اقتصاد ومجتمع

* الضرائب تشكل 63% من ميزانية إسرائيل للعام القادم * مدخول الضرائب على البورصة ارتفع بـ 400% مقارنة مع العام 2003 * جباية الضرائب تسجل فائضا في العام الجاري بـ 3 مليارات دولار ستصرف غالبيتها على تسديد جزء من الدين العام *

 

* الضرائب تشكل 63% من ميزانية إسرائيل للعام القادم * مدخول الضرائب على البورصة ارتفع بـ 400% مقارنة مع العام 2003 * جباية الضرائب تسجل فائضا في العام الجاري بـ 3 مليارات دولار ستصرف غالبيتها على تسديد جزء من الدين العام *

 

 

كتب ب. جرايسي:

 

اعترف التقرير السنوي الصادر عن مديرية مداخيل الدولة في وزارة المالية الإسرائيلية، في الأسبوع الماضي، بأن العبء الضريبي في إسرائيل أعلى بنسبة 15% من معدل هذا العبء في الدول الصناعية، في حين أن معطيات وزارة المالية تتوقع أن تشكل مداخيل الضرائب في العام القادم 2008، ما نسبته 63% من الميزانية العامة.

ويتضح من التقرير أن العبء الضريبي الذي يدفعه المواطنون لوزارة المالية وصل في العام الماضي 2006 إلى ما نسبته 5ر28% من الناتج المحلي، وبإضافة رسوم الضمان الاجتماعي والصحي التي تخصم من الرواتب، والضرائب التي تجبيها المجالس البلدية والقروية، فإن النسبة ترتفع إلى 37%، في حين أن معدل العبء الضريبي في الدول الصناعية المتطورة المنضوية في منظمة (OECD) يصل إلى 2ر32%، ولو أن إسرائيل كانت عضوا في هذه المنظمة، لاحتلت المرتبة 14 من أصل 31 دولة في هذه المنظمة الدولية.

وحسب التقرير فإن العبء الضريبي المباشر في إسرائيل بلغ في العام 2004 ما نسبته 19% من الناتج بينما المعدل في منظمة دول (OECD) كان في ذلك العام 21%، إلا أن ما يرفع العبء الضريبي في إسرائيل هو العبء الضريبي غير المباشر، الذي يصل إلى قرابة 18%، مقابل أكثر بقليل من 10% في دول (OECD).

ويقول التقرير إن ما يزيد العبء الضريبي هو تدني مداخيل المواطنين في إسرائيل مقارنة مع دول الغرب، ففي العام 2005 بلغ معدل الناتج المحلي للفرد 26 ألف دولار، وهو ما يعادل 62% من معدل الناتج للفرد في الولايات المتحدة، وحسب هذا المقياس، فإن إسرائيل كانت ستحتل المرتبة 22 من أصل 31 دولة في منظمة (OECD) الدولية السابق ذكرها.

وجاء أيضا أن المستقلين في سوق العمل في إسرائيل يشكلون 13% من القوى العاملة، ومداخيلهم غير الصافية تساوي ضعفي مداخيل الأجيرين، إلا أن حصتهم في ضريبة الدخل لم تكن بنفس القدر، فقد كانت أعلى بـ 33% فقط من الضريبة التي يدفعها الأجيرون، أي أن معدل الضريبة لدى المستقلين كان 6ر20% مقابل 9ر14% لدى الأجيرين.

ويرى التقرير أن هذا العبء في إسرائيل قد يرتفع من 37% إلى 41% في حال تم سن قانون راتب التقاعد الإلزامي، الذي سيقتطع من الرواتب، لغير المنظمين في أي برنامج تقاعدي، نسبة 5% من دخلهم الصافي، وهو قانون من المتوقع أن يقره الكنيست الإسرائيلي في الدورة الشتوية الجديدة، بحيث يكون التوفير لراتب تقاعدي، عدا مخصصات الشيخوخة التي تدفعها مؤسسة الضمان الاجتماعي، أمرا إلزاميا.

وعلى الرغم من ذلك، فإن التقرير يدعي أن العبء الضريبي يقع بالأساس على أصحاب المداخيل العالية، إذ يظهر أن 47% من الجمهور الذي عليه دفع ضريبة الدخل لم يصلوا إلى خط الحد الأدنى الملزم بدفع ضريبة دخل، وهم 36% من الرجال و62% من النساء، إلا أن مداخيل الضرائب في العام الماضي ارتفعت بنسبة 11%، وهو ارتفاع حاد جدا قياسا مع سنوات سابقة.

ويقول التقرير إن هذه الزيادة الحادة ناجمة عن صفقات خصخصة القطاع العام، وأيضا نتيجة عمليات بيع شركات كبرى، ومن دون هذه الصفقات كانت الزيادة في جباية الضرائب ستصل إلى 8%، وهي أيضا نسبة عالية جدا مقارنة مع سنوات سابقة، وهي أعلى بضعف ونصف الضعف من نسبة ارتفاع الناتج المحلي.

يذكر في هذا المجال أن سلطة الضرائب أعلنت في الشهر الماضي، أيلول/ سبتمبر، أن لديها فائضًا بحوالي 5ر2 مليار دولار من دفع الضرائب، وترفض وزارة المالية تحويل هذه الأموال لميزانية الدولة لسد العجز الذي يبلغ 2% حتى الآن، أو تحويلها إلى ميزانيات الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والصحة الرفاه، التي عانت في السنوات السابقة من تخفيض كبير فيها.

ويدعي التقرير أيضا أنه على الرغم من النسب السابقة، فإن نسبة ضريبة الدخل المباشرة على الرواتب المتدنية هي أقل من مثيلتها في الدول المتطورة، في حين أن ضريبة الدخل المباشرة على الرواتب العالية هي أعلى من مثيلاتها في دول منظمة (OECD)، ولكن ما يزيد نسبة الضرائب، كما ذكر سابقا، هو الضرائب المكملة، مثل ضريبة القيمة المضافة على المشتريات التي تبلغ نسبتها 5ر15%، المفروضة على جميع المشتريات تقريبا، والضرائب على المسكن والسيارات وغيرها.

يذكر في هذا المجال أن نسبة ضريبة الدخل والرسوم الاجتماعية والصحية التي يدفعها الأجير الذي يترواح دخله الصافي (بالنسبة للرجال) من 1600 دولار إلى 2300 دولار، تتراوح بين 20% إلى 26%، وهذا يشمل أيضا حصة الأجير المنظم في تأمين التقاعد.

أما بالنسبة للنساء فإن هذه النسبة قائمة من حيث المبدأ، لكن هناك تسهيلات ضريبية تدفع للمرأة بشكل عام، ثم تضاف تسهيلات أعلى للمتزوجات ولديهن أولاد دون سن 18 عاما.

وهذا الأمر يسري أيضا على الضرائب المفروضة على الشركات في إسرائيل، فعلى الرغم من أن الضريبة المفروضة على هذه الشركات انخفضت خلال أربع سنوات من 36% إلى 31%، إلا أنها تبقى أعلى من معدل مثيلتها في دول منظمة (OECD)، إلا أن هذه الضريبة من المتوقع أن تشهد انخفاضا تدريجيا إلى نسبة 25% حتى العام 2010.

ويذكر هنا أن وزارة المالية والحكومة أقرت في العام 2005 برنامجا لتخفيض العبء الضريبي حتى العام 2010، ومن يستفيد من هذا البرنامج بالأساس هم أصحاب المداخيل العالية جدا، الذين كان أعلى سقف ضريبي على مداخيلهم حتى قبل أربع سنوات يصل إلى 60%، وهذا يشمل الرسوم الاجتماعية والصحية، ولكن هذه النسبة لا تشمل كل الراتب بل أجزاء منه، ليصل بالمعدل إلى حوالي 40%، أما اليوم فإن السقف الأعلى لهذه الضريبة هو 49%، وهي نسبة تصل لدى الذين يبلغ راتبهم الصافي خمسة آلاف دولار شهريا، وما فوق.

وتوصي مديرية الضرائب بتصحيح "الخلل" القائم في الضرائب المفروضة على الأرباح من البورصة والمداخيل من الخارج للأفراد، وهي نسب ضريبية عالية، إضافة إلى وقف عملية تقليص التسهيلات الضريبية.

ويقول التقرير إن التسهيلات الضريبية على مختلف أنواعها ستصل في العام القادم 2008 إلى قرابة 6ر8 مليار دولار، وهي ما نسبته 18% من مداخيل الدولة من الضريبة، و5% من الناتج المحلي.

 

مداخيل ضريبة البورصة ارتفعت بـ 400%

 

 

من جهة أخرى يتضح من تقرير الملحق الاقتصادي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن مداخيل الضريبة المفروضة على أرباح البورصة في إسرائيل قد تصل في العام الجاري إلى مستوى غير مسبوق، 1ر1 مليار شيكل.

ويشكل هذا المستوى، وهو الأعلى منذ أن تم فرض هذه الضريبة، ارتفاعا بنسبة 400% مقارنة مع مداخيل هذه الضريبة في العام 2003، حين بلغ حجمها الإجمالي 320 مليون دولار (حسب سعر صرف الدولار اليوم في حدود 4 شيكلات).

ولكن هذا الارتفاع لم يكن مفاجئا بل تدريجيا، ففي العام 2004 بلغ حجم هذه الضريبة 450 مليون دولار، وفي العام 2005 حوالي 520 مليون دولار، وفي العام 2006 حوالي 875 مليون دولار.

وتبلغ نسبة الضريبة على أرباح البورصة 25% يجري خصمها لدى سحب الأموال من البورصة، إذ يجري احتساب المبالغ التي تم إيداعها، والأرباح الحاصلة.

ويرى محللون أن مداخيل الضريبة المفروضة على أرباح البورصة كان من المفترض أن تكون أعلى لولا الانهيار في البورصة الذي بدأ في الأيام الأخيرة من شهر تموز/ يوليو الماضي، إذ تراجعت البورصة في أسبوع واحد بنسبة حوالي 14%، ولكن منذ النصف الثاني من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وحتى مطلع هذا الأسبوع سجلت البورصة ارتفاعات جعلتها تعيد حوالي 12% من نقاطها، وهذا خلافا للتوقعات السابقة التي توقعت استمرار إنهيار البورصة المحلية، متأثرة من بورصات العالم.

يذكر في هذا المجال أن الضريبة تفرض أيضا على أرباح التوفيرات العادية، وتصل إلى 25%، إلا أن هذه الضريبة المفروضة على الأرباح لا تأخذ بعين الاعتبار ما يدفعه المدخر من عمولات بنكية على برامج التوفير، كما أن الأرباح من سحب اليانصيب والرهانات على مباريات كرة القدم، خاضعة لضريبة بنسبة 25% على كل مبلغ فوق 70 ألف شيكل، أي ما يعادل 17500 دولار.

 

63 % من ميزانية الدولة من الضرائب

 

 

تتوقع مديرية الضرائب أن تصل مدخولات خزينة الدولة الإسرائيلية، في العام القادم- 2008، إلى 190 مليار شيكل، وهو ما يعادل 5ر47 مليار دولار، وهي تشكل نسبة 63% من ميزانية الدولة للعام القادم البالغة حوالي 76 مليار دولار.

إلا أن المحللين يرون أن هذه معطيات حذرة جدا، ومطابقة لمعطيات العام الجاري 2007، رغم أن التوقعات هو أن ترتفع مداخيل الدول من الضرائب إلى أكثر من ذلك، إلا أن وزارة المالية تتجنب رفع توقعات الضريبة لكي لا ترفع حجم الميزانية العامة، كما يقول المحلل الاقتصادي في صحيفة "ذي ماركر"، موطي بسوك.

وتبين أنه خلافا لتصريحات سابقة، فإن الحكومة ستستغل الفائض الضريبي الحاصل في العام الجاري، والذي بلغ حتى الآن 3 مليارات دولار، لتسديد جزء من الدين العام.

وحسب التوقعات فإن زيادة الناتج المحلي في العام القادم كانت سترفع مداخيل الضريبة بقيمة 10 مليارات شيكل، ما يعادل 5ر2 مليار دولار، إلا أنه بسبب التعديلات الضريبية المتوقعة فإن هذه الزيادة ستتقلص بحوالي 7 مليارات شيكل، 75ر1 مليار دولار، لتبقى الزيادة الصافية، حسب التوقعات، في حدود ثلاثة مليارات شيكل، أي 750 مليون دولار، وترتفع من 187 مليار شيكل في العام الجاري إلى 190 مليار شيكل.

 

 

ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 15%

 

 

دلّ تقرير نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية على أن تكلفة سلة مشتريات المواد الغذائية الأساسية ارتفعت في الأشهر الأربعة الأخيرة بنسبة تتراوح ما بين 10% إلى 15%.

وحسب التقرير فإن المواد الغذائية الأساسية جدا، مثل الخبز والحليب والبيض والزيوت، سجلت ارتفاعات حادة في أسعارها، فمثلا سعر الخبز الذي ارتفع قبل نحو شهرين بنسبة 5ر12%، سيرتفع في الأيام القادمة بنسبة 11%، كما أن من المتوقع أن يرتفع سعره في مطلع العام القادم بنسبة 20% إضافية.

أما أسعار الحليب الخام فقد ارتفعت في مطلع الشهر الجاري بنسبة 4ر11%، ولهذا فإن أسعار منتوجات الحليب والألبان سترتفع في الأسابيع القادمة بنسبة 5ر5% بالمعدل، وهذا على الرغم من أن أسعار هذه المنتوجات ارتفعت في شهر آب/ أغسطس الماضي بنسبة 8ر3%.

 

وأعلنت أضخم شركة للمواد الغذائية في إسرائيل- شركة "أوسم"- أنها سترفع منتوجات المعجنات التي تنتجها بنسبة 5%، أما شركة المواد الغذائية المتخصصة بالحلوى والمقبلات، شركة عيليت، فقد أعلنت أنها سترفع أسعار الحلوى والشوكولاتة من 3% إلى 7%.

ويشير التقرير إلى أن ارتفاع هذه الأسعار ناجم عن ارتفاع أسعار المواد الخام الغذائية في أرجاء العالم، فمثلا ارتفع سعر الحليب الخام في العالم في منذ مطلع العام بنسبة 70%، وهذا يعني أن الأسعار سترتفع أكثر في الأشهر القادمة.

وسيشكل هذا الارتفاع ضربة كبيرة للشرائح الفقيرة وذوي المداخيل المتدنية، التي تبلغ حصة المواد الغذائية من مجمل مداخيلها حوالي 33% وأكثر، وهذا يعني تقليصا إضافيا للقوة الشرائية لهذه الشرائح، يجعلها تغوص أكثر في دائرة الفقر.

وتقول المحللة الاقتصادية في صحيفة "معاريف"، نوريت كادوش، إن ارتفاع الأسعار الحاصل الآن هو طرف الخيط لما سيأتي لاحقا، فالشركات الغذائية الكبرى تؤكد أن الحديث لن يكون عن قفزات بسيطة في الأسعار، وإنما هذا هو بداية لموجة ارتفاع أسعار عالية جدا، وأن مصدر هذه الارتفاعات هو ارتفاع حرارة الأرض، إلى جانب ارتفاع الطلب على المواد الغذائية الخام في دول شرق آسيا.

وزيادة الطلب في دول شرق آسيا جعلت سعر القمح في العالم يرتفع بنسبة أكثر من 40% خلال بضعة أشهر، في الوقت الذي انعكس فيه ارتفاع حرارة الأرض على انخفاض المنتوج الزراعي والحيواني.

يذكر في هذا المجال أن الأجيرين في إسرائيل لن يحصلوا على زيادة في رواتبهم تعويضا عن الغلاء، فاتحاد النقابات العامة قبل ثلاثة أشهر اتفاقًا يقضي بدفع علاوة غلاء بنسبة 5% للأجيرين، لكنها موزعة على مدى عامين ونصف العام، مما يجعل الزيادة كأنها لم تكن لأن ارتفاعات الأسعار الجديدة تبتلع هذه الزيادة.