اقتصاد ومجتمع

أظهرت معطيات جديدة نشرها مركز "تاوب" لبحث السياسة الاجتماعية أن السنوات الأخيرة شهدت اتساعاً ملحوظاً للفجوات في الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة للفئات السكانية المختلفة في إسرائيل وهي قائمة بين المركز والضواحي أو على أساس الدخل والتحصيل العلمي والخلفية الثقافية لأفراد المجتمع*المسنون والعرب الأقل شعورًا بالأمن الاقتصادي والاجتماعي *

 

أظهرت معطيات جديدة نشرها أخيراً مركز "تاوب" لبحث السياسة الاجتماعية في إسرائيل أن السنوات الأخيرة شهدت اتساعاً ملحوظاً للفجوات في الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة للفئات السكانية المختلفة في المجتمع الإسرائيلي.

 

وأوضح القائمون على المركز أن المعطيات الجديدة، التي جرى عرضها في وقت سابق من شهر حزيران الماضي أمام أعضاء ما يسمى بـ "اللوبي الاجتماعي" في الكنيست الإسرائيلي، تبين أن الفجوات الآخذة بالاتساع والتعمق على هذا الصعيد قائمة سواء بين المركز والضواحي، أو على أساس الدخل والتحصيل العلمي والخلفية الثقافية لأفراد المجتمع.

 

وقالت وثيقة أعدها خبراء مركز "تاوب"، وهو مركز أبحاث مستقل يتلقى تمويله من مؤسسة "جوينت" العالمية، إنه "إذا كان لا بدّ للمرء أن يكون مريضاً في إسرائيل فإن من الأفضل له أن يكون غنياً، مثقفاً، وأن يكون من القاطنين في مركز - وسط- البلاد". وأضافت إن الانطباع الذي يتكون للوهلة الأولى هو أن جهاز الصحة في إسرائيل يعتبر من أجهزة الصحة المتقدمة في العالم الغربي إذ أن متوسط أعمار الرجال في إسرائيل يبلغ 6ر77 سنة، وهو أعلى من المتوسط في دول الـ OECD، كما أن نسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة في إسرائيل مشابهة للمتوسط في دول المجموعة المذكورة. وتبرز إسرائيل على صعيد نسبة الأطباء (حوالي 4ر3 طبيب لكل ألف نسمة) مقارنة مع 2ر2 في بريطانيا، و 1ر2 في كندا، و1ر3 في هولندا و 4ر3 في فرنسا، علماً أن متوسط دول OECD يبلغ 8ر2 طبيب لكل ألف نسمة.

 

ويستطرد مركز "تاوب" في إيجاز صحفي لتقريره الجديد، تلقى "المشهد الإسرائيلي" نسخة منه، قائلاً: ظاهرياً يُخيَّل أن سن قانون تأمين الصحة الحكومي (الإلزامي) في إسرائيل أدى للإقرار بواجب الدولة على العمل من أجل تقليص الفجوات في مجال الخدمات الصحية، غير أن السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة أفضت عملياً في السنوات الأخيرة إلى تعميق اللامساواة بشكل ملموس في جهاز الصحة الإسرائيلي.

 

وقال مسؤولون في المركز إن "الصحة الجيدة في إسرائيل اليوم لم تعد للجميع، فهناك فجوات عميقة جداً بين المجموعات السكانية المختلفة" وأردف هؤلاء أن "هذا الوضع يعكس عملياً وضع إسرائيل على الصعد الاقتصادية والاجتماعية أيضاً" في إشارة إلى أن ثمار النمو الاقتصادي الذي تنعم به إسرائيل في السنوات الأخيرة تعود بالفائدة على قطاعات وأوساط مقلصة جداً من المجتمع.

 

 

الشعور بالأمن الاجتماعي... مؤشرات نسبية

 

من جهة أخرى أشار استطلاع ينظمه المركز تحت عنوان "مقياس تاوب" إلى ازدياد الشعور بالأمن الاقتصادي والاجتماعي لدى الجمهور الإسرائيلي بصورة عامة. وقال المركز في بيان بهذا الخصوص إنه وعلى الرغم من أن هذا المؤشر ارتفع في نصف السنة الأخيرة إلى مستوى قياسي، (بلغ 62 نقطة على سلم يتكون من 100 نقطة) مقارنة مع المستوى المتدني الذي سجل في عامي 2002 و 2003، إلا أن هذا الشعور ما زال مضطرباً لدى ذوي الدخل والثقافة المتدنيين في المجتمع.

 

وقال باحثو مركز "تاوب" إن تطور مؤشر الوضع الاقتصادي- الاجتماعي، المستند إلى استطلاع للرأي العام أجراه المركز في شهر أيار الماضي، يرسم الصورة التالية: في العام 2001 بلغ المؤشر 58 نقطة من 100، وفي عامي 2002-2003 انخفض المؤشر بصورة حادة ليقف عند 48 نقطة، وذلك نتيجة تضعضع الأمن الاجتماعي لدى الجمهور الإسرائيلي خلال فترة الركود الاقتصادي والبطالة والتقليصات التي تعرضت لها ميزانيات الرفاه الاجتماعي. وسجل منذ العام 2004 وحتى الآن ارتفاع في المؤشر يعكس ازدياد الشعور بالأمن لدى الجمهور الإسرائيلي والاستقرار الذي ساد خلال عامي 2005- 2006، والذي ارتفع فيه المؤشر إلى مستوى57- 58 نقطة.

 

وأكد باحثو المركز أن المعطيات تخفي فوارق بين مجموعات مختلفة في المجتمع الإسرائيلي، وعلى سبيل المثال فإن الشعور بالأمن الاجتماعي أعلى من المتوسط لدى ذوي الدخل المرتفع (73 نقطة) في حين ينخفض هذا المعطى إلى (51 نقطة) لدى ذوي الدخل المتدني.

 

وأظهر استطلاع "تاوب" أن 12% من السكان يخشون بدرجة كبيرة و 21% بدرجة معينة من إمكان تدهور وضعهم نحو الفقر والضائقة الاقتصادية. وقد برز بين الفئة الأولى (الذين يخشون بدرجة كبيرة) ذوو الدخل المتدني (31%) والسكان العرب (25%).

 

وفيما يتعلق بمستوى المعيشة أشار 24% من مجمل السكان إلى تحسن، وأشار 24% إلى تراجع، فيما أعلن قرابة نصف السكان (48%) أنه لم يطرأ أي تغيير على مستوى معيشتهم. وقد ظهرت هنا أيضاً فوارق بين المجموعات والفئات السكانية المختلفة، إذ أعلن 7% فقط من بين المسنين عن تحسن، مقابل 34% أعلنوا عن تراجع في مستوى معيشتهم.