تيار الصهيونية- الدينية أمام مفترق طرق حاسم

ارشيف الاخبار

تواصل السلطات الإسرائيلية حملات هدم البيوت الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وحتى أن هذه الحملات تصاعدت في الفترة الأخيرة وخصوصا في القدس. وبلغ عدد البيوت الفلسطينية التي هدمتها إسرائيل عشرات الآلاف. لكن رئيس "اللجنة الإسرائيلية ضد هدم البيوت"، البروفيسور جيف هلبر، الذي عرفه الجمهور الفلسطيني بعد خرقه الحصار على قطاع غزة على متن سفينة "الحرية لغزة"، قال في حديث ل"المشهد الإسرائيلي"، أمس الاثنين، إن سياسة هدم البيوت العربية داخل الخط الأخضر واسعة للغاية، وحتى أن عدد البيوت التي تم هدمها، العام الماضي، كان ثلاثة أضعاف البيوت التي تم هدمها في الضفة الغربية.

 

(*) ما هو الوضع بالنسبة لسياسة هدم البيوت التي تمارسها السلطات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وداخل الخط الأخضر؟

هلبر: "بودي القول بداية، أنه منذ العام 1967 هدمت إسرائيل أكثر من 24 ألف بيت في الأراضي المحتلة، بما في ذلك في القدس. وما ينبغي قوله إن هناك عمليات هدم بيوت للعرب أوسع داخل إسرائيل. وخلال العام الماضي، هدمت إسرائيل بيوتا عربية داخل إسرائيل يعادل عددها ثلاثة أضعاف عدد البيوت التي هدمتها في المناطق الفلسطينية. وهكذا، فإنه إذا نظرنا إلى الوضع، ليس منذ العام 1967 وإنما منذ العام 1948، فإننا سنجد أنه توجد هنا حملة تطهير عرقي واضحة. ورسالة إسرائيل بواسطة هذه السياسة إلى الفلسطينيين عموما وبصورة جماعية هي أنه ’ليس لديكم حق ببيت هنا’، والمقصود هو بيت قومي للشعب الفلسطيني. وعلى المستوى الفردي، فإن رسالة إسرائيل للفلسطينيين هي أنه ليس لديكم شيئا هنا، وانسوا أنه سيكون لديكم بيت، خاص وقومي، هنا. فإذاً رسالة إسرائيل للفلسطينيين هي: أخرجوا من هنا، كجماعة وكأفراد. ولذلك فإننا نعتقد أن سياسة هدم البيوت موجودة في لب الصراع، لأنها تعبر عن طرد كامل للشعب الفلسطيني وللفلسطينيين كأفراد من البلاد. ولهذا السبب أعتقد أن ثمة أهمية بالغة للتركيز على هذه السياسة. وهذا لا ينطبق على المناطق الفلسطينية فقط وإنما هذه السياسة متبعة في جميع أنحاء البلاد.

""كذلك تمارس إسرائيل سياسة هدم البيوت خلال العمليات العسكرية التي تشنها ضد الفلسطينيين. فمثلا عندما غزا الجيش الإسرائيلي قطاع غزة تم هدم ما يقارب أربعة آلاف بيت. وعندما غزت إسرائيل جنين، في العام 2002، تم هدم حوالي 500 بيت. وكل ذلك يتم بحجة الأهداف العسكرية، لكن هناك بيوت كثيرة يتم هدمها خلال عمليات عسكرية".

(*) هل يتم في مقابل ذلك تنفيذ عمليات هدم بيوت ضد اليهود، بسبب بناء غير مرخص مثلا؟

هلبر: "لا. لا يوجد أمر كهذا، لا داخل إسرائيل ولا في المستوطنات. وحتى أنهم لا يهدمون أي شيء في البؤر الاستيطانية العشوائية [التي تصفها إسرائيل بغير القانونية]. وفيما يتعلق باليهود فإن هناك عمليات تخطيط البناء، ويوجد خرائط هيكلية والدولة تهتم بإقامة بلدات ومستوطنات. وليس على اليهود أن يقلقوا فيما يتعلق بالسكن. والمشكلة هي أن الفلسطينيين يحاولون بناء بيوت في أراضيهم الخاصة بينما ترفض السلطات الإسرائيلية المصادقة على ذلك. كذلك فإنها لا تصادق على خرائط هيكلية للتجمعات السكانية الفلسطينية، ولا حتى في الكثير من البلدات داخل الخط الأخضر. أي أنه يوجد هنا تمييز واضح جدا. والدولة تستخدم التخطيط كأداة لممارسة التمييز. ففي هذه الحالة إسرائيل لن تضطر إلى القول إننا نميز ضد العرب ونهدم فقط بيوتهم. وإنما تستخدم ذريعة تخطيط البناء وأن أراضي الفلسطينيين مُعرّفة على أنها أراض زراعية، أو منطقة خضراء ومفتوحة، ممنوع البناء فيها. وبذلك توفر إسرائيل الذريعة لنفسها للإدعاء بأن عمليات هدم البيوت تتم بموجب القانون. أما في الجانب اليهودي فإن الحكومة توفر الأراضي وتصدر تصاريح بناء ولا تفعل ذلك في الناحية الفلسطينية. وهذا الوضع يسري على أماكن عديدة في إسرائيل بينها النقب مثلا. والسكان العرب في إسرائيل يملكون الآن 6% من الأراضي في إسرائيل بما في ذلك أراضي البدو في النقب. لكن بسبب قيود تفرضها مخططات البناء فإنه بإمكان العرب أن يعيشوا في 3.5% فقط من الأراضي في إسرائيل. أي أن 96.5% يحظر على العرب العيش أو البناء فيها. وهذا يعني أنه يتم فرض قيود على 20% من السكان بالعيش في 3.5% من الأراضي. وهناك حوالي 40 ألف بيت في البلدات العربية، خصوصا في القرى العربية غير المعترف بها في النقب، مهددة بالهدم. وهذه بيوت تابعة لمواطنين إسرائيليين. لكن لم يحدث أن تم هدم بيت ليهودي، ونادرا ما تم هدم إضافات بناء إلى بيوت، مثل شرفة أو كوخ صغير".

(*) هدم البيوت خلال الحرب، مثلما فعلت إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل واسع، يعتبر جريمة حرب وفقا للقانون الدولي. هل القانون الدولي يسري على هدم البيوت في غير أوقات الحرب؟

هلبر: "هدم البيوت تعتبر جريمة حرب وفقا للقانون الدولي عندما يتم تنفيذ ذلك في مناطق خاضعة للاحتلال. الوضع مختلف داخل إسرائيل. وأعتقد أن سياسة هدم البيوت داخل إسرائيل هي جريمة بحق البشرية. لكن في المناطق الفلسطينية يوجد حالة حرب متواصلة، لأن الاحتلال يعتبر حالة عسكرية، ولا يمكن تحويله إلى حالة طبيعية. لذلك فإن كل شيء يتم تنفيذه يعتبر عمل حربي في المناطق الخاضعة للاحتلال، ويتعارض بالطبع مع القانون الدولي الذي يحظر على دولة الاحتلال أن تهدم بيوت أو أن تنقل سكانها إلى المنطقة الخاضعة للاحتلال. بل على العكس، القانون الدولي ينص على أن المحتل مسؤول عن أمن ومصالح السكان الخاضعين تحت الاحتلال. وحتى أن إسرائيل لا تملك أية صلاحية، وفقا للقانون الدولي، أن تنفذ عمليات تخطيط بناء في المناطق الفلسطينية. لأنه يحظر على دولة الاحتلال فرض قوانينها على المنطقة الخاضعة للاحتلال".

(*) هل تمارس إسرائيل سياسة هدم بيوت من أجل إقامة مستوطنات أو توسيع مستوطنات؟

هلبر: "نعم. فقدم تم نقل الكثيرين من أبناء قبيلة الجهالين من أجل إقامة مستوطنة معاليه أدوميمن وبعد ذلك من أجل توسيعها أيضا. ويجب أن ندرك أن المستوطنات ليست البيوت فقط وإنما تشكل الشوارع الموصلة إليها والأسوار المحيطة بها. ففي حي بيت حنينا مثلا، سيتم شق شارع يوصل بين [الحيين الاستيطانيين] راموت وبسغات زئيف. وهذا الشارع هو جزء من مستوطنة أيضا. ولهذا السبب يتم هدم عدد كبير من البيوت في بيت حنينا من أجل إخلاء مسار هذا الشارع. كذلك تم هدم بيوت في حي العيزرية من أجل شق شارع إلى [مستوطنة] بيت زيتيم أو لأن هذه البيوت قريبة جدا من المستوطنة أو السور [أي الجدار العازل]. والآن يشقون في القدس مثلا ’شارع الحلقة الشرقية’ وهو شارع يشق القدس الشرقية. وهناك عشرات البيوت إن لم يكن المئات التي سيتم هدمها".

(*) السلطات الإسرائيلية تستخدم ذريعة البناء غير المرخص لهدم البيوت في القدس، لكن هل يتم هدم بيوت تم بناؤها بموجب تصاريح بناء؟

هلبر: "هذا يحدث أيضا. فهم في حالة شق الشوارع مثل، يهدمون بيوتا بذريعة مصلحة الجمهور. فقد تم هدم بيوت قانونية في أحياء مثل أم طوبا وصور باهر والطور".

(*) هذا يؤكد أن إسرائيل مستمرة في مصادرة أراضي الفلسطينيين رغم زعمها أنها توقفت عن القيام بذلك؟

هلبر: "لم أسمع تعهدا كهذا، لكن قبل شهرين فقط تمت مصادرة أراض تعادل مساحتها 2% من مساحة الضفة الغربية. وأنا أتحدث هنا عن مصادرة منطقة تقع عند الضفة الشمالية للبحر الميت. وقد أعلنت حكومة إسرائيل عن مصادرتها، قبل شهرين. وهذه منطقة تابعة للضفة الغربية. وفي الغالب تعطي إسرائيل سببا إيجابيا لعمليات المصادرة، مثل تنفيذ أعمال للصالح العام".

(*) أنت شاركت في اقتحام الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، عندما وصلت على متن سفينة الحرية الأولى إلى غزة، مع نشطاء سلام آخرين. ما هو انطباعك من هذه الزيارة لغزة؟

هلبر: "الزيارة كانت مثيرة للغاية وكنت الإسرائيلي الوحيد في السفينة. وكان جميع من استقبلونا في غزة مسرورين برؤيتي. وكانت الرسالة التي حملتها من هناك أنه بالإمكان صنع السلام العادل إذا تم الحفاظ على حقوق الفلسطينيين، وخسارة أن كل محاولات حكومة إسرائيل تنحصر في إظهار الفلسطينيين كمخربين وأعداء، وهذه مزاعم غير صحيحة وهدفها أن إسرائيل لا تريد التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين فيما يتعلق بالأرض. وقد أيقنت مجددا خلال زيارة غزة أن الفلسطينيين يعانون، من الهجمات الإسرائيلية ومن هدم بيوتهم وغير ذلك، لأن إسرائيل لا تريد التوصل إلى تسوية، ولا يوجد أي سبب سياسي حقيقي يجعل إسرائيل تهدم البيوت".