شلومو ساند: "الصهاينة الجدد" اخترعوا "أرض إسرائيل" كمصطلح جيو - سياسي عصري

على هامش المشهد

 

 

 


نحو نصف اليهود الأميركان علاقتهم ضعيفة- منقطعة عن الأطر اليهودية

 

 

 

 

 


*يخصص تقرير معهد سياسة الشعب اليهودي حيزا كبيرا لمسألة الانتماء "للهوية اليهودية" في الولايات المتحدة *استطلاع: 20% من اليهود الأميركان يعتبرون أنفسهم من دون ديانة بينما 30% من الذين يعتبرون أنفسهم يهودا خارج أي تيار أو إطار يهودي *نسبة الزواج المختلطة بين هاتين المجموعتين تصل إلى 70% *ارتفاع نسبة الابتعاد عن اليهودية بين الأجيال الناشئة *توصية ببذل جهود كبيرة للجم ظاهرة "عدم الانتماء" و"عدم الشعور تجاه إسرائيل" خاصة بين الأجيال الناشئة*

 

 

 


كتب برهوم جرايسي:

 


يخصص تقرير "معهد سياسة الشعب اليهودي"، كما في غالب التقارير السنوية السابقة، حيزا لمسألة مدى انتماء أبناء الديانة اليهودية في أوطانهم، لديانتهم وللأطر اليهودية، ومنها تلك التابعة للحركة الصهيونية، ومجموعات الضغط المساندة لها، وأيضا مدى اهتمامهم بإسرائيل من كل النواحي.

 

 

وكانت تقارير سابقة قد حملت نتائج استطلاعات حول هذه المسألة، ومن أبرز ما بيّنته هو الابتعاد المتزايد للأجيال الناشئة عن الاهتمام باليهودية وبإسرائيل. ويشير التقرير الحالي إلى وجود هذه الظاهرة، ولكن من دون عرض معطيات كما كان سابقا.

 

 

 

وجاء في المقدمة، "يتركز التقرير الحالي في مسألة الانتماء "لدى الشعب اليهودي في الشتات وإسرائيل" بشكل عام، ولكنه يتركز في هذا التقرير بأكبر تجمعين الولايات المتحدة وإسرائيل، "إذ أن هناك فوارق هامة بين الجمهورين، في مبنى الهوية اليهودية، وبالمعايير غير المكتوبة، المتعلقة بالفكرة حول الهوية اليهودية، وتطبيقها على أرض الواقع، وتؤدي هذه الفوارق، إلى أنه في أحيان كثيرة، فإن اليهود الإسرائيليين واليهود الأميركان لا يفهمون على بعضهم".

 


ويطرح التقرير مجددا، مسألة من هو يهودي، وهي مركز جدل تاريخي ويحتد في أحيان كثيرة، بين التيارات الدينية المختلفة، ويُحذر التقرير من حالة التّصلب التي تبديها المؤسسة الدينية اليهودية في إسرائيل، تجاه التيارات الاصلاحية، ورفض كل عمليات التهويد التي تقوم بها، ويدعو إلى أن تبدي إسرائيل تفهما أوسع للتيار الاصلاحي المنتشر في الولايات المتحدة، "مشيرا بايجاب" إلى أن إسرائيل، ولأول مرّة في تاريخها، بدأت في مطلع العام الجاري، تدفع رواتب لأربع حاخامين (ربانيم) اصلاحيين.

 

 

 

ويشرح التقرير الرؤية اليهودية لكيان إسرائيل وارتباطه بالتوراة، الأمر الذي يجعل الاهتمام بإسرائيل مقياسا لمدى الانتماء للهوية اليهودية. كما يستعرض ما أسماه توق اليهود لقيام إسرائيل، التي حسب التوراة، يقيمها المسيح، حين يأتي لأول مرّة إلى العالم. وجاء في التقرير "إن الوحدة الجماعية، حول الهوية اليهودية، بدأت تتراجع مع ظهور المجتمعات العصرية، والمتغيّر الأول كان بفصل الهوية الدينية عن الهوية المدنية والقومية، فكلما تحوّل اليهود إلى مواطنين في دول الشعوب الغربية العصرية، زادوا من تماثلهم السياسي والوطني مع الدول التي يقيمون فيها، وليس مع مملكة المسيح العتيدة (مملكة إسرائيل)، ومن ناحية الدولة التي يعيشون فيها، فهم حافظوا على هويتهم اليهودية، فقط من الناحية الدينية، وتبنوا هوية "ألمان أو فرنسيين أبناء دين موسى"، ولكن الهوية القومية الاثنية لليهود لم تختف كليا، وظهرت بالشكل الذي يلائم مكانتهم كموطنين في الدول الجديدة".

 

 


تنامي الابتعاد عن اليهودية في الولايات المتحدة

 

 

 

ويقول التقرير إنه قبل عقود لم يسع اليهود في دولهم إلى تأطير أنفسهم في أطر ذات طابع سياسي خاص بهم، نتيجة عوامل عديدة، "إلا أنه بعد الحرب العالمية الثانية، وحينما بدأ يشعر اليهود بأنهم بأمان أكثر، بدأت المجموعات اليهودية، خاصة في الولايات المتحدة، بإقامة أطر سياسية ومجموعات ضغط (لوبي)". ويعتبر التقرير أن أبرز معالم تطور هذه الأطر، هو ظهور منظمة "إيباك"، الجامعة لقسم كبير من التنظيمات اليهودية في الولايات المتحدة.

 

 

 


ويعتقد التقرير أن غالبية اليهود في الولايات المتحدة، بقصد أولئك المعترف بيهوديتهم أساسا، هم أعضاء في أطر كهذه أو تلك من الأطر اليهودية، أو يعبّرون عن انتمائهم "الديني والإثني".

 

 

 


ويؤكد التقرير أنه في كل الدول الأوروبية وفي أميركا اللاتينية ينعم اليهود بمواطنة كاملة، وعلاقة مباشرة مع الدول، وفي هذه الدول أيضا، هناك انتماء قومي بارز لدى غالبية تلك الشعوب، ولهذا نرى أن لدى المجموعات اليهودية في تلك الدول شعورا قويا بالانتماء لليهودية، بينما في الولايات المتحدة الأميركية، فإن الانتماء القومي العام أضعف، "فالهوية الأميركية ترتكز في الأساس على الالتزام بالقيم الأميركية، وبطريقة الحياة الأميركية، وهذا ما شجع اليهود هناك على الاندماج أكثر في المجتمع، وعلى الزواج المختلط".

 

 

 


ويقول معهد "بيو"، الذي أجرى استطلاعا واسعا في العام الماضي حول عدد اليهود في الولايات المتحدة، ومدى انتمائهم (المعطيات في القسم عن أعداد اليهود في هذه الصفحة)، إن 80% من اليهود البالغين، المعترف بيهوديتهم حسب الشريعة، يُعبرون بدرجة عالية أو أقل عن انتمائهم لليهودية، وإنهم يعيشون في بيئة يهودية، ومحيطهم القريب بغالبيته من اليهود، وبينهم نسبة الزواج المختلط هي 34%. ويقول 71% إن لديهم شعورا بالمسؤولية تجاه اليهود، وعبّر 76% عن مشاعرهم تجاه إسرائيل، وقال 91% (من الذين لديهم مشاعر تجاه إسرائيل) إن الاهتمام بإسرائيل هو جزء جوهري من انتمائهم لليهودية.

 

 

 


إلا أن الاستطلاع ذاته، الذي يقتبسه كثيرا تقرير "معهد سياسة الشعب اليهودي"، أظهر أنه على الرغم من تلك المعطيات فإن الغالبية الساحقة من الأميركان اليهود المعترف بيهوديتهم ليسوا متدينين. ففي رد على سؤال إلى أي مدى مهم لهم أسس الدين، مثل الله، والحياة الآخرة، والقيام بالشرائع اليهودية، أجاب 31% بأن الأمر مهم لهم، علما أن 10% من اليهود في الولايات المتحدة هم متدينون محافظون، بمعنى حسب هذا الاستطلاع فإن 25% من اليهود من غير المحافظين، مهتمون بالشؤون الدينية، مقابل 56% من الشعب الأميركي عامة، يؤمن بالأسس الدينية، وترتفع النسبة بين الأميركان المسيحيين إلى 69%، حسب الاستطلاع ذاته.

 

 

 


ويرى تقرير "معهد سياسة الشعب اليهودي" أن إحدى الرسائل المركزية التي يبثها استطلاع معهد "بيو"، هو أن 20% من الأميركان اليهود البالغين يعتبرون أنفسهم من دون ديانة، وهم ليسوا على علاقة باليهودية، أو أن العلاقة ضعيفة جدا ومتأرجحة، ويرى 80% أنه لا مشكلة لديهم بالزواج من غير اليهود، وأن يكون أبناؤهم ليسوا يهودا. ويقول التقرير إن اليهود الذين يعلنون أنهم من دون ديانة، يشكلون اليوم 22% (حسب تقدير المعهد) من اليهود البالغين عامة، ولكن هذه النسبة ترتفع إلى 33% بين الأجيال الناشئة الجديدة من اليهود.

 

 

 


ويضم التقرير إلى هذه المجموعة، التي تعتبر نفسها من دون ديانة، اليهود الذين لا ينتمون إلى أي تيار أو إطار جامع لليهود، وهم يشكلون 30% من اجمالي اليهود، فلدى هذه المجموعة تصل نسبة الزواج المختلط إلى نحو 69%، كما أن 13% من هذه المجموعة ترى أهمية بأن يكونوا جزءا من "الجالية اليهودية"، حسب تعبير التقرير، و"فقط" 31% يبدون اهتماما كبيرا بإسرائيل.

 

 

 


وهذه المعطيات المتعلقة بالمجموعتين الأخيرتين تعزز استنتاجات تقارير واستطلاعات سابقة، بأن نحو نصف الأميركان اليهود، ليسوا على علاقة بالمؤسسات اليهودية الدينية والسياسية- الصهيونية، وبين هؤلاء النسبة الأكبر للزواج "المختلط" مع الأديان الأخرى، وتصل إلى 70%، وبين اليهود الأميركان عامة 50%، وكانت عدة جهات قد أعربت مرارا عن قلق الحركة الصهيونية من هذه الظاهرة المتسعة.

 

 

 


ويضع التقرير سلسلة من التوصيات، منها للحكومة الإسرائيلية، وأخرى للأطر اليهودية، والوكالة اليهودية- الصهيونية، للجم ظاهرة الابتعاد عن اليهودية، وتعزيز الروابط مع اليهود، وتوسيع انتشار المدارس والمعاهد اليهودية في دول العالم، التي فيها مجموعات من أبناء الديانة اليهودية.

 

 

 


إن القلق المركزي لدى الحركة الصهيونية وإسرائيل من ظاهرة تراجع الشعور بالانتماء لليهودية أنها تشكل خلفية قوية لشبه انعدام الاستعداد للهجرة إلى إسرائيل، بين أولئك الذين يبتعدون عن اليهودية، ليضاف هذا السبب القوي إلى السبب المركزي الآخر، وهو أن 90% من أبناء الديانة اليهودية في العالم يعيشون في دول مستوى المعيشة فيها وظروفها أفضل بكثير مما هي في إسرائيل.

 

 

 


الهجرة إلى إسرائيل

 

 

 

 

 

 

 


ويقول تقرير "معهد سياسة الشعب اليهودي" إن عدد الذين هاجروا إلى إسرائيل في العام الماضي 2013، كان 16882 مهاجرا، وهذا العدد يقل بنحو 2300 مهاجر عما أعلنته وزارة الهجرة والاستيعاب الإسرائيلية في نهاية العام الماضي.ولم يوضح التقرير الفجوة الظاهرة في العدد، وأحد التفسيرات هو أن عددا من المهاجرين قد غادروا بعد وقت قصير من وصولهم إلى إسرائيل، علما ان هذا ليس أول تناقض في المعطيات، يظهر من احصائيات وزارة الهجرة الإسرائيلية، وتقارير أخرى صادرة في إسرائيل، فعادة ما تكون معطيات الوزارة، أعلى من غيرها!.

 

 

 


وتشهد الهجرة إلى إسرائيل في السنوات الثماني الماضية تراجعا كبيرا، قياسا بما كان في سنوات الألفين الأولى، بينما لا مجال للمقارنة مع ما كان في سنوات التسعين من القرن الماضي، حين بلغ معدل الهجرة حوالي 100 ألف مهاجر سنويا، أما في السنوات الثماني الأخيرة فقد تراوح عدد المهاجرين سنويا، ما بين 13500 إلى 16900 مهاجر، وهذا عدد لم يعد "يكفي" لمنع ارتفاع نسبة الفلسطينيين في إسرائيل، الذين ارتفعت نسبتهم من حوالي 8ر16% في العام 2005 إلى قرابة 9ر17% في العام الماضي 2013، وهذه نسبة لا تشمل فلسطينيي القدس وسوريي الجولان، الذين تدمجهم إسرائيل ضمن سجل السكان لديها.

 

 

 


وبرزت في العام الماضي الهجرة من فرنسا، التي بلغت أقل من 4300 مهاجر، وهو عدد غير مسبوق، مع أعداد المهاجرين من فرنسا في السنوات الأخيرة، وتعزو أوساط إسرائيلية هذا الارتفاع الحاد إلى ما تدعيه إسرائيل والصهيونية من تنامي الأجواء المناهضة لإسرائيل، وبالتالي لليهود في فرنسا، والدعاية الترهيبية المكثفة التي تجريها الوكالة اليهودية وأذرعها في فرنسا، وتتوخى إسرائيل والوكالة أن تكون فرنسا مصدر هجرة اكبر لإسرائيل.

 

 

 


كذلك، بقيت الجمهوريات السوفييتية السابقة في مقدمة الدول التي يخرج منها مهاجرون إلى إسرائيل، إذ بلغ عددهم في العام الماضي، أكثر من 7200 مهاجر، وحسب تقارير سابقة، فإن 60% من المهاجرين في العام الماضي، كانوا حتى عمر 34 عاما، 33% ما بين 18 إلى 34 عاما، و27% ما دون 18 عاما، كما أن 700 من المهاجرين كانوا أطباء، أو حملة شهادات تتعلق بالمجال الطبي والعلاجي.