سجل القوانين الإسرائيلي لا يتضمن تشريعاً يحظر ارتكاب جرائم حرب ويعاقب عليها باعتبارها كذلك

ارشيف الاخبار

"إسرائيل تتصرف مثل إنسان يسير في الظلمة ولديه مصباح لكنه لا يضيئه"!

 

وجه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء في الاحتياط غيورا أيلاند، الذي ترأس طاقم تحقيق شكله الجيش الإسرائيلي في الأحداث التي رافقت أسطول الحرية التركي، انتقادات إلى القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل على أدائهما في مواجهة الأسطول ونتائج العملية العسكرية ضده. وقال أيلاند في مقابلة أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت (23.7.2009) إنه "كان لدى سلاح البحرية (الإسرائيلي) شعور خاطئ بأن العملية العسكرية خاصة بهم وعملوا على تنفيذها لوحدهم". وأضاف أنه "كان عليهم أن يطلبوا من الموساد وضع عميل في السفينة (مرمرة) كما أنه كان يجب أن تقوم شعبة الاستخبارات العسكرية بدور مركزي" في مواجهة الأسطول.

 

وشدد أيلاند على أنه تعين على المسؤولين الإسرائيليين وخصوصا رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، إيهود باراك، ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، ورئيس هيئة أركان الجيش، غابي أشكنازي، ورئيس الموساد، مائير داغان، ورئيس الشاباك، يوفال ديسكين، أن "يجلسوا ويتحدثوا قبل شهرين من العملية، لكن هذا لم يحدث ولم يجر أي بحث كهذا"، في إشارة إلى أن القيادة الإسرائيلية لم تجر مداولات جدية حول اعتراض الأسطول والتعامل مع النشطاء على متنه.

ويذكر أن سلاح البحرية الإسرائيلية اعترض السفن الست التي شكلت أسطول الحرية على بعد 100 كيلومتر تقريبا من المياه الإقليمية الإسرائيلية وتم إنزال قوات تابعة لوحدة الكوماندوز البحري على سطح السفينة "مرمرة". وأطلقت قوة الكوماندوز النيران على النشطاء في أثناء عملية الإنزال ما أسفر عن مقتل 9 نشطاء وإصابة عشرات آخرين بجراح بعضها خطيرة.

وشدد أيلاند على أنه كانت هناك بدائل للسيطرة على السفينة "إذ كان بالإمكان إحضار مدافع مائية [أي خراطيم مياه] ورش الماء على سطح السفينة أو سكب خمسة أطنان من مياه البحر من طائرة مروحية" على النشطاء المتواجدين على سطح السفينة والذين حاولوا مقاومة القوة الإسرائيلية. وأضاف أن القوة الإسرائيلية "خرجت لتنفيذ العملية العسكرية من دون التفكير في أن أحدا ما في مرمرة سيستل سلاحا وسيكون مستعدا لأن يقتل".

وتابع أن اشكنازي بعث برسالة إلى نتنياهو وباراك طالب فيها الحكومة الإسرائيلية بأن تفعل كل شيء من أجل منع صعود جنود على السفينة "مرمرة". لكن أيلاند أضاف "أنا أختلف مع رئيس هيئة الأركان العامة في كل ما يتعلق بمدى ضلوع الجيش في المواضيع السياسية، فمنظور رئيس هيئة الأركان يقول: لا أريد إدخال الجيش إلى النقاشات السياسية".

وانتقد أيلاند قائد سلاح البحرية، اللواء اليعازر ماروم، بقوله إن "قائد سلاح البحرية أراد تنفيذ العملية بعيدا عن شواطئ إسرائيل لكي يكون هناك وقت كاف للرد على أية تطورات وهو لم يستغل هذا الوقت لأنه لم يُعدّ خطة بديلة". ورأى أن "الخطأ الأول الذي ارتكبته شعبة الاستخبارات العسكرية تمثل في عدم التقدير بشكل صحيح قوة وإصرار ومحفزات وأيديولوجيا منظمة IHH التي كان مندوبوها على متن المرمرة". وأضاف أنه "تعين على الجيش أن يكون أكثر تشددا وتصلبا في مطالبه وأن يطالب الموساد بالتدقيق سوية معه في اتجاهات أخرى لوقف السفينة بوسائل سرية".

وقال أيلاند في هذا السياق إن "قادة منظمة IHH وأردوغان (رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان) كانوا أعضاء في الفرع ذاته للحزب الإسلامي في اسطنبول في سنوات التسعين ولا يحتاج الأمر إلى تعقيدات للوصول إلى هذه المعلومة". كذلك انتقد أيلاند الإعلام الإسرائيلي وخصوصا العسكري وقال إنه "كانت هناك إشكاليتان في الإعلام، الأولى أن قسما من بيانات الناطق العسكري وتحرير المواد المصورة تم بصورة بطيئة جدا بسبب سلسلة مصادقات التوائية والخطأ الآخر تعلق بالتعامل مع المراسلين الأجانب". وشدد على أنه تعين على قادة العملية وقف تنفيذها بعد أن واجهت قوة الكوماندوز مقاومة على سطح "مرمرة" إذ إن "هذه ليست عملية عسكرية عليك إنهاؤها بعد دقيقة".

وفي رده على سؤال حول كيفية وجوب الاستعداد لمواجهة الأسطول قال أيلاند "أول شيء يجب منع وصول الأسطول (إلى شواطئ غزة) بطرق سياسية. والعبرة العسكرية كالتالي: عندما يكون هناك حدث معقد فإنه، إضافة إلى أنظمة القتال الاعتيادية، من المناسب القيام بعملية تفكير موازية من أجل الامتناع من التفكير الضيق الذي يؤدي إلى التمسك بخطة ليست بالضرورة هي الخطة الوحيدة المناسبة، مثلما حدث في هذه الحالة".

وخلص أيلاند إلى توجيه انتقاد شديد للغاية للأداء الإسرائيلي وقال إن "دولة إسرائيل تتصرف مثل إنسان يسير في الظلمة ولديه مصباح لكنه لا يضيئه. وبعد ذلك يتعثر بحجر ويسقط، وفقط عندما يكون أنفه مغروزا في الأرض يسأل: ’كيف أخرج من هذا الوضع؟’. هكذا نحن وهذا ما حدث مع الأسطول، فعندما وصلت السفن كانت أمامنا إمكانيتان سيئتان، إمّا إيقافها أو السماح لها بالإبحار إلى غزة، وقبل ذلك بثلاثة شهور كانت هناك إمكانيات أكثر، لكن في ذلك الوقت قررنا ألا نفعل شيئا".