جديد "مدار": صورة الوضع الاجتماعي في إسرائيل

وثائق وتقارير

بقلم: ميراف كريستال *

 أضحت برامج بث التلفزيون والراديو باللغة العربية في أسوأ حال من جراء الميزانيات الهزيلة والتجهيزات والمعدات القديمة التي تعطل الجزء الأكبر منها عن العمل نهائياً. المسؤولون في سلطة البث طالبوا الحكومة بتخصيص ميزانيات لبرامج التلفزيون والراديو والإنترنت بالعربية في أعقاب نقاش أجري مؤخرًا في الهيئة العامة لسلطة البث.

 

 

هذا الأمر جاء بالتوازي مع تقرير جديد صدر عن معهد الأبحاث "أجندة"، وهو مركز إسرائيلي لشؤون الإستراتيجية الإعلامية، حول التمثيل الهزيل والسلبي غالباً للمواطنين العرب في إسرائيل في وسائل الإعلام الناطقة بالعبرية، وحول تشغيلهم المحدود للغاية في وسائل الإعلام المركزية في الدولة.

 

ففي وسائل الإعلام هذه تعمل بصعوبة بالغة عدة قنوات بث باللغة العربية، لكنها متعثرة جداً بسبب ضعف التمويل. المحطة الفضائية الإسرائيلية (قناة 33) تبث بشكل جزئي باللغة العربية معتمدة على معدات قديمة وموارد ضئيلة. في الراديو (الرسمي) أيضاً هناك برامج بث عامة باللغة العربية، لكنها تقلصت جداً.

 

على الرغم من أن المعطيات معروفة لدى سلطة البث، إلا أن أعضاء مجلس الإدارة، الذين استمعوا إلى إيجاز في هذا الخصوص من رئيس لجنة البث بالعربية، د. خليل ريناوي ومن مدير الراديو والتلفزيون باللغة العربية، أدموند سحيق، اكتشفوا أن الوضع أسوأ مما ظنوا. وذكر في العرض/ الإيجاز أن السكان العرب، الذين يشكلون أكثر من 20% من مجمل سكان إسرائيل، لا يحصلون على بث عام ملائم بلغتهم، يعكس احتياجاتهم وثقافتهم، وأنه لا تصلهم أخبار من الدولة والمنطقة والعالم من جراء عدم التقاط البث الإذاعي، وأن البث التلفزيوني لا يتعدى سويعات معدودة إضافة إلى عدم وجود ميزانية للأستوديوهات ولأطقم التصوير والإنتاج.

 

ولخص أدموند سحيق المشكلات الملحة بقوله إن "التلفزيون العربي يمر بوضع أقرب إلى الانهيار الشامل، من كل النواحي". وأضاف في ما كتبه حول هذا الوضع أن التلفزيون العربي "يبث برامجه من خلال القناة 33 الفضائية التي لا تستطيع نسبة كبيرة من السكان العرب في البلاد استقبال بثها.. كما أنها تبث لمدة ساعة ونصف الساعة في اليوم عبر قناة مغمورة وضعيفة لا تصل إلى أهدافها بصورة جيدة، وهي على سبيل المثال لا تغطي القدس".

 

وأشار سحيق إلى أنه لا يوجد تحت تصرف التلفزيون العربي سوى طاقمي تصوير فقط، وبالتالي فإن التغطية المستقلة بالعربية تستطيع إنتاج تقريرين تلفزيونيين فقط في اليوم. فضلاً عن ذلك، لا تتوفر إمكانية فنية لبث تقارير من المراكز السكانية للوسط العربي، في الجليل والمثلث والنقب، نظراً لأنه لا توجد في هذه المناطق طواقم متفرغة للعمل لحساب القسم العربي في التلفزيون.

 

إلى ذلك ذكر في الإجمال أن الأستوديو الموضوع تحت تصرف هذا التلفزيون صغير جداً ولا يتيح القيام بعمليات إنتاج تتطلب حيزاً أو مساحة أوسع، كما أن هذا الأستوديو يفتقر لأبسط المعدات والتجهيزات الضرورية وأقله ساعة وجهاز فاكس، إضافة إلى وجود نقص في غرف التحرير والأجهزة المحوسبة اللازمة.

 

ميزانية الإنتاج المخصصة للقسم العربي في التلفزيون لا تتعدى مليون ونصف المليون شيكل في السنة.. ويعلق سحيق قائلاً: واضح أن هذا المستوى من التمويل لا يتيح عمليات إنتاج حقيقية وهو بمثابة "استهزاء بالفقير". وأضاف: بمثل هذه الوسائل لا توجد إمكانية لإنتاج نشرة أخبار يومية ملائمة وإطلاع الجمهور العربي في الخارج على ما يجري في البلاد من وجهة نظر محلية.

 

وأشار سحيق إلى أن وضع راديو "صوت إسرائيل" بالعربية، الذي يعمل مديراً له، أفضل من وضع التلفزيون العربي، ومع ذلك فإن الوضع في الراديو لا يخلو من مشكلات ومصاعب كما قال. وأشار إلى أن إذاعة "صوت إسرائيل" بالعربية حظيت في الماضي بنسبة استماع بلغت 80% في الوسط العربي في إسرائيل، واحتلت، حسب استطلاعات استماع أجرتها شبكة BBC (هيئة الإذاعة البريطانية) و "صوت أميركا"، المكان الثالث في مصر والمكان الثاني في الأردن. ولكن نسبة الاستماع لإذاعة "صوت إسرائيل" بالعربية انخفضت بشكل مستمر منذ إغلاق موجة البث الرئيسية، كما أن موجتي AM المتبقيتين لا تلتقطان اليوم تقريباً بسبب تقادمهما، في حين أن موجات الـ FM لا تغطي حتى كامل المدينة التي يتم البث منها، والنتيجة- حسب سحيق- هي أن أجزاء كبيرة من المدن والقرى العربية في إسرائيل وفي مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة لا تتمكن من الاستماع لراديو "صوت إسرائيل" بالعربية، فيما توقف التقاط الإذاعة بصورة شبه تامة في الدول العربية.

 

الحاضرون الغائبون

 

 

في سياق متصل تظهر دراسة حديثة أجراها البروفيسور جادي ووسفالد من الجامعة العبرية في القدس، وتحرى فيها حضور وتمثيل السكان العرب في وسائل الإعلام الإسرائيلية عبر متابعة هذه الوسائل على مدى سنة كاملة (من حزيران 2006 وحتى أيار 2007) أنه "لا وجود تقريباً لعرب في إسرائيل" وأن القلائل "الموجودين" يُقدَّمون، في وسائل الإعلام ذاتها (محطات إذاعة وتلفزيون) كـ "عنصر تهديد" وفي سياقات سلبية مرتبطة بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.

 

ومما يفاقم من سوء الوضع أن مؤسسات البث الكبرى ومواقع الإنترنت وشركات الإنتاج المركزية في سوق الإعلام الإسرائيلي لا تشغل إلاّ عدداً هزيلاً للغاية (أقل من 1%) من مجموع العاملين فيها من مواطني إسرائيل العرب.

 

وتبين الدراسة أن محطة "القناة الثانية" في التلفزيون الإسرائيلي هي الأكثر إقلالاً في عرض وتمثيل المواطنين العرب بشكل عام وفي تقديمهم في سياق إيجابي بشكل خاص. فقد احتل المواطنون العرب ما نسبته 55ر0% فقط من مجموع المواضيع التي بثتها القناة الثانية خلال السنة الأخيرة. وفي الحالات التي جرى فيها تقديم مواضيع تتناول المواطنين العرب، كان ثلثاها (67%) يصورهم كـ "تهديد". وبصورة عامة لم يكن الوضع في قنوات التلفزة الإسرائيلية الأخرى أفضل حالاً، إذ احتل "عرب إسرائيل" 5ر0% فقط من مواضيع محطة القناة العاشرة، 55% منها اتخذت طابعاً سلبياً (تهديدياً)، وخصصت محطة القناة الأولى (التلفزيون الحكومي) 69ر0% من مواضيع بثها للمواطنين العرب الذين قدموا في 51% منها بصورة سلبية.

 

كذلك فإن التمثيل العربي في برامج الراديو لا يتجاوز سقف ألـ 1%، وغالباً ما يأتي ذلك في صورة سلبية/ تهديدية.

 

ويتضح أن وضع تشغيل العرب في وسائل الإعلام الإسرائيلية أكثر خطورة وسوءاً. وبحسب تحقيق أجراه مركز "أجندة" فإن الكثير من الشبكات والمؤسسات وأجهزة البث الإعلامي في إسرائيل لا تشغل نهائياً مواطنين عرباً أو أنها تشغل عدداً ضئيلاً جداً من العرب في أحسن الأحوال. شركتا "ريشت" و"كيشت"، اللتان تملكان امتياز تشغيل محطة تلفزيون "القناة الثانية"، ومحطات الإذاعة الثلاث (أ، ب، ج) في راديو "صوت إسرائيل" (حكومي)، و "القناة 8" وقناة الأطفال (وتبث كلها بالعبرية) جميعها لا تشغل نهائياً مواطنين عرباً. وكذلك الحال أيضاً بالنسبة لشركات الإنتاج الكبرى في إسرائيل.

 

في شركة أخبار تلفزيون "القناة الثانية" هناك ثمانية مستخدمين عرباً، وفي محطة "القناة الأولى" هناك ثلاثة مراسلين، وفي إذاعة الجيش الإسرائيلي يعمل مواطنان (درزيان)، وتشغل محطة تلفزيون القناة العاشرة (4) من المواطنين العرب، ويوجد عدد مماثل في التلفزيون التعليمي، بينما يعمل في أخبار HOT ثلاثة عرب واثنان في YES ومستخدم عربي واحد في القناة الرياضية.

 

_______________________

 

* صحافية في موقع "واينت" الإلكتروني التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت". إعداد وترجمة: "المشهد".