بادر الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، ووزير الدفاع، ايهود باراك، إلى طرح مبادرة جديدة لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية وتقضي في المرحلة الأولى بقيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة في نصف الضفة الغربية، فيما تشمل المرحلة الثانية مفاوضات على الحل الدائم تشمل ضمانا أميركيا للفلسطينيين بإنهاء المفاوضات خلال فترة محددة وضمانا لإسرائيل بأن يعترف الفلسطينيون بيهوديتها. وذكرت صحيفة معاريف، التي كشفت عن المبادرة الجديدة، اليوم الخميس – 19.11.2009، أن التقديرات تشير إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مطلع على المبادرة وأنه تم تحريكها بعد موافقته عليها.
ووفقا للصحيفة فإن المؤسسة السياسية الإسرائيلية تعمل في هذه الأثناء في جبهتين موازيتين هما "الخطة الكبيرة" و"الخطة الصغيرة". وقد كشف الوزير الإسرائيلي السابق، يوسي بيلين، خلال حفل في منزل السفير الفرنسي في تل أبيب، أمس، عن الخطة الصغرى وهي أن نتنياهو سوف يعلن في الأيام القريبة المقبلة عن تجميد أعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية وليس في القدس الشرقية لمدة عشرة شهور. ونقلت معاريف عن بيلين قوله إن الأميركيين سيرحبون بالتجميد ويؤكدون على أنهم لا يوافقون على البناء في المستوطنات في القدس، لكنهم رغم ذلك سيدعون إلى استئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين فورا بينما السلطة الفلسطينية، وفقا لبيلين، لن تتمكن من الموافقة على هذه الخطوة التي تعني موافقة دولية على استمرار البناء في القدس وسوف تنهار السلطة على أثر ذلك.
أما الخطة الكبرى التي كشفت عنها معاريف اليوم فتقضي بقيام دولة فلسطينية مستقلة بحدود مؤقتة في نصف مساحة الضفة الغربية وأكثر بقليل من المساحة التي تخضع للسلطة الفلسطينية اليوم. وفي موازاة ذلك سيحصل الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني على رسالتين من الإدارة الأميركية تتضمن ضمانات، وسيحصل الفلسطينيون بموجبها على ضمانات بإنهاء المفاوضات خلال فترة زمنية محددة، تتراوح بين عام ونصف العام وعامين، وأن تقام الدولة الفلسطينية في نهاية المطاف على مساحة تساوي المساحة التي كانت لدى الفلسطينيين قبل حرب العام 1967، في إشارة إلى إمكانية تبادل أراضي.
وستحصل إسرائيل على ضمانات تتعلق بالاعتراف بطابعها اليهودي وبذلك يتم رفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وبترتيبات أمنية بينها جعل منطقة الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح. وأشارت معاريف إلى أن المشاكل في هذه الخطة كثيرة وخصوصا أن الفلسطينيين لا يوافقون عليها والأميركيين لم يقتنعوا بها. ويشار إلى أن خطة بيرس وباراك مثلما وردت في معاريف لا تتطرق إلى القدس الشرقية في إطار تسوية إقليمية باستثناء استمرار البناء في المستوطنات. وعقب مكتب نتنياهو على تقرير معاريف بالقول إنه "يتم طرح أفكار سياسية مختلفة لكن لم يتم اتخاذ قرارات بشأنها".
واضافت الصحيفة أن وزير الخارجية الفرنسي، برنارد كوشنير، الذي يزور إسرائيل حاليا اقترح مسارا يقضي بتجميد البناء في المستوطنات وبضمنها في القدس الشرقية بشكل مطلق ولمدة ثلاثة شهور ويتم بعدها استئناف المفاوضات.
ويمارس بيرس وباراك، اللذان باتا مقتنعين بفكرة قيام الدولة الفلسطينية المؤقتة في مرحلة أولى، ضغوطا على الإدارة الأميركية لتوافق على خطتهما. كما أن تواجد عضو الكنيست شاؤل موفاز ليعرض خطته السياسية المشابهة لخطتهما ستساعدهما على إقناع الإدارة الأميركية بها. ويذكر أن خطة موفاز تقضي بقيام دولة فلسطينية بحدود مؤقتة في 60% من الضفة الغربية واستئناف المفاوضات حول قضايا الحل الدائم لمدة عام يتم في نهايتها قيام دولة فلسطينية بحدود دائمة في معظم الضفة مع إمكانية تبادل اراضي لتوازي مساحة الدولة الفلسطينية مساحو الضفة الغربية.
ونقلت معاريف عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن جهود بيرس وباراك لإقناع الأميركيين بخطتهما تجري بعلم نتنياهو. وتساءلت معاريف حول ما إذا كانت حقيقة معرفة نتنياهو بجهود بيرس وباراك تعني موافقته على خطتهما أم أنه سيتراجع عنها في اللحظة الأخيرة ويفشل المبادرة.
وتطرقت الصحيفة إلى توازن القوى في هيئة "السباعية" الوزارية وهي مركز صناعة القرار الإسرائيلي وقالت إن باراك ووزير شؤون المخابرات دان مريدور يؤيدان الخطة السياسية الجديدة بينما يعارضها الوزراء بيني بيغن وموشيه يعلون ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وفي حال أيدها نتنياهو فإن موقف رئيس حزب شاس إلياهو يشاي سيكون المقرر. ونقلت معاريف عن يشاي قوله في اجتماعات مغلقة مؤخرا إن شاس ستقف إلى جانب نتنياهو في حال قرر الذهاب إلى مفاوضات سياسية وعملية سياسية حقيقية.