شلومو ساند: "الصهاينة الجدد" اخترعوا "أرض إسرائيل" كمصطلح جيو - سياسي عصري

على هامش المشهد

 

محكمة "العدل" العليا تقرّ منع قراءة أسماء الأطفال الشهداء

 

في قطاع غزة!!

 

 

 

 

إلى جانب قراراتها التي تشرعن عمليات التفجير والهدم والتدمير لمنازل فلسطينية وتشريد عائلات بأكملها، بمن فيها الأطفال والنساء والشيوخ، أقرّت "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية نفسها، أيضا، موقف "سلطة البث" الإسرائيلية منع بث شريط دعائي (في القناة التلفزيونية الأولى وفي القناة الإذاعية الثانية) تُعرَض وتُقرأ خلاله أسماء بعض الأطفال الفلسطينيين الذين استشهدوا جراء عدوان "الجرف الصامد" الإسرائيلي على قطاع غزة وخلاله.

 

فقد ردّت هذه المحكمة، يوم 13 آب الجاري، التماسا قدمه إليها مركز "بتسيلم" وطالبها فيه بإصدار أمر يُلزم "سلطة البث" الإسرائيلية (الرسمية) ببث الشريط الدعائي الذي أعدّه المركز نفسه ويرمي إلى تأكيد حقيقة استهداف العدوان العسكري الإسرائيلي (بالقصف الجوي والمدفعي) المواطنين المدنيين في قطاع غزة، من خلال عرض وقراءة أسماء عدد من الأطفال الفلسطينيين الذي سقطوا شهداء جراء هذا القصف العشوائي.

 

وقد جاء هذا الالتماس بعد رفض "سلطة البث" بث هذا الشريط وبعد تصديق المستشار القانوني للحكومة على هذا الرفض! وتمحور بحث المحكمة في الالتماس حول سؤال ما إذا كان مضمون هذا الشريط (عرض وقراءة أسماء الأطفال الشهداء) يندرج تحت تعريف "مسألة موضع خلاف سياسي أو أيديولوجي بين الجمهور"، والتي تشكل "دعاية محظورة" طبقا للقانون ولأنظمة "سلطة البث". وعلى السؤال المذكور هذا، أجاب قضاة المحكمة الثلاثة بالإيجاب، طبعاً!

 

ولم ينسَ قضاة "العدل" العليا الثلاثة (إلياكيم روبنشتاين، الذي كتب قرار الحكم، نيل هندل وأروي شوهم) "إبداء الأسف، كبني بشر، على موت أشخاص أبرياء في غزة، بمن فيهم أطفال" (!) لكنهم أشاروا، في كلام يبدو مقطوعا عن الواقع تماما، أن "الانطباع هو أن إسرائيل لا تتجاهل المس الذي يتعرض له الأبرياء خلال القتال، بل تم التعبير، بشكل غير قليل قط، عن معاناة السكان المدنيين في غزة ـ في وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، في مواقع الإنترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي... وحتى لو كان ثمة من يعتقد، في إطار حرية الآراء والتعبير، أن ثمة حاجة لتغطية إعلامية أوسع، فليس هنالك مَن يخفي الهدم والدمار وموت مواطنين مدنيين"!!

 

وأضاف القضاة: "إن تفصيل أعداد القتلى في قطاع غزة، حتى وإن بدون أسمائهم إجمالا، تُعرَض في وسائل الإعلام الإسرائيلية بصورة يومية نقلا عن مصادر طبية رسمية في غزة، بقدر ما نحن مطّلعون. وهذه المحكمة تصغي وتشاهد"!!

 

وبعد أن أكدت المحكمة أن "إسرائيل، الدولة اليهودية والديمقراطية، تحارب عدوا وحشيا لا يبالي بدماء المواطنين، إسرائيليين وفلسطينيين، تصارع اليوم دفاعا ذاتيا عن نفسها، دفاعا عن مواطنيها وبلداتها"، خلصت إلى المسوّغ "الرسمي" لقرارها ردّ الالتماس فقالت: "إن قراءة قائمة الأطفال القتلى، ورغم أن القلب يعتصر ألما عليهم (!!)، هي لغاية سياسية وليس لغاية إعلامية، معلوماتية، خالصة. وغايتها ـ ولا حاجة إلى قدرات الكشف عن المستور لاستجلائها ـ هي دفع الجمهور إلى الضغط على الحكومة لوقف قتال الجيش الإسرائيلي في غزة، بسبب الضحايا بين السكان المدنيين هناك، وخاصة الأطفال"!!