل في العام 2005 كان في حدود 22000 دولار، مقابل 7000 دولار للمواطن الفلسطيني في إسرائيل (المقصود مناطق 1948 وليس الضفة والقطاع).

وكما ذكر فإن هذا النمو لم يكن من نصيب الجميع، بل بالأساس من نصيب أصحاب رأس المال.

ويعرض التقرير معطيات من العام 1986 وحتى العام 2007، فيتضح مثلا أن ضريبة الدخل التي تفرض على الشركات كانت بنسبة 61% من الأرباح الصافية، وانخفضت دفعة واحدة في العام التالي 1987، إلى 45%، ومنذ ذلك الحين بدأت تنخفض باستمرار حتى هبطت إلى مستوى 29%، علما أن مخطط وزارة المالية يقضي بتخفيض هذه الضريبة إلى مستوى 25% مع حلول العام 2010.

كذلك فإن رسوم التأمين الوطني (الضمان الاجتماعي) المفروضة على الشركات، كانت في العام 1986 بنسبة 65ر15%، وانخفضت في العام التالي 1987 إلى 85ر10%، وهذه الرسوم تشهد في السنوات الأخيرة انخفاضا مستمرا، لتصل في العام الجاري، 2007، إلى مستوى 14ر4%، وعلى ما يبدو فإن هذا ليس نهاية المطاف، لأنها تنخفض سنويا.

وكانت في إسرائيل ضريبة دخل يدفعها صاحب العمل عن كل عامل لديه، عدا تلك التي يدفعها العامل نفسه، وفي العام 1987 كانت هذه الضريبة بنسبة 7%، وانخفضت تدريجيا لتختفي كليا في العام 1992.

يشار هنا إلى أن الحكومة تتبع نظام تخفيف ضريبي في السنوات الأخيرة، ويستفيد منه ذوو المداخيل المتوسطة بشكل طفيف، في حين أن أكبر المستفيدين هم أصحاب المداخيل العالية.

وتعارض القوى السياسية ذات الطابع الاجتماعي والمنظمات الاجتماعية سياسة التخفيض الضريبي الجارفة، خاصة عن كبار أصحاب رأس المال، لأن الشرائح الفقيرة لا تستفيد إطلاقا من هذا التخفيض، كونها لا تصل إلى الحد الأدنى من المدخول الملزم بالضريبة. وحتى القانون الأخير الذي أقره الكنيست بمبادرة وزارة المالية، ويسمى بـ "الضريبة السلبية"، والذي يعيد بضعة دولارات لذوي المداخيل المتدنية، لا يساعد بشيء، خاصة وأن الحكومة ذاتها تعمل على المماطلة في عملية رفع الحد الأدنى من الأجر، لكي لا تثير غضب أصحاب رأس المال.

وأكثر من هذا، فإن تخفيض الرسوم المفروضة على أصحاب رأس المال لصالح مؤسسة الضمان الاجتماعي، ضرب مداخيل هذه المؤسسة، وهذا أحد مسببات تخفيض المخصصات الاجتماعية التي تستفيد منها الشرائح الفقيرة.

ونشير هنا إلى أن التقرير يسلط ضوءا على مديري كبار الشركات الحكومية والخاصة، وكبار الموظفين. ولنترك كبار مديري الشركات الذين تصل كلفة الراتب السنوي للواحد منهم إلى مئات آلاف الدولار، ونبقى مع السلك الوظيفي، ويجري في إسرائيل تقسيم المداخيل غير الصافية إلى عشرة مستويات، ولكن توزيعتها السكانية مختلفة تماما.

فحسب تحليل لمعطيات العام 2006، نستنتج أن 7ر32% من الأجيرين كانوا ضمن الفئة العشرية الدنيا من معدل المداخيل، أي الذين يتقاضون الحد الأدنى من الأجر، 840 دولارا وما دون، أما نسبة الذين كانوا ضمن الفئة العشرية الثانية وحتى الرابعة، ويتقاضون من الحد الأدنى وحتى معدل الأجور، فقد كانت نسبتهم مجتمعة 6ر40%.

وفي المجمل العام، فإن 3ر73% من الأجيرين كانوا يتقاضون معدل الأجور وما دون، في حين أن نسبة هؤلاء في العام 1990 كانت 1ر65%، ويتوزع 7ر26% من الأجيرين على الفئات العليا، من الخامسة وحتى العاشرة، وكلما ارتفعت الفئة قلت نسبة الأجيرين فيها، فمثلا نسبة الأجيرين في الفئات السابعة وحتى العاشرة مجتمعة كانت 9ر8% من مجمل الأجيرين، في حين أن نسبة هؤلاء في العام 1990 كانت 6ر12%.

ويعكس أحد جداول تقرير مركز "أدفا" حصة كل فئة عشرية من مجمل مداخيل العائلات، ويتضح أن الفئة العشرية العليا (العاشرة) كانت تحصل في العام 1990 على 4ر24% من مجمل هذه المداخيل، وارتفعت في العام 2006 إلى نسبة 3ر28%، أما الفئة العشرية التاسعة فكان نصيبها من مجمل المداخيل العائلية في العام 1990 بنسبة 9ر15% وارتفع في العام 2006 إلى 5ر16%.

أما حصة الباقي فقد شهدت انخفاضا بين الفترتين، فمثلا حصة الفئة العشرية الأخيرة التي معدل مدخولها الشهري 840 دولارا انخفضت من 7ر2% في العام 1990 إلى 3ر2% في العام 2006.

 

 

تمييز في الرواتب على خلفية قومية وطائفية وجنسية

 

 

يستعرض التقرير استمرار التمييز العنصري حتى في توزيع الرواتب وفي مستويات البطالة، إذ أن أشد المعرّضين للتمييز هم العرب، وبالأخص النساء العربيات ثم النساء بشكل عام، ومن ثم اليهود أبناء الطوائف الشرقية المهاجرة من الدول العربية والأفريقية والآسيوية.

وتم تقسيم الجدول الأول حسب معدل رواتب اليهود الغربيين الاشكناز، ثم رواتب اليهود الشرقيين، ثم العرب.

ويتضح أنه في العام 1997 كان معدل رواتب اليهود الاشكناز يساوي 137% من معدل الرواتب في البلاد، في حين أن معدل رواتب اليهود الشرقيين كان 91%، أما العرب فقد كان معدل رواتبهم 72% من معدل الرواتب.

 

ولأسباب لم يتم تفسيرها، فإنه في العام 2004 "تحسن" الوضع قليلا، لنرى أن معدل رواتب اليهود الاشكناز كان في ذلك العام بنسبة 136% من معدل الرواتب، مقابل 100% لليهود الشرقيين، أما العرب فقد ارتفعت نسبة رواتبهم في ذلك العام إلى 75%.

ولكن لا داعي للاطمئنان، لأن أسباب الارتفاع الهش زالت في العام 2006، حين كان معدل الرواتب في حدود 1900 دولار، لنرى أن معدل رواتب اليهود الاشكناز 139% من معدل الرواتب، واجتاز اليهود الشرقيون لأول مرة حاجز الـ 100% إلى الأعلى ليصلوا إلى مستوى 103%، أما العرب فقد انخفض معدل رواتبهم إلى أقل مما كان عليه في العام 1997، وهبط إلى نسبة 70%.

بمعنى آخر فإن معدل رواتب العرب كان في العام 2006 يساوي 50% من معدل رواتب اليهود الأشكناز.

وماذا عن النساء؟

هناك لا يزال التمييز صارخا، حيث يظهر أن معدل رواتب النساء في العام 1990 كان بنسبة 57% من معدل رواتب الرجال في نفس الوظائف، وارتفعت النسبة في العام 2006 إلى 63%.

يشار هنا إلى أنه بحسب تقرير سابق لمركز أدفا، المخصص لمسألة الرواتب فقط، فإن أكثر شريحة تعاني من التمييز هي النساء العربيات، اللاتي يواجهن التمييز تارة لكونهن نساء، وتارة أخرى لكونهن عربا، فهن أكثر المحرومات من فرص العمل، ويعملن في ظروف عمل غير إنسانية، وبشكل خاص تدني الرواتب.

يشار هنا إلى من مسببات تدني الرواتب عند العرب، أولا وقبل أي شيء، قلة فرص العمل في البلدات العربية ومناطقها، وهذا بسبب سياسة التمييز العنصري والحرمان، مما يلزم العامل بالسفر يوميا إلى مناطق بعيدة، وهذا ما يضطره للقبول بفرص عمل بأجور أقل من المتبع، عدا عن أنه يضطر للصرف على تكاليف البعد، من نقليات وما شابه.

كذلك فإن استقدام العمالة الأجنبية من شرق آسيا، بشكل خاص، ساهم في تدني الرواتب في قطاعات العمل التي كان يعمل فيها العرب على وجه الخصوص، مثل البناء والزراعة.

 

وتمييز في البطالة

 

قبل الدخول إلى تفاصيل التقرير، تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل اختتمت العام 2004 بنسبة بطالة وصلت إلى 9ر10%، لتعيد إسرائيل إلى الوراء سنين طويلة، وهذه نسبة رسمية، كعادتها لا تعكس الواقع الأسوأ، لأن هذه معطيات من توجهوا إلى مكاتب التشغيل، بينما هناك قسم آخر إما أنه يئس من التسجيل، أو تم إخراجه من دائرة تلقي المخصصات، بعد أن تم تشديد شروطها.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت دائرة التشغيل أن البطالة انخفضت في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام المنتهي، 2007، إلى 8ر6%، ولكن هذه نسب لا يمكن الاعتماد عليها، رغم أنها رسمية.

 

في إعداد سابقة من "المشهد الإسرائيلي" كنا عالجنا الأسباب التي تجعل البطالة تتراجع بهذه السرعة، ومن بينها أن 90% من الذين يحصلون على فرص عمل يعملون بوظائف جزئية، 66% منهم رغما عنهم، لأنهم كانوا يبحثون عن وظيفة كاملة، كذلك فإن قسما جديا منهم لا يعملون ضمن تخصصاتهم، أو مقابل أجر أقل من المعدل.

وما يثبت حقيقة هذه المعطيات، هو ازدياد أعداد العاملين الذين يسقطون سنويا في دائرة الفقر، على الرغم من أنهم انخرطوا في سوق العمل.

وتقرير أدفا يكشف وجها أشد قبحًا لحقيقة الأوضاع الاجتماعية في إسرائيل، وهو أن التمييز يستفحل في نسب البطالة، علما أنه قائم منذ 60 عاما في هذا المجال.

ويقول التقرير في مقدمة الجزء المخصص لقضية البطالة "إن البطالة مستفحلة في بلدات الشرائح الفقيرة، وهي عالية جدا في البلدات العربية، وأكثر بكثير مما هي عليه في البلدات اليهودية، كذلك فإنها في بلدات التطوير (بالأساس ليهود شرقيين أو مهاجرين جدد) أعلى من نسب البطالة في البلدات "الغنية"، وأن البطالة بين النساء أكثر منها بين الرجال، وبين النساء العربيات أكثر من النساء اليهوديات، كذلك فإن البطالة تمس بمن لم يمنحهم جهاز التعليم فرصة الدراسة الجامعية، وهي تمس بالجيل الشاب، بدلا من منحه الفرصة لتأسيس نفسه".

ويتابع التقرير، مؤكدا أن المعطيات التي ستعرض معتمدة على معطيات دائرة التشغيل، وحسب من تقدم بطلب عمل، علما أن هناك قطاعا واسعا لا يتوجه لتسجيل نفسه، لأسباب ذكرناها هنا.

ويعرض التقرير جدولا يضم 192 بلدة عربية ويهودية، وتحتل المرتبة الأولى البلدة المنكوبة أكثر من غيرها بنسبة بطالة عالية وفي المرتبة الثانية أقل وهكذا. ويعتمد التقرير على معطيات شهر آب/ أغسطس من العام المنتهي 2007، حين كانت نسبة البطالة في حدود 8ر7%.

ويظهر من التقرير أن أول 50 بلدة فيها نسبة البطالة من المعدل العام وأعلى، لتكون البلدة الأولى قرية الأعسم العربية البدوية في النقب وفيها تبلغ نسبة البطالة، 9ر20%، ونقرأ أن أول 35 بلدة هي بلدات عربية، ومن ضمن أول 50 بلدة هناك أربع بلدات يهودية صغيرة، سكانها من اليهود الشرقيين.

كذلك فإن جميع قرى الجنوب العربية (منطقة النقب) تحتل المراتب الأولى في البطالة، وتقدر نسبة البطالة العامة في هذه القرى مجتمعة في حدود 17%، بحسب السجلات الرسمية، ولهذا فإن النسبة الفعلية أعلى بكثير، وفي البلدات العربية مجتمعة حوالي 14%، مقابل 5ر4% على الأكثر في البلدات اليهودية.

أما آخر 95 بلدة، فهي تلك التي فيها نسبة البطالة نصف المعدل العام وأقل، أي من 8ر3% وما دون، ومن ضمن البلدات الـ 95، هناك ست قرى ومدن عربية فقط من أصل 78 بلدة عربية، هي جلجولية ومعليا وعرعرة وباقة الغربية وكفر قرع وكفر قاسم، في حين أننا نرى في هذه المجموعة من البلدات كبرى المدن الإسرائيلية، وعلى رأسها تل أبيب.

 

وتمييز في التعليم

 

 

قبل أسبوعين ظهرت نتائج امتحانات اختبارية لمستوى جهاز التعليم في إسرائيل، وهو اختبار وفق مقاييس دولية وتظهر فيه نتائج الدولة ضمن جدول يضم عشرات الدول. وأعقبت ظهور النتائج ضجة كبيرة بعد أن اتضح أن إسرائيل تدهورت من المرتبة 26 إلى المرتبة 40 في موضوع الرياضيات ومواضيع أخرى، لكن تبين لاحقا من خلال فحص النتائج أن أحد أكثر الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع هو الفجوة الكبيرة بين نتائج الطلبة العرب في إسرائيل ونتائج زملائهم اليهود.

 

وهذه فجوة غير ناتجة عن ضعف في القدرات، وإنما هي نتيجة حتمية لسياسة التمييز في الصرف على الطالب العربي، فالطلاب العرب يتعلمون في جهاز تعليمي يعاني من تمييز فاضح بدءا من البنى التحتية، والاكتظاظ في الصفوف وصولا إلى المنهاج الدراسي، ومن بين هذه المعطيات أن جهاز التعليم العربي في إسرائيل ينقصه حاليا حوالي 5 آلاف غرفة تعليمية، من بينها 900 غرفة لروضات الأطفال، ما قبل التعليم الإلزامي. وهذا النقص يساوي بالمعدل وفق المقاييس الإسرائيلية حوالي 275 مدرسة جديدة.

وجاءت معطيات تقرير مركز أدفا لتدعم هذه المعطيات.

وورد في مقدمة بند التعليم في التقرير: "إن جهاز التعليم في إسرائيل يعاني بدرجة كبيرة جدا من عدم المساواة، ففي قسم كبير من البلدات في إسرائيل لا توجد مدارس تقدم تأهيلا دراسيا ومهنيا يساعد غالبية الطلاب على الوصول إلى المعاهد الأكاديمية".

وجاء أيضا أنه في العام 2006 استطاع 9ر45% من طلاب المرحلة النهائية الحصول على شهادة التوجيهي (شهادة إنهاء المرحلة المدرسية- "البجروت" حسب التسمية الإسرائيلية)، وفقط 13% منهم حصلوا على شهادات بمعدلات نجاح لا تؤهلهم للوصول إلى المعاهد الأكاديمية، أي أن 40% فقط من الطلاب الذين انهوا المرحلة المدرسية بإمكانهم الوصول إلى معاهد أكاديمية.

وهذا عدا عن أن نسبة النجاح في العام 2006 كانت بمثابة استمرار لتراجع بدأ في العام 2004، حين كانت نسبة النجاح 2ر49%، وهبطت في العام 2005 إلى 4ر46%.

ويعرض التقرير جدولا لسبعين بلدة في إسرائيل من بينها كبرى المدن، وأول 39 بلدة كانت لديها نسبة متدنية للحصول على شهادة الإنهاء المدرسية وحتى المعدل، وفي المراتب الثلاثة الأولى هناك مستوطنتان ومدينة يسكنها المتدينون الأصوليون (الحريديم)، الذين لا ينخرطون في جهاز التعليم العام، ولهم جهازهم الخاص والمستقل، ولهذا فإن نسبة النجاح كانت هناك من 3% إلى 7%، ولكن هذا ليس مقياسا، لأن هذه النسبة تعود لعدد قليل من الطلاب العلمانيين الذين يتعلمون في مدارس خاصة في تلك التجمعات السكانية، وهذا السبب يسري أيضا على مدينة القدس الغربية التي كانت فيها نسبة الحصول على شهادة الإنهاء 20%، وهي أيضا ليست مقياسا، ومن المرتبة 5 وحتى المرتبة 39 (35 بلدة) هناك 23 بلدة عربية، وثلاث مدن عربية فلسطينية تاريخية، تحولت إلى مدن ذات أغلبية يهودية، هي عكا واللد والرملة.

ويتضح أن 22 بلدة كانت بعيدة عن المعدل العام، من 22% وحتى 40%، وفقط مدينة الناصرة التي كانت وفق المعدل العام، وهناك عدد من البلدات العربية الصغيرة التي كانت فيها نسبة النجاح أعلى.

والصورة السوداوية تصبح قاتمة أكثر حين نصل إلى المعاهد الأكاديمية، وكلما ارتقينا في سلم الشهادات الجامعية. ونقرأ أنه في العام 2005، وصل إلى المعاهد الأكاديمية العليا 21% من الطلاب اليهود الذي أنهوا المرحلة المدرسية مقابل 2ر12% من الطلاب العرب، ومن باب الموضوعية، تجدر الإشارة إلى أن نسبة العرب قد ترتفع إلى مستوى 18% إذا تبنينا عددا تقديريا للطلاب العرب الذين يتوجهون للدراسة خارج البلاد، وهو يتراوح ما بين 1500 إلى 1700 سنويا، حصة الأسد الكبرى منهم يتعلمون في الأردن.

لكن هذا الأمر هو نتيجة مباشرة لسياسة صد الأبواب والصعوبات التي تفرض على الطلاب للوصول إلى المعاهد الأكاديمية، وهذا موضوع قائم بحد ذاته نستعرضه لاحقا.

لكن التمييز لا يتوقف هنا، بل يتغلغل بين اليهود أنفسهم، فيتضح من المعطيات، أن 7ر24% من الطلاب اليهود الاشكناز ينجحون في الوصول إلى المعاهد الأكاديمية، مقابل 8ر16% من الطلاب اليهود الشرقيين.

 

التمييز في الجهاز الصحي

 

 

التمييز الصحي في المجمل العام ناجم بالأساس عن تفاوت القدرة على شراء الخدمات الصحية والطبية، ولهذا فإن التمييز هو بين الشرائح الميسورة والغنية من جهة، وبين الشرائح الفقيرة والضعيفة من جهة أخرى، وهذه الشرائح بغالبيتها الساحقة هي من العرب.

ويقول التقرير إن الجهاز الصحي في إسرائيل في مستوى جيد بالمقارنة مع مستويات عالمية، ولكن فيه الكثير من العوامل المقلقة على صعيد مستقبل الجهاز، وهذا لأن الحكومة التي أقرت قانون التأمين الصحي العام في العام 1994 لم تضع آليات ملزمة لزيادة ميزانيات الأدوية والخدمات الصحية، لا بل وفي سنوات لاحقة بدأت تقلص من ميزانيات الجهاز، وبالتالي تقليص الخدمات أو تجميدها، وعدم تعديل قائمة الأدوية المدعومة بأدوية حيوية، خاصة للأمراض المزمنة والخطيرة، وكذلك للعلاجات.

ويعرض التقرير جدولا يظهر فيه التمويل الحكومي للجهاز الصحي، الذي بدأ في العام 1995 بحوالي 2ر4 مليار دولار (وفق سعر الصرف في حينه)، إلا أن وتيرة زيادته في السنوات اللاحقة كانت أقل من الزيادة الطبيعية الضرورية، وهكذا ففي العام 2006 كان التمويل الحكومي بقيمة 6 مليارات دولار، رغم أن الزيادة الطبيعية كانت تتطلب 6ر8 مليار دولار، أي أن التمويل الحكومي كان أقل بنسبة 30% من التمويل المطلوب.

وأمام وضعية كهذه، فقد تم فتح المجال أمام التأمين المكمل، وهو تأمين خاص تضمنه شركات وحتى شبكات العيادات الكبرى مقابل رسوم شهرية لا يستطيع تسديدها سوى أصحاب الإمكانيات من ذوي الدخل المتوسط وأعلى، ثم بدأت تظهر مستويات لهذا التأمين المكمل، فكلما ارتفعت الرسوم ازداد معها مستوى الخدمات الصحية، وهذا ما خلق ظاهرة "طب للأغنياء وطب للفقراء" في إسرائيل، وهو موضوع عالجه "المشهد الإسرائيلي" أكثر من مرة في أعداد سابقة.

 

 

مجرّد تقرير عابر؟

 

 

نحن عمليا أمام تقرير صارخ آخر يصدر في إسرائيل، ويُبرز مشهدا سوداويا قاتما لجانب اجتماعي وسياسي هام، لكن من المستبعد جدا أن نرى انتفاضة حكومية، أو على مستوى الأحزاب التي تدور في فلك السلطة بهدف، لتعمل على تغيير الواقع. وهذا يعود لكون الشرائح ذات المقدرة المتوسطة وأعلى، ذات الصوت المسموع والمؤثر في عملية اتخاذ القرار، ليست متضررة من الوضع القائم.

ولذا فإن ما نشهده من ردود فعل في الحلبة السياسية على تقارير كهذه لا تستمر لأكثر من 24 ساعة، ثم تختفي بسرعة في انتظار عام جديد وتقارير دورية تثير ضجة لعدة ساعات أو ليوم على الأكثر، وهكذا.

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل إسرائيل متجهة إلى انتفاضة اجتماعية؟

 

في الوضع الراهن والمنظور، وفي ظل الأوضاع السياسية القائمة، فإن انتفاضة كهذه ليس واردة حاليا على ما يبدو.