سجل القوانين الإسرائيلي لا يتضمن تشريعاً يحظر ارتكاب جرائم حرب ويعاقب عليها باعتبارها كذلك

ارشيف الاخبار

 

قضية الوثيقة التي فضحت

"حرب الجنرالات" تتفاعل!

 

 

 


أعلنت النيابة العامة الإسرائيلية بصورة مفاجئة، أول من أمس الأحد، أن تطورات جديدة طرأت على القضية المعروفة باسم "وثيقة غالانت"، التي تم كشفها قبل أسبوعين، وتتعلق بوثيقة صادرة عن مكتب علاقات عامة واستشارة إستراتيجية وتهدف إلى تحسين فرص قائد الجبهة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، اللواء يوءاف غالانت، لتعيينه رئيسا لهيئة الأركان العامة للجيش.

 

 

وتضمنت الوثيقة عددا من البنود يتعلق بعضها بتشويه سمعة رئيس هيئة أركان الجيش، غابي أشكنازي، وعدد من الضباط الكبار الذين ينافسون غالانت ومرشحين لمنصب رئيس هيئة الأركان.

 

وكان الصحافي أمنون أبراموفيتش قد كشف النقاب عن "وثيقة غالانت"، يوم 6 آب الجاري. وفتحت الشرطة تحقيقا في القضية.

 

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية، أمس الاثنين، إلى إعلان مدير قسم المهمات الخاصة في النيابة العامة الإسرائيلية، المحامي دان إلداد، أمام محكمة الصلح في مدينة بيتاح تيكفا، أول من أمس، أنه توجد "تطورات في التحقيق، تسمح بالتقدم في اتجاهات أخرى". ويرجح أن بلاغ إلداد جاء ليقول إن الشرطة حصلت على "وثيقة غالانت"، لكن ليس واضحا ما إذا كانت قد حصلت على النسخة الأصلية أو على صورة عنها.

 

ويركز تحقيق الشرطة على ما إذا كانت الوثيقة أصلية أو مزورة. وإذا ما اتضح من التحقيق أن الوثيقة أصلية فإنه سيتم إغلاق التحقيق، ومعالجة الموضوع، وما إذا كان توجه مرشح لرئاسة هيئة أركان الجيش إلى مكتب علاقات عامة هو أمر طبيعي أم لا، على المستوى العام. أما في حال تبين أن الوثيقة مزورة فإن الشرطة ستواصل التحقيق للكشف عن المسؤول عن إصدارها وترويجها من خلال تسريب مضمونها إلى وسائل الإعلام. وسيكون بالإمكان التحقق من ذلك بواسطة استخدام أدوات مخبرية متطورة موجودة في حوزة الشرطة.

 

وفي هذه الأثناء تواصل الشرطة التحقيق وجباية الإفادات من كبار الضباط ومكتب العلاقات العامة التابع لأيال أراد، الذي كان يقدم استشارات إستراتيجية لرئيس الحكومة الأسبق، أريئيل شارون، فقد صدرت "وثيقة غالانت" على أوراق رسمية لمكتب أراد.

 

ومن الضباط الذين حققت معهم الشرطة، الناطق العسكري الإسرائيلي، آفي بنياهو. كما أنها حققت مع مستشار وزير الدفاع الإسرائيلي، يوني كورين. وذكر موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني أن المحققين حاولوا الاستيضاح من كورين حول طبيعة العلاقات بين قيادة الجيش وكبار المسؤولين في وزارة الدفاع. وتعتزم الشرطة جباية إفادات من ضباط كبار في مكتب أشكنازي، لأن الشائعات تفيد بأن "وثيقة غالانت" كانت موجودة وتتنقل بين أيدي مسؤولين أمنيين قبل وقت كبير من الكشف عنها.

 

ونقلت يديعوت أحرونوت عن ضابط كبير قوله إنه "لا يمكن الاكتفاء بمعلومة سطحية تقول إن الوثيقة أصلية أو مزورة. ينبغي البحث عن الحقيقة، وإلا فإن ظلا ثقيلا سيبقى مخيما على هيئة الأركان العامة وبإمكانه أن يشله". وتساءل الضابط "كيف بالإمكان أن نعمل فيما تسود الشكوك المتبادلة بين قادة الجيش؟".

 

وقال الضابط إنه كلما تواصل التحقيق بشأن الوثيقة، تصاعد التوتر في قيادة الجيش الإسرائيلي وارتفع عدد الضباط الذين تستدعيهم الشرطة للإدلاء بشهاداتهم. وأضاف أن "هذا يدل على وجود أكثر من شبهة بأن شيئا ما غير جيد في الوثيقة. ولو أن الوثيقة كانت مرتبطة بغالانت لكان من السهل إثبات ذلك".

 

وفي غضون ذلك تتزايد القضية تعقيدا. فقد نشرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية، يوم الأحد الماضي، أن خبير العلاقات العامة ليئور حوريف، وهو شريك أراد، قدم استشارة شخصية لقائد الجبهة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، اللواء آفي مزراحي. وهذا الأخير هو أحد المرشحين لمنصب رئيس أركان الجيش. ونفى حوريف ومزراحي التقرير.

 

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد أعلن في مطلع الأسبوع الماضي، خلال جلسة الحكومة، أنه طالب المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشطاين، بإجراء تحقيق في "وثيقة غالانت". وقال نتنياهو إنه "على ضوء النشر، أجريت مشاورات مع الوزير المسؤول عن الجيش الإسرائيلي (أي وزير الدفاع إيهود باراك) وبعد ذلك توجهت إلى المستشار القانوني للحكومة وطلبت منه التدقيق في الموضوع بأسرع وقت، وفاينشطاين قال لي إن هذا هو ما سيفعله".

 

وقال وزير الصناعة والتجارة والتشغيل بنيامين بن اليعازر في تصريحات صحافية إنه ينبغي إجراء تحقيق جذري حول ما إذا كانت "وثيقة غالانت" حقيقية أم مزيفة.

 

من جانبهما أكد كل من غالانت وأراد أن المستند مزور ونفيا علاقتهما به. وقدم أراد شكوى إلى الشرطة، يوم الأحد من الأسبوع الماضي، وطالب بالتحقيق في هوية مزور المستند، كما أن غالانت نفى أن يكون قد استأجر خدمات أراد.

 

ونصت البنود الرئيسة لـ "وثيقة غالانت" على وجوب تصوير رئيس هيئة الأركان الحالي غابي أشكنازي كمن يشعر بالإهانة من عملية تعيين خلف له في الوقت الحالي وعدم إرجاء ذلك إلى نهاية العام. كذلك تنص الوثيقة على تحسين صورة غالانت وإظهاره بصورة "إنسانية وناضجة ويتمتع بخبرة وقدرة على القيادة" في وجه التهديدات على إسرائيل. كما تنص الوثيقة على زيادة التوتر والخلافات بين غالانت وأشكنازي حول الحرب على غزة. ويذكر أن أشكنازي يعارض تعيين غالانت خلفا له. ويقضي البند الرابع في الوثيقة بأن يتم تشويه سمعة نائب رئيس هيئة أركان الجيش الحالي والمرشح لرئاسة هيئة الأركان اللواء بيني غانتس أو الاقتراح عليه تولي منصب آخر مثل رئيس الموساد أو الشاباك.

 

ولفتت صحيفة هآرتس إلى أنه منذ بدء التوتر بين باراك وأشكنازي وخصوصا بعد أحداث أسطول الحرية تم تسريب وثائق من مكتبي المسؤولين إلى وسائل الإعلام تتضمن اتهامات من جانب أحدهما ضد الآخر. وأضافت الصحيفة أنه بين المرشحين الثلاثة الأوفر حظا لمنصب رئيس هيئة أركان الجيش، وهم قائد الجبهة الشمالية، غادي آيزنكوت، وغانتس وغالانت، فإن الأخير هو الأكثر سعيا للوصول إلى المنصب، فيما يبتعد آيزنكوت عن السياسيين ومكاتب العلاقات العامة كما أن غانتس يسعى لتولي المنصب بصورة هادئة.

 

الجدير بالذكر أن لا أحد يعرف موقف باراك وهوية الجنرال الذي يعتزم تعيينه في رئاسة هيئة الأركان، بينما أشكنازي يعارض تعيين غالانت بسبب صراع بينهما حول من الذي يستحق المديح بشأن إدارة الحرب على غزة. ولم يتردد أشكنازي في الفترة الأخيرة في توجيه انتقادات لغالانت حتى بشكل علني وخصوصا فيما يتعلق بعلاقاته مع رجال أعمال ومستشارين إستراتيجيين. وقالت هآرتس إن أشكنازي انتقد مؤخرا غالانت بسبب علاقاته مع أعضاء "طاقم المزرعة" الذي كان يجتمع بصورة دائمة في مزرعة شارون ويقدم المشورة الإستراتيجية له. والجدير بالذكر أن أراد هو أحد أبرز أعضاء "طاقم المزرعة".

 

وقال الصحافي أمنون أبراموفيتش الذي كشف "وثيقة غالانت" في القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي إن "البنود الأساسية للوثيقة كانت معروفة لنا، وليس لنا فقط، منذ أسابيع. ولا تتوفر معلومات لدينا حول ما إذا أعدها مؤيدون لغالانت أم معارضون له". لكن أبراموفيتش أكد أن المصدر الذي سرب له الوثيقة هو "مصدر موثوق جدا وليست لديه مصلحة في مسألة تعيين رئيس لهيئة أركان الجيش". وكانت المحكمة في مدينة بيتاح تيكفا قد أصدرت قرارا يقضي بأن يسلم أبراموفيتش الوثيقة إلى الشرطة، لكن الشرطة أعلنت قبل يومين وجود تطورات في القضية وأنه لا حاجة لأن تتسلم الوثيقة من الصحافي.