شارون يرفض استقالة مستشاره لشؤون الامن القومي

اقتصاد ومجتمع

معطيات الأشهر التسعة الأولى من سنة 2007 تشير إلى أن السياحة تسجل أرقاما قياسيا منذ العام 1999، والتوقعات تشير إلى زيادة أكبر في العام القادم * المؤسسات الاقتصادية العالمية ترفع تدريج إسرائيل وتؤكد أنها "حصينة" في وجه أزمات خارجية

 

معطيات الأشهر التسعة الأولى من سنة 2007 تشير إلى أن السياحة تسجل أرقاما قياسيا منذ العام 1999، والتوقعات تشير إلى زيادة أكبر في العام القادم * المؤسسات الاقتصادية العالمية ترفع تدريج إسرائيل وتؤكد أنها "حصينة" في وجه أزمات خارجية

 

 

كتب ب. جرايسي:

 

 

يواصل الاقتصاد الإسرائيلي تسجيل معطيات ايجابية، تتعلق بالنمو، وجوانب هامة في الاقتصاد تدعم استمرار النمو الاقتصادي، وعلى أثر هذا فإن المؤسسات الاقتصادية الدولية باتت ترفع من التدريج الاقتصادي في إسرائيل، وتؤكد حصانتها في وجه أزمات اقتصادية خارجية، حتى لو كان الأمر يتعلق بالأزمة التي تظهر بوادرها في الاقتصاد الأميركي.

 

نمو اقتصادي بنسبة 1ر6%

 

أشار تقرير لدائرة الإحصاء المركزية، في الأسبوع الماضي، إلى أن النمو الاقتصادي في إسرائيل ارتفع في الربع الثالث من العام الجاري (من تموز/ يوليو وحتى أيلول/ سبتمبر) بنسبة 1ر6%.

أما نسبة النمو في الربع الأول من العام الجاري فقد بلغت 9ر5%، وفي الربع الثاني بلغت 5ر5%، وحسب تقديرات سابقة فإن نسبة النمو في الربع الأخير من هذا العام لن تكون مختلفة عن الأرباع الثلاثة السابقة، بمعنى أن مجمل النمو الاقتصادي للعام الجاري سيفوق نسبة 5ر5%.

وكانت التقديرات الأولية لوزارة المالية وبنك إسرائيل المركزي حول النمو الاقتصادي للعام الجاري تتحدث عن نسبة 5ر4%، ثم جرى تعديلها إلى 4ر5%، أما التوقعات للعام القادم 2008، فإنها لا تتعدى نسبة 2ر4%.

وتقول دائرة الإحصاء المركزية إنه خلافا لسنوات سابقة، فإن الجمهور العام بات يستفيد هو الآخر من النمو الاقتصادي، بعد أن كانت ثمار هذا النمو في السنوات السابقة تقتصر على كبار أصحاب رأس المال في إسرائيل، والمتمولين من الخارج.

وبرأي الدائرة ذاتها فإن هذا ينعكس من خلال ارتفاع نسبة الاستهلاك الفردي في العام الجاري، فقد ارتفع في الربع الثالث من هذا العام بنسبة 8%، ويجري الحديث عن أرقام قياسية في مشتريات المعدات والآليات ذات الاستعمال البيتي، وعلى رأسها شراء السيارات، الذي سيصل إلى ذروة غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل، وهو 200 ألف سيارة في هذا العام، أي أعلى بنسبة 33% عن العام السابق، 2006.

 

فجوة في التقديرات

 

 

يذكر هنا أن تحقيقا للملحق الاقتصادي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" كشف عن أن جميع التقديرات المسبقة، لكل من وزارة المالية الإسرائيلية وبنك إسرائيل المركزي، حول نسب النمو الاقتصادي لم تثبت واقعيتها، وكانت النتيجة النهائية تكشف فجوة كبيرة ما بينها وبين تلك التقديرات.

فمثلا في العام 2000، كانت تقديرات وزارة المالية بأن النمو الاقتصادي في ذلك العام سيصل إلى 4%، في حين أن بنك إسرائيل اعتقد أن النمو سيصل إلى 5ر3%، ولكن في النتيجة النهائية بلغ النمو نسبة 7ر7%، أما في العام الذي يليه، الذي بدأت تتعرض فيه إسرائيل لأزمة اقتصادية استمرت ثلاث سنوات، فإن وزارة المالية اعتقدت أن النمو الاقتصادي سيصل إلى 5ر3%، وقال بنك إسرائيل إن النسبة 3%، ولكن في الواقع تراجع النمو بنسبة 6ر0%، وتكرر المشهد في العام الذي يليه، في العام 2002.

وهذه الفجوة بين التقديرات وبين المحصلة النهائية مستمرة حتى في العام الجاري وقبل انتهائه، فمثلا كانت تقديرات وزارة المالية تشير إلى أن النمو سيصل في هذا العام إلى 5ر4%، وقال بنك إسرائيل إن النسبة ستصل إلى 3ر4%، بينما التقديرات التي ترتكز على نسب النمو في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، تشير إلى احتمال ارتفاع نسبة النمو إلى أكثر من 5ر5%.

ويقول محللون اقتصاديون إن هذه الفجوة في التقديرات قادت دائما إلى مبادرة مسؤولي وزارة المالية لإجراء تقليصات مسبقة في ميزانية إسرائيل للعام التالي.

والحال نفسها شهدناها قبل فترة، حين جرى إعداد ميزانية الدولة للعام القادم 2008، فقد وضعت الوزارة تقديرات متواضعة جدا لعائدات الضرائب في العام القادم، تماما كما تفعل في كل عام، وهذا لكي لا يتم توسيع قاعدة الميزانية ورصدها لميزانيات الخدمات الحيوية، التي تستفيد منها الشرائح الفقيرة والضعيفة. ويدعي مسؤولو الوزارة أن توسيعا كهذا للميزانية قد يضر الميزانية العامة والوضع الاقتصادي في فترات الأزمات الاقتصادية، التي قد يواجهها الاقتصاد الإسرائيلي مستقبلا.

فمثلا في العام 2006 بلغ الفائض في خزينة الضرائب حوالي 5ر2 مليار دولار، وتقول التقديرات إن الفائض الضريبي بلغ حتى نهاية الأشهر العشرة الأولى من هذا العام قرابة ثلاثة مليارات دولار، وقد يرتفع حتى نهاية العام الجاري إلى 75ر3 مليار دولار.

 

ارتفاع كبير في السياحة

 

 

وقال تقرير صادر عن وزارة السياحة الإسرائيلية إن العام 2007 سيشهد رقما قياسيا في أعداد السياح الداخلين إلى إسرائيل، وليشكل اكبر عدد قياسي منذ العام 1999. ووفق التقديرات فإن عدد السياح سيصل حتى نهاية العام الجاري إلى 3ر2 مليون سائح، أي أعلى بنصف مليون سائح عن العام الماضي 2006، مما يشكل ارتفاعا بنسبة 28%.

وما يدعم هذا التقرير، هو تقرير آخر صادر عن اتحاد الفنادق في إسرائيل، الذي أعلن أن نسبة الإقامة في الفنادق في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وصلت إلى 74%، وهو أيضا يشكل ارتفاعا بنسبة 28% مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي 2006.

أما وزير السياحة، إسحق أهرونوفيتش، فقد توقع أن يرتفع عدد السياح في العام القادم 2008 إلى 8ر2 مليون سائح، وطلب من القطاع السياحي الاستعداد لهذا التطور الهام على السياحة الإسرائيلية.

 

ويشارك الوزير أهرونوفيتش في تقديراته قادة قطاع السياحة، الذين هم أيضا يتوقعون أن يصل عدد السياح إلى 7ر2 مليون سائح. وقال مسؤولون في اتحاد الفنادق إن هناك نقصا في عدد الغرف في الفنادق، وفي إقامة فنادق جديدة، ما سيمنع تجاوز عدد ثلاثة ملايين سائح في العام الواحد.

وقال المسؤولون أنفسهم إنه في العام الجاري تم رفض أعداد من السياح في الأشهر القياسية للسياحة نظرا لعدم وجود غرف فندقية كافية لاستيعابهم.

ومما يزيد من الضغط على الفنادق هو ارتفاع السياحة الداخلية في إسرائيل، إذ يقول اتحاد الفنادق إن عدد الغرف الفندقية التي تم استخدامها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي للسياحة الداخلية وحدها (أي من مواطني إسرائيل)، بلغ مليوني ليلة، وهو أعلى بنسبة 20% من نفس الشهر من العام الماضي 2006، علما انه في ذلك الشهر من العام 2006 تم تسجيل ارتفاع نسبة مماثلة، أي 20% عن نفس الشهر من العام 2005، الذي كان شهر أعياد يهودية، خلافا لشهر العام الجاري 2007 (مواعيد الأعياد اليهودية متغيرة وفق تقويم قمري).

أما السياحة الخارجية، فقد سجلت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 892 ألف ليلة فندقية، علما أن قسما كبيرا من هذه السياحة هو سياحة يهودية.

ويتوقع خبراء أن يتعدى معدل مردود السياحة الخارجية للاقتصاد الإسرائيلي في العام الجاري 2007 ثلاثة مليارات دولار.

 

البنوك- الرابح الأكبر

 

 

وكالعادة في السنوات الأخيرة فإن من يقف على رأس قائمة الرابحين الكبار من المعطيات الاقتصادية الايجابية، هم أصحاب كبار البنوك الإسرائيلية، إذ سجلت البنوك الخمسة الكبرى أرباحا قياسية في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري بقيمة 9ر1 مليار دولار.

وقد سجلت مداخيل البنوك من العمولات البنكية مبلغا قياسيا وصل في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري إلى 2ر2 مليار دولار، في وقت يشهد فيه البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) تحركات متشعبة، من أجل لجم سياسة العمولات البنكية، التي ضربت أرقاما قياسية عالمية بعددها (وصلت إلى حوالي 200 نوع عمولة)، وأيضا بأسعارها، ومن المتوقع أن ينخفض عدد هذه العمولات إلى 60 نوعا من العمولة، وأيضا تخفيض كلفتها، وتحذر البنوك من أن هذا سيتسبب في تراجع مداخيلها.

وحسب معطيات البنوك، فإن ثاني أكبر بنك إسرائيلي "ليئومي" اجتاز للمرة الأولى أكبر بنك، "هبوعليم"، في تسجيل الأرباح، إذ سجل في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام أرباحا تعادل 710 ملايين دولار، بنسبة 5ر15% عن العام 2006، مقابل 615 مليون دولار لبنك "هبوعليم"، الذي انخفضت أرباحه بنسبة 6% عن العام 2006.

أما بنك ديسكونت، فقد سجل أرباحا بقيمة 360 مليون دولار، وسجل أعلى نسبة ارتفاع مقارنة مع العام 2006، وبلغت 78%، وسجل بنك مزراحي أرباحا بقيمة 190 مليون دولار، وهي أعلى بنسبة 51% عن العام 2006، بينما بلغت أرباح خامس بنك من حيث الحجم في إسرائيل في الأشهر التسعة من العام الجاري قرابة 128 مليون دولار، وهذا أعلى بنسبة 25% عن العام 2006.

ويقول المحلل الاقتصادي يعقوب يانيف، في صحيفة "ذي ماركر"، إن أكبر عامل ساهم في ارتفاع أرباح البنوك، هو ارتفاع الأسعار في تلك الفترة، والذي ساهم في زيادة أرباح الشركات.

وعلى الرغم من هذه الأرباح، إلا أن أسعار الأسهم البنكية في البورصة لم تسجل ارتفاعا بنفس نسب أرباح هذه البنوك.

 

المؤسسات الدولية ترفع تدريج إسرائيل

 

 

على ضوء المعطيات الاقتصادية الايجابية، فإن كبرى المؤسسات الاقتصادية باتت ترفع من مكانة إسرائيل، خاصة في ما يتعلق بالإعتمادات المالية في البنوك العالمية.

 

فمثلا دلّ مؤشر "ديموقليس"، الذي يعده معهد ليهمان بردرز، حول مدى تأثر أي اقتصاد داخلي من هزات اقتصادية خارجية، على أن مدى تأثر الاقتصاد الإسرائيلي من أي أزمة اقتصادية خارجية هو (صفر).

ويقول هذا المعهد إن أكبر مؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي هو الاقتصاد الأميركي، إلا أن الاقتصاد الإسرائيلي لن يتأثر من الأزمة الاقتصادية المتوقعة في الولايات المتحدة في العام القادم 2008، نظرا لنسب النمو الاقتصادي العالية في إسرائيل.

من جهة أخرى فقد رفعت شركة S&P الدولية مكانة إسرائيل في سلم تدريج الإعتمادات من ناقص A إلى A، مما يعني ارتفاعا حادا في إمكانيات إسرائيل بالحصول على اعتمادات خارجية، ويقدر خبراء إسرائيليون أن يكون بإمكان إسرائيل زيادة اعتماداتها بمليارات الدولارات في الخارج.

 

يذكر هنا أن الاقتصاد الإسرائيلي ينعم سنويا من تدفق عشرات مليارات الدولارات الخارجية لتوظيفها في الاقتصاد الإسرائيلي، أو في الشركات الإسرائيلية في الخارج، إلا أنه لم تصدر حتى الآن احصائيات واضحة حول مدى هذه التوظيفات، التي تقدر بعشرات مليارات الدولارات.