تجدّد الصراع بين المؤسستين السياسية والقضائية على خلفية محاولة شخصيات منتخبة التأثير على قرارات المحاكم

اقتصاد ومجتمع

* هذه الإحصائيات التي تعتمد التقارير الرسمية تنقضها بشكل حاد تقارير الجمعيات والمراكز التي تعنى بالشؤون الاجتماعية * قسم كبير من هذا الانخفاض يعود إلى استفحال ظاهرة الأعمال الجزئية واضطرار الكثير من العاملين إلى العمل في ظروف عمل قاسية وبرواتب متدنية *

 

أعلنت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، مؤخرًا، أن نسبة البطالة في الربع الأخير من العام الماضي 2006 سجلت أدنى مستوى لها منذ عشر سنوات، إذ بلغت 7ر7%. إلا أن معدل نسبة البطالة في نفس العام كان 4ر8%، وهو أقل من معدل نسبة العام 2005، حيث بلغ 9%.

 

كما أن هذا الانخفاض ليس بقدر نسب النمو الاقتصادي في العام 2006، فقد تجاوزت نسبة النمو بالمعدل 5%، أي أكثر من التقديرات، التي انخفضت في أعقاب الحرب على لبنان، وكانت 7ر4%. وفي الربع الأخير من العام الماضي لوحده سجل النمو الاقتصادي ارتفاعا بنسبة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة لتصل إلى 8%.

وحسب تقرير الدائرة فإنه في العام الماضي دخل إلى سوق العمل 80 ألف عامل جديد، وبلغ حجم القوة العاملة في إسرائيل أكثر بقليل من 829ر2 مليون عامل، من بينهم 236 ألف عاطل عن العمل، و574ر2 يعملون.

وكانت نسبة الرجال في سوق العمل المدني 2ر61%، مقابل 3ر50% من النساء. وقد سجل عدد العاملين في سوق العمل المدني في العام الماضي- 2006- ارتفاعا بنسبة 5ر2%، كذلك فإن نسبة النساء العاملات سجلت ارتفاعا طفيفا، من 50% في العام 2005 إلى 04ر50% في العام 2006.

وتقول محللة الشؤون الاقتصادية- الاجتماعية في صحيفة "هآرتس"، روتي سيناي، إن كل المعطيات التي نشرتها دائرة الإحصاء المركزية تشكل مدعاة للفرح. فقد انخفضت البطالة من 9ر10% في العام 2004 إلى 7ر7% في الربع الأخير من العام الماضي 2006، والحلم الوردي لدى مسؤولي الاقتصاد هو أن تنخفض البطالة إلى 6%، وفق النسبة العامة في الدول المتطورة.

وتتابع سيناي في مقالها التحليلي "في الحقيقة فإن معطيات 2006 ليست بهذا القدر الجيد، لأن معدل نسبة البطالة في العام 2006 كان 4ر8%، ولكن إذا ما طبقت توقعات العام الجاري 2007 فإن البطالة من المفترض أن تنخفض أكثر".

وأضافت سيناي "على الرغم من الانخفاض الكبير في البطالة، فإن ظروف العمل أصبحت أكثر سوءا، وهذا بسبب ازدياد عدد العاملين من خلال شركات القوى العاملة، والأعمال المؤقتة والجزئية، كذلك فإن 36% من العاملين يتقاضون حتى 60% من معدل الأجور في إسرائيل، الذي بلغ في العام 2006 بالمعدل حوالي 7400 شيكل (1760 دولار)".

ومقابل هذا التقرير فإننا ننتظر تقارير موازية تصدرها جمعيات ومراكز تعنى بالقضايا الاجتماعية، تعطي صورة مغايرة عما نقرأه هنا في معطيات دائرة الإحصاء المركزية. فالكثير من هذه المراكز تؤكد أن تراجع البطالة هو أمر شكلي، بمعنى أن الخارجين من دائرة البطالة لم يجدوا وظائف كاملة أو برواتب طبيعية، فمثلا في العام قبل الماضي 2005 وجد 93 ألف شخص فرص عمل جديدة، وبنظرة أولى فإن هذا العدد يعني أنه تم استيعاب جميع المنخرطين الجدد في سوق البطالة ثم تم تخفيض عدد العاطلين عن العمل بثلاثين ألف شخص.إلا أن الحقيقة على أرض الواقع هي غير ذلك. وبحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية للعام 2007 فإن 54 ألف شخص فقط وجدوا وظائف بنسبة كاملة، أي 35 ساعة عمل أسبوعيا وما فوق، بينما 39 ألف شخص وجدوا وظائف جزئية.

وتقول بعض التقارير إن أكثر من 80% من الذين وجدوا عملا يتقاضون رواتب متدنية وحتى أقل من الحد الأدنى من الرواتب الذي يبلغ في إسرائيل حوالي 840 دولارا، ناهيك عن أن شروط العمل غير طبيعية، على ضوء انتشار مكاتب القوى العاملة التي أصبحت تتغلغل حتى في المؤسسات الرسمية مثل المجالس البلدية والقروية، وأيضا في كبرى الشركات، وحتى في البنوك. وتعمل هذه الشركات عن طريق المقاولة، أي إنها تأخذ قسما من عمل هذه المؤسسات، وهي توظف عمالاً من عندها بشروط عمل مخالفة كليا عن القائمة في تلك المؤسسات، وهي شروط عمل الحد الأدنى، عدا عن أنه يتم فصل العامل والموظف قبل أن يكمل العام لكي لا يستحق إمتيازات العامل الدائم.

وإذا كانت هذه معطيات 2005، فإنه حتى دائرة الإحصاء المركزية تؤكد أن هذا هو نمط مستمر، بمعنى أنه استفحل أكثر فأكثر في العام 2006، وهذا أحد أسباب استمرار ارتفاع معدلات الفقر، على الرغم من تراجع نسب البطالة.

وكما في كل تقرير بطالة هناك ضرورة للإشارة إلى أن البطالة ليست متساوية في جميع القطاعات. فالبطالة بين العرب في إسرائيل هي ضعفا البطالة بين اليهود، وحين نتحدث عن نسبة عامة بحجم 4ر8%، فإن البطالة بين العرب تصل إلى 15%، بينما هي بين اليهود في حدود 7%.

وفي كل شهر تصدر سلطة التشغيل قائمة بالبلدات المنكوبة بالبطالة، وتضم كل بلدة تعد أكثر من ألفي نسمة وتبلغ نسبة البطالة فيها من 10% وما فوق، وفي المعدل كان في العام الماضي 2006 في إسرائيل ما بين 30 إلى 34 بلدة منكوبة بالبطالة ودائما هي بلدات عربية، وفي بعض الأشهر تظهر بلدة أو بلدتان يهوديتان لكنهما تختفيان بسرعة من القائمة السوداء في الشهر التالي.

أمّا المشهد السوداوي للبطالة فإنه يسود أكثر بين النساء العربيات، ففي حين أن أكثر من 50% من النساء اليهوديات منخرطات في سوق العمل، فإن هذه النسبة تهبط إلى ما دون 30% بين النساء العربيات. وهذا غير عائد، كما تدعي السلطات، إلى التقاليد فقط، وإنما بالأساس إلى غياب أماكن العمل في البلدات العربية، وعدم قدرة النساء على السفر يوميا عشرات الكيلومترات للوصول إلى مكان العمل، كما هي الحال أيضًا بالنسبة لغالبية العاملين العرب.