إسرائيل دفيئة للمتهربين من دفع الضرائب في أوساط يهود العالم

وثائق وتقارير

برز الاستياء البالغ لدى الإسرائيليين من فحوى كتاب كارتر في مقالين نشرهما موقع "أوميديا" الإلكتروني، الأول لضابط الاستخبارات العسكرية السابق، العميد في الاحتياط رافي بوخنيك، الذي وضع عنوانا لمقالته "بروتوكولات جيمي كارتر" على غرار "بروتوكولات حكماء صهيون" الذي يعتبر مؤلفا معاديا لليهود ويصفهم بأنهم متآمرون على العالم، فيما كان المقال الثاني للضابط السابق في الجيش الإسرائيلي، المقدم غرشون أكشتاين، ودعا فيه إلى مقاطعة الكتاب ومؤلفه

 

يبدو واضحا من الهجوم الإسرائيلي على الكتاب الجديد للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، بعنوان "فلسطين: سلام وليس أبرتهايد"، عدم توقع أن تأتي الانتقادات ضد السياسة الإسرائيلية في الشرق الأوسط تجاه العرب عموما والفلسطينيين خصوصا، وهي السياسة المدعومة أصلا من الإدارات الأمريكية المتعاقبة، من جانب رئيس أميركي بالذات. لكن هذا الهجوم الإسرائيلي على الكتاب ومؤلفه أصبح أكثر حدة كون صدوره تزامن مع صدور تقرير "مجموعة دراسة العراق" الذي أعدته لجنة برئاسة وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر والنائب الديمقراطي السابق لي هاملتون الذي تضمن هو الآخر انتقادات للسياسة الإسرائيلية تجاه الصراع في الشرق الأوسط وطالب الإدارة الأميركية الحالية بممارسة ضغوط على إسرائيل لتسوية الصراع مع الفلسطينيين وسوريا ولبنان على وجه التحديد.

 

ويبرز الاستياء البالغ لدى الإسرائيليين من فحوى كتاب كارتر في مقالين نشرهما موقع "أوميديا" الإلكتروني، الأول لضابط الاستخبارات العسكرية السابق، العميد في الاحتياط رافي بوخنيك، الذي وضع عنوانا لمقالته "بروتوكولات جيمي كارتر" على غرار "بروتوكولات حكماء صهيون" الذي يعتبر مؤلفا معاديا لليهود ويصفهم بأنهم متآمرون على العالم، فيما كان المقال الثاني للضابط السابق في الجيش الإسرائيلي، المقدم غرشون أكشتاين، ودعا فيه إلى مقاطعة الكتاب ومؤلفه.

 

وبدأ بوخنيك مقاله باقتباس فقرة من رسالة الاستقالة التي بعث بها الباحث في "مركز كارتر" في جامعة إيمروي بمدينة أطلنطا الأميركية، البروفيسور كينيث شتاين، والتي جاءت على اثر نشر كتاب كارتر. وكتب شتاين أن "كتاب الرئيس كارتر حول الشرق الأوسط، الذي يحمل عنوانا قاسيا يصعب كتابته، لا يستند إلى تقديرات موثوقة، ويعاني من أخطاء في الحقائق، وفيه نسخ لمواد من دون الإشارة لمصدرها، وتوجهه سطحي بما في ذلك حذف (نصوص) بشكل فظ ووضع مقاطع (من نصوص) مختلقة. إن حقيقة أن يكون شخصا ما حاملا للقب الرئيس السابق لا تمنحه الامتياز لاختلاق معلومات أو عرضها منقوصة من خلال سابق إصرار على عرض هذه المعلومات بصورة منهجية. وعندما يجري ترديد الأكاذيب مرة تلو الأخرى فإنها تصبح في النهاية حقيقة صرفًا وتتحول إلى معطيات مضللة وتصبح أساسا لمواقف ولوضع سياسات".

ويكرر بوخنيك أقوال شتاين بأن الكتاب لا يعتمد نهجا أكاديميا. كما اعتمد بوخنيك على ما كتبه شتاين في رسالة استقالته بأن "معظم المعطيات الواردة في الكتاب هو أشباه حقائق في أحسن الأحوال أو تشويهات تاريخية منهجية".

 

وتبين أن أكثر ما أثار غضب الكاتبين الإسرائيليين هو التلميح في كتاب كارتر إلى أن إسرائيل تنتهج سياسة شبيهة بسياسة الأبرتهايد (تفرقة عرقية عنصرية) بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 

ويهاجم بوخنيك كارتر لمجرد استخدامه مصطلح "أبرتهايد" في عنوان الكتاب مؤكدًا أنه "يشوه" قضية بناء جدار الفصل العنصري الذي يقول بوخنيك إنه "جدار أمني". واعتبر بوخنيك انتقادات كارتر في هذا السياق أنها "استفزازية وشريرة" و"وقحة"، كما أن بوخنيك ينتقد كارتر لمجرد قوله إن "إسرائيل لن تحظى بالسلام أبدا حتى تنسحب من الأراضي المحتلة" وأن إسرائيل ترفض الانصياع للقرار 242 الصادر عن الأمم المتحدة ويلزم "بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي التي احتلتها في حرب الأيام الستة" في حزيران 1967. واعتبر الكاتب، بمنطق احتلالي ديماغوغي، أن كارتر تجاهل بقية القرار الذي يمنح إسرائيل الحق، بحسب بوخنيك، "بحدود آمنة في إطار تسوية بالاتفاق وبطرق سلمية" وأن "كارتر يتجاهل أن القرار 242 لا يذكر بتاتا الشعب الفلسطيني ولا يشمل أي تطرق إلى المطالب الإقليمية من جانب الفلسطينيين فيما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها".

 

ويهاجم بوخنيك كارتر لأنه انتقد إسرائيل وحملها مسؤولية السلام "الفاتر" مع مصر على ضوء حقيقة عدم التزامها بمنح حكم ذاتي للفلسطينيين طبقا لما جاء في اتفاقية كامب ديفيد. وفي المقابل يحمل بوخنيك مصر مسؤولية السلام "الفاتر" مع إسرائيل من دون أن يوضح السبب ويحاول تبرير عدم التزام إسرائيل بمنح حكم ذاتي للفلسطينيين بأن منظمة التحرير الفلسطينية رفضت معاهدة كامب ديفيد ورفضت فكرة الحكم الذاتي علما أن لا علاقة بين الحكم الذاتي بموجب هذه المعاهدة وموقف المنظمة منها.

ويقلب بوخنيك الحقائق عندما يتطرق إلى الفلسطينيين المسيحيين ويقول إن عددهم قد ازداد منذ حرب الأيام الستة، أي منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة والقطاع. ويأتي تناوله لهذا الموضوع بسبب انتقادات كارتر لسياسة إسرائيل بتضييق الخناق على الفلسطينيين عموما وهجرة الفلسطينيين المسيحيين من الأراضي المحتلة مستندا إلى محادثات مع كهنة ورهبان الذين تذمروا خلال أحاديث مع الرئيس الأميركي الأسبق من مراقبة الأحزاب الدينية اليهودية على كل أنواع العبادات المسيحية. وفي المقابل يزعم بوخنيك أن هجرة الفلسطينيين المسيحيين قد ازدادت بعد مجيء السلطة الفلسطينية وبسبب "موجة العداء" من جانب الجهاد الإسلامي وحماس. رغم ذلك يعترف بوخنيك أن عدد المسيحيين قد أخذ يتناقص في بيت لحم خلال الانتفاضة الأولى التي اندلعت في نهاية العام 1987 وقبل مجيء السلطة. واتهم بوخنيك كارتر في هذا السياق بأنه يسعى إلى تشويه سمعة إسرائيل في العالم المسيحي.

ويشير بوخنيك في ختام مقاله إلى تقرير بيكر- هاملتون "الذي اتبع نهجا مشابها وعرف كيف يغلّف رسالة شبيهة (بكتاب كارتر) بغلاف ليّن أكثر".

 

وفيما يتعلق بمقال غرشون أكشتاين، فإن الأمر المثير هو أنه تناول المواضيع ذاتها التي تناولها بوخنيك من كتاب كارتر وكانت ردوده تكاد تكون متطابقة مع ردود بوخنيك، من رسالة استقالة شتاين إلى مسألة الأبرتهايد وحتى مسألة السلام "الفاتر" مع مصر. واقتبس أكشتاين من أقوال عضو الكنيست عن حزب الليكود، ووزير الخارجية الأسبق، سيلفان شالوم، الذي هاجم الكتاب وقال "اليوم أنا أدرك لماذا لم يتم انتخاب (كارتر) لفترة رئاسية ثانية".

 

لكن أكشتاين أشار إلى أمر رأى أنه يتوجب أن يثير قلق إسرائيل وهو تأثير كتاب كارتر على الرأي العام الغربي خصوصا وأن الكثيرين هناك لا يعرفون تفاصيل الصراع هنا. ولفت أكشتاين إلى أن برنامج حوارات تلفزيوني استضاف كارتر وعددًا من المشاركين تبين أن غالبيتهم لم يعرفوا من هو ايهود أولمرت. وعبر عن خشيته من أن يعرف الغرب عن الصراع في الشرق الأوسط من خلال كتاب كارتر ولذلك اعتبر أن المسألة "ليست إلى أي مدى الكتاب هو حقيقة وإنما إلى أي مدى سيؤثر هذا الكتاب على الرأي العام في أميركا، التي تدعم إسرائيل حتى الآن". وأضاف أن الضرر الإعلامي الذي يلحقه الكتاب بإسرائيل سيظهر بعد أشهر أو سنين.

 

كارتر- شخص غير مرغوب فيه؟

 

من هنا أخذ أكشتاين بوضع توصيات حول كيفية التعامل مع صدور كتاب كارتر معتبرا أن التحفظ من الكتاب ومؤلفه لا يكفي. ودعا أكشتاين إلى القيام بعدة خطوات بينها منع كارتر من دخول البلاد وجعله شخصا غير مرغوب فيه. ومعارضة أي تكليف له بأن يكون مراقبا أو حكما أو وسيطا في قضايا النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني في المستقبل. وأن تتخذ الحكومة أو وزارة الخارجية في إسرائيل قرارا بعدم التعاون معه. ودعا أيضا إلى انتهاج سياسة إعلامية مكثفة مضادة للمواقف التي تم التعبير عنها في الكتاب وتفعيل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة ضده.

 

كما طالب أكشتاين بفرض مقاطعة أكاديمية إسرائيلية على كارتر. ودعا إلى تكليف شخصية إسرائيلية مثل شمعون بيريس أو ايهود باراك بتأليف كتاب يتم من خلاله الرد على ما جاء في كتاب كارتر وتوزيع الكتاب الإسرائيلي في جميع أنحاء العالم.