سجالات واتهامات متبادلة ومصالح ذاتية في طريق تعيين الحاخامين الأكبرين لإسرائيل

على هامش المشهد

 

 

 


البروفسور يورام ميتال: لا مصلحة لأحد في إسرائيل بإجراء انتخابات مبكرة الآن

 

 


كتب بلال ضـاهر:

 

 

تزايد في الفترة الأخيرة تلويح الأحزاب الشريكة في حكومة إسرائيل بتقديم موعد الانتخابات العامة، على خلفية أزمة تتمحور حول ميزانية الدولة وبشكل خاص زيادة ميزانية الأمن. لكن استطلاعا للرأي العام، نشرته القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، أمس الاثنين، أظهر أن الرابح الأكبر من تقديم الانتخابات سيكون حزب "البيت اليهودي" برئاسة نفتالي بينيت، بينما ستتراجع قوة حزب "يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد بشكل كبير وسيهبط تمثيله في الكنيست إلى أكثر من نصف تمثيله اليوم. كذلك أظهر الاستطلاع أن شعبية حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ارتفعت قليلا، لكن الحراك في اليومين الأخيرين يدل على أن نتنياهو سيمتنع عن تقريب الانتخابات.

 


وقال رئيس "مركز حاييم هيرتسوغ لأبحاث الشرق الأوسط والدبلوماسية" في جامعة بئر السبع والخبير في الشؤون المصرية، البروفسور يورام ميتال، لـ"المشهد الإسرائيلي"، إنه "لا توجد مصلحة لدى أحد الآن بالذهاب إلى انتخابات، وذلك، بالأساس، لأن احتمال أن يؤدي الصراع الحالي حول الميزانية إلى التوجه إلى انتخابات هو احتمال ضئيل. ولبيد، الذي يعرف قراءة هذه الاستطلاعات، يرى أن شعبيته تتراجع منذ شهور عديدة، وليس لديه مصلحة للتوجه إلى انتخابات الآن. كذلك فإن لنتنياهو، الذي يرى ارتفاع قوة حزب ’البيت اليهودي’، لا توجد مصلحة كهذه. وكذلك الأمر بالنسبة لليبرمان الذي لا تزداد شعبيته في الاستطلاعات. وشعوري هو أن هذه أزمة تميز النقاش السياسي في كل مرة قبل التوصل إلى اتفاق حول ميزانية الدولة. لكن هذه الأزمة، هذا العام، هي أعمق بسبب أنها تجري في سياق وصول التوتر إلى أوجه بين موقف نتنياهو، القائل إن على إسرائيل أن تستثمر الآن في جهاز الأمن أموالا طائلة لأنه يرى الأزمات في قطاع غزة والضفة الغربية وحتى في لبنان وسورية من خلال منظار التهديدات، برأيه، على إسرائيل. وفي المقابل، فإن لبيد يعرف أن جمهور ناخبيه أخذ يتقلص والموضوع الوحيد الذي بإمكانه التحدث حوله هو أن يتحدث عن أجندته خلال الانتخابات الماضية، التي تقضي بتحسين وضع الطبقة الوسطى وتقليص ميزانية الأمن لصالح ميزانيات اجتماعية ومدنية. والمثير في الأمر هو ليس الأزمة حول الميزانية وإنما حول مشكلة أكبر وهي مفهوم رئيس الحكومة ووزير الدفاع والجيش عموما بأن التهديدات على إسرائيل أصبحت كبيرة وتستوجب الاستثمار بشكل غير مألوف في ميزانية الأمن. وينبغي أن نلتفت هنا إلى أن تقييمات جهاز الأمن الإسرائيلي، خلال السنتين أو الثلاث الأخيرة كانت أن تهديد الحرب ضد إسرائيل يتراجع، لأن الجيش السوري يتفكك ومصر منشغلة بشؤونها الداخلية ولا توجد تهديدات كبيرة. لكننا نشهد الآن، منذ البدء في مناقشة ميزانية الدولة تغيرا في المفهوم الإسرائيلي والذي بات يتحدث عن أزمة إقليمية كبيرة بواسطة النقاش حول زيادة ميزانية الأمن".

 


(*) يتوقع استئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في القاهرة بعد أسبوعين، حول وقف إطلاق النار في غزة وربما التوصل إلى تسوية. ما هي احتمالات تحقيق تسوية كهذه؟

 


ميتال: "في هذه الأثناء ليس واضحا تماما ما إذا كان سيصل الجانبان إلى القاهرة وبدء مفاوضات جدية، لأن الزعماء في كلا الجانبين لا يحضران جمهوريهما لهذه المفاوضات، وهم لا يتحدثون عن ذلك تقريبا. لا تجري حاليا عملية إعداد الرأي العام لاحتمال حدوث شيء ما هام. وأعتقد أن احتمال التوصل إلى اتفاق موقع في محادثات القاهرة هو احتمال ضئيل للغاية. وسبب ذلك هو أن مواقف الجانبين، في المسائل الكبيرة، لا يمكن الجسر بينها. فإسرائيل تطالب أن تؤدي صفقة كبيرة كهذه إلى تجريد حماس والفصائل الأخرى في قطاع غزة من سلاحها. وبرأيي أنه لا يوجد حتى احتمال ضئيل لأن يتحقق مثل هذا المطلب. والافتراض أن حماس ستوافق على نزع سلاحها هو افتراض لا يستند إلى الواقع، وأعتقد أن إسرائيل أضافت ذلك كشرط من أجل منع التوصل إلى اتفاق موقع مع حماس. وما أرادت إسرائيل فعله هو ألا تنجر إلى داخل القطاع، وهذا كان موقف المؤسسة الأمنية، وألا تتحمل المسؤولية عن 8ر1 مليون نسمة في القطاع مجددا، والاكتفاء بأن حماس تضررت عسكريا وألا تمنح حماس إنجازا سياسيا يتم التعبير عنه من خلال فتح كامل للمعابر أو إقامة ميناء أو مطار. أي أن إسرائيل تريد تحقيق ما طالب به نتنياهو في الأيام الأولى لحرب ’الجرف الصامد’ وهو ’الهدوء مقابل الهدوء’".

 


(*) وما هو دور مصر في محادثات كهذه؟

 


ميتال: "موقف مصر بقي واضحا في معظم مراحل الحرب. فهي تنظر بصورة عدائية إلى حكم حماس في غزة. ولذلك فإن مصر كانت مستعدة منذ اللحظة الأولى لأن تحاول بلورة صفقة، بشرط توفر شرط واحد، وهو حضور السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس في قطاع غزة. وهناك ثلاثة أهداف أراد الرئيس عبد الفتاح السيسي تحقيقها. الهدف الأول هو استغلال الحرب من أجل إضعاف حماس كحاكم في غزة وفي الوقت نفسه تقوية السلطة الفلسطينية. والهدف الثاني كان موجها بالأساس نحو إسرائيل. وهو المطالبة بأن يشمل وقف إطلاق النار وأي اتفاق بشأنه تطرقا إلى فتح كافة المعابر إلى قطاع غزة وليس معبر رفح فقط. والواقع الذي كان سائدا قبل الحرب هو أن إسرائيل كانت تفتح معبر إيرز عندما كان الوضع مريحا لها وأدخلت بضائع بحجم تسيطر عليه إسرائيل. وكان معبر رفح مغلقا في معظم أيام السنة التي سبقت الحرب. وعمليا تم فتحه 18 يوما فقط. ورسالة مصر إلى إسرائيل في هذا السياق هي أن مصر لا توافق على فتح معبر رفح فيما المعابر بين إسرائيل والقطاع لا تكون مفتوحة دائما أيضا. كما أن مصر ترفض أن تتحمل وحدها المسؤولية عن القطاع، وأن تتحرر إسرائيل من أية مسؤولية عن قطاع غزة. والهدف الثالث هو أن مصر تعتزم مواصلة العمل من أجل منع تقوية مجموعات إسلامية متطرفة تنشط في سيناء ضد الجيش المصري، وضد مساعدة فصائل في القطاع وبينها حماس لهذه المجموعات الإسلامية التي تحارب مصر. ولذلك كان الموقف المصري أنه إذا تم التوصل إلى تسوية بعد الحرب فإن مصر لا تعتزم وقف حملتها العسكرية لوقف عمليات التهريب بين القطاع وسيناء".

 


(*) نتنياهو تحدث مؤخرا عن "أفق سياسي" في المنطقة. وواضح أنه لا يقصد استئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين وإنما يلمح إلى ما يصفه "الدول المعتدلة" في المنطقة وخاصة مصر والسعودية. هل يعتقد نتنياهو أنه بالإمكان إقامة علاقات مع هذه الدول من دون تسوية إسرائيلية – فلسطينية؟

 


ميتال: "منذ أن تحدث نتنياهو عن ’أفق سياسي’ لم يوضح ماذا يقصد. لكن نتنياهو لا يؤيد إجراء مفاوضات جدية مع الرئيس عباس. وهذا موقفه الأساس. ورغم أنه يواصل التحدث بصورة عامة عن عملية سياسية لكن من الناحية الفعلية يغلق أية إمكانية لاستئناف العملية السياسية. وأعتقد أن هذا التوجه لن يتغير. كما أني أعتقد أن السلطة الفلسطينية استبطنت أن نتنياهو ليس شريكا لعملية سياسية جدية. ولذلك فإن كلا الجانبين يتوجهان إلى عناوين دولية. ونتنياهو يقول إنه يفكر بشكل مشابه مثل السيسي والملك السعودي ودول خليجية أخرى، وهذا التفكير هو باتجاه مواجهة ما يصفه بـ’الخطر الحقيقي’ وهو المجموعات الإسلامية المتطرفة مثل ’الدولة الإسلامية’ والتهديد الإيراني وأن هذا أهم من التسوية مع الفلسطينيين".

 


(*) هل يشكل تنظيم "داعش" خطرا على إسرائيل؟

 


ميتال: "هذا التنظيم لا يمكنه أن يشكل خطرا على إسرائيل، حسبما تبدو الأمور حتى اليوم. فهذا ليس جيشا ولا ميليشيا عسكرية منظمة ولا يمكنه مواجهة جيش قوي جدا مثل الجيش الإسرائيلي. وعندما يقول نتنياهو إن ’داعش’ وحماس متشابهان فإني أفهم من ذلك أنه يحاول دفع الحرب ضد ’داعش’ من أجل دفع الأجندة السياسية لحكومة إسرائيل في الصراع ضد الفلسطينيين".