صاحبة إحدى المدونات الصحافية المهمة: أوضاع الصحافة في إسرائيل ستكون أسوأ في حال فوز الليكود

على هامش المشهد

 

 

 

وحدة الاستيطان في الهستدروت الصهيونية العالمية تعمل كـ"خزينة خاصة وسرية" لليمين الإسرائيلي الاستيطاني

 

 

 

 

*هذه الوحدة تقوم سراً بتحويل مساعدات مالية عامة ضخمة لحساب شبكة واسعة من الجمعيات اليمينية- الدينية التوراتية التي لا توجد لأنشطتها أي علاقة بالأهداف والمهام الموكلة إلى الوحدة ذاتها*

 

 

 

توطئة

تستقطب أنشطة "وحدة الاستيطان" العاملة في إطار الهستدروت الصهيونية العالمية اهتماما متزايدا، وانتقادات متصاعدة في الفترة الأخيرة، سواء على المستوى الشعبي أو على المستوى السياسي.

وفي هذه الأيام التي يبدي فيها الجمهور الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى، اهتماما كبيرا بالسؤال "أين تذهب الأموال؟!" يتضح أن هذه "الوحدة" تشكل مثالا سافرا على الطريقة التي تخفي فيها الجهات الحكومية بشكل متعمد ومنهجي عن المواطنين الإسرائيليين أوجه التصرف بأموال الضرائب التي يدفعونها، بل وتستغل لأغراض واستخدامات تحوم شكوك كبيرة حول قانونيتها. فعلى الرغم من أن ميزانية "وحدة الاستيطان" تعتمد أساسا على أموال عامة، إلا أنها ترفض الإعلان عن ميزانيتها الحقيقية الكاملة، ومصير وأوجه إنفاق مئات ملايين الشواكل التي تحول إليها سنويا من خزينة الدولة، ومن هنا فإن أنشطة "الوحدة" لا تخضع لأي نوع من الرقابة، البرلمانية والعامة أو حتى الإعلامية.

وتبين المعطيات والاستنتاجات التي توصل إليها التحقيق الذي أجراه مؤخراً "مولاد- المركز لتجديد الديمقراطية في إسرائيل"، بصورة جلية، أن "وحدة الاستيطان" أضحت بمثابة "الخزينة الخاصة والسرية لليمين الاستيطاني"، والتي تستخدمها الأحزاب المتماثلة مع المشروع الاستيطاني، وفي مقدمها حزبا "البيت اليهودي" و"إسرائيل بيتنا" بهدف دفع وتعزيز مشاريع الاستيطان والتوسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وفي توطيد القاعدة السياسية والأيديولوجية لهذا اليمين الاستيطاني في سائر أنحاء الدولة. ويكشف التحقيق في هذا السياق عن أن "وحدة الاستيطان" تقوم سرا بتحويل مبالغ (مساعدات) مالية ضخمة لحساب شبكة واسعة من الجمعيات اليمينية – الدينية التوراتية، والتي لا توجد لأنشطتها أية علاقة بالأهداف والمهام الموكلة إلى وحدة الاستيطان ذاتها. ويبين التحقيق أن العديد من رؤساء هذه الجمعيات اليمينية – الدينية يشجعون علنا أنشطة عناصر المجموعة اليمينية السرية "جباية الثمن" ومن ضمنها تلك الهادفة إلى منع اخلاء مواقع استيطانية غير قانونية، ويمارسون التحريض ضد السكان العرب في إسرائيل، وينادون بإخضاع الدولة إلى قوانين وأحكام الشريعة الدينية اليهودية، ويعملون من أجل دفع مخططات إعادة بناء الهيكل.

 


خلفية

 


تأسست "وحدة الاستيطان" في أواسط ستينيات القرن الماضي بقرار من رئيس الحكومة الإسرائيلية ليفي أشكول، وذلك كهيئة تعمل في إطار الهستدروت الصهيونية العالمية. وقد عملت "الوحدة" لغاية العام 1992 في موازاة شعبة الاستيطان التابعة للوكالة اليهودية، تحت إدارة مشتركة، غير أنه تقرر في العام 1993 فصل الهيئتين، لتباشر "وحدة الاستيطان" العمل كوحدة مستقلة، وكذراع تنفيذية للحكومة في مجال البناء، سواء داخل "الخط الأخضر" أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967، وتتلقى "الوحدة" ميزانيتها الأساسية من خزينة الدولة.

 


وقد كان الهدف الرئيس المعين للوحدة "دعم وتعزيز مناطق الهامش في دولة إسرائيل عن طريق اقامة تجمعات قروية وتوطيدها في سائر مجالات الحياة، والعمل على تطوير عوامل إقليمية تساعد في إقامة مناطق استيطانية ذات أساس اقتصادي واجتماعي متين".

 


ونظرا إلى أن "الوحدة" تعمل أساساً في إطار الهستدروت الصهيونية العالمية، التي تعتبر هيئة غير حكومية، فإن قانون حرية المعلومات لا يسري عليها. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن رئيس الهستدروت الصهيونية العالمية الحالي هو أبراهام دوفدفاني، المتماثل مع حزب "البيت اليهودي". كما أنه أحد ممثلي الصهيونية الدينية في الهستدروت الصهيونية العالمية. وقد أشغل دوفدفاني في الماضي منصب السكرتير العام لحركة "بني عكيفا" العالمية التابعة لحزب المتدينين الوطنيين (المفدال) ومنصب رئيس وحدة الاستيطان ذاتها.

 


ويترأس "الوحدة" منذ العام 2010 - الذي انتقلت فيه رئاستها إلى الكتلة اليمينية في الهستدروت الصهيونية العالمية، والمكونة من ممثلي حزبي "إسرائيل بيتنا" و"البيت اليهودي" – داني كريتسمان، المقرب من وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، والذي انتسب في العام 2012 إلى حزب هذا الأخير ("إسرائيل بيتنا") وأيده علنا. كذلك فإن مدير عام "الوحدة" المحامي يارون بن عزرا، تولى هذا المنصب في إطار تعيين سياسي من جانب ليبرمان، وقد مثل بن عزرا حزب "إسرائيل بيتنا" في لجنة الانتخابات المركزية.

 


وقد جرت في الأعوام الأخيرة محاولات عديدة ومتكررة للكشف عن الميزانية الحقيقية لـ "وحدة الاستيطان" وإخضاعها للرقابة والشفافية، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل، وذلك على الرغم من أن المسؤولية المباشرة عن عملها انتقلت قبل عدة سنوات إلى مكتب رئيس الحكومة.

 


يحاول هذا التحقيق، تسليط أضواء كاشفة على أوجه وآلية إنفاق ميزانية مساعدات "وحدة الاستيطان" وما يعتريها من غموض وخلل وتجاوزات للقوانين.

 

 

 

تحليل "ميزانية المساعدات"

يفصل التحقيق حجم المساعدات المالية التي من المفترض أن تقدمها "وحدة الاستيطان" خلال العام الجاري (2014)، وذلك كما وردت في سجلات المحاسب العام في وزارة المالية، لغاية شهر حزيران 2014. وقد بلغ اجمالي المساعدات حتى هذا الموعد 432,202,043 شيكل. ولا يتناول هذا المبلغ الإجمالي الميزانية الكاملة للوحدة، نظرا لأن رؤساءها يرفضون بشدة كشف حجم ميزانيتها الكامل، كما أنهم لم ينشروا حتى الآن معطيات دقيقة فيما يتعلق بأوجه استخدامها للمبالغ المالية التي تخصص لها سنويا. مع ذلك فإن تحليل ميزانية المساعدات يوفر إطلالة هي الأولى من نوعها على سلم الأولويات الذي يوجه عمل وأنشطة وحدة الاستيطان. وتتضمن معطيات المساعدات تسجيلا مفصلا لمجمل الهيئات والمؤسسات التي ستحصل على مساعدة حكومية من خلال "وحدة الاستيطان" في غضون العام 2014. وقد خصص لـ "الوحدة" في نطاق ميزانية الدولة لهذا العام مبلغ 58 مليون شيكل، غير أن ميزانية "الوحدة" تزداد سنويا، بعد المصادقة على قانون الموازنة العامة، بمئات النسب المئوية، بواسطة تحويلات خارجة عن الميزانية، تجري المصادقة عليها خلال السنة في لجنة المالية التابعة للكنيست. ففي النصف الأول من العام 2012، على سبيل المثال، ازدادت ميزانية "الوحدة" بما لا يقل عن 430%، أما هذا العام (2014) فقد ازدادت ميزانيتها حتى الآن بـ 596%، أي بما يعادل 346 مليون شيكل.

وتكمن أفضلية آلية التحويلات خارج إطار الميزانية في أنها تتم بعيدا عن أنظار الجمهور، ومن دون أن يجري حولها أي نقاش برلماني تقريبا. فهذه التحويلات تبحث وتقر في لجنة المالية التي يترأسها حاليا عضو الكنيست نيسان سلوميانسكي من حزب "البيت اليهودي". ولا بد من الإشارة هنا إلى أن أعضاء الكنيست لا يطلعون سوى بعناوين عامة على أوجه المساعدات المالية التي تقدمها "وحدة الاستيطان"، عندما يطلب منهم المصادقة على التحويلات المالية الإضافية التي تحصل عليها. ومن المعروف أن اللواء الذي يتلقى أكبر الميزانيات الإضافية، من بين سائر ألوية "وحدة الاستيطان"، هو لواء المركز، والذي يشمل فقط المجالس الإقليمية والمحلية للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. فضلا عن ذلك، يتضح من معطيات المحاسب العام في وزارة المالية لسنة 2014، أن مصادقة لجنة المالية على التحويلات الإضافية ليست سوى إجراء شكلي، ذلك لأن "وحدة الاستيطان" وقعت مسبقا على العقود مع الهيئات والمؤسسات التي ستحصل على مساعداتها استنادا إلى موافقة من وزارة المالية، وذلك قبل إجراء أي نقاش حول الموضوع في لجنة المالية.

وتنقسم المساعدات المالية التي تقدمها وحدة الاستيطان إلى عدة بنود: بنى تحتية للاستيطان، أنشطة لخدمة المجتمع والاستيعاب، هبات لأغراض البحث والتطوير، تمويل التزامات سابقة، إصلاح بنى تحتية في المستوطنات، إعانات للمستوطنين الذين جرى إخلاؤهم من "غوش قطيف" في قطاع غزة، مساعدات لأنوية استيطانية. وتتولى "الوحدة" دعم وتمويل هذه المشاريع بموجب قرارات حكومية فوضتها بذلك. وبغية التعرف على سلم الأولويات الحقيقي لوحدة الاستيطان، قمنا بتقسيم ميزانية المساعدات الشاملة إلى فئات، استنادا إلى السؤال: من الذي يحصل على المساعدات؟ وعلى الرغم من الاستنتاجات التي نجحنا في استخلاصها من معطيات المساعدات، إلا ان الصورة المتوفرة في أيدينا ما زالت جزئية للغاية.

 


المخفي في "ميزانية وحدة الاستيطان"؟! سلطات محلية ومستوطنات:

يتضح أن أحد بنود الاتفاق الرئيسية لميزانية مساعدات وحدة الاستيطان، يتمثل في تقديم مساعدة مالية مباشرة لسلطات محلية ومستوطنات. وقد بلغ مجموع هذه المساعدات 198,861,560 شيكل (46% من ميزانية المساعدات) حول منها للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية 148,700,306 شيكل، أي ما يعادل 5ر74% من هذه الميزانية، علما أن "وحدة الاستيطان" تقدم المساعدات المالية في نطاق غايتها الرئيسة المتمثلة في "دعم وتعزيز مناطق الهامش في دولة إسرائيل... وتطوير عوامل إقليمية تساعد في اقامة مناطق استيطانية ذات أساس اقتصادي واجتماعي متين".

ويدعي السياسيون الذين يوفرون الدعم والغطاء لـ "وحدة الاستيطان"، في معرض ردهم على الانتقادات الشعبية المتزايدة لعمل "الوحدة"، أن معظم مواردها تستثمر داخل مناطق "الخط الأخضر". وعلى سبيل المثال فقد ادعى وزير المالية يائير لبيد في مطلع هذا العام أن "غالبية ميزانية وحدة الاستيطان تذهب إلى الجليل والنقب"، وهو ادعاء خاطئ ومضلل. صحيح أن ميزانية المساعدات التي تقدمها "الوحدة" إلى لوائي الشمال والجنوب أعلى من ميزانية لواء المركز (مستوطنات الضفة الغربية)، ولكن فقط في أساس الميزانية، أي في قانون الميزانية العامة، كما يقدم إلى الكنيست. فالتحويلات الإضافية التي تتلقاها الوحدة خارج إطار الميزانية المتوفرة لها، تغير الصورة كليا.

وللتذكير، فقد تلقت "الوحدة" في النصف الأول من العام الجاري تحويلات إضافية من هذا النوع (خارج نطاق الميزانية الأساسية) بلغت 346 مليون شيكل.

وتظهر مقارنة بين حجم (مبالغ) المساعدات التي تتلقاها السلطات المحلية، من خلال "الوحدة"، عدم تناسب مقلق بين المناطق المختلفة في الدولة. وعلى سبيل المثال فإن مجموع بلدات لوائي الشمال والجنوب ستحصل هذا العام من وحدة الاستيطان على مبلغ 5ر49 مليون شيكل، في المقابل ستحصل مستوطنة "بيت إيل" وحدها على مساعدات مالية من "الوحدة" تبلغ 5ر51 مليون شيكل، وذلك في نطاق ثلاث معونات، اثنتان منها مخصصتان لتمويل أعمال مقاولين من القطاع الخاص، والثالثة تحت بند "أغراض أخرى".

هناك مجالس استيطانية أخرى تحظى بمساعدات ضخمة من جانب "وحدة الاستيطان"، ومن بينها مجلس "بنيامين"، الإقليمي. الذي يتلقى قرابة 28 مليون شيكل في السنة، ومجلس "شومرون" الإقليمي: 17 مليون شيكل، والمجلس المحلي لمستوطنة "عيلي": 10 مليون شيكل، والمجلس الاستيطاني الإقليمي في الخليل: 9 ملايين شيكل.

والمجلس الإقليمي الوحيد خارج مناطق الضفة الغربية، الذي يحظى بمساعدات بقيمة مشابهة، هو "مجلس غولان الإقليمي" (في هضبة الجولان) والذي سيحصل على 9 ملايين شيكل في العام 2014.

وعلى سبيل المقارنة فإن إجمالي المساعدات المقرر تحويلها هذا العام إلى المجلس الإقليمي في الجليل الأعلى يبلغ حوالي 2 مليون شيكل، وإلى المجلس الإقليمي في النقب أقل من 5ر1 مليون شيكل. كذلك فإن "مجلس أشكول الإقليمي" في منطقة "غلاف غزة" – والذي من المفترض أن يحظى بأفضلية في الدعم والمساعدات بموجب قرارات الحكومة – لن يحصل سوى على 5ر1 مليون شيكل فقط من مساعدات "وحدة الاستيطان".

شبهات بوجود إدارة غير سليمة وتضارب مصالح

 


•جمعية يقف على رأسها رئيس مديرية الأنوية الاستيطانية التوراتية، الحاخام أريئيل دورفمان، تتلقى من "وحدة الاستيطان" تمويلا يصل إلى قرابة نصف مليون شيكل. وفقا لسلسة قرارات حكومية، بينها قرار من العام 2013، فإن وزارة البناء والإسكان تمثل إحدى الجهات المركزية في عملية تمويل مشاريع "القرى التوراتية"، ونص القرار ذاته على أن تخصص هذه الوزارة خلال العامين 2014 و2015 مبلغ 50 مليون شيكل لدفع المشروع، على أن يتم ذلك بالتنسيق بين "وحدة الاستيطان" ووزارة البناء والإسكان ووزارة تطوير النقب والجليل. بعد تولي أوري أريئيل لمنصب وزير الإسكان، قام الوزير بتعيين الحاخام أريئيل دورفمان- وهو ناشط في حزب "البيت اليهودي"، كان مرشحا ضمن قائمة الحزب للكنيست- رئيسا لمديرية مشروع "الأنوية الاستيطانية التوراتية" العاملة في إطار الوزارة. غير أن دورفمان واصل في موازاة توليه لهذا المنصب كممثل رسمي لوزير الإسكان، إشغال منصب مدير عام إحدى الجمعيات التوراتية التي تتلقى مساعدات من "وحدة الاستيطان"، مما يعني نشوء وضع غير سليم قانونيا.


•رئيس الهستدروت الصهيونية العالمية، أبراهام دوفدفاني – المسؤول عن وحدة الاستيطان – يشغل في الوقت ذاته عضوية مجلس إدارة اثنتين من المؤسسات المدعومة من قبل "الوحدة"، التي تعمل كما أسلفنا في إطار الهستدروت الصهيونية العالمية، وهما مدرستان دينيتان (تتبعان تيار الصهيونية – الدينية/ حزب "البيت اليهودي") إحداهما في "رمات غان" وتتلقى مساعدات من "الوحدة" قيمتها 195 ألف شيكل في السنة، والأخرى في "يروحام" (903 ألف شيكل).


•كما أسلفنا فقد عين دوفدفاني، المحسوب على حزب "البيت اليهودي"، رئيسا للهستدروت الصهيونية العالمية في العام 2010، فيما انتقلت رئاسة "وحدة الاستيطان" إلى كتلة اليمين المكونة من حزبي "البيت اليهودي" و"إسرائيل بيتنا". وفي ضوء ما أظهرته المعطيات من أن "وحدة الاستيطان" تقدم مساعدات مالية لجمعيات يديرها نشطاء مركزيون في حزب "البيت اليهودي"، فإن ذلك يعني وجود شبهات حول تضارب مصالح، وكأمثلة على ذلك:

 

 

 


•جمعية دينية توراتية يترأسها رئيس لجنة الدستور في حزب "البيت اليهودي"، الحاخام دانئيل تروفر، تتلقى أكثر من نصف مليون شيكل مساعدات سنوية من "وحدة الاستيطان".

 

 

بالإضافة إلى ذلك هناك 15 نواة استيطانية توراتية تتبع الجمعية ذاتها تحصل على معونة مالية إضافية من "الوحدة".

 


•تمويل مؤسسات أقامها نائب وزير التعليم، آفي فارتسمان، من حزب "البيت اليهودي".


•جمعية يترأسها الحاخام رحاميم نسيمي، وهو ناشط مركزي في حزب "البيت اليهودي"، تتلقى مساعدات مالية (أكثر من 800 ألف شيكل في العام 2014) من "الوحدة".

 

 

مساعدات لتقوية القاعدة السياسية لحزب "البيت اليهودي"

 


أحد بنود الإنفاق الأخرى لـ "وحدة الاستيطان" يتمثل في تقديم دعم مباشر للأنوية الاستيطانية والمدنية – التوراتية (68 هيئة تحصل على أكثر من 22 مليون شيكل في السنة، أي حوالي 5% من ميزانية المساعدات). ولا بد من تفحص هذا البند (الإنفاق) في سياق ظاهرة الأنوية الاستيطانية والحضرية التي اكتسبت زخما كبيرا في العقد الأخير. فقد ازداد، في نطاق هذه الظاهرة، بشكل ملحوظ عدد الأنوية الاستيطانية التابعة لتيار الصهيونية – الدينية، وذلك بفضل التدفق المتزايد للأموال العامة المحولة اليها.

 


فضلا عن ذلك فإن لظاهرة الأنوية الاستيطانية – الدينية خلفية أيديولوجية سافرة. فمنذ الانسحاب من سيناء، وبشكل خاص منذ الانفصال عن قطاع غزة، يشعر زعماء اليمين الديني بالقلق من الفجوة بين نجاحهم في إقامة مستوطنات، وبين عدم جاهزية الجمهور الإسرائيلي للتجند من أجل مشروعهم الاستيطاني، الذي أصبحت الأنوية التوراتية تشكل رأس حربته. وقد نجح حزب "البيت اليهودي" الذي يحتفظ بعلاقة وثيقة مع الأنوية التوراتية، في تأمين زيادة التمويل لها، وفي توطيد سيطرته على المشروع بواسطة بند خاص في الاتفاقية الائتلافية من العام 2013. بالإضافة إلى ذلك، تحظى "الأنوية" أيضا بدعم مالي كبير من جانب وزارات البناء والإسكان والتعليم وتطوير النقب والجليل.

 


ويتضح من معطيات المساعدات أن "وحدة الاستيطان" تحولت إلى قناة مركزية لتحويل الأموال العامة إلى الأنوية (الاستيطانية) التوراتية، على الرغم من أن الكثير منها يعمل في قلب مدن وسط إسرائيل، الأمر الذي يشكل خروجا عن حدود التفويض الرسمي الممنوح للوحدة، وهو مساعدة مناطق الهامش الاجتماعي وتعزيز الاستيطان فقط.

وكانت الحكومة قد اتخذت في السنوات الأخيرة سلسلة قرارات لدعم المؤسسات والجمعيات (الأنوية) الدينية – التوراتية التي تقوم بنشاطات اجتماعية وتربوية في مناطق الهامش، وخاصة في النقب والجليل ومستوطنات "غلاف غزة"، وإعطاء أولوية للأنوية الحضرية التي تعمل في المدن الواقعة في أسفل السلم الاجتماعي – الاقتصادي المحدد من قبل مكتب الاحصاء المركزي. وفي هذا الإطار خولت الحكومة "وحدة الاستيطان" تقديم مساعدات لأنوية قائمة في النقب والجليل، ولأنوية حضرية جديدة، مع التأكيد على وجوب منع نشوء وضع تقدم فيه مساعدات مزدوجة لنفس المؤسسات من جانب عدة جهات حكومية. غير أن المعطيات تثبت أن جزءا كبيرا من مساعدات وحدة الاستيطان لهذه المؤسسات يتناقض مع قرارات الحكومة، وتبين أن للوحدة سلم أولويات مختلفا. فقد اتضح أن 33 "نواة" من مجموع 65 نواة تمولها "الوحدة" لا تعمل نهائيا في النقب والجليل، وإنما في وسط البلاد، وغالبيتها (23 نواة) في مدن تقع في أعلى سلم الترتيب الاجتماعي – الاقتصادي. وعلى سبيل المثل تقدم "الوحدة" مساعدات مالية لـ (9) "أنوية دينية – توراتية" في مدينة تل أبيب وحدها، بعضها يعمل في الأحياء الأكثر ثراء في المدينة.

 


فيما يلي ثلاثة أمثلة تبرهن على أن الهدف الحقيقي لقسم كبير من هذه المؤسسات الدينية – التوراتية، بعيد كل البعد عن الأهداف والأولويات التي حددتها القرارات الحكومية، فيما يتعلق بوجهه مساعدات وحدة الاستيطان، وأن جل اهتمامها ينصب على توسيع وتوطيد القاعدة السياسية والأيديولوجية لليمين الديني:

 


•تلقت نواة "كاهيلا راشيت" العاملة في مدينة "رامات هشارون" في العام 2014 مساعدات مباشرة من "وحدة الاستيطان" بلغت 246 ألف شيكل، بالإضافة إلى حوالي نصف مليون شيكل تتلقاها في الوقت ذاته كميزانية من وزارة التعليم في نطاق "دعم المؤسسات التوراتية".

 

 

ويقر رؤساء هذه المؤسسة أن هدفها المركزي هو "بث التوراة في قلب منطقة غوش دان (تل أبيب الكبرى) التي تشكل مركز صنع القرارات والسياسات في إسرائيل، وأن التأثير فيها هو تأثير مباشر على مجمل صورة دولة إسرائيل".

 

 

 

وتنظم المؤسسة لهذا الغرض نشاطات تربوية في المدارس ورياض الأطفال والمراكز الجماهيرية، كما أقامت مدرسة دينية )"يشيفات هسدير") جديدة في المدينة تابعة للصهيونية – الدينية.

 

 

 

•حصلت "النواة التوراتية" في بلدة "هود هشارون" على مساعدات مباشرة من وحدة الاستيطان بلغت 310 الآف شيكل في العام 2014. وتدير النواة في البلدة مركزا "لتعميق الهوية اليهودية" بالإضافة إلى سلسلة من النشاطات الدينية والتربوية، وذلك في صفوف طلبة المدارس ورياض الأطفال الحكومية، وتشجع التوجهات والمواقف المناهضة للمواطنين العرب في إسرائيل، كما أنها تجاهر بمواقفها السياسية (اليمينية) في مسائل أخرى.


•تلقت نواة "روح أفيف" العاملة في حي "رمات أفيف ج" شمالي تل أبيب، مساعدة مالية من وحدة الاستيطان بلغت 376 ألف شيكل. ولعل أكثر ما يثير الدهشة والاستغراب هو ادعاء القائمين على هذه المؤسسة بأن من ضمن أهدافها (إلى جانب إقامة مؤسسات تعليم وكنس ونشاطات جماهيرية واجتماعية يهودية) القيام بـ "نشاطات اجتماعية لتقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية"، وهو ما لا يستوي بتاتا مع حقيقة أن هذه "النواة" اختارت الاستيطان والعمل في أحد أكثر الأحياء ثراء وفخامة في مدينة تل أبيب، وفي إسرائيل عموما (!) فضلا عن أن غالبية سكانه من اليهود العلمانيين! إلى ذلك فإن استعراض قائمة نشاطات "النواة" يبين بشكل جلي أن الغالبية العظمى من هذه النشاطات هي نشاطات دينية.

 

 

تمويل مؤسسات وشخصيات تمارس التحريض على العنف والكراهية

 


فضلا عن نشاطات الدعوة إلى "التوبة" والعودة إلى الدين وترويج الرسائل الأيديولوجية لليمين الاستيطاني، يبين تفحص الهيئات والعناصر المدعومة من قبل "وحدة الاستيطان"، أن الكثير منها ضالع في نشاطات سياسية متطرفة، جزء منها يتناقض مع قوانين الدولة، مثل تشجيع رفض الأوامر العسكرية (المتعلقة بإخلاء مواقع استيطانية ومستوطنين) وإجازة اللجوء للعنف ضد الجنود الإسرائيليين، والتحريض على الكراهية والعنف ضد المواطنين العرب في إسرائيل.

 


وفيما يلي بعض الأمثلة:

 


•تلقت مدرسة "شيرات موشيه" الدينية العاملة في يافا هذا العام مساعدة مالية من "وحدة الاستيطان" بلغت حوالي 792 ألف شيكل، إضافة إلى مبلغ 542 ألف شيكل من وزارة التعليم. وقد تسببت نشاطات هذه المؤسسة، التي أقامها الحاخام إلياهو مالي، أحد رؤساء جمعية "عطيرت كوهانيم" الدينية اليمينية، بوقوع صدامات مع السكان العرب في مدينة يافا. ومن الأهداف الرئيسة التي تعمل المؤسسة من أجلها "اعادة روح التوراة واليهودية إلى شعب إسرائيل في غوش دان"، غير أن أنشطتها تصب من حيث الجوهر في ترويج الرؤى الأيديولوجية والسياسية لليمين الديني – الاستيطاني.


•تلقت "النواة - التوراتية – الاجتماعية" العاملة في يافا هذا العام مساعدة من "وحدة الاستيطان" بلغت 335 ألف شيكل. وتعمل هذه المؤسسة من أجل أهداف ليس لها علاقة بالاستيطان، وفي مقدمتها منع الذوبان والاختلاط بين السكان اليهود والعرب، وخاصة الزيجات المختلطة والتعليم في مدارس مختلطة.


•تلقت "النواة التوراتية" في الرملة مساعدة من وحدة الاستيطان بلغت هذا العام 220 ألف شيكل، بالإضافة إلى مساعدة من وزارة التعليم بلغت 63612 شيكل. وتشكل هذه "النواة" جزءا من ظاهرة الأنوية الاستيطانية التوراتية الآخذة في الانتشار في المدن المختلطة (الرملة، اللد، يافا وعكا)، ومن أبرز القائمين على هذا المشروع الحاخام شموئيل إلياهو، حاخام مدينة صفد، المعروف بمواقفه وآرائه المتطرفة، خاصة تجاه المواطنين العرب (أصدر فتوى دينية تحرم بيع أو تأجير شقق سكنية للعرب)، بالإضافة إلى عدد من الحاخامين والشخصيات المحسوبة على اليمين الاستيطاني المتطرف.


قناة التفافية لتمويل مدارس الصهيونية – الدينية

يبين تفحص معطيات الأنوية الاستيطانية التوراتية المدعومة من "وحدة الاستيطان" أن غالبيتها تدير مؤسسة تعليم دينية – توراتية من هذا النوع أو ذاك: يشيفوت هسدير (مدارس دينية تدمج بين مسار التعليم الديني والخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي)، مدارس دينية ثانوية، مدارس دينية عليا، مدارس دينية تمهيدية للخدمة العسكرية ومعاهد دينية.

ويتضح من الفحص أن 17 جمعية من الجمعيات التي تتلقى الدعم تخصص معظم مواردها لإدارة مدارس ومعاهد دينية، والتي تتلقى الدعم والتمويل أيضا من وزارة التعليم ووزارات أخرى. ويعتبر تقديم المساعدات لمثل هذه المؤسسات مخالفا لقرار الحكومة في أيلول 2013 الذي نص بوضوح على أن المدارس والمعاهد الدينية وغيرها من المؤسسات الدينية لن تعتبر مجموعة استيطان مؤهلة للحصول على مساعدات حكومية. وفي الوقت الذي أجاز فيه القرار تحويل المساعدات للنشاطات الاجتماعية التي تتم في إطار الأنوية الاستيطانية – الدينية، عبر جمعيات تدير مؤسسات دينية، فقد أكدت الحكومة في قرارها أيضا عدم جواز استخدام أموال الدعم المخصصة للنشاطات الاجتماعية كمصدر تمويلي إضافي للمدارس والمؤسسات الدينية، وشدد قرار الحكومة على أنه يجب في جميع الأحوال منع وضع تنشأ فيه ازدواجية مساعدات. غير أن رئيس لجنة المالية في الكنيست، عضو الكنيست نيسان سلوميانسكي من حزب "البيت اليهودي"، تعهد لناخبيه، عقب نقاشات جرت في لجنته حول تقليص ميزانية المدارس الدينية، بإيجاد الطرق لتعويض مدارس الصهيونية – الدينية عن التقليص المزمع. ونقل عن سلوميانسكي قوله: لن تعاني المدارس الدينية (يشيفوت هسدير) في السنة المقبلة من تقليص، فقد "حولنا إليها أموالا أخرى..". بعبارة أخرى فقد تعهد رئيس لجنة المالية بأن التعويض عن التقليص سيأتي من خارج إطار قانون الميزانية، عن طريق تحويل مساعدات مالية خارج الميزانية الأساسية.

وتبين التقارير المالية للجمعيات المدعومة من "وحدة الاستيطان"، أن عددا من الجمعيات التي تدير مدارس ومؤسسات تعليم دينية، تحظى بالمساعدات تحت تصنيف "أنوية استيطانية". ومن الجدير بالذكر هنا أيضا أن هذه المساعدات تضاف إلى مساعدات مالية كبيرة تتلقاها الجمعيات مباشرة من وزارة التعليم، في نطاق دعم الحكومة لمؤسسات التعليم التوراتية.