اتهم مسؤولون إسرائيليون رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، بأن لديه مصلحة في تأجيل الانتخابات العامة الإسرائيلية ولذلك فإنه يعرقل المفاوضات لوقف العملية العسكرية في قطاع غزة. ونقل المحلل السياسي في صحيفة معاريف، بن كسبيت، اليوم الاثنين -12.1.2009، عن مسؤولين إسرائيليين "بعضهم سياسيون وبعضهم الآخر ليسو سياسيين" قولهم إنه "لأن لدى أولمرت مصلحة واضحة بتأجيل الانتخابات فإنه يسعى إلى عرقلة المفاوضات لوقف إطلاق النار". ويذكر أن أولمرت هو الوحيد بين القيادة الإسرائيلية الذي سيغيب عن الساحة السياسية بعد الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 10 شباط المقبل.
وأضاف المسؤولون ذاتهم إن مكتب أولمرت لم يعمل فقط على إرجاء سفر رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع، عاموس غلعاد، إلى مصر، المقرر اليوم، وإنما أساؤوا لسمعة غلعاد لدى المصريين أيضا، وعلى ما يبدو أن مكتب أولمرت سرب أقوالا باسم غلعاد مفادها أن "المصريين جيدون بالكلام لكن ليس بالأفعال". ويذكر أن غلعاد هو المسؤول الإسرائيلي الذي يفاوض مصر حول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وكتب كسبيت أنه "على الرغم من أن مكتب أولمرت أعلن أمس معارضة أولمرت لتأجيل الانتخابات، لكن الادعاءات هي أن أولمرت يواصل بدهاء بالغ دفع هدفه، وهو تأجيل الانتخابات لفترة طويلة تمكنه من تحقيق انجاز تاريخي في غزة وربما يعيد (الجندي الإسرائيلي الأسير في القطاع) غلعاد شاليت".
من جهة ثانية أفادت صحيفة هآرتس بأنه تزايدت في الأيام الأخيرة حدة الخلافات بين أولمرت وبين وزير الدفاع، ايهود باراك، ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، الذين يشكلون ما يعرف ب"المطبخ الصغير " أو "الثلاثية"، حول وقف العملية العسكرية في القطاع. وقالت هآرتس إن أولمرت يقدر أن أغلبية الوزراء الأعضاء في الحكومة المصغرة للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) يعارضون وقف العملية العسكرية. ولذلك فإنه أرجاء اتخاذ قرار بهذا الخصوص إلى حين اجتماع الكابينيت، الذي لم يحدد موعد التئامه، ما يعني أن العملية العسكرية ستستمر لعدة أيام أخرى.
وبحسب هآرتس فإن ليفني ترى أن استمرار العملية العسكرية قد يلحق ضررا "بانجازات" حققتها حتى الآن وخصوصا ما يتعلق منها بالردع. وأضافت الصحيفة أن باراك يتحفظ من توغل القوات الإسرائيلية بشكل أعمق في القطاع، وخصوصا في مدينة غزة ومخيمات اللاجئين الكبيرة، ويرى أنه ينبغي الاكتفاء بالعمليات العسكرية التي تم تنفيذها حتى الآن. ونقلت هآرتس عن مقربين من أولمرت قولهم إن غالبية أعضاء الكابينيت وقيادة جهاز الأمن، أي الجيش وأجهزة الاستخبارات، يؤيدون موقف أولمرت مواصلة العملية العسكرية كما هي جارية الآن وحتى أن قسما منهم يؤيد توسيع العملية.
وفي هذا السياق أشار كسبيت إلى أن الخلافات لا تنحصر في القيادة السياسية وإنما هناك خلافات بين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، وقائد الجبهة الجنوبية في الجيش، اللواء يوءاف غالانت، الذي يعتبر رسميا قائد العملية العسكرية في قطاع غزة. ولفت كسبيت إلى النشر في صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس، عن أن غالانت طالب أولمرت باتخاذ قرار بتوسيع العملية العسكرية البرية في القطاع. واعتبر المحلل أن "تسريب هذا الخبر يخدم شخصين هما أولمرت، الذي يريد مواصلة العملية العسكرية، وغالانت، الذي يريد أن يظهر كمن دفع باتجاه مواصلة العملية العسكرية، وخصوصا أن رئيس الوزراء القادم يرجح أن يكون (رئيس حزب الليكود اليميني) بنيامين نتنياهو".
وأضاف كسبيت أنه "ليس سرا أن أشكنازي كان عاملا يدفع باتجاه الاعتدال خلال هذه الحرب ولم يكن منفلتا، بينما يظهر غالانت، في المقابل، كمن يسعى للقتال ويدفع لمواصلته وتعميقه وتوسيعه". وتابع كسبيت حول "حرب الجنرالات" الحالية أنه "بين أشكنازي وغالانت لا تسود علاقات سوية ولا تقديرا متبادلا بينهما، إذ أن غالانت يعرف أن احتمالات توليه منصب نائب أشكنازي ضئيلة حتى الآن، ولذلك فإن غالانت بحاجة لهذه العملية العسكرية من أجل أن يظهر كمن دفع وبادر وخطط وبعد ذلك تم تغييبه على أيدي أشكنازي".
من جهة أخرى قال رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس غلعاد، لموقع يديعوت أحرونوت الالكتروني، اليوم، إنه "على ما يبدو أني لن أسافر اليوم (إلى القاهرة)". لكنه أضاف أن "هذا ليس مهما إذ أني على اتصال وثيق مع المصريين". وأضاف غلعاد أنه "في جميع الأحوال فإن الحديث لا يدور عن تهدئة... والأمر الوحيد الذي يحدد موقفنا (حيال وقف العملية العسكرية) هو ما إذا كان سيتم تطبيق أهداف إسرائيل، وهي الهدوء في الجنوب ومنع تعاظم قوة حماس في المستقبل" أي وقف إمداد الفصائل الفلسطينية في القطاع بالسلاح.
وقال غلعاد إن "معالجة منع تهريب الأسلحة عبر محور فيلادلفي هو أحد المواضيع المطروحة، ويبدو أنه سيتم حله بواسطة مساعدات تكنولوجيا يقدمها الأميركيون والألمان، لأن مصر ترفض نشر قوة دولية في أراضيها". وأضاف أنه "في هذا الموضوع بالإمكان الاعتماد اليوم أكثر على المصريين لأنه حدث لديهم تغييرا في الوعي. فبعد تعاظم قوة حماس ورفضها القدوم إلى القاهرة لإجراء محادثات أدركت مصر أن هذا (أي حماس) هو عدو قد يتحد مع أعداء داخليين مثل الأخوان المسلمين". وأردف أن "هذا التغير هو جوهري وقد يعمل في صالحنا... فمصر هي دولة شرق أوسطية بالغة الأهمية وأنا لا أدعو المبادرة المصرية (لوقف إطلاق النار في القطاع) اتفاقا وإنما تحالفا بين تطورات".